فتح عكا وتطهير الشام.. انقراض دولة الصليب

المكان: عكا - الشام
الموضوع: فتح عكا آخر معاقل الصليبيين في الشام إيذانًا بانقراض دولة الصليب.

الأحداث:
منذ أن أطلق البابا "أوربان الثاني" صيحته الصليبية وهو السيد المطاع بين الشعوب الصليبية وتقاطر الصليبيون كالسيل المنهمر على بلاد المسلمين من ناحية الشام ومصر وكان الذي تولى كبر الدعوة لتلك الحرب المقدسة عندهم رجل اسمه "بطرس الناسك" فسار في البلاد يدعو للجهاد ضد المسلمين, ولقد استمرت الحرب الصليبية على بلاد المسلمين لمدة قرنين من الزمان على شكل سبع حملات صليبية متتابعة وهي كالآتي:

1- الحملة الصليبية الأولى سنة 489هـ: وكان تعداد الجيوش مليون مقاتل واستطاعت هذه الحملة أن تحتل نيقية وأنطاكية وتمثل نجاح تلك الحملة في احتلال بيت المقدس سنة 492هـ ولكنهم فقدوا معظم جيوشهم حتى أصبح عدده أربعين ألفًا فقط وتشكلت للصليبيين أربعة إمارات بعد هذه الحملة (إمارة الرها – إمارة طرابلس – إمارة بيت المقدس – إمارة أنطاكية).

2- الحملة الصليبية الثانية سنة 543هـ: وقد تحركت من أوربا لاستعادة ما فقده الصليبيون من إمارات قد احتلوها مثل إمارة الرها وغيرها وذلك لظهور قوة إسلامية جديدة هي عائلة عماد الدين زنكي وأولاده نور الدين محمود وسيف الدين غازي, وحاولت هذه الحملة احتلال دمشق ولكنها اصطدمت مع جيوش نور الدين محمود واستطاع المسلمون الدفاع عن دمشق وسحق الصليبيين, وقد كان السلاجقة قد مزقوا جيش الصليبيين الألماني قبل أن يصل لدمشق.

3- الحملة الصليبية الثالثة سنة 585هـ: وقد تحركت قوات الصليبيين بأعداد ضخمة للقيام بعمل قوي وسريع ردًّا على قيام صلاح الدين بالانتصار في حطين وفتح بيت المقدس حتى إن ملوك أوربا خرجوا بكل ما لديهم من قوة وإمكانيات وخرج على رأس الجيوش إمبراطور ألمانيا وملك فرنسا وملك إنجلترا واستطاعت تلك القوات احتلال عكا سنة 587هـ بعد معارك كلفت المسلمين ستين ألف نفس.

4- الحملة الصليبية الرابعة سنة 614هـ: منذ وفاة صلاح الدين والبابا "أنوست الثالث" يدعو أوربا إلى حرب صليبية جديدة لاسترجاع ما استلبه صلاح الدين منهم ولكن هذه الحملة اصطدمت مع جيوش البيزنطيين الأرثوذكس ودارت حرب نصرانية طائفية بين الأرثوذكس والكاثوليك خضعت في النهاية الكنيسة الشرقية للغربية وفشلت تلك الحملة وكانت نذيرًا بفشل الحركة الصليبية كلها وهذه الحملة هي التي أورثت الحقد والبغضاء بين الأرثوذكس والكاثوليك حتى الآن.

5- الحملة الصليبية الخامسة سنة 616هـ: ودخلت دمياط وحاولت احتلال الديار المصرية التي كانت تمثل مركز الثقل ومنطلق الجيوش الإسلامية ولكن الملك الكامل استطاع أن يهزم تلك الجيوش ويجبرها على الانسحاب.

6- الحملة الصليبية السادسة سنة 625هـ: وهي حملة قام بها منفردًا الإمبراطور "فريدريك الثاني" ملك ألمانيا دون الرجوع لباقي ملوك أوربا واستطاعت هذه الحملة أن تحقق نصرًا أدبيًّا متمثل في استعادة بيت المقدس دون إراقة نقطة دم واحدة؛ ذلك لأن الملك الكامل عقد مع فريدريك اتفاقية صلح سلم بموجبها بيت المقدس للصليبيين على أن يرجعوا عن بلاد المسلمين, وعد ذلك من أشنع غلطات الكامل.

7- الحملة الصليبية السابعة سنة 648هـ: وفيها حاول الصليبيون بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا دخول الديار المصرية عن طريق دمياط ولكن الملك الصالح أيوب استطاع أن يصمد أمام هجمات الصليبيين وكان مريضًا فلما مات قام ولده توران شاه بهزيمة الصليبيين شر هزيمة وأسر ملكهم لويس التاسع, وكانت تلك الحملة هي آخر الحملات الصليبية على الشام ولم يبق لهم في الشام سوى بعض القلاع الصغيرة ومدينة عكا وصور وبيروت وطرابلس.

انشغل المسلمون عن الصليبيين وذلك بعد ظهور عدو جديد أشد خطرًا وأعظم ضراوة وهم التتار الذين أسقطوا الخلافة العباسية وأحرقوا البلاد ودمروا وأتوا على الأخضر واليابس واستمر المسلمون بقيادة المماليك في حربهم ضد التتار حتى سنة 680هـ حيث موقعة حمص الرهيبة والتي انتصر فيها المسلمون بقيادة السلطان المنصور قلاوون على التتار وأمن الناس شر التتار ثم تفرغ بعدها المنصور قلاوون لتطهير الشام من ذيول الصليبيين الباقية وبالفعل استطاع أن يحرر معظم سواحل الشام من فلول الصليبيين ثم وافته المنية سنة 689هـ قبل فتح عكا.
تولى الأمر بعد المنصور ولده الأشرف خليل وكان شجاعًا مقدامًا جهز جيوشًا كثيرة لتحقيق حلم أبيه بفتح عكا وتطهير بلاد المسلمين من الصليبيين تمامًا, وعندما تسامع الناس بعزم الأشرف خليل على فتح عكا تقاطر عليه الناس حتى الفقهاء والعلماء والمدرسين..

وقام المسلمون بحصار عكا بشدة وبالغوا في الحصار أكثر من شهر ثم زحف المسلمون يوم الجمعة 17 جمادى الأولى عند طلوع الشمس وصعد المسلمون سور المدينة ونصبوا الرايات الإسلامية عليه وكبروا وهللوا وعندها ألقى الله الرعب في قلوب الصليبيين ففروا هاربين في المراكب, ودخل المسلمون المدينة وقتلوا كل من بقي من الفرنجة وغنموا كل أموالهم وأولادهم ونساءهم, ثم أمر السلطان بتخريب المدينة وتهديمها بحيث لا ينتفع بها أحد خوفًا من عودة الصليبيين لها مرة أخرى..
وقد يسر الله تعالى فتحها نهار الجمعة, كما أخذ الصليبيون في يوم الجمعة, وسلمت صور وصيدا قيادتها إلى السلطان الأشرف خليل فاستوثق الساحل كله للمسلمين وتنظف من الصليبيين, وقطع الله دابرهم للأبد وقالت سواحل الشام وبلاد المسلمين للصليبيين وداعًا للأبد.

عن مفكرة الإسلام