آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: شؤم المعاصي

  1. #1
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    22/06/2012
    العمر
    42
    المشاركات
    176
    معدل تقييم المستوى
    12

    افتراضي شؤم المعاصي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    للمعاصي آثار سيئة ، قبيحة مذمومة ، مضرة بالقلب والبدن ، وفي الدنيا والآخرة ، فالمعصية هي التي أخرجت آدم عليه السلام من الجنة ! وهي التي كانت سببا في طرد إبليس من رحمة الله ورضاه ! المعاصي سبب في كل بلاء ، والعاقل والمتأمل لقصص الأمم الغابرة يدرك جليا أثر المعصية وشؤمها على الفرد والمجتمعات . قال تعالى : (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم: 41]. فلنتأمل إخوة الإسلام سويا هذه الآية المباركة وما تتضمن من حقائق ووقائع لا ينكرها أهل العلم والعقل .
    يقول الدكتور عبد الدائم الكحيل : يقول تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم: 41]. لنتأمل هذه الآية وما تحويه من حقائق لم يصل إليها العلماء إلا في هذه الأيام:

    - أولاً: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) والعلماء يقولون: بالفعل إن هناك فساداً خطيراً على وشك الظهور، طبعاً: الغلاف الجوي لم يفسد نهائياً ولكن هنالك إنذارات تنذر بفساد هذه الأرض، حتى إن العلماء يستخدمون كلمة (Spoil) وهي تعني الفساد أو أفسد بهذا المعنى.

    - ثانياً: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) قالوا كما رأينا يشمل هذا التلوث البر والبحر (بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) القرآن أكد على أن الفساد لا يمكن أن يحدث إلا بما اقترفته يد الإنسان، هذا الإنسان هو المسؤول عن التلوث وهذا ما تأكد منه العلماء وأطلقوا بشأنه التحذيرات.

    - (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا) إذاً هنا نوع من أنواع العذاب، فالله تبارك وتعالى يذيق هؤلاء الناس بسبب أعمالهم وإفسادهم في الأرض بعض أنواع العذاب كنوع من البلاء.

    - (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) المقصود بها أن هنالك إمكانية للرجوع إلى الوضع الطبيعي المتوازن للأرض، وهذا ما يقوله العلماء اليوم.

    واختلف العلماء في معنى الفساد والبر والبحر، فقال قتادة والسدي: الفساد الشرك، وهو أعظم الفساد. وقال ابن عباس وعكرمة ومجاهد: فساد البر قتل ابن آدم أخاه، قابيل قتل هابيل. وفي البحر بالملك الذي كان يأخذ كل سفينة غصباً. وقيل: إن الفساد القحط وقلة النبات وذهاب البركة. ونحوه قال ابن عباس قال: هو نقصان البركة بأعمال العباد كي يتربوا. قال النحاس: وهو أحسن ما قيل في الآية. وعنه أيضاً: أن الفساد في البحر انقطاع صيده بذنوب بني آدم. وقال عطية: فإذا قل المطر قل الغوص عنده، وأخفق الصاديون، وعميت دواب البحر. وقال ابن عباس: إذا مطرت السماء تفتحت الأصداف في البحر، فما وقع فيها من السماء فهو لؤلؤ. وقيل: الفساد كساد الأسعار وقلة المعاش. وقيل: الفساد المعاصي وقطع السبيل والظلم، أي صار هذا العمل مانعاً من الزرع والعمارات والتجارات، والمعنى كله متقارب. والبر والبحر هما المعروفان المشهوران في اللغة وعند الناس، لا ما قاله بعض العباد: أن البر اللسان والبحر القلب، ليظهروا ما على اللسان وخفاء ما في القلب. وقيل: البر: الفيافي، والبحر: القرى، قاله عكرمة. والعرب تسمي الأمصار البحار. وقال قتادة: البر أهل العمود، والبحر أهل القرى والريف. وقال ابن عباس: إن البر ما كان من المدن والقرى على غير نهر، والبحر ما كان على شط نهر، وقاله مجاهد، قال: أما والله ما هو بحركم هذا، ولكن كل قرية على ماء جار فهي بحر. وقال معناه النحاس، قال: في معناه قولان: أحدهما: ظهر الجذب في البر، أي في البوادي وقراها، وفي البحر أي في مدن البحر، مثل: "واسأل القرية" يوسف:82 أي ظهر قلة الغيث وغلاء السعر. "بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض" أي عقاب بعض "الذي عملوا" ثم حذف. والقول الآخر: أنه ظهرت المعاصي في البر والبحر فحبس الله عنهما الغيث وأغلى سعرهم ليذيقهم عقاب بعض الذي عملوا. "لعلهم يرجعون" لعلهم يتوبون. وقال ابن عباس بالنون، وهي قراءة السلمي وابن محيصن وقنبل ويعقوب على التعظيم، أي نذيقهم عقوبة بعض ما عملوا.

    من كل هذا يتبين أن للمعاصي آثار سيئة منها :

    - حرمان العلم ، فالعلم نور يقذفه الله في القلب والمعصية تطفيء ذلك النور ، قال تعالى : " واتقوا الله ويعلمكم الله " ، لما جلس الإمام الشافعي رحمه بين يدي الإمام مالك رحمه الله وقرأ عليه ، أعجبه ما رأى من وفور فطنته ، وتوقد ذكائه ، وكمال فهمه ، فقال : إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا ، فلا تطفئه بظلمة المعصية !

