صحوة المسرح

لقد أدت هذه الصحوة التي أستمدت وجودها من دعم الدولة ومساندتها المادية والمعنوية والاعلامية الي وجود نشاط مسرحي مكثف وخلق حركة مسرحية مستنيرة وجادة والتي عرفت نقديا بمسرح الستينيات .
ويقول علي الراعي معلقا علي هذه الحركة الديناميكية الشاملة التي اجتاحت الحياة المسرحية " بفضل هذه العناية المتعددة الأطراف أصبحت الفنون المسرحية وفنون الأداء عامة هي مركز الثقل في ثقافة البلاد وفي فنونها " .

ويستطرد في موقع أخر هذه النهضة الشاملة لفنون الأداء جعلت القاهرة مركز اشعاع باهر امتد نوره الي سائر العوصم العربية وهو يعني ذلك ان الحركة المسرحية المصرية أصبحت حركة شاملة ضخمة بل أصبحت نموذجا يحتذي به في البلاد العربية التي أوفدت الكثير من أبنائها الي مصر لدراسة علوم المسرح .

كما استقدمت هذه البلاد فيما بعد رموز الحركة المسرحية المصرية للاستفادة بخبراتهم بشكل مباشر مثل نبيل الألفي وسعد أردش وكرم مطاوع .
ولقد تميزت المرحلة الجديدة التي بدأت علي يد طليعة المخرجين في المسرح المصري في مرحلة الخمسينيات والستينيات بسمات انعكست بشكل مباشر علي مفاهيم الاخراج المسرحي وعلي عناصر التعبير المسرحي بل انعكست ايضا علي القيم الجمالية السائدة أنذاك .
ومن أهم هذه السمات ارتباط المسرح بقضايا الواقع ومحاولة التعبير عن أمال وطموحات القاعدة الشعبية العريضة في ظل المفاهيم التي أرستها ثورة يوليو 1952 .
ومن أهم سمات هذه المرحلة أيضا الاهتمام الشديد من قبل المخرج بأهمية فن الأداء التمثيلي وتطوره عن طريق صياغة الوسائل التي تساهم في أعداد وتدريب الممثل المسرحي باعتباره العنصر الحي الناقل لأفكار المؤلف والمخرج .
وبالتالي قد تعامل المخرج مع الممثل بهذه الطريقة فضلا عن ان الساحة المسرحية قد امتلأت بالممثلين الاكاديميين الدارسين لفنون المسرح والذين يجمعون في شخصياتهم الفنية بين العلم والخبرة والموهبة .

واذا كان الاتجاه الأول عند مخرجي هذه الفترة يتمثل في الاهتمام بتدريب واعداد الممثل بصفته عنصر الحي الناقل لفكر المؤلف والمخرج فإن اتجاها ثانيا بدأ يظهر في ذلك الفترة .
ويتمثل في الصراع بين المخرج والمؤلف الذي يعتبر المبدع المؤسس لتجربة العرض التي تقوم علي النص المسرحي .
بينما يري المخرج انه القيادة الفنية وان النص المسرحي وسيلة من وسائل التعبير .
فالمخرج لن يقدم التجربة الأدبية للمتفرج ولكنه سيقدم له أدبا بشروط المسرح وبالتالي فهو يمتلك حق تفسير النص المسرحي وتوظيف المعادلات المرئية للنص .
وقد أكدت هذه المتناقضات والصراعات شخصية المخرج كشخصية فنية يناط بها تأليف العرض المسرحي ذاته كما استفادت الدولة ذاتها من المهارات القيادية للمخرج في ادارة المؤسسات المسرحية والتخطيط للنهوض بها .