إحياء العلاقات الاجتماعية

الدكتور عائض القرني

أمر الله المؤمنين بالتآلف والتآخي والتحاب، قال تعالى: « إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ » وقال: « وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ »،
وقال رسولنا صلى الله عليه وسلم: « المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يسلمه »، وهناك حقوق للمسلم على أخيه كالسلام عليه، وإجابة دعوته، وتشميته إذا عطس، وعيادته إذا مرض، واتباع جنازته إذا مات، وبذل النصح له، وحب الخير له، وكراهية السوء له، ونصره إذا ظلم، ومد يد العون له إذا احتاج، وكف الأذى عنه، إلى غير ذلك من الحقوق. وقد وجّه الإسلام أتباعه إلى مراعاة حقوق المسلمين كحق الجار والصاحب بالجنب وابن السبيل والفقير والمسكين واليتيم والأرملة والضيف والمظلوم والمريض، ورتب على ذلك أجورا عظيمة، ونهى عن الإخلال بهذه الحقوق، ولكن الخلل حصل بسبب ضعف الوازع الديني، فقلّت مراعاة هذه الحقوق وتجاهل بعض الناس هذه الواجبات الاجتماعية وحسبوها على سبيل التبرع فقط، فحصلت الجفوة والقطيعة وحلّ التدابر والتهاجر.
ولحل هذه الأزمة طرق شرعية تتلخص فيما يأتي:

1- نشر الوعي الشرعي في جانب حق المسلم على المسلم وإفهام العامة به عبر الدروس والخطب والكتابات ليتضح الحكم الشرعي.
2- قيام الأعيان من أهل الفضل والإحسان من عالِم وداعية ومسؤول وإمام مسجد وشيخ قبيلة بإحياء هذه الحقوق الاجتماعية، بكونهم قدوات صالحة فيبدؤون هم بالقيام بهذه الأعمال الجليلة، فإن العمل أصدق من القول.
3- إقامة مجلس في كل حي وقرية يكون الاجتماع فيه أسبوعيا أو شهريا لتفقد أحوال الجيران وتعهد المحتاج وزيارة المريض ونصح المقصر.
4- إنشاء جمعيات خيرية تقوم على رعاية المساكين والفقراء والأيتام وإقامة ندوات تحث أهل الفضل على مدّ يدِ العون.
5- صندوق الحي والقرية حَلّ موفق لأزمة الفقر، يقوم هذا الصندوق بالحاجات الضرورية لأهل العوز والحاجة، ويقوم أهل الحي بالتبرع بشيء من دخلهم لهذا الصندوق كل شهر.
6- المسجد في كل حي وقرية هو مصدر التراحم والتكاتف، ومنه تنطلق الأواصر والروابط الاجتماعية، ولو قام إمام كل مسجد بعقد درس أسبوعي في مسجده وفي آخر الدرس تكون هناك مشاورة حول ما ينقص جماعة المسجد ومدارسة شؤونهم لحلّ الكثير من المشكلات.
7- نشر الآداب الإسلامية في المجتمع كالجهر بالسلام في الأسواق والطرقات وتعويد الناس عليه وإظهار معالم السنة في اللباس والطعام والاجتماعات ونحوها، حتى تكون صبغة الإسلام ظاهرة على المجتمع، ولا يحصل هذا إلا بتبني الأخيار آداب الإسلام وأخلاقه والعمل بها وإظهارها ونشرها.

عن موقع الشرق الأوسط