    - وحشة يجدها العاصي بينه وبين الله تعالى ، لا يوازيها ولا يقاربها وحشة ، قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد : ( الذنوب جراحات ، ورب جرح وقع في مقتل ! وما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله ، وأبعد القلوب من الله القلب القاسي ! وإذا قسا القلب قحطت العين .. ) ، قال تعالى : " بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون " .

    - تعسّر مقاصده عليه ، فلا يتوجه لأمر إلا ويجده مغلقا دونه .

    - ظلمة يجدها في قلبه ، يحس بها كما يحس في الليل البهيم ، وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته ، وظهرت الظلمة على وجهه ، بحيث لا تخفى على أحد من أهل البصائر .

    - أنها توهن البدن والقلب وتضعفها .

    - حرمان الطاعة ومحق بركة العمر .

    - المعصية تورث الذلة ، وتزيل النعم ، وتجلب الفقر وتفسد العقل فإنه نور والمعصية تطفئه .يقول ابن القيم : فإن الذنوب تضر بالأبدان وأن ضررها بالقلب كضررالسموم في الأبدان على اختلاف درجاتها في الضرر وهل في الدنيا والآخرة شر وداء إلا سببه الذنوب والمعاصي.

    - ومن آثارها في الأمم والمجتمعات فالذنوب والمعاصي سبب رئيس في هلاك الأمم ،

    فحين دخل المسلمون قبرص فاتحين وخرج منها الرومان جاء المسلمون بعضهم إلى بعض فرحين مهنئين فإذا بأبى الدرداء الصحابى الكريم الحكيم يبكى فسألوه ما الأمر؟ قال : ما أهون الخلق على الله ، أبكى على أمة عصت الله فاستبدلها الله بغيرها.
    من آثار الذنوب والمعاصي إنها تحدث في الأرض أنواعا من الفساد في المياه والهواء والزرع والثمار والمساكن
    قال تعالى:( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )سورة الروم :آية 41،
    قال مجاهد: إذا ولي الظالم سعى بالظلم والفساد فيحبس بذلك القطر فيهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ثم قرأ: (( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )) ثم قال: " أما والله ما هو بحركم هذا ولكن كل قرية على ماء جار فهو بحر " وقال عكرمة ظهر الفساد في البر والبحر أما إني لا أقول لكم بحركم هذا ولكن كل قرية على ماء. وقد سمي الله تعالى الماء العذب بحرا فقال:(وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج) ...
    ومن تأثير معاصي الله في الارض ما يحل بها من الخسف والزلازل ويمحق بركتها وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ديار قوم أهلكهم الله فمنعهم من دخول ديارهم إلا وهم باكون ومن شرب مياههم ومن الاستسقاء من أبيارهم حتى أمر أن لا يعلف العجين الذي عجن بمياههم لنواضح الابل لتأثير شؤم المعصية في الماء
    وكذلك شؤم تأثير الذنوب في نقص الثمار وما ترى به من الآفات.
    قال الله تعالى مبينا أن سبب إهلاك القرى يكون بسبب تولى من يفسد:( وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) {17/16}
    ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًَا بَصِيرًا) الإسراء،وقال تعالى :(وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ {11/102} : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ) هود : 102 و 103 وقال تعالى :( وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ) سورة هود آية 101.

    نسأل الله تعالى العفو والعافية وأن يغفر لنا ويرحمنا إنه على كل شيء قدير


    جمع وترتيب صالح رعبوب


  2. #2
    أستاذ بارز
    الصورة الرمزية أحمد المدهون
    تاريخ التسجيل
    28/08/2010
    المشاركات
    5,295
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: شؤم المعاصي

    نسأل الله تعالى العفو والعافية وأن يغفر لنا ويرحمنا إنه على كل شيء قدير.

    ((حين دخل المسلمون قبرص فاتحين وخرج منها الرومان جاء المسلمون بعضهم إلى بعض فرحين مهنئين فإذا بأبى الدرداء الصحابى الكريم الحكيم يبكى فسألوه ما الأمر؟ قال : ما أهون الخلق على الله ، أبكى على أمة عصت الله فاستبدلها الله بغيرها))


    إنها السنّة الإلهية في الإهلاك والإستبدال:

    "وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ" سورة هود - آية 102
    "هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ" سورة محمد - آية 38.
    "فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ" سورة الأنعام - آية 44.

    ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون.

    بوركت أخي صالح، ونفع بك.
    جهود طيّبة، وفي ميزان حسناتك - إن شاء الله -

    " سُئلت عمـن سيقود الجنس البشري ؟ فأجبت: الذين يعرفون كيـف يقرؤون "
    فولتيـــر

  3. #3
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    22/06/2012
    العمر
    42
    المشاركات
    176
    معدل تقييم المستوى
    12

    افتراضي رد: شؤم المعاصي

    جزاك الله خيرا أخي أحمد ونفعنا الله وإياك تحياتي


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •