ومات الرجل الذي يلهمني:
لم يكن يعرفني قط، ولكني كنت أعرفه تماماً، كنت آتيه
وقد امتلأت نفسي جراحاً وابهاماً، كنت آتيه وقد أقفلت في وجهي
الأبواب، وإن كان شرّعها أهلوها ولكنني أراها مغلقة بل مؤصدة
بأغلال وأقفال من حديد، فلا وجود لشيء منها ولا رائحة ولا طعم
مادمت أتكلم امامهم بكلمات غير مفهومة لاتسمح معاجمهم التي أكسبتهم الحياة أن تترجمها،
كنت أصرخ أنآآآ أتألم فكانوا يفتشون سريعاً في معاجمهم فلا يجدون
إلا أن صراخي(دلع بنات) وكنت أخبرهم أنني أفكر لذلك أنا متعبة أنا مريضة التفكير يسيطر علي
فيفتشوا مرة أخرى ليقولوا: عين!!!!
فأقول :لالالالالالا
فيفتشوا مرة أخرى ليقولوا: سحر!!

أنطلق لغرفتي فأناااام مبكرة وهذا نذير الشر والألم في نفسي..
أصحوا قبيل الفجر فطرق الباب يؤرقني، والأفكار ما إن أفتح عيني حتى تطوقني.
لكنني أتذكره.. نعم إنه ذلك الرجل.. فترتسم على وجهي ابتسامة اللقاء قبل أن أراه.
فأشعل المصباح الثاني في غرفتي لأنني أبداً لا أطفيء الأول.
ثم أخرج ملهمي من بين أدراجي.
أسحبه بخفة. وأرشه بعطر وأمسحه بمنديل حتى يشع نوره.
ثم بضغطة على اللاب توب يفتح محرك الأقراص..فأدفع فيه (السي دي) الذي عطرته
لتنعم أذني أول ماتنعم بسماع دوران المحرك استعداداً لسماع الرجل العظيم
أضحك كثيراً من قصصه الظريفة، ومن نفسه الخفيفة.. وأجيبه وأتكلم فلايسمعني لكنني أسمعه..
أكتب توصياته، وأقبل نصائحه، وكيف لا أقبلها وقد تمثل بنفسه رجلاً مطبقاً لكل مايقول!!
كان يفهمني، بل يفهمني جدآآآآآآ
كان يفهم كيف أن الأفكار تتزاحم، والآمال تتقافز، يعرف كيف يشجعك على أفكارك، ويؤمن بكل ماتقول..
لم يقل لي يوماً أنت خيالية، بل كان يقول: أفعلي كل شيء استطاع انسان ان يفعله قبلك، كل عمل استطاع أن يفعله
إنسان فأنت تستطيعين.. كان يصفق لي، وكان يمسح عن قلبي الوجع...
كنت أقول وبصوت عال: أنت فقط من يفهمني يادكتور: إبراهيم الفقي.
فينقشع عن قلبي الظلام.
وأبدأ من جديد.. لا أغفل متعة الدنيا، ولايثنيني شيء عن تنفيذ أفكاري..
فعلاً كما قلت يادكتور: عش كل لحظة وكأنها آخر لحظة في حياتك.
عش بالحب
عش بالإيمان
عش بالأمل.
كانت صورته فقط كفيلة بشراء كتبه؛ لأنني أشتري فكره بعيداً عن أي اعتبار آخر.
رحمك الله يادكتور إبراهيم.. وأسكنك فسيح جناته.. أشكرك على كل مابذلته من أجلي..

كنت أسعد لذكرك ولقياك، لكني وأنا أذكرك الآن لا أملك إلا الدموووع..

أتمني من كل قلبي أن تكون فعلاً قد عشت آخر لحظاتك
بالإيمان
وعشتها بالأمل برحمة الله
فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان