هذه الدراسه هي فصل في كتاب بعنوان ( الشخصيه الاسرائيليه بين العالميه والخصوصيه ) ..تأليف أ .د. محمد محمود ابو غدير
تحاول هذه الدراسه الموجزه الاجابه علي السؤالين التاليين
كيف تسير الامور في منظمات المجتمع المدني في اسرائيل ؟
وهل تلعب هذه المنظمات دورا مستقلا وفعلا في خدمه الجمهور المستهدف سواء كان يهوديا او عربيا فلسطينيا؟
تبرز هذه التساؤلات في وقت تركز فيه الدعايه الغربيه علي الحديث عن دور فعال يلعبه المجتمع المدني في اسرائيل لخدمه المواطنين اليهود وغير اليهود ..
من هذه التساؤلات ننتقل الي موضوعنا لنقول "ان المجتمع المدني في اسرائيل قائم وله دور لا ينكره احد ، ولكن ما طبيعه هذا الدور وما شكل الاعمال التي يقوم بها ، وما هي ثماره ؟..الحقيقه هي ان هناك علاقه وثيقه بين طبيعه المجتمع الاسرائيلي وظروف نشأته عن طبيعه وظروف المجتمعات البشريهالاخريالتي نمت نموا طبيعيا وبعد اطوار من النضوج .اما اسلرائيل وكما يعرف الجميع فقد ظهرت الي الوجود نتيجه لمشروع سياسي خارجي
ولذلك لم تشهد التجربه الاسرائيليه المعاصر "امنون دنكز" خبره التطور من الداخل وانما جائت نتيجه الحضور من الخارج وفي دوله استدعائيه تم تأسيسها تحت دعوي المجئ من بلاد الشتات الي ارض الميعاد
منظمات مدنيه في مجتمع غير مدني
اقيمت منمات المجتمع المدني في اسرائيل بالاساس اما من خلال مبادرات قامت بها احزاب وحركات سياسيه اوبمبادره من جانب ممولين افراد من الداخل ومن الخارج ايضا ، الي جانب منظمات اللوبي الصهيوني المختلفه في الولايات المتحده الامريكيه وكندا ، ومن هنا يخلص المفكر الاسرائيلي (اليعزر جافيي ) الي القول بأن مجتمعات المجتمع المدني في اسرائيل هي مؤسسات فوقيه وتدار بواسطه ادارات مغلقه تعمل كمجموعات مغلقه تحت دعوي تلبيه حاجات خاصه لمجتمع له طبيعه خاصه وهو المجتمع الاسرائيلي ، ومن هنا يعرض " جافي " في دراسته التي تحمل عننوان " مجتمع مدني في اسرائيل لا يحمل صفات المدنيه" للاسباب التي تمنع مدنيه المجتمع الاسرائيلي علي النحو التالي :
1- حدود عمل المجتمع المدني في اسرائيل غير واضحه بسبب التداخل الغامض داخله بين الاقليميه والمدنيه وبين الهويه القوميه والهويه العرقيه وخلافه ، ولهذا يصعب علي مواطنيه تحديد هويتهم وهل هي دينيه ام قوميه ام عرقيه ، وهذا التناقض بين الهويه المدنيه والهويه القوميه يفرزتوترا ينتقل بدوره الي مجالات اجتماعيه اخري مثل العلاقات بين اليهود والعرب واسلوب معامله الاقليات والعلاقات بين الجماعات السكانيه المختلفه داخل المجتمع اليهودي التي يشوبها التعقيد وبما يطمس هذه الهويه
2- يحمل المجتمع الاسرائيلي علي كاهله شحنه ايدلوجيه ثقيله حيث لازمت خطوات الحركه الصهيونيه عمليه نقل جماعات يهوديه من اماكن تواجدهم الي ارض بعيده عنهم بهدف استعمارها وتغيير انماط حياه سكانها الاصليون ، ، واقترن بذلك تطبيق مجموعه من القيم الصارمه علي المهاجرين الجدد وفرض عليهم الالتزام الايدلوجي الشديد بها
ولكن حدث مع التغيرات الدوليه وانتهاء الايدلوجيات ان تلاشي هذا الالتزام داخل اسرائيل وظهرت مجموعه من القيم الجيده في عصر العولمه فجرت مشاكل جديده داخل المجتمع الاسرائيلي
3-اذا كانت الحركه الصهيونيه قد سعت الي تغيير حياه الفرد اليهودي الا انها كانت تستند علي حياه الجماعه ، فالفرد بمثابه ترس صغير لا اهميه له داخل كيان اجتماعي جديد يُبني في فلسطين ، ويضاف الي ذلك ان هذا الفرد طولب باخضاع رغباته لخدمه متطلبات ال جماعه ومن هنا يعجز في التوفيق بين الاخلاص للدوله وبين الاستمتاع الشخصي
4- يعتبر المجتمع الاسرائيلي جديدا نسبيا في هيكله وفي تشكيلاته السكانيه بسبب موجات الهجره المستمره من اماكن مختلفه الثقافات والعادات والتقاليد ، واثر ذلك علي فشل اسرائيل كدوله في بلوره انماط تقاليد مدنيه لأن التماسك المجتمعي داخلها لازال ضعيفا ، واذا اضيف الي كل ذلك الدافع الايدلوجي الذي يتبني سياسه التشدد والتعنت في كل شئيصبح من الصعوبه بمكان تطوير تطوير مجتمع مدني سليم في اسرائيل
يتبع
المفضلات