آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الجذور العربية للآداب الأروبية ( من صحراء العرب إلى مسرح لندن )

  1. #1
    علاء التميمي المعافري
    زائر

    الجذور العربية للآداب الأروبية ( من صحراء العرب إلى مسرح لندن )

    في الأدب المقارن :

    الجــذور العربيـــة في الآداب الأوروبيــــة

    عطيل شكسبير وعنترة بن شداد

    (من صحـــراء العـــرب إلى مســرح لنـــدن)


     د. عبدالقوي الحصيني - نائب رئيس جامعة تعز - أستاذ مشارك للأدب المقارن والنقد الأدبي الحديث
     أ.د. براهاما شارما – رئيس قسم اللغة الانجليزية جامعة تعز فرع التربة – أستاذ الأدب الانجليزي
     أ.علاء التميمي معيد في قسم اللغة العربية جامعة تعز فرع التربة – مدرس الأدب والنقد
     أ.مرتضى المنيفي معيد في جامعة الحديدة كلية المجتمع –عبس- مدرس الأدب الانجليزي والترجمة

    دور العرب في الثقافة الأوروبية
    كان التراث العربي في عصر الإسلام الذهبي في المشرق والمغرب على مستوى من النضج والازدهار بحيث احتل مكان الصدارة من العالم كله فكراً وحضارةً وعلماً وثقافةً، فقد كان في بغداد "دار الكتب" التي أنشأها الخليفة الناصر لدين الله العباسي سنة 589 هـ ( ) ، و كان في القاهرة "دار الحكمة" التي أنشأها "الحاكم بأمر الله" عام 895 هـ ( ) ، ومكتبة السلطان المؤيد الرسولي في " المؤيدية " بتعز من بلاد اليمن ( ). وقد ضمت سائر حواضر الإسلام في العالم العربي مثل هذه المكتبات. ومن هنا كان لا بد أن يؤثر هذا التراث المزدهر على البلدان المحيطة والمتصلة به ومنها أوروبا تأثيراً فعالاً وذلك عبر طرق عدة ؛ منها: (الترجمة) حيث بدأت حركة ترجمة واسعة النطاق لنقل التراث العربي بمختلف اللغات اليونانية واللاتينية ( ) ، ومنها الاحتكاك المباشر - عبر الفتوحات الإسلامية الأولى - بين العرب والرومان ( )، ثم الحروب الصليبية التي دخلت فيها أوروبا في احتكاك مباشر مع العرب والثقافة العربية، فكان لجزيرة "صقلية" التي فتحها المسلمون عام 122هـ ( )، وكذا "بلاد الأندلس" التي دخلها العرب أيضاً وأنشأوا فيها مدناً علمية منها "قرطبة وطليطلة" كان لهما دور كبير في عملية التواصل والاتصال بين الثقافتين العربية والأوروبية ( ). كما كان للرحلات التي كان يقوم بها الأوروبيون إلى عواصم البلاد العربية دور واضح في هذا التأثر ، يقول الدكتور/ توفيق الطويل: ((ازدهرت الحياة العقلية في الأندلس في القرن الثاني عشر حتى كانت في عصرها الذهبي. فكانت قبلة علماء أوروبا يحجون إليها ليتلقوا العلم على يدي علمائها.. وقد عرفت أوروبا المسيحية كل هذا التراث العربي الإسلامي وأفادت منه في وقت كانت تهم فيه باليقظة وتلتمس أسباب النهوض)). ( )
    وقد تحدَّث كثير من نقادنا عن أثر الآداب العربية في تكوين الآداب الأوروبية,ومنهم العقاد في كتابه "أثر العرب في الحضارة الأوروبية"، و عبد الرحمن بدوي في كتابه "دور العرب في تكوين الفكر الأوروبي" وسهير القلماوي ومحمود علي مكي في "أثر العرب والإسلام في النهضة الأوروبية" ( ) إذ يرى العقاد أن ليس بين أدباء أوروبا نابغ واحد قد خلى شعره أو نثره من بطل إسلامي أو نادرة إسلامية من شكسبير وأديسون وبايرون وكلوريدج وشللي وغيرهم من الأدباء الإنجليز وجيتي وهيردر وليسينغ وغيرهم من الأدباء الألمان وفولتير ومونتيسكيو وهيجو ولافونتين من الفرنسيين( )، ولا يخفى ما اعترف به المستشرقون وأكدوه من هذا التأثر. ومن ذلك ما ذكره المستشرق ماكييل الذي قال: ((إن أوروبا مدينة للبلاد العربية بنزعتها المجازية الحماسية كما هي مدينة بعقيدتها لبلاد اليهودية، وإننا نحن الأوروبيين مدينون لبطحاء العرب وسوريا ومعظم القوى الحيوية الدافعة أو بجميع تلك القوى التي جعلت القرون الوسطى مخالفة في الروح والخيال للعالم الذي كانت تحكمه روما ومع تحفظات جب على هذه العبارة فإنه لا ينفي الأثر الذي تركه الأدب العربي في شعر الأوروبيين ونثرهم منذ القرن الثالث عشر إلى القرون الحديثة))( ).
    وليس بخافٍ تأثر دانتي (1321م) في الكوميديا الإلهية بالمصادر الإسلامية وفي مقدمتها رسالة المعراج ورسالة الغفران للمعري وكتب محي الدين بن عربي حسب ما أكده المستشرق الإسباني "آسين بلاسيوس" (1944م)( ), "ومن الجلي مدى تأثير "ألف ليلة وليلة" في الأدب الأوروبي، فبعد أن ترجمت هذه الحكايات إلى اللغات الأوروبية وطبعت عدة طبعات ، اقتبس الكاتب الإيطالي الشهير "بوكاشيو" في كتابه "الأيام العشرة" الكثير منها. فانتشر الكتاب في بلدان أوروبا الغربية، واقتبس منه الكاتب الإنجليزي "شكسبير" موضوع مسرحيته "العبرة بالنهاية". وسار "شوسر" على نهج "بوكاشيو" فكتب "قصص كانتوبوري" على المنوال نفسه."( ) وهو ما دعا المستشرق جيب للقول بأنه: "لولا كتاب ألف ليلة وليلة لما كان قد ظهر أمثال "روبنسون كروزو" و"رحلات جوليفر"، ولولاه لكان الأدب الإنجليزي أفقر مما هو وأتعس"( ).
    ولعل رحلتنا هذه مع شكسبير تأتي من هذا المنحنى التأثيري للآداب العربية في الآداب الأوروبية والذي سنتابعه في إطار ما تبيناه من انعكاس لقصص الفروسية والحب العربية على الفن الروائي والمسرحي للآداب الأوروبية في مراحل نهضتها الأولى المتجلي في دراستنا هذه لمسرحية أوثلو (عطيل) لشكيبير وتأثرها بقصص الفروسية والحب العربية وبالأخص في حكاية عنتر بن شداد حسب مناقشاتنا وتحليلاتنا المسرودة في مناحي وأجزاء هذه الدراسة .والمتمثلة في المباحث التالية:
    المبحث الأول: استعراض الحكايتين.
    قصة عنترة في الروايات العربية.
    قصة عطيل "Othello" في مسرحية شكسبير.
    المبحث الثاني: مواطن التلاقي في الحكايتين.
    المبحث الثالث: بناء الشخصيات و الحدث
    المبحث الرابـع: الدليل المادي التاريخي لأخذ شكسبير شخصية بطله "Othello" من الشخصية العربية "عنترة".


    المبحث الأول : استعراض الحكايتين
    1- الحبكة القصصية لرواية عنترة بن شداد من واقع التراث العربي

