وفي خاطرته الرمضانية الـ(23) تطرق الأستاذ/عبدالجبارسعد لمثلبة وإثم البخل .. فقال فيها :

يجاهد الكثير من المؤمنين أنفسهم جهادا عظيما للوصول إلى مقامات التزكية والإحسان ويمرون بالكثير من التجارب والمواقف والمنازلات والمكاشفات والأحوال في هذا الطريق وكثيرة هي السير والتراجم التي تشرح أحوال هؤلاء السالكين لطريق الحق وكم من غرائب وعجائب في طريق القوم.
كتاب " حلية الأولياء " لأبي نعيم الأصبهاني يتناول سير نحو ثمانمائة من الصالحين والصالحات .. وكتاب مثل " إحياء علوم الدين " لا يخلو من مثل هذه السير والحكايات وكتاب " كرامات الأولياء " للقاضي النبهاني.
وفي اليمن كتاب "طبقات الخواص " المشهور بطبقات الشرجي وهو مؤلفه و الكثير سواها .
كانت هذه مقدمة سريعة للحديث عن قصة من قصص هؤلاء الأولياء وجدتها في كتاب الإحياء للإمام الغزالي .
قال هذا الولي أنه أصبح ونفسه تحدثه أنه بخيل فكان يناجي نفسه ويقول أي بخل عندي وأنا لا أملك من مال الله شيئا ويتكرر الخاطر أنك بخيل .. فقال والله لا أجد شيئا اليوم من المال إلا أنفقته في سبيل الله ولا أستبقي منه شيئا .. ولم يخط إلا خطوات قليلة حتى جاء أحدهم يسأله : هل أنت فلان؟ قال: نعم.. قال : خذ هذه الصرة بعثها لك فلان لتستعين بها على أمور عيشك ، فقال سبحان الله ، وكان في الصرة مائة وخمسون دينارا ذهبا ، فقال والله لا أتردد عن ما عقدت العزم عليه ، وعزم على أن يعطي الصرة أول فقير يجده في طريقه ، فمضى على شط دجلة فوجد فقيرا يجلس بين يدي الحلاق فدفع الصرة إليه ، ولكن ذلك الفقير لم يلق لها بالا بل قال له إعطها للحلاق أجرته ، فقال له صاحبنا إنها مائة وخمسون دينارا ، فرد عليه الفقير " ألم نقل لك أنك بخيل!! " يكاشفه بما حدثته به نفسه ويؤكد المعنى !!.
ففزع من رد الفقير وألقاها بين يدي الحلاق وهم بالسير ، فقال له الحلاق وقد كان يسمع تحاورهما ، يا سيدي أنا عزمت منذ جلس الفقير أن لا آخذ منه أجرة ، فخذ مالك عافاك الله !.
فلم يكن من صاحبنا إلا أن قال :
أيها المال .. أبى الله إلاً أن يُذِل من أعزك !! .. وألقى بالصرة وما فيها في ماء دجلة.

نفعنا الله بسيرة الصالحين وطهر قلوبنا من حب ما سواه.