    اعتاد العرب في جاهليتهم على كسب ما يحفظ بقاءهم في الحياة من الغارات على بعضهم البعض، وفي وسط هذا الواقع الذي تملؤه الحروب والغارات التي لا قانون لها تطلع أسرة البطل في نواتها الأولى، فشداد بن قراد ينال نصيبه من الغنيمة إثر غارة لقبيلته، ولم يكن هذا النصيب سوى أمة سوداء تدعى "زبيبة"، تلد له عبدا أسود فأسماه أبوه وسيده عنترة. بدأ العبد الأسود حياته بطفولة شكسة في بيئة صحراوية فرضت عليه البطولة والشجاعة فنشأ فارسا يفاجئ قبيلته بشجاعته منذ التاسعة، فلا يسمع منه إلا زئير الأسد ، مما دفع ملك القبيلة "زهير" إلى الاحتفاء والإشادة بأفعاله البطولية وغيرته على النساء: (والله ليكونن هذا العبد شديد الغيرة على النسوان ويصير شجاعا قرما مناعا)؛ لا بل أصبحت مغامراته حديثاً في مجالس نساء قبيلته التي من خلالها تشرق فتاة جميلة استهواها الحديث عن صاحب هذه القصص البطولية، ولم تكن هذه الفتاة سوى "عبلة" ابنة عمه مالك أحد أشراف قبيلة عبس وأسيادها، فأعجبت به، وكان البطل بدوره يتردد على بيت أبيها ليقوم بمهام الخدمة التي أوكلت له كعبد ابن أمة، ومن هنا تفجر الحب بينهما، وأخذ يتقد يوما بعد يوم في ظروف عرفية قبلية تمنع العبد الأسود ــ الشاك في أصله الغامض ـــ من الزواج بسيدة عربية، كان ذلك دافعا له ليصول ويجول ؛ ليزيل عنه هذا المانع العرفي بانتصارات عظيمة لقبيلته ترفعه إلى مرتبة الأسياد.
    احتفاء الملك بعنترة وشجاعته وقوته كوَّن للبطل أعداء ألدَّاء حاقدين اختلفوا في أسمائهم واتفقوا في الهدف مستخدمين كل وسائل الخيانة والمكر، فيبدأ عنترة حياة بائسة "حب غير مضمون مستقبله، أعداء ألداء يحاربونه، مجتمع ينظر إليه بازدراء"، فما هو إلا العبد الذي لم يعترف به أبوه، إلا أن أخلاق البطل ترفعت عن كل حقد وتهميش؛ فصنعت منه بطلا غيورا على النساء يصنع من أي لقاء معركة، وهذا ما دفع الملك زهير إلى أن يثني عليه على الملأ، ويخلع عليه رداء الشرف أمامهم، بل يجلسه بجواره في أعياد الانتصارات. أصبح عنترة بعد هذا اليوم بطلا محاربا في المعارك استثناء عن بقية العبيد في القبيلة، ومن ثم تجرأ على إعلان حبه لعبلة في أشعاره التي تمتلئ بالبلاغة وتعج بالبيان، فكانت كلماته من لسانه كالضربات من سيفه. لكنها لا تفيد أمام عم كان يرى في البطل (أبعد ما يكون عن الزوج المناسب المرغوب فيه) مهما علا وارتفع حتى وإن وصل هيامه بها إلى أن يقول: "أقسم بعبس أني أنا العاشق لعبلة إلى الأبد" إلا أن امتلاء قلب عبلة بالبطل جعلها تبادل الوفاء بالوفاء، وتجهر بحبها له أمام أبيها وأمها وأخيها فأذهلتهم بما يخالف تقاليد القبيلة، وتحملت في سبيل ذلك الأذى، كما تحمل عنترة من أبيه الطرد والهجران؛ إلا أنه في الأخير يضعف -وهو البطل- أمام الحب الذي يبرره أمام الأمير مالك بقوله: (يا مولاي، ما حملني على ذلك إلا الهوى الذي هدّ مني الحيل والقوى...)، ويخرج عنترة إلى الصحراء ينفس عن نفسه بسيفه.
    أخذ البطل يتنقل بين الوهاد ويصنع له البطولات التي وصلت به إلى أن يواجه "شارب الدماء يزيد بن حنظلة"، ويلقنه درسا أصبح حديثا من أحاديثه، وبينما هو يصنع تلك الأمجاد والبطولات تستمر حياكة المكائد للقضاء عليه ويمارس معه أعداؤه النفاق في التعامل لخوفهم منه، وبالمقابل يستمر دعم واحتفاء الملك به لأنه يرى فيه سر مناعة قبيلة عبس التي تسند له المهام العسكرية الكبرى، لكن البطل يرى بأنهم يجعلون منه غاليا في الحرب رخيصا في السلم.
    يعود عنترة إلى قبيلته موهن القوى وفي جعبته غرائب ما واجهه من مغامرات ولكنه كان يحدوه أمل اللقاء بمحبوبته التي ستنسيه كل ما أهمه، استقبله الملك استقبال الأبطال وأهداه هدية ثمينة منها عقد من الجوهر أهداه البطل لمحبوبته عبلة برهان محبة ووفاء، ورغم ما واجهه من أبيه وعمه إلا أنه في أكثر من مرة ينقذهم من الأسر، فيعود عمه إلى التخطيط للتخلص منه حتى يبعده عن ابنته، في الوقت نفسه يتقدم لعبلة شاب نبيل مغرور يظهر عليه الثراء لكنه كان غبيا يدعى "عمارة"، فيقبله مالك مقابل مال وفير، لكن عنترة يتغلب عليه في أكثر من مرة مما دفع شداد إلى إعادة عنترة إلى خدمة النساء ورعي الماشية، ويستمر عمارة في إنفاق المال لمالك وزوجته التي كانت توهمه أن عبلة من نصيبه مستغلة غباءه وتستمر معه حتى النهاية حيث يفقد ثروته ويقع في الأسر فينقذه عنترة، بل إنها كانت تدفع زوجها ضد عنترة وتشكك في عفة عبلة، أما عبلة فتقف بقوة رافضة الارتباط بغير عنترة، تشاركه أحزانه وترسل إليه رسالة مع أمه: "طمئني قلب ابن عمي عنترة، وأخبريه أنه حتى لو وصل الأمر بأن يجعل أبي قبري مكانا لراحتي فلن أرغب إلا فيه، ولن أختار غيره". في حين كان عنترة على عمله الأول في رعي الماشية وحماية النساء تأتي معركة بين عبس وطي وتلحق الهزيمة عبسا فيستدعي زعماء القبيلة عنترة لإنقاذ قبيلته، يأتي عنترة ويدخل المعركة بعد وعد من أبيه وعمه إن هو أنقذ عبلة سيقدمانها له زوجة، فأنقذها وشرف عبسا بالنصر، لكنه ما لقي إلا الخداع والمكر من عمه، إلا أن البطل حقق بعد النصر هدفا من أهدافه، فقد وافق زعماء القبيلة - رغم كراهة الحاقدين - أن يمنح عنترة شرف مرتبة العربي، وأقيم حفل لذلك وخلع عليه الملك رداءً مطرزاً بالذهب، وأعلن على الملأ عنترة "بطل عبس وعدنان". أما الوعد بالزواج فقد تظاهر عمه بالموافقة لكنه بخداعه طلب مهراً لابنته ألفاً من النوق العصافير التي توجد في العراق، فقبل البطل بذلك. اتجه عنترة صوب العراق برفقة أخيه المخلص الثقة (شيبوب) الذي كان بارع الرمي، عارفا بالطريق، والذي كان حلقة الوصل بينه وبين عبلة، فلا يأتي بخبرها إلا هو مع أنه كان عربيدا يحب المزح مع النساء، وفي الصحراء واجه البطلان عاصفة شديدة فرقت بينهما وحالت دون رجوع عنترة إلى عبلة بالمهر، فغاص البطل في الرمال لولا إنقاذه من رجل رآه في الصحراء، أما شيبوب فقد ظن أن أخاه قد مات فعاد إلى القبيلة حاملا نبأ محزنا لعبلة مفرحا لأبيها.
    تعافى عنترة ثم وصل إلى المنذر الذي سأله عن نفسه، فقال عنترة: "اعلم أيها الملك أنني أنا الليث الهمام والبطل الضرغام، الضارب بالحسام، أنا طبيب عبس إذا مرضت، وحاميها إذا ذلت". يصل عنترة إلى كسرى عن طريق المنذر فيعجب كسرى بفصاحة البطل وجسمه وشجاعته فقربه وأكرمه مما أثار حقدا لدى بهرام فارس الديلم الذي حاول غير مرة قتل عنترة بمكر وخداع إلا أنه يفشل؛ لكن البطل يواجهه بأخلاقه العالية مما يزيد كسرى تقديرا لعنترة فقد خلع عليه الرداء الملكي وأهداه تاجه ليهديه البطل لعبلة يوم زفافها، وهذا - أيضاً- دفع رستم القائد الفارسي إلى تحدي البطل، ورغم تجاهل البطل إلا أن إصرار الحاقد دفع البطل إلى القضاء عليه بسيفه الظامي الذي طالما تغنى به في أشعاره.
    ولئن كان البطل قد أغرق في بهرج التحضر، ورأى الجواري اللاتي حاولن إغراءه إلا أن ذلك لم ينسه ويلهه عن هدفه الذي جاء من أجله (مهر عبلة). أما عبلة فقد عانت كثيرا في غياب عنترة الذي استقر لديها بأنه قد مات، فقد تهافتت عليها نفوس زعماء القبائل ما بين مجبر لأبيها كواقد الكناني وخاطف لها كطارقة الليالي؛ إلا أنها ظلت مخلصة لعنترة فردت على عرض أبيها المتهاون الضعيف ردا قويا ورفضت الزواج بعمارة أو غيره "لأنها قد دفنت قلبها في قبر عنترة" لكن أباها يجبرها على ذلك.
    عاد البطل من أعظم مغامراته ليجد عبلة تحت نار اليأس مختطفة فيخلصها، ويكون اللقاء الذي نفخ الروح في جسد عبلة لتعود من جديد، التقى الهائمان وأخذت عبلة تحكي ما أتى به شيبوب وحكايات الحزن والعذاب، وهو بدوره حكى لها مغامراته والأخطار التي مر بها وهي تستمتع بها، ثم أقيم حفل بهيج بحضور أصدقاء البطل دارت فيه الكؤوس ورقصت النساء وبعد الحفل انضم عنترة إلى عبلة التي ارتمت في أحضانه ارتماء العاشق الولهان وقبلته عدة مرات رغم عدم رضا أبيها لكن بطولة البطل وانتصاراته جعلته جديرا بها.
    استقبل الملك وزعماء القبائل البطل القائد بينما قام عمارة العدو الماكر - حيث كان يقود بعير عبلة بذل - باختطاف عبلة مستغلا انشغال عنترة، مما أفقد عنترة عقله، وبات يفكر كثيرا وربما وصل إلى الشك في عبلة، فلم يعد يحس بشيء مما يحيط به، فهو لم يتوقع أن يحصل هذا بعد ذلك العناء الطويل وما هي إلا أيام حتى أتى شيبوب المخلص بخبرها من ديار مفرج بن همام الطامع الجديد في عبلة فاندفع عنترة كالأسد لإنقاذ عبلة، وفي خضم المعركة يجد شيبوب عبلة فيحضنها بين ذراعيه ويذهب بها إلى عنترة فضمها البطل وقبلها بين عينيها، وأتى بعد ذلك عمارة وأخوه ربيعة يعتذران لعنترة فيرد عليهما: "على الرغم من أنه يساء إليّ بسبب سواد بشرتي فإن أفعالي أفعال النبلاء".
    ورغم هذا الانتصار إلا أن والد عبلة يتوسل إلى الأمير شاس الذي كان ناقما وحاقدا على عنترة منذ كان صبيا بسبب قتله لعبده "داجي"، ناهيك عن تقريب الملك له والثناء عليه، توسل إليه أن يأخذ عبلة تحت حمايته لكي يخلصها من عنترة واستجاب شاس للجبان فأخذها رغم اعتراض الأمير مالك ورفض عبلة، وفي هذه الأثناء بلغ اليأس من عنترة حد البكاء فخرج هائما على وجهه نحو مكة شاكيا إلى رب العالمين، وبرفقته الثقة شيبوب ليتم في غيابه العقد لعمارة من عبلة تحت رعاية الأمير شاس الذي ينقذه عنترة بعد ذلك من أسر بل من قتل محقق ليريه الأخلاق مع الأعداء .
    عاد البطل إلى دياره وعند وصوله هنأه عمه مالك بعودته نفاقا ووعده بأن الزواج من عبلة سيكون في الليلة ذاتها لا سيما بعد اتفاق الملك وأبنائه على صداقتهم للبطل عنترة؛ إلا أن مالك المخادع يرحل بأهله سرا ليصل ديار قيس فيأتي عنترة فلا يجد أحدا فقال معلقته الشهيرة:
    هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم ( )
    وكعادته يقوم البطل بتخليصها وإعادتها إلى ديارها ؛ ليعود الصراع مع الحاقدين في قبيلته من جديد
    وتفاديا للنزاعات أمر الملك زهير عنترة بالخروج من القبيلة واستغنى عن بطولته لكنه يستدعيه في حروبه مع النعمان.
    مات الملك زهير وابنه شاس ومات من بعدهما الأمير مالك الذي كان صديقا حميما لعنترة وظهر شبحه لعنترة وهو يقول له: "نمت عن أخذ ثأري يوم الأمان" مما دفع البطل إلى الانتقام له.
    تزعم أمر القبيلة الأمير قيس بن زهير فالتف حوله أعداء عنترة يثيرونه على البطل لكن الملك عرف قيمة عنترة عندما استدعاه في معركة ليصنع له النصر بعد الهزيمة كما صنع له النصر في معارك داحس والغبراء الشهيرة، وفي ظل هذا الانسجام بين الملك وعنترة يجرب الخائن عم البطل آخر غدراته فيخطط لقتل البطل ويهرب تحت رفض عبلة التي أبقاها في رعاية عمها شداد، مما هيأ الجو لعنترة برعاية الملك ومباركته أن يحقق مناه بالزواج، وفعلا أقيم الزواج في حفل بهيج لم تر له عبس مثيلا من قبل، وزفت العروس إلى عريسها في غياب مالك الأب المخادع الجبان، واكتفى الحاقدون بقولهم عند رؤيتهم عبلة في زينتها: "يا خسارة هذا الحسن والبياض لذلك السواد".
    وبعد أن عاش الحب بين عنترة وعبلة سنوات يأتي الموت لمن أرى خصومه وأعداءه الموت قبل أن يأتيهم، فبينما هو عائد من اليمن بات ليلته في وادٍ كثيف الأشجار مع عبلة، وعندما كان في أحضانها سمع أصواتا فخرج، فأتاه سهم غادر خائن من وزر الرجل المنتقم الأعمى، فأصابه فسحب نفسه إلى الخيمة ووقف بجواره زوجته وأصدقاؤه ثم أتي بالرامي جثة هامدة إلى خيمة البطل، فعرفه البطل من ملامحه.
    بدأ اليأس والألم يدب في البطل لعلمه بغدر الأعمى لكنه تحامل حاميا عبلة حتى أوصلها إلى مشارف ديار عبس بعد ملاحقة قطاع الطرق له، وبعد أن أمن حبيبة القلب وقف في ممر ضيق للوادي فغرس رمحه في الأرض ليتكئ عليه ويموت عزيزا بعد أن صنع أسطورة في الحب والفروسية.


    2- الحبكة القصصية لمسرحية وليم شكسبير "Othello " 

    تدور أحداث القصة الدرامية خلال حروب طاحنة بقيادة البطل المغربي الأسود عطيل (Othello) الذي أهلته قوة جسمه وحنكته القتالية ليكون قائدا لقوات البندقية برغم أصله الذي لم يكن معروفا للقيادة العليا في البندقية بإيطاليا وبرغم لون بشرته السوداء التي كان ينعت بها.
    تبدأ المسرحية بقصة اختطاف العاشق المغربي الأسود لعشيقته دزدمونة، وحيدة أبويها، وابنة أحد الأشراف في دولة البندقية والمقرب من القيادة العليا للحكومة الإيطالية والذي عارض وبشدة زواج ابنته من رجل أسود عربي مغربي العرق لا تعرف أصوله سوى أنه فارس وبطل عسكري أتى من قلب الصحراء المغاربية، ليحكي لنا شكسبير قصته كفارس وعاشق فريد. تستدعي قيادة الدولة عطيل المغربي لتوكل إليه مهام قيادة الجيش لحاجتها الماسة إليه ليقود جيش البندقية ضد المد التركي في قبرص وتسميه القائد الأعلى لجيش البندقية. يرحب الدوق به قائلا: "عطيل الباسل ! علينا في الحال أن نستخدمك ضد العدو العثماني ، عدو الجميع" ( )- يتقدم السنيور برابانتيو والد دزدمونة بشكوى للدوق حاكم الدولة بأن ابنته سرقت منه وخطفها العاشق المغربي الأسود دون معرفته بذلك الزواج المفاجئ. يرد عطيل المغربي على الدعوى بأن ما أقدم عليه ليس سرقة ولكن من دافع غرامي إذ الحب لا سلطان عليه ، فقد بادلته دزدمونة هذا الحب خلال تردده على منزل أبيها حينما كانت تستمتع بقصصه البطولية كلها وكذا تاريخه الذي كان كله مغامرات وكيف نجا من الموت أكثر من مرة . كانت تتلذذ بسماع قصصه وتضمد جراحه حين عودته من المعارك وتستمتع بسماع قصصه حين واجه أكلة لحوم البشر ومصاصي الدماء.( ) وصحيح أنه مغربي أسود جاء من قلب الصحراء العربية إلا أنه حسبما يقول: ينحدر من سلالة مالكة وأن أعماله البطولية تثبت مقامه الرفيع. يذكر ذلك كونه يعاني من ازدراء الناس للون بشرته وأصله الغامض. تم استدعاء دزدمونة لمجلس قيادة الدولة ليقتنع والدها بأنها لم تسرق منه. اعترفت بحبها لأبيها واعترفت بولائها للمغربي الأسود لأنه أصبح زوجا لها، فيذهل الجميع بذلك، فالأعراف في ذلك العصر كانت لا تتقبل مثل هذا الزواج. فالرجل العبد الأسود حظي بزواج ابنة سيد من أسياد البندقية الذي شعر بالخزي والعار لزواج ابنته الوحيدة بعبد اسود. يبارك والد دزدمونة الزواج على مضض ويحذر عطيل من الخيانة الزوجية كون ابنته قد خانت أهلها وأبوها بقبوله كزوج: "انتبه لها يامغربي إن كان لك عينان تبصران ، أبوها خدعته ، ولربما أنت أيضا خدعتك".( )
    و كانت قد رفضت أغنى وأجمل شباب الأمة الذين طلبوا يدها في حينه. تطلب دزدمونة من القيادة العليا للدولة السماح لها بمرافقة عطيل في رحلته الحربية إلى قبرص ضد الأتراك لأن همته ستزداد ضراوة إن تمت الموافقة على مرافقتها له. توافق قيادة الدولة على طلبها الذي عززه عطيل والتمسه منهم باستعطاف فهو لا يعصي لهم أمرا. يسافرون تجاه قبرص وتفرقهم العاصفة والتي أثرت على دزدمونة بسبب افتراقهما. عاشت وقتا صعبا وهي تعاني من فقدانها لزوجها بسبب العاصفة التي كانت تعتقد بأنه قضى فيها. وحين جاء البشير بسلامته وعرفوه بزفيره وزئيره المدوي الذي تميز به، استبشرت وسعدت ، ولما التقيا غمرتهما سعادة اللقاء من فرط حبه لها وعشقه لجمالها الذي طالما تغنى به . ( )
    تنهزم الجيوش التركية وتنتصر قوات البندقية بقيادة القائد المغربي الأسود عطيل الذي كان مساعده كاسيو وأمين سره، لا يتركه لا في حله ولا في ترحاله ولم تفرقهم سوى العاصفة. احتفل الجميع ورقصت دزدمونة وغنت وذابوا فرحا بالنصر وأكلوا وشربوا هانئين. وكان ياجو حامل علم عطيل يظهر الطيبة والولاء ويبطن الحسد والحقد والضغينة لينتقم من عطيل ذاك المغربي البطل. وكان سبب حقده عليه: أولا توليه مناصب كبيرة كان يرى ياجو أنه أجدر من عطيل بتوليها كون عطيل غريباً. ثانيا لون بشرته السوداء كلون العبيد - كما يشير ياجو -. وأخيرا أنه تزوج ممن كان يحبها وتقدم لخطبتها وهي دزدمونة ابنة السنيور برابانتيو سيد القوم في دولة البندقية. يستخدم ياجو أحد التجار الأثرياء في البندقية واسمه رودريجو فيوهمه على أن دزدمونة التي تزوجها المغربي ستكون حتما من نصيب رودريجو. كان رودريجو أحد خطاب دزدمونة الذي تم رفضه من قبل والدها الذي تمنى لو كان زوجها له فيما بعد. يدفع رودريجو كل ممتلكاته من ذهب ومجوهرات لياجو ليحظى بالزواج من دزدمونة فتذهب ثرواته أدراج الرياح ويظل الوهم مخيما عليه حتى النهاية ممنياً نفسه بأن دزدمونة حتما ستكون من نصيبه. محور القصة أن ياجو ينجح بتوصيل عطيل لمرحلة حرجة يجعله فيها يشك أن زوجته تعيش قصة غرام مع كاسيو أمين سر عطيل وهو الذي كان مطلعا على قصة الحب التي عاشها البطلان دزدمونة وعطيل. يثير ياجو ذلك الشك في قلب البطل المغربي عطيل ويؤججه حتى يصل لذروته حينما يستخدم زوجته لسرقة منديل عطيل الذي أهداه لدزدمونة كرمز للحفاظ على الحب بينهما كما أخبرته أمه. تسرق إميليا ذلك المنديل وتعطيه لزوجها ياجو الذي يدسه في بيت كاسيو. وهنا يؤجج ياجو عقدة الشك لدى عطيل المغربي لتحقيق أهدافه الحاقدة للانتقام من عطيل بدافع الحسد. في غضون ذلك كان قد أثار ياجو فتنة وأشرب كاسيو خمرا وأدخله في شجار مع أحد أشراف البندقية، جرح في إثره كاسيو المخمور الرجل النبيل مما اضطر القائد عطيل لعزله من منصبه. وبسبب علاقة كاسيو بزوجة عطيل كونه كان سابقا الوسيط بينهما خلال لقاءاتهم الغرامية سرا قبل زواجهما في منزل والد دزدمونة، استنجد بها لتتوسط له بإعادته لمنصبه وظلت تحث عطيل على الإسراع بذلك. كان يشتهر كاسيو بأنه زير النساء الغواني والجواري وكانت لديه جارية سمراء تدعى بيانكا. كانت دائما ما تمكث معه فوجدت منديل دزدمونة في منزله. يستغل ياجو تقرب كاسيو من دزدمونة وبعد أن دس المنديل في بيت كاسيو حاول إيصال عطيل لقناعة تامة أن زوجته خانته مع كاسيو وهي عشيقته الأولى بدليل أنها أهدته المنديل الذي اعتبره عطيل رمزا لحبهما وحرزا, حسب اعتقاد أمه وإيمانه هو أيضا بذلك. من خلال إيماءات ياجو وإيحاءاته لعطيل بأن كاسيو ودزدمونه يختليان في غير إثم فيقول عطيل: "عارية في الفراش ،- ياجو! – ولا تقصد ضررا ؟ ذلك نفاق على الشيطان ؛ فمن كان فاضل القصد – ويفعل ذلك – فإن الشيطان يجرب فضيلته وهو يجرب الله "( ).
    يتفق عطيل وياجو على الانتقام من دزدمونة التي سيخنقها عطيل في الفراش ويترك مهمة التخلص من كاسيو لياجو. في نفس الوقت الذي يطالب رودريجو باسترداد مجوهراته من ياجو الذي أوهمه بالتزوج من دزدمونة. يقنع ياجو صديقه رودريجو بأن يمهله ليلة أخرى ليتم عقد قرانه بدزدمونة صباح اليوم التالي فيحثه على قتل كاسيو كونه يعشق دزدمونة. يقتنع رودريجو فيعقد العزم على قتل كاسيو. فيجرح ياجو كاسيو في الظلام ويتظاهر محاولا فض الاقتتال، فيقتل رودريجو ليتخلص من هاجس مطالبته بمجوهراته ويتم إسعاف كاسيو بعد أن جرح ساقه. بنفس تلك الليلة تتغنى دزدمونة وتغني فتتنبأ بموتها كما فعلت أمها قبل موتها بليلة وهي خلال نص المسرحية تبرز براعتها بالرقص والغناء وصوتها العذب الشجي. ( )
    يدخل عطيل على دزدمونة معتزما قتلها. يطلب منها الاعتراف بخيانتها إياه مع كاسيو,تصدم دزدمونة ,وتصاب بالفزع ,وتحاول جاهدة استعطافه لئلا يقتلها - في مشهد يثير الشفقة - لكن عطيل يرفض ذلك الترجي ويقوم بقتلها. يبرز شعوره وشاعريته الأليمة حين يقدم على قتلها. وأثناء ذلك، تكتشف إميليا خادمة زوجته ما حصل لسيدتها من خيانة, ويتضح لها أن سبب ذلك زوجها الذي استخدم المنديل كآخر الأدلة لتوطيد الشك في قلب عطيل الذي أوصله لتلك الجريمة وقد واجهت زوجها بذلك أمام الجميع وفضحته بأنه هو الذي طلب منها سرقة منديل دزدمونة . تقوم إيميليا بنعت عطيل بالزنجي العبد. وتحتقره على فعلته الشنيعة كون زوجته ضحت بخطابها وأبيها وبلادها وأصدقائها وتركتهم ليسميها عاهرة ذلك الزنجي ويجازيها بالقتل ؟. يقدم ياجو على طعن زوجته إميليا بعد أن فضحته فتموت إميليا بجوار سيدتها دزدمونة ويخرج ياجو محاولا النجاة بنفسه. وبعد معرفة الحقيقة يقف عطيل ليتغنى بسيفه ومجده التليد بلغة فريدة وأنه لم يقتل إلا بدافع الشرف. يتم إحضار ياجو إلى مسرح الجريمة التي كان سببا رئيسا فيها فيقوم عطيل المغربي بطعن ياجو فيجرحه. ثم يقدم اعتذاره لرفيق دربه كاسيو كونه أساء الظن به، وهذا دليل على طيبته و سذاجته.( )
    في غضون تلك الفترة كان قد صدر مرسوم في بلاط الدولة وهو الاستغناء عن خدمات عطيل بسبب انتهاء الحرب وصار من الضرورة عزله وتعيين كاسيو مكانه فلم تعد الدولة في ذلك الوقت بحاجة ماسة لخدمته بعد تحقيق النصر لها. إشارة لأنه رخيص في السلم وتكمن قيمته عند الحاجة له في الحرب. يؤمر بأن يتم إعفائه من منصبه وتقديمه للعدالة فيستميحهم عذرا بأن يتحدث لهم بما يدور في خلده وكيف أن سهام الغدر قد أصابته وحينها شعر بأنه خسر كل شيء ولم تعد الحياة مجدية. فيطلب منهم أن يحكوا قصته للغير ويتحدثوا عنه كما هو بكل حيادية دون زيادة أو نقصان. ويذكر أمجاده البطولية والمعارك التي خاضها ويبدي أساه على مصيره الذي آل إليه. ينتهي عطيل من حديثه الأخير فيطعن نفسه ثم يزحف نحو السرير الذي ترقد فيه ضحيته المسكينة زوجته البريئة الطاهرة دزدمونة. فآخر ما قاله: "قبل أن أقتلك قبلتك ...قتلت نفسي لأموت على قبلتك".( ) ويموت عطيل بسهام غدر ياجو الذي ثأر لنفسه من عطيل :وها قد أوصلته أخيرا لحتفه.
    ،،،وهكذا تنتهي المسرحية .. فيسدل الستار،،،
    المبحث الثاني:
    مــواطـــن التـــلاقــــي

    م قصــة عنتــرة مسرحيــة عطيــل - شكسبيـر
    1. حكاية عنترة في الأدب العربي (من أشهر الأعمال الأدبية) مسرحية عطيل في الأدب الانجليزي (من أشهر الأعمال الأدبية)
    2. تدور أحداث الحكاية في أجواء تمتلئ بالحروب والغارات والمعارك بين القبائل العربية تدور أحداث الحكاية في أجواء تمتلئ بالحروب والمعارك بين دولة البندقية و الأتراك
    3. كان البطل عربيا أسود من إحدى القبائل العربية في صحراء العرب كان البطل عربيا أسود من إحدى الدول المغاربية العربية
    4. القوة الجسمية والحنكة القتالية أهلتا البطل ليكون "بطل عبس وعدنان" القوة الجسمية والحنكة القتالية أهلتا البطل ليكون "بطل وقائد جيش البندقية"
    5. ظل البطل غامض النسب فترة طويلة لعدم اعتراف أبيه به ظل البطل غامض النسب من البداية حتى النهاية
    6. يعاب عليه سواده وكونه ابن أمة سوداء ينعت بالأسود الزنجي خلال الأحداث كاملة
    7. تمكن البطل من الاستحواذ على قلب حبيبته عبلة حتى لم تعد تفكر بغيره تمكن البطل من الاستحواذ على قلب حبيبته دزدمونة حتى لم تعد تفكر بغيره
    8. "عبلة" ابنة أحد الأشراف والأسياد ووجهاء قبيلة عبس "دزدمونة" ابنة أحد أشراف ووجهاء دولة البندقية
    9. كانت عبلة الأنثى الوحيدة لأبويها كانت دزدمونة الأنثى الوحيدة لأبويها
    10. عارض مالك والد عبلة وبشدة تزويج ابنته من البطل الأسود عارض والد دزدمونة وبشدة تزويج ابنته من البطل الأسود
    11. "عنترة" فارس وبطل نبع من قلب صحراء الجزيرة العربية "عطيل" فارس وبطل نبع من قلب الصحراء العربية المغاربية
    12. قصة عنترة "قصة فارس وعاشق نبيل" قصة عطيل "قصة فارس وعاشق نبيل"
    13. يستدعي ملك القبيلة "زهير" البطل عنترة ليقود معارك القبيلة ضد أعدائها يستدعي دوق البندقية البطل عطيل ليقود معارك الدولة ضد أعدائها الأتراك
    14. احتفى به الملك غير مرة: "لقد أوليتني وحق رافع السماء جميلا لا أقدر مجازاته" احتفى به الدوق قائلا: "مرحبا بالقائد العظيم الذي نستعين به عند الشدائد"
    15. يعلن الملك البطل عنترة "بطل عبس وعدنان" يعلن دوق البندقية البطل عطيل "القائد الأعلى لجيش البندقية"
    16. يقدم والد عبلة شكواه من عنترة إلى ابن ملك القبيلة يقدم والد دزدمونة شكواه من عطيل لدوق البندقية
    17. حدث الزواج بين عنترة وعبلة في غياب الأب حدث الزواج بين عطيل و دزدمونة في غياب الأب
    18. رد البطل عن كل الشكاوي بأنه يحب عبلة: "يا مولاي ما حملني على هذا إلا الهوى الذي هد مني الحيل والقوى". رد البطل عن كل الشكاوي بأنه يحب دزدمونة: "حبي لها يا سيدي بدافع الحب الذي لا سلطان عليه"
    19. كان سبب إعجاب عبلة بالبطل بسبب قوته وشجاعته وقصصه البطولية ومغامراته كان سبب إعجاب دزدمونة بالبطل بسبب قوته وشجاعته وقصصه البطولية ومغامراته
    20. يحكى عنه بأنه واجه "شارب الدماء" يحكي أنه واجه "مصاصي الدماء وآكلين لحوم البشر"
    21. ينحدر البطل من سلالة شريف في القبيلة هو"شداد بن قراد" الذي لم يعترف به ينحدر البطل من سلالة مالكة في المغرب العربي على حد قوله
    22. أعماله البطولية أثبتت مقامه الرفيع أعماله البطولية أثبتت مقامه الرفيع
    23. عاش البطل صراعا نفسيا من ازدراء الناس من لون بشرته وأصله الغامض عاش البطل صراعا نفسيا من ازدراء الناس من لون بشرته وأصله الغامض
    24. تصريح عبلة بحبها لعنترة أمام أبيها وأخيها وأمام قريناتها تصريح دزدمونة بحبها لعطيل أمام الدوق وأبيها
    25. انذهال العشيرة من حبها لعبد أسود الذي يعد مخالفا لأعراف القبيلة انذهال الناس من حبها لعبد أسود الذي يعد مخالفا للأعراف وتقاليد المجتمع
    26. معارضة العشيرة بزواج وحب من هذا النوع معارضة المجتمع بزواج وحب من هذا النوع
    27. شعر الأب بالخزي والعار من كون ابنته تحب عبدا أسود شعر الأب بالخزي والعار من كون ابنته تحب عبدا أسود
    28. قبل الأب بالزواج في النهاية على مضض قبل الأب بالزواج في النهاية على مضض
    29. رفض عبلة للخطاب من أغنى وأجمل شباب القبائل وأمرائها رفض دزدمونة للخطاب من أغنى وأجمل شباب "الأمة"
    30. أثيرت الشكوك حول عبلة من قبل أقربائها؛ لأنها لم تقبل بغير عنترة برفضها الخطاب أثيرت الشكوك حول دزدمونة من قبل أبوها؛ لأنها لم تقبل بغير عطيل برفضها الخطاب
    31. قيام شيبوب بأفعال تثير الشكوك رغم تجاهل البطل ذلك (رجوعه بنعي البطل ظنا - احتضانه لعبلة في إحدى المعارك - كان هو الذي يأتي بأخبار عبلة عندما كانت تختطف) قيام كاسيو بأفعال تثير الشكوك رغم تجاهل البطل ذلك (رجوعه بنعي البطل ظنا - احتضانه لدزدمونة بعد إحدى المعارك - كان هو الذي يأتي بأخبار دزدمونة عندما كانت في بيت أبيها خلال اللقاءات الغرامية السرية)
    32. كان عنترة يستبسل وتزيد همته البطولية بوجود عبلة أمامه كان عطيل يستبسل وتزيد همته البطولية بوجود دزدمونة برفقته
    33. حدثت العاصفة في رحلته إلى العراق ففرقت بينه وبين شيبوب وحالت دون رجوعه إلى عبلة حدثت العاصفة في رحلته إلى قبرص ففرقت بينه وبين كاسيو وحالت دون لقائه بدزدمونة
    34. ظنت عبلة بأن عنترة قد مات في العاصفة ظنت دزدمونة بأن عطيل قد مات في العاصفة
    35. عودة عنترة بعد العاصفة سالما غانما بالنوق العصافير عودة عطيل بعد العاصفة سالما غانما بعد انتصاره بالحرب
    36. كان يعرف البطل بصوته كزئير الأسد كان يعرف البطل بصوته كزئير الأسد
    37. استبشرت عبلة بعودة البطل وسعدت بلقائه استبشرت دزدمونة بعودة البطل وسعدت بلقائه
    38. اشتهر عنترة أنه كان يتغنى بعبلة في أشعاره حبا وجمالا ظهر عطيل وهو يتغنى بدزدمونة خلال المسرحية
    39. يعاني عنترة من عقدة الدونية مما دفعه للبحث عن ذاته يعاني عطيل من عقدة الدونية مما دفعه للبحث عن ذاته
    40. كان البطل يحقق الانتصارات ويهزم الأعداء لا سيما في معارك "داحس والغبراء" كان البطل يحقق الانتصارات ويهزم الأعداء لا سيما في حربه مع الاتراك في قبرص
    41. لم تشير الرواية أن عنترة هُزم يوما في مواجهة ما لم تشير المسرحية أن عطيل هُزم يوما في مواجهة ما
    42. "شيبوب" صديق البطل الحميم الثقة الذي يرافقه في المهمات ولم تفرقهم إلا العاصفة "كاسيو" صديق البطل الحميم الثقة الذي يرافقه في المهمات ولم تفرقهم إلا العاصفة
    43. نجا عنترة من الموت أكثر من مرة نجا عطيل من الموت أكثر من مرة
    44. احتفال الجميع بعودة البطل منتصرا ورقصت عبلة كما اشتهرت بغنائها أكثر من مرة احتفال الجميع بعودة البطل منتصرا ورقصت دزدمونة كما اشتهرت بغنائها وصوتها الشجي
    45. ظهر للبطل في كل الأحداث أعداء ألداء حاقدون متعددون ظهر للبطل في كل الأحداث أعداء ألداء حاقدون وحاسدون
    46. سبب الحقد على البطل: بطولته في عبس وعدنان - بشرته السوداء - حبه لعبلة سبب الحقد على البطل: بطولاته ولون بشرته السوداء وحبه لدزدمونة
    47. استغلال زوجة مالك لعمارة الثري في القبيلة وأوهمته بأحقيته بعبلة وأنها حتما من نصيبه استغلال ياجو لرودريجو الثري وأوهمه بأحقيته بدزدمونة وأنها حتما من نصيبه
    48. تقديم عمارة أمواله لوالد عبلةليحظى بالزواج الموعود تقديم رودريجو أمواله لياجو ليحظى بالزواج الموعود
    49. ذهاب ثروة عمارة أدراج الرياح، ووصوله إلى ذلة الأسر والهوان وعاش واهما حتى النهاية أن عبلة من نصيبه ذهاب ثروة رودريجو أدراج الرياح، وعاش متخفيا متنكرا ووالوهم يخيم عليه حتى النهاية أن دزدمونة من نصيبه
    50. اطلاع شيبوب على قصة الحب بين البطلين منذ البداية حتى النهاية كونه أمين سره بهذا الشأن اطلاع كاسيو على قصة الحب بين البطلين منذ البداية حتى النهاية كونه أمين سره بهذا الشأن
    51. منزل والد عبلة كان مكان اللقاءات الغرامية السرية للبطلين منزل والد دزدمونة كان مكان اللقاءات الغرامية للبطلين
    52. وجود تاج كسرى وعقد الجوهر كرمز للحب يقدمه عنتر لعبلة يوم زواجه بها وجود المنديل كرمز للحب يقدمه عطيل لدزدمونة يوم زواجه بها
    53. تاج كسرى هدية من كسرى، والعقد قدم من الملك زهير المنديل قدم للبطل كهدية من أمه
    54. اشتهر شيبوب بأنه زير نساء .. وأنه صعلوك اشتهر كاسيو بأنه زير نساء .. وأنه صعلوك
    55. كان والد عبلة يقنع عمارة بأن موعد عقد قرانه سيكون قريبا كان ياجو يقنع رودريجو بأن موعد عقد قرانه سيكون قريبا
    56. حث والد عبلة أحد خطاب ابنته بأن يكون رأس عنترة مهرا لها، كما كان والد عبلة يحرض عمارة على التخلص من عنترة لأنه عاشق عبلة حث ياجو رودريجو أحد خطاب دزدمونة بأن يكون رأس كاسيو مهرا لها، كما كان يحرضه على التخلص من كاسيو لأنه عاشق دزدمونة
    57. اشتهر عنترة بتغنيه بسيفه ومجده التليد وبطولاته في المعارك ظهر عطيل يتغنى بسيفه ومجده التليد وبطولاته في المعارك
    58. اشتهر عنترة بأخلاقه الحربية في التعامل مع أعدائه اشتهر عطيل بأخلاقه الحربية في التعامل مع أعدائه
    59. من شدة تفكير عنترة بحبيبته كان لا يشعر بمن حوله من شدة تفكير عطيل بحبيبته كان لا يشعر بمن حوله
    60. لم تكن البطلة سمراء بل كانت ذات سحنة بيضاء لم تكن البطلة سمراء بل كانت ذات سحنة بيضاء
    61. يلاحظ سذاجة عنترة بقبوله بشرط عمه المجحف، وعدم معرفته بأن ذلك يعرضه للهلاك يلاحظ سذاجة عطيل بتصديقه لياجو، وعدم تثبته من حقيقة الأمر الذي أودى به في النهاية إلى حتفه
    62. استغناء الملك عن عنترة وأمره بالخروج من القبيلة درءا للفتنة استغناء الدولة عن عطيل وتم توجيه خطاب رسمي له بالتنحي عن القيادة وتسليمها لكاسيو
    63. كان ينظر زعماء القبيلة إلى البطل على أنه الرجل الذي يكون غاليا في الحرب رخيصا في السلم كان ينظر البطل لنفسه أنه الرجل الذي يكون غاليا في الحرب رخيصا في السلم
    64. القرب المكاني عند عنترة سبب نشوء القصة العاطفية القرب المكاني عند عطيل سبب نشوء القصة العاطفية
    65. عمارة خطيب عبلة كان رجلا غبيا رودريجو خطيب دزدمونة كان رجلا ساذجا
    66. شككت خالة البطلة بعفة عبلة شكك ياجو بعفة وشرف دزدمونة
    67. كان يتم تهميش البطل من قبل القبيلة بعد كل انتصار تم تهميش البطل من قبل الدولة بعد آخر انتصار
    68. موت عنترة كان عن طريق الغدر موت عطيل كان عن طريق الغدر
    69. شعر عنترة بالألم واليأس بعدما عرف أن السهم الذي أصابه جاء من غادر خائن في الليل شعر عطيل بالألم واليأس بعدما عرف أن سهم الغدر الذي أصابه جاء من حامل علمه ياجو الذي يثق به
    70. تم إحضار صاحب السهم الغادر إلى الخيمة ليلا تم إحضارالغادر ياجو إلى الخيمة ليلا
    71. الفخار والمفاخرة بمنجزاته أخذت حيزا هاما في أشعاره في أصل الرواية العربية الفخار والمفاخرة بمنجزاته أخذت حيزا هاما في حديثه عن نفسه خلال أحداث المسرحية
    72. غرس البطل رمحه في الأرض ثم مات متكئاً عليه قتل البطل نفسه بخنجره الذي غرسه في خاصرته بيده
    73. لم ينجب البطل أبناء من زوجه عبلة لم ينجب البطلان أي أبناء على الإطلاق
    74. نهاية الرواية العربية لقصة عنترة بموته المأساوي التراجيدي الحزين نهاية المسرحية الانجليزية لحكاية عطيل بموته المأساوي التراجيدي الحزين




    المبحث الثالث:
    بنـــاء الشخصيــات والحــدث
    أ‌) بنـــاء الشخصيـــات:
    1- شخصية البطلين (عنترة و عطيل):
    يلاحظ أن تكوين شخصية عطيل جاءت متناسقة ومتناسبة مع ما ورد في تكوين شخصية عنترة في سيرته وذلك من اتجاهين:
    • السمات المظهرية:
    بالنظر لسمات الشخصية المظهرية يظهر لنا أن كلا الشخصيتين عربية وكلاهما ذو سحنة سوداء ويمتازان بالضخامة الجسدية والقوة والشجاعة والفروسية.
    • السمات الانفعالية:
    كلا البطلين يتميزان بسمات مشتركة منها النبل ودماثة الخلق والميل إلى المرأة بشكل أحادي إلى درجة العشق والهيام ويتميزان أيضا بسرعة الانفعال وقابلية رد الفعل. حتى الأعراض المرضية ومنها عدم القدرة على تحمل الصدمات النفسية القوية فيما يتعلق بالمحبوبة، كما كان يحدث لعطيل عندما دخل في غيبوبة وتشنجات عصبية حينما بث ياجو فيه عقدة الشك بزوجته وصور له أنها تخونه مع كاسيو. وهو نفس ما حصل لعنترة عندما دخل في تفكير عميق وذهول وسرحان حين فوجئ باختطاف عمارة لمحبوبته عبلة بعد رجوعه من العراق أو حين أخذه اليأس وغادر إلى مكة بعد أن وضعت عبلة تحت حماية الملك. ونلاحظ أنهما يشتركان في عقدة الدونية المستحكمة في الشخصيتين بسبب لون بشرتيهما. تتجلى سمات السذاجة والضعف تجاه ما يتعلق بالمحبوبة, كما يتجلى ذلك في تصديق عطيل للوشايات دون تمحيص، في المقابل نرى عنترة يتقبل شرط عمه المجحف دون أدنى مراجعة ويذهب في تعريض نفسه للهلاك بسبب ذلك.
    2- الحبكة و البطلين:
    تدور الحكايتان حول بطلين فارسين تشكل المرأة وعلاقتهما بها محور بناء الحبكة. فالأول عطيل محب وعاشق واستطاع أن يتملك دزدمونة بالزواج بها رغم العوائق المتعددة وعلى رأسها رفض أبيها لهذا الزواج وكثرة الخطاب المنافسين. وهي لدى عنترة أيضا حين تمكن من الحصول على عبلة والزواج بها على الرغم من رفض أبيها له وتعدد خطابها المنافسين له. مع الفارق الزمني، تبدأ الحبكة في عطيل بتحقق الهدف وهو الحصول على المحبوبة، فيما تتأخر لدى عنترة إلى قرب نهاية الحبكة. يظل البطلان يصارعان الحاقدين والحاسدين عليهما حتى آخر مشهد في الحكايتين.


    • نهاية حياة البطلين:
    كانت بعد انتقال الحكايتين من مستوى الأحداث العاطفية إلى التراجيديا. حيث انتهى البطلان نهايتين مأساويتين. "Othello" بإغماده خنجره في خاصرته وعنترة باتكائه على رمحه ليموت مستندا عليه. وهذه النتيجة وصلا إليها بسبب شعورهما المشترك بخساسة الغدر التي تغلبت عليهما في آخر المطاف، فعطيل وقع ضحية الغدار ياجو وعنترة وقع ضحية الغدار وزر. مع الفارق أن عطيل ارتكب حماقة بقتل زوجته قبل أن ينهي حياته. فيما كانت ميتة عنترة بتلك الصورة إنما هي لإنقاذ عبلة من الاختطاف لتتمكن من العودة إلى ديارها. ومهما كانت الأسباب فكلا البطلين انتهيا محبين مخلصين ومحتفظين بحبهما. وأبرزا عواطف جياشة في نهاية لحظات حياتهما. فقبل أن يقتل عطيل نفسه قال:"قبل أن أقتلك قبلتك - وما من سبيل آخر – قتلت نفسي لأموت على قبلتك" ( )،كما أن عنترة عندما شعر بالموت يسري في جسده قال لعبلة :"واعلمي يا حبيبة القلب إنهم بعدي ما يبقون، كذلك بنو عبس لا يقدرون أن يحموك، ولا يرعون لك جانب، ولا يردون لك طالب، ولا بد لك من قريب يحميك ومن الأعداء يقيك، فهذه موتتي التي كتبت علي، فيا ترى كيف تكون موتتك"( )
    3- السمات الشخصية للبطلتين دزدمونة وعبلة:
    كلتا البطلتين امتلكتا سمات الإخلاص في الحب وعانتا من الضغوط الأسرية والاجتماعية بسبب أصل شريكيهما ولونهما. ناهيك عن وجود الحساد لعشيقيهما. وكان أبواهما من سادة وأشراف القوم في البندقية وفي قبيلة عبس. اعترفن بحبهن أمام الملأ وقاومن ضغوط أبويهن وتحدين كل العوائق والموانع الاجتماعية التي كانت تصدهما عن زواجهما بهذين العبدين اللذين اختارتاهما وصمدن أمام الإغراءات المادية من قبل الخطاب والراغبين بالزواج بهما من سادة القوم وأشرافهم وأثريائهم، فنرى دزدمونة تواجه أباها أمام الجميع بحبها لعطيل المغربي الأسود كما رفضت أحد أثرياء البندقية وتجارها وهو رودريجو الذي ظل يلاحقها دون يأس حتى لقي حتفه في النهاية، ومثلها عبلة التي واجهت أباها في العلن بحبها لعنترة العبد الأسود كما رفضت كثيرا من الخطاب الأثرياء وعلى رأسهم عمارة أحد أثرياء القبيلة والذي ظل يلاحقها حتى لقي حتفه في النهاية. البطلتان وحيدتا أبويهما فلم يكن لهن أخوات.
    ظهرت الموهبة الفنية عند كلتا البطلتين كالغناء والرقص في إحياء الحفلات ومواقف التكريم لبطليهما والاحتفاء بانتصاراتهما، كما امتازتا بسمات الجمال الذي جذب الخطاب نحوهما علاوة على كونهما من ذوات السحنة البيضاء.
    4- بناء الشخصيات الثانوية:
    تتقابل سمات الشخصيات الثانوية في الحكايتين ابتداء من الأبوين (برابانسيو والد دزدمونة ومالك والد عبلة)، فكلاهما يتميزان بسمات الاستعلاء واحتقار الآخر، والتمسك بأعراف المجتمع والقبيلة وتقاليدهما بشكل مبالغ فيه ، وكلاهما لم يكونا قادرين على تقبل أو تحمل نتائج ارتباط العبدين الأسودين بابنتيهما، فثار "برابانسيو" على خبر ارتباط ابنته بعطيل، وذهب لاشتكائه إلى دوق البندقية. وثار "مالك" والد عبلة على عنترة عندما علم علاقته بابنته وذهب لاشتكائه لسيده "شداد" ثم للأمير شاس، وفي الوقت الذي حاول فيه "بربانسيو" مع رجاله مواجهة عطيل وقتله فور سماعه بارتباطه بابنته، نجد مالك يحاول بكل الوسائل القضاء على عنترة حتى وصل إلى أن يجعل رأس عنترة مهرا لأحد خطاب عبلة. كما أن شخصية "ياجو" في مسرحية عطيل تكثفت فيها كل أنواع الشرور، فهي شخصية حاقدة وحاسدة مارست الابتزاز وأظهرت نهمها على المال، عن طريق استغلال رودريجو وإيهامه بأن دزدمونة ستكون من نصيبه، وسيعمل على تطليقها من عطيل. وباتجاه آخر يثير الصراع بين الملازم "كاسيو" وأحد أفراد قيادته. وبين كاسيو ورودريجو أيضا ليقتتلا ثم يقوم ياجو فيجرح كاسيو في رجله في الظلام ويقتل رودريجو بيده، محملا كاسيو جريمة القتل. كما أنه قام بقتل زوجته بعد أن فضحته بأنه سبب الفتنة بين عطيل وزوجته. وهو من دفع عطيل لقتل زوجته دزدمونة. فهو محور الشر في الحكاية ككل. ويقابل هذه الشخصية الشريرة المدمجة في الحكاية العربية جملة من الشخصيات أخذ كل منها جزء من دور ياجو، ومنها شخصية مالك أبو عبلة وزوجه سمية اللذان استغلا "عمارة" الراغب في الزواج بعبلة وعللاه بالحصول عليها وتزويجه منها دون عنترة, وهو جزء مما كان يقوم به ياجو مع رودريجو ، كما أن مالك مثل جزءا آخر من سمات ياجو وهي سمة الخبث والغدر والمكر فهو لم يأل جهدا في نسج الدسائس للقضاء على البطل، واشترك "وزر" و"ياجو" في قيادة البطلين إلى الانتحار بالمكر والغدر، فوزر وجه سهمه الغدار في الليل نحو عنترة مما كان سببا في قتله، وياجو حاك المؤامرات السرية الغدارة لعطيل مما جعله يقتل زوجته ومن ثم قتل نفسه.
    • كاسيو - شيبوب:
    اشتهرا بأنهما كاتما سر البطلين، ورفيقاهما الشخصيان، كما اشتهرا بعبثهما وميلهما للنساء، وكانا على إطلاع باللقاءات الغرامية للبطلين مع محبوبتيهما. ورفيقا البطلين المخلصان لهما اللذان لا يفارقانهما في حلهما أو ترحالهما، وكان الاعتماد في المهمات والملمات عليهما.
    ب‌) بنــاء الحــدث:
    تختلف أحداث الحكايتين من ناحية العرض في الحبكة. إذ نجد بداية الحكاية في عنترة تبدأ بمولده وكيف نشأ طفلاً وترعرع راعياً للإبل وخادماً في منزل سيده (أبوه) كعبدٍ ابن أمة، مهمشاً في مجتمعه تنحصر خدماته داخل محيط المنزل. كما تبدأ حكاية عطيل باختطافه لحبيبته من أول مشهد في المسرحية. وهنا نرى المفارقة الواضحة وعدم التلاقي في الحدث كون عطيل تزوج ممن أحبها في بداية الحكاية، بينما كان زواج عنترة بعشيقته عبلة قرب الجزء الأخير من الحكاية وبعد معاناة طالت كثيراً.
    بيد أن الحكايتين تلتقيان في أنهما تحكيان قصة عشق وفروسية وشعر. تتمحور قصة العشق الأولى عند عنترة حول حب يحول المجتمع دون نجاحه بسبب الأعراف القبلية. وتدور قصة العشق الثانية عند عطيل باتجاه التفريق بين المحبين بعد أن التأم شملهما في بداية الحكاية. أخذت المكائد والدسائس الهادفة للتفريق بين الحبيبين مدى استحوذ على بنية الحكايتين منذ بدء نشوء علاقة الحب وظهورها. ومن وجهة نظر أخرى نلحظ اشتراك الحكايتين في صناعة البطل كفارس استلب المكانة المرموقة في محيطه واكتسب ثقة من حوله وبالذات أكابر البلد والقبيلة واتحد البطلان في أن بلغا في الحكايتين مكانة مركز القيادة وخاضا معارك بطولية تحقق بها النصر لبلديهما. تشكلت فروسية البطلين في الحكايتين تحت ضغط عقدة الدونية والشعور بالنقص المنبعثة من سواد بشرتيهما فانطلقا يعوضان ذلك النقص بإثبات الذات من خلال الفروسية والشجاعة والإقدام بحثا عن مكان ومكانة في المجتمع وقد تحقق لهما ذاك. فحكاية عطيل العاطفية عند شكسبير تحولت إلى عقدة أخرى تتمحور حول عقدة الشك التي بدورها تحولت إلى مستوى آخر من الحكاية لتنتهي بتراجيديا. غير أننا في حكاية عنترة نجد بداية عاطفية رومانسية وحبا عذريا ثم تشكلت باتجاه تجاوز البطل لعقدة الدونية بإثبات ذاته فارسا ومنافحا عن القبيلة ليتمكن من الحصول على مباركة القبيلة على إتمام هذه الحكاية العاطفية إلى أن وصل إلى مبتغاه وحينها تشكل الحدث باتجاه المأساة الأخيرة لهذا البطل والمتولدة بدافع الغدر وحب الانتقام لتنهي بذلك حياة البطل بتلك الطريقة المأساوية التراجيدية. من هنا نستطيع أن نقول إن الحكايتين على علاقة ببعضهما سواء أكان في بناء الشخصيات أم على مستوى بناء الحدث ككل وبلوغ ذروة الحدث بتلك النهاية المأساوية الأليمة للبطلين. ولا يقلل من هذا التشابه الواضح ما نجده من فوارق في بناء الحبكة وبالذات فيما يتعلق بالتركيز على عقدة الشك عند شكسبير لدى عطيل أو عقدة إثبات الذات لدى عنترة مع مراعاة أن عقدة إثبات الذات هي هي عند عطيل وإن قل التركيز عليها في المحكية. وعقدة الشك عند عنترة هي هي وإن قل التركيز عليها في الرواية، سيما وقد تناوب على عبلة الخاطفون وتكرر استردادها منهم. فالجامع بينهما وجود العقدتين وهو ما يؤيد مذهبنا في تشابه الحكايتين.

    المبحث الرابع:
    الدليـــل المــــادي والتــاريخــي:

    كل تلك التشابهات والتطابقات بين الحكايتين في الحبكة والحدث أو في بناء الشخصيات لا تكفي على الرغم من أهميتها وفاعليتها، وعلينا أن نسلك طريق المنهج المقارن لنسير مع المقارنين في طريق إثبات الأصل الواحد في الحكايتين، بحثا عن الدليل المادي التاريخي الذي يثبت تأثر شكسبير بعنترة وأخذه شخصية عطيل عنه.
    1. عصر شكسبير المنفتح على الثقافات: "كان عصر شكسبير عصر التفتح العلمي والفني الذي تأسس على نقل العلوم والآداب والفنون العربية من الأندلس إلى غرب أوروبا"( ). ونقل العلوم والآداب والفنون الإغريقية من القسطنطينية. وكما تأسس على هجرة علماء بيزنطة إلى غرب أوروبا، بضغط العثمانيين وانتصاراتهم في آسيا الصغرى وأوروبا الشرقية وسقوط القسطنطينية سنة 1453م. وانتقلت الكتب العربية شمالا بعد سقوط قرطبة في أيدي الأسبان عام 1236م والتي كانت أكبر مدينة في أوروبا وبها مكتبة تحوي 400 ألف عنوان مخطوط، ثم سقوط غرناطة آخر معاقل العرب في الأندلس عام 1492م، وكانت بها مكتبة بذات الحجم( ). وهذا الانفتاح الثقافي كان له أكبر الأثر على ثقافة شكسبير واتساع مساحتها والتي برزت ابتداء من نظرته العالمية التي ظهرت في عنوان مسرحه الذي سماه المسرح العالمي أو الدنيا (Globe). وبرزت أيضا في جغرافية مسرحياته المنتشرة على المساحات الأوروبية والعربية واسكتلندا والدنمرك واليونان وقبرص وفينسيا وصقلية في إيطاليا وكذا في مدن الشرق العربي مصر وصور والإسكندرية والقدس وحلب وتونس وغيرها من البلدان العربية التي وصلت إلى (23) مسرحية، في مقابل (14) مسرحية دارت أحداثها في إنجلترا( ).
    2. شخصية شكسبير و علاقته بالثقافة العربية:
    فإذا مضينا إلى الدائرة العربية لمحاولة الوصول إلى الخريطة الفكرية عند شكسبير والمتعلقة بالعرب والثقافة العربية فإن الصورة تبدو لنا أكثر وضوحا. فالمساحة التي تحرك فيها شكسبير في إطار علاقته بالثقافة العربية لا يمكن أن تخفى على أي دارس أو متأمل في نتاج شكسبير المسرحي. ولعل الكثير مما ورد في مسرحياته مما له علاقة بالعرب, أو مستمد من مصادر عربية من مثل ذكره أسماء المدن والشخصيات العربية, ودوران أحداث مسرحياته في بعض المدن العربية يؤكد ما ذهبنا إليه من أن خريطة الثقافة العربية كانت واضحة بين يديه. وببعض التفصيل نلاحظ على مستوى المدن أنه أورد أسماء مدن عربية كحلب في سوريا, والقدس في فلسطين, وصور في لبنان, والإسكندرية في مصر, ومراكش في المغرب العربي, وقرطاج في تونس( ). كما وردت حكايات في مسرحياته أو أحداث ذات أصول عربية قديمة مثل ما ورد في مسرحيته مكبث حول ذكر زحف غابة برنام والتي تذكرنا بزرقاء اليمامة في التراث العربي, فقد ذكر الدكتور أحمد أسحم أن شكسبير استعارها من صورة الأشجار في حكاية زرقاء اليمامة المشهورة( )، و كذا ما ورد في مسرحيته تاجر البندقية في فكرة اقتطاع رطل اللحم فهي مستمدة من أقاصيص ترجمت عن الفارسية و العربية إلى اللاتينية( ): وتبرز مسرحيته أنطونيو وكليوباترا نموذجا صارخا على هذا الاقتراب الشديد لشكسبير من البيئة والثقافة العربية. لنستمع إلى خليل مطران في مقدمة ترجمته لمسرحيات شكسبير التراجيديات (المآسي) يقول( ): ((إن في نفس شكسبير شيئاً عربيا بلا منازعة وهو أبين فيها مما بان في نفس فيكتور هوجو. أقرأ لغتنا أم نقلت إليه عنها بعض المترجمات الصحيحة؟ لا أعلم)). وإذا كان مطران لا يعلم فإن أ. ل. رانيلا يكاد يعلم حيث قال: ((إن فكرة المصادر الثلاثة للثقافة الغربية التي يعد الجانب العربي مصدرا منها ربما لا تكون جديدة على الباحثين الأكاديميين .. إننا قد اعترفنا بالأرض المشتركة بيننا وبين العرب فثقافة العصور الوسطى كانت في الحقيقة إغريقية – لاتينية – عربية))( ). وتأتي إفادة د. أسحم مؤكدة لما سبق حيث قال( ): ((أضف إلى ذلك هذا الذوق العربي الذي تتميز به بعض مسرحياته)) يقصد شكسبير. ومثلهم د.كمال أبو ديب حين قال: "شكسبير مدين للإبداع العربي بما هو أكثر بكثير من شخصية عطيل"( )، ويعني أبو ديب بما هو أكثر بكثير من شخصية عطيل السونيتات التي ألفها شكسبير التي تدين بفضل أكبر للموشح العربي. وحتى ما ورد في مسرحيته عطيل حين ظل يتأمل لأقدام ياجو فإنه من الممكن إعادة ذلك إلى الحكايات الشعبية الأسطورية الشائعة في الفلكلور العربي من أنه مهما حاول الشيطان التمثل في صورة إنسان فإن قدميه تظلان على حالهما( ):
    I look down towards his feet; but that's a fable.
    If that thou be'st a devil, I cannot kill thee

    وفي مسرحيته ماكبث أشاد شكسبير بالعطر العربي كما ورد على لسان ليدي ماكبث:
    All the perfumes of Arabia will not sweeten this little hand
    (Macbeth v. I. 48-49)

    "هنا ما زالت رائحة الدم: عطور بلاد العرب كلها لن تطيب هذه اليد الصغيرة. آه! آه! آه!"( )
    يقول الدكتور شرما معلقاً على هذا النص( ):"إن ما جاء على لسان الليدي مكبث تعبيرا واضحا ودليلا قاطعا على أن شكسبير يدرك تماما رواج العطور العربية التي يضرب بها المثل"، ناهيك عن حكاية "الصناديق الثلاثة" والأمير المغربي الذي جاء لخطبة الحسناء بورشيا، التي وردت في مسرحية "تاجر البندقية",والعفريت (Ariel) الذي وجده (Prespero) محبوسا في جوف الشجرة ,فقام بتخليصه مقابل استخدامه, كما ورد في مسرحية"العاصفة"(tempest)، ففيهما أثر من "ألف ليلة وليلة" في حكايات السندباد البحري, وحكاية معروف الإسكافي,وحكاية نور الدين وشمس الدين أخوه.( )
    وبتحليل بعض النصوص الواردة في مسرحية "عطيل" يتضح لنا كم إنها تعكس عرفانا تاما بالشخصية العربية حين كشفت لنا عن عنصر الغيرة المفرطة التي يتسم بها أهل البوادي العربية,كذلك الذي ورد على لسان عطيل في رده على عمه السنيور حين جاءه رافعا سيفه فقال له: "يا سنيوري الكريم إن شيخوختك لأشد طاعة من سلاحك( )":
    Good signior, you shall more command with years
    Than with your weapons.

    بما فيها من إبانة عن النبل والشهامة العربية. ثم تلك السمات العربية التي وصف بها عطيل في اعتداده ببداوته وحريته والتي تعبر عن سمات الشخصية العربية والتي أفصح شكسبير عن معرفته بها حين تحدث على لسان عطيل: "لولا حبي لدزدمونة لما رضيت بكنوز البحار بدلا من حريتي وبداوتي( ):

    But that I love the gentle Desdemona,
    I would not my unhoused free condition

    وفي النص ذاته من جانب آخر كشف لسمة أخرى من سمات الإخلاص في الحب و التضحية من أجله, والتي تميز بها عشاق العرب منذ العصر الجاهلي. ولنتأمل معا هذا النص الذي يتحدث به شكسبير على لسان بطله المغربي قائلا عن نفسه: "تحدثوا عن رجل غلب الأسى عينيه على أنهما لم يكن من شيمتهما البكاء فذرفتا من الدموع أغزر ما تنضحه أشجار جزيرة العرب من صمغها الشافي"( ):

    Speak of me as I am / ………; of one whose subdued eyes,
    Albeit unsed to the melting mood,
    Drops tears as fast as the Arabian trees
    Their medicinable gum.

    فمن أين أتى شكسبير بهذه المعلومة التي لا غبار عليها وهي أن العربي عزيز الدمع ومتجلد صبور؟ سمات شخصية عربية يستحيل الجزم بها دون معرفة وطيدة بالتحليل النفسي للشخصية العربية وبسلوكيات الإنسان العربي.كما أن النص من وجهة أخرى يشف عن اطلاع شكسبير بالاستخدام الطبي لمادة الصمغ العربي المستخرج من أشجار جزيرة العرب. ونلاحظ أيضا إيمان البطل بالتعويذة (المنديل) الذي أعطاه لزوجته، فإذا ضاع، ضاع حبه، فهو هدية من عرافة مصرية عمل وخيط بطريقة سحرية. يحكي الناقد روبنسون عن هذا المعتقد الشرقي قائلا:( )"حينما واجه عطيل دزدمونا لفقدانها المنديل، واصفا ذلك المنديل بأنه ليس عاديا بل سحري ومصنوع بمهارة فائقة وبتعويذات مقدسة قرأت على نسج خيوطه، وقد كان مطرزا بتمائم ثمينة أغلى من الجواهر، تسلب قلوب العذارى، كون ذلك المنديل محاك من قبل عرافة تمتلك قدرات التنجيم وقراءة المستقبل. وفي تلك اللحظة، من الممكن أن يكون عطيل قد بالغ بإقحام نفسه في رواية غريبة الأطوار كانت جزءا من ماضيه، ناتجا عن معتقداته من المشهد السائد للثقافة المصرية التي غلب عليها طابع السحر والشعوذة". ومثلها حين قال( ): (نائمة في السرير مع صديقها ومن غير أي قصدٍ أثيم.. هذه مراءاة للشيطان. لا ينوون الشر يا ياجو، لا ينوون! ولكن عندما يخلون يغويهم الشيطان ثالثهما).
    Naked in bed, Iago, and not mean harm?
    It is hypocrisy against the devil
    They that mean virtuously, and yet do so,
    The devil their virtue tempts, and they tempt heaven.
    فهي من الحديث الشريف( ): (لا يخلونَّ أحدكم بامرأة، فإن الشيطان ثالثهما).وهو بكل هذا يجسد الشخصية العربية وبيئتها وثقافتها معبرا عن وعي تام وخلفية مدركة لما يريد.
    3. مصادر مسرحية عطيل:
    يجمع النقاد والأدباء على أن لكل أعمال شكسبير مصادر كان منها ينتج أعماله الدرامية( )، فأصل مسرحية عطيل المغربي الأسود، على حد قول النقاد ومن وجهة نظرهم، أنها رواية اسمها "قصة دزدمونة من البندقية والقائد المغربي". وهي القصة السابعة من مجموعة قصص عشر كتبها "جيرالدي سينثيو" المؤلف الايطالي الشهير (1504م – 1573م) وقد نشرت في البندقية بإيطاليا عام 1566م، ولكن لا يوجد دليل قاطع أنها ترجمت للانجليزية في القرن السادس عشر في بريطانيا مع مراعاة أن العمل كان معروفا في حينه ببريطانيا. وسرعان ما نشرت وطبعت وترجمت للفرنسية سنة 1584م. ولكن لا يوجد ما يجزم بقراءة شكسبير للرواية الأصلية الايطالية أو حتى ترجمتها بالفرنسية( )، كما ورد في مقدمة مسرحيته.
    ومهما كان في صحة ما أورده النقاد عن أخذ شكسبير لموضوع مسرحيته عطيل من هذا المصدر الايطالي فإنه من البديهي أن عيون شكسبير كانت تتلوى ليس فقط عند المغربي الأسود بل انساحت في الصحراء العربية لدى مغبون آخر وفارس في نفس الوقت ومحب بنفس لون عطيل وجنسه أيضا هو عنترة. يتأيد هذا الوارد بامتزاج شخصيتي البطلين العربيين الأسودين: عطيل وعنترة في النسج الشكسبيري. وفي أحداث السردية الشكسبيرية التي تجاوزت الأصل الإيطالي كما نتصورها لتذهب بعيدا إلى ديار عنترة هناك حيث نسجت ضربا آخر من الحبكة العربية على الطريقة الشكسبيرية وهو ما بدا واضحا في تلك العناصر المتشابهة والتي تجاوزت الــ70 عنصرا بين الحكايتين. علاوة على التماهي بين شكسبير الشاعر وعنترة الشاعر اللذين يمثلان قامتين شعريتين في عصريهما.
    ويشدنا (ترنر) بحديثه حول أصالة أعمال شكسبير فيقول( ):"لم يحاول شكسبير البتة خلق حبكات قصصية أصيلة، فكل ما قام به من اقتباسات أخذت حيزا كبيرا بتضمينه للقصص التاريخية التي أنتجها من الواقع الجغرافي الإنجليزي للبريطانيين والإيطاليين والرومان. هذا ما فعله في واقع الأمر، كما نلاحظ أيضا أنه غيب الكثير من الأحداث والشخوص الأصلية في تلك القصص باعتبارها من وجهة نظره الشخصية لن تضيف للقارئ والمشاهد المتعة الحقيقية, فنراه يضيف الحبكات ويمحورها ويحورها بطريقته الخاصة, ليبرز لنا الأثر الكبير والمؤثر الفعلي لحبكته المنقحة. ففي بعض الحالات, نراه يمزج بين العناصر المختلفة لقصتين مختلفتين تماما بهدف إيصالنا نحن القراء لعمل أحادي الشكل والمضمون. وحينما نتمعن بالنظر لمصادر شكسبير الوفيرة يتوجب علينا أن لا نتعامل مع تلك المصادر كمجرد فلاشات مستعارة أو ومضات تصويرية اعتمد عليها شكسبير حين استقى أفكارها لأعماله المختلفة, ولكن الواقع هو أنه مدين للكثير من المؤلفين والكتاب ممن سبقوه. وحينما يحصل على قصة مناسبة لعصره وقريبة من هواه, يستغل تلك الفرصة استغلالا جيدا, فيصنع من الصورة الجامدة اللامتحركة صورة وضاءة من خلال تحسيناته بالألوان الخاصة به, هذا ما يجعل أعماله تسلبنا عقولنا وتأسر أفئدتنا ببراعة وإبداع لا يضاهى".
    ولسنا بحاجة إلى التعليق على ما أورده البروفيسور" ترنر", فكلامه جد صريح للدلالة على ما نحن بصدده من أن شكسبير قد يمزج بين مصدرين لينتج عملا إبداعيا واحدا ,وهو ما استهدفنا الوصول إليه في هذا البحث من أن مصدر مسرحية عطيل قد استُقي من قصة (الكابتن المغربي ودزدمونة من البندقية) بتلازم مع (حكاية عنترة بن شداد ) كما جاءت في الرواية العربية.
    4. المستوى اللغوي للبطلين: عرض شكسبير شخصية عطيل بأنها الأبرز من بين شخصيات أبطاله التي تميزت بمستوى عال من الأداء الشعري حسب ما ذكره كثير من النقاد. وهو ما يوازي شخصية عنترة الذي يتميز تحديدا بسمو شاعريته و كونه أحد شعراء المعلقات.ومن هؤلاء النقاد الفريد فرج الذي ذكر (أن تراجيديات شكسبير رومنتيكية.... وتروى بأشعار عالية البلاغة)( )، ومثله البروفسور برادلي الذي أكد أن استعمال عطيل (Othello) للغة يختلف في مستواه عن بقية شخصيات المسرحية، كما أنـه يـراه (Is the greatest poet) أي الشاعر الأعظم بين أبطال مسرحياته ( ).
    لنتأمل هذا النص( ):
    It is the cause, it is the cause, my soul.
    Let me not name it to you, you chaste stars.
    It is the cause. Yet I'll not shed her blood,
    Nor scar that whiter skin of hers than snow,
    And smooth as monumental alabaster.
    Yet she must die, else she'll betray more men.
    Put out the light, and then put out the light.
    If I quench thee, thou flaming minister,
    I can again thy former light restore,
    Should I repent me; but once put out thy light,
    Thou cunning'st pattern of excelling nature,
    I know not where is that Promethean heat
    That can thy light relume. When I have plucked the rose,
    I cannot give it vital growth again;
    It needs must wither. I'll smell it on the tree. ( Kisses her)
    O balmy breath, that dost almost persuade
    Justice to break her sword! One more, one more!
    Be thus when thou art dead, and I will kill thee,
    And love thee after. One more, and that's the last.
    So sweet was ne'er so fatal. I must weep,
    But they are cruel tears: this sorrow's heavenly;
    It strikes where it doth love. She wakes.
    والنص الشعري الشكسبيري الذي ورد على لسان عطيل( ) غني بموسيقاه الشعرية، حيث انتهج الشاعر أنماطا موسيقية متنوعة القوافي (Rhyme ) (ثنائية وثلاثية) كما توضحها الأسهم، وذلك على الرغم من أن النص صيغ بالشعر الحر (Blank Verse) كما نلاحظ أن كل السطور تتكون من Fife Feet)) أي خمس تفعيلات تحتوي كل ( تفعيلة) منها على مقطعين (Two Syllables): (Unstressed-Stressed) كما هو واضح في السطر الأول من النص أعلاه :
    It - is / the - cause / it - is / the - cause / my - soul = 5 feet
    10 syllables= 2 1 2 1 2 1 2 1 2 1
    TI TUM/ TI TUM/ TI TUM/ TI TUM/ TI TUM تَم تِ / تَم تِ / تَم تِ / تَم تِ / تَم تِ

    إضافة إلى ذلك الانتشار الموسيقي لحروف الصفير(Sibilants) في كل الأسطر الشعرية عدا السطرين (7،14)، وليس بخاف ما في النص من تكرارات ثلاثية جاءت بأشكال متوازية (Parallelism) أو متجاورة, كما هو واضح في النصوص التي تحتها خطوط مزدوجة، كما أن النص الشكسبيري في مستوى شاعرية عنترة التي تتبدى في معلقته التي نقتطف منها هذا النص:
    يَدْعُونَ عَنْــتَرَ والرِّماح كأَنَّهـــا أشْطَانُ بِئْـــــــــرٍ في لَبا نِ الأَدْهَمِ
    مازِلْتُ أَرْمِيهُــــــمْ بِثُغْرَةِ نَحْرِهِ ولِبـانِهِ حَتَّى تَسَـــــــــــــــــــرْبَـلَ بِالــدَّمِ
    فَازْوَرَّ مِــنْ وَقْــــــــــعِ القَنا بِلِبانِهِ وشَكـــــــــــَـا إِلَىَّ بِعَبْــــرَةٍ وَتَحَمْحُمِ
    لو كانَ يَدْرِي مَا المُحاوَرَةُ اشْتَكَى وَلَكانَ لو عَلِمْ الكَلامَ مُكَلِّمِـي ( )
    استخدم الشاعران أساليب موسيقية تعكس مستوى عال من النغم حيث نظم شكسبير مسرحيته بالشعر الحر The Blank Verse ) ) و الذي كان علامة مميزة للأدب الأليزابيثي بشكل عام والشكسبيري بشكل خاص واختار أحد بحور الشعر الإنجليزي يسمى (Iambic Pentameter) ويتميز بطول البيت وانتظامه في خمسة مقاطع على النحو الذي ذكرناه سابقا .أما عنترة بن شداد فقد اتبع عدداً من البحور اعتمد فيها النظام العروضي للشعر العمودي الذي كان ومايزال سنام الشعر العربي. لذا يمكننا القول بأن كلا من عطيل و عنترة قد مثلا نموذج الشاعر المبدع الفصيح واستخدما نظاماً موسيقياً عالياً يتناسب مع طبيعة هذه الشاعرية
    ولنتأمل معا ما قاله " عطيل " في آخر كلامه مع دزدمونة قبل أن يقضي( ):
    (أقبلك قبل أن أقتلك، لا سبيل لي إلا في قتل نفسي وأموت فوق القبلة).
    I kiss thee ere I kill thee: no way but this,
    Killing myself, to die upon a kiss.
    (الفصل الخامس، المشهد الثاني، السطر 54 – 55)
    وهو ما نجده لدى عنترة وهو في أحلك ظرف يواجه فيه الموت في موقف آخر حين قال:
    ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني وبيـــــض الهند تقطر من دمي
    فوددت تقبيل السيوف لأنهـا لمــــــعت كبارق ثغـــــرك المتبسم ( )
    ويمكن الوقوف أمام فصاحة وبلاغة عطيل فيما أفاد به البروفيسور إي.سي.برادلي في مؤلفه الذي كتبه قبل ما يزيد عن المائة عام، وفيه يتحدث عن مآسي شكسبير قائلا عن عطيل( ): "إنه لم يأسرنا أحد بلغته الجزلة الرصينة وبقوتها كما فعل عطيل.(ويعلق على نصوص عطيل مضيفا):" لم يكن عطيل مجرد شكل من أشكال الرومانسية فقط، بل كان رومانسيا بطبيعته الفعلية. ولم يطلق عطيل العنان لخياله وتأملاته كما فعل هاملت، ولكنه كان قويا وبارعا جدا ومتفردا بلغته الشعرية أكثر بكثير من هاملت، بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وللقارئ إذا أراد التمعن في ذلك أن يقرأ النصوص التي وردت على لسان الشاعر البطل عطيل المغربي لتتم عملية المقارنة بينه وبين العديد من الشخصيات الشكسبيرية الأخرى، ليقتنع حينها القارئ بأن عطيل هو أبلغ شاعر من بين كل شخصيات شكسبير وأفصحها لسانا"( ).
    4- مقارنات نصية بين الشاعرين:
    لنستمع لعطيل: " لقد جعلت العادة المستبدة – أيها الشيوخ المبجلون – من سرير الحرب بفولاذه وصوانه ؛ فراشي الناعم الريش والزعب ، وإني لأتبين أني أجد في المشاق حافزا فطريا وعفويا ..."( )
    ولنستمع لعنترة:
    سكتُّ فَغَرَّ أعْدَائي السُّكوتُ وَظنُّوني لأَهلي قَدْ نسِيتُ
    وكيفَ أنامُ عنْ ساداتِ قومٍ أنا في فَضْلِ نِعْمتِهمْ رُبيت
    وإنْ دارْتْ بِهِمْ خَيْلُ الأَعادي ونَادوني أجَبْتُ متى دُعِيتُ
    بسيفٍ حدهُ موجُ المنايا وَرُمحٍ صَدْرُهُ الحَتْفُ المُميتُ
    خلقتُ من الحديدِ أشدَّ قلباً وقد بليَ الحديدُ ومابليتُ
    وَإني قَدْ شَربْتُ دَمَ الأَعادي بأقحافِ الرُّؤوس وَما رَويتُ
    وفي الحَرْبِ العَوانِ وُلِدْتُ طِفْلا ومِنْ لبَنِ المَعامِعِ قَدْ سُقِيتُ
    فما للرمحِ في جسمي نصيبٌ ولا للسيفِ في أعضاي َقوتُ
    ولي بيتٌ علا فلكَ الثريَّا تَخِرُّ لِعُظْمِ هَيْبَتِهِ البُيوتُ ( )

    الشاعران يكادان أن يتفقا في النصين على ما يلي:
    - احترامهما للآخر وبالأخص أسرة المحبوبة وأبيها.
    - كلاهما قد مر بتجارب كثيرة.
    - هذه التجارب صهرتهما وجعلت منهما بطلين فارسين.
    فهذا عنترة يحكي لعبلة قصصه ومغامراته :
    ترى علمتْ عبيلة ُ ما ألاقي من الأَهوال في أرضِ العراقِ
    طغاني بالرَّيا والمكرعمّي وجارَ عليَّ في طلب الصداقِ
    فخضتُ بمهجتي بحر المنايا وسرتُ إلى العراق بلاَ رفاقِ
    وسُقْتُ النُّوقَ والرُّعْيانَ وحدي وعُدْتُ أجدُّ منْ نار اشْتياقي
    وما أبعدتُ حتى ثار خلفي غبارُ سنابكِ الخيلِ العتاقِ
    وطبقَ كلّ ناحية ٍ غبارٌ وأشعلَ بالمهندة ِ الرفاقِ
    وضَجَّتْ تَحتهُ الفُرسانُ حتى حسبتُ الرعدَ محلولَ النطاقِ
    فعُدْتُ وقد عَلِمْتُ بأَنَّ عمّي طغاني بالمحال وبالنفاقِ
    وبادرت الفوارسُ وهي تجري بطعنٍ في النحور وفي التراقي
    وما قَصَّرتُ حتى كَلَّ مُهري وقَصَّرَ في السِّباق وفي اللّحاقِ
    نزلت عن وسقت جيشاً بسيفي مثل سوقي للنياق
    وفي باقي النهار ضعفت حتى أسرتُ وقد عيي عضدي وساقي
    وفاضَ عليَّ بحرٌ من رجالٍ بأَمواجٍ من السُّمْر الدّقاقِ
    وقادُوني إلى ملكٍ كريمٍ رفيعٌ قدرهُ في العزَّ راقي ( )

    وفي قصيدة أخرى يقول :
    عُبيلة ُ هذا دُرُّ نظْمٍ نظمْتُهُ وأنتِ لهُ سلكٌ وحسنٌ ومنهجُ
    وَقَدْ سِرْتُ يا بنْتَ الكِرام مُبادِراً وتحتيَ مهر يسبق البرق أهوج
    بأَرْضٍ ترَدَّى الماءُ في هَضَباتِها فأَصْبَحَ فِيهَا نَبْتُها يَتَوَهَّجُ
    وأَوْرَقَ فيها الآسُ والضَّالُ والغضا ونبقٌ ونسرينٌ ووردٌ وعوسجُ
    لئِنْ أَضْحتِ الأَطْلالُ مِنها خَوالياً كأَنْ لَمْ يَكُنْ فيها من العيش مبْهجُ
    فيا طالما داعبت فيها عبيلة ً وداعبني فيها الغزالُ المغنجُ
    وما راعني يومَ الطعانِ دهاقهُ إليَ مثلٍ منْ بالزعفرانِ نضرِّجُ
    فأقبلَ منقضَّا عليَّ بحلقهِ يقرِّبُ أحياناً وحيناً يهملجُ
    كأنَّ دماءَ الفرسِ حين تحادرتْ خلوقُ العذارى أو خباءُ مدبجُ
    فويلٌ لكسرى إنْ حللتُ بأرضهِ وويلٌ لجيشِ الفرسِ حين أعجعجُ
    وأحملُ فيهمْ حملة ً عنترية ً أرُدُّ بها الأَبطالَ في القَفْر تُنبُجُ
    وأصدمُ كبش القوم ثمَّ أذيقهُ مرارَة َ كأْسِ الموتِ صبْراً يُمَجَّجُ
    وآخُذُ ثأرَ النّدْبِ سيِّدِ قومِهِ وأضرُمها في الحربِ ناراً تؤجَّجُ
    وإني لحمالٌ لكلِّ ملمة ٍ تَخِرُّ لها شُمُّ الجبالِ وَتُزْعَجُ ( )
    * * * * *
    وأنا الأَسْودُ والعبْدُ الذي يقْصِدُ الخيلَ إذا النَّقعُ ارتَفَعْ
    نسبتي سيفي ورُمحي وهما يؤنساني كلما اشتدّ الفزعْ ( )
    * * * * *
    يا عَبل ما أَخْشى الحِمامَ وإنما أخشى على عينيكِ وقت بكاك
    يا عبل لاَ يَحزُنْكِ بُعْدي وابشِرِي بسلاَمتي واستَبشري بفكاكي ( )

    وعطيل يحكي لدزدمونة قصصه ومغامراته:
    " كان والدها يحبني ، وكثيرا ما يستضيفني ، ويسألني دوما عن قصة حياتي – من سنة إلى سنة – وما رأيته من معارك وحصارات وتقلبات ، فرويت له كل شيء من أيام الصبا حتى اللحظة التي طلب فيها إلي الكلام ، فتحدثت عن نوازل جد رهيبة ، وأحداث مثيرة من فيضانات وحروب ، عن النجاة مرارا بقيد شعرة من الثغرة المهددة بالتهلكة ، عن وقوعي أسيرا في يد العدو الوقح الذي باعني عبدا ، وكيف افتديت بعد ذلك ! وما فعلته في أيام تجوالي وترحالي ، فأتيح لي الحديث عن كهوف هائلة وصحارى خاوية ، عن مقالع وعرة وصخور ، وشواهق تلامس رؤوسها السماء ، هكذا كانت حياتي ، وعن أكلة البشر الذين يلتهم بعضهم البعض ، و(الأنتروبوفاجيين) ، وأناس تطلع رؤوسهم من تحت أكتافهم ، بسماع هذا كله شغفت دزدمونة ..." ( )
    والنصان يتضمنان ما يلي:
    - كلا البطلين يحكيان مغامراتهما للمحبوبة
    - كلاهما يسرد تفاصيل المغامرات التي خاضها
    - تأكيدهما على الوقوع في الأسر
    - ذكر عبوديتهما وتحررهما منها مؤخرا
    - وصف البراري والقفار التي سارا فيها
    هذا التطابق يقودنا إلى التفكير في وصول قصص الفروسية والحب العربية وأشعارها إلى يد شكسبير وهو ما سيتم مناقشته في المبحث التالي.
    5- وصول قصص الفروسية والحب إلى الغرب عن طريق إسبانيا وصقلية وغيرهما:
    فقد ذكر النقاد الغربيون وجود أثر لصورة عنترة عند شعراء التروبادور (الحب العذري)( ). كما ذكروا الاتصال المباشر بين المسلمين والمسيحيين في القرون الوسطى في إسبانيا، وما زلنا نستقي من مصادر أجنبية لدى أ.ل.راميلا الذي ذكر وصول قصص الفروسية والحب إلى فرنسا عن طريق إسبانيا المسلمة( ). وأكد ذلك ميجل آسين بلاثيوس قائلا ( ): "انتشر الإسلام بعد فتح العرب للبلاد المتاخمة لجزيرتهم انتشارا سريعاً، فامتد إلى شمالي أفريقيا، واسبانيا، وجنوبي فرنسا، وجنوبي إيطاليا، نشر جناحيه على جزر البليار وجزيرة صقلية. فكان لذلك أثرا كبيرا في نقل صورة دقيقة لكل من الطرفين عن الآخر. ثم إن الاتصال بين الحضارتين الإسلامية والمسيحية في زمن السلم قد تحقق أيضاً عبر حدودهما الشرقية والغربية من خلال التجارة.
    نشطت حركة تجارية واسعة ابتداء من القرن الثامن الميلادي حتى القرن الحادي عشر، بين البلاد الإسلامية الشرقية، وروسيا وغيرها من بلدان أوربا الشمالية. فقد كانت البعثات التجارية تتجه بانتظام من بحر قزوين، وتصعد في نهر الفولجا، حتى تصل إلى خليج فنلندا ومن ثمة عبر البلطيق إلى الدنمرك، وانجلترا بل إلى أيسلندا أيضا"( ).
    نرى إذن أن هذه إحدى الحقائق الواضحة التي لا غبار عليها وهي أن الأدب العربي انتقل إلى أوروبا وتحديدا إلى إسبانيا خلال عصور الفتوحات الإسلامية، ومن ناحية أخرى أسس الأوروبيون بعثات تبشيرية في القرن الثالث عشر وأرسلت للدول الإسلامية. مما مكنهم من التعرف عن قرب على آداب العرب ولغتهم ومعتقداتهم الدينية. ولكن اتصال الحضارتين الإسلامية والمسيحية في صقلية وإسبانيا كان هو الأهم في عملية الاتصال والتواصل العام. ومن المسلَّم به تاريخيا أن صقلية في القرن الحادي عشر كانت قد تشبعت بالإسلام حينما غزاها النورمان وحكموها حتى القرن الثالث عشر. كانت صقلية خليطا من الأجناس تدين بعدة ديانات وأهمها الإسلامية. وتمتاز بلغات مختلفة ويعمل في بلاط الملك النورماني روجر الثاني مجموعة من المسلمين والمسيحيين ويلمون بكلتا الثقافتين العربية واليونانية على وجه الخصوص. فالملك كان يقرأ ويتكلم العربية ويمتاز بتعدد الزيجات كما يفعل المسلمون ويرتدي ملابس شرقية، حتى زوجاته كن يقلدن المسلمات في تنقبهن وطريقة لبسهن ولغتهن. فالمسلمون كانوا في البلاط الملكي هم أساتذة الملك وزملاؤه في العلم، ورجاله ورجال حاشيته، وضباطه ووزراؤه، وكانوا يصطحبونه للأراضي المقدسة وكذا لإيطاليا. فلم يكن الملك مسيحيا إلا بالاسم فقط، نظرا لتأثره بالمسلمين من حوله( ).
    وفي عام 1224م احتفظ هذا المناصر الكبير للثقافة العربية بالكثير من الآداب والعلوم وبمجموعات فريدة من المخطوطات العربية في جامعة نابولي التي أسسها في نفس السنة تلك، وكان لديه مؤلفات أرسطو وابن رشد في ترجماتها اللاتينية، وأرسل نسخا منها لجامعتي باريس وبولونيا. ليس ذاك فحسب بل كان يراسل رجال العلم في طول العالم الإسلامي وعرضه. كانت المدرسة الشعرية الصقلية تعتمد على اللغة العامية فوضعت أسس الأدب الإيطالي في بلاط نفس هذا الملك فردريك الثاني، وقد كان الشعراء المسيحيون يحذون حذو الشعراء العرب التروبادور الذين كانوا يتجمعون في بلاطه، وهذه حقيقة دامغة على التواصل والاتصال بين الأدبين المسيحي والإسلامي( ).
    يضيف المؤلف( ): "عاش الشعبان الإسلامي والمسيحي في إسبانيا 500 عام من القرن الـ 8 حتى القرن الـ13م. وتحدث عنهم الفاروا القرطبي: كان المسيحيون مشغوفين بالشعر وبالأدب القصصي العربي، وانغماسهم في دراسة الفلسفة والعقائد اللاهوتية الإسلامية". ويضيف الكاتب حول علاقة أوروبا بإسبانيا قائلا( ): "تدفق على إسبانيا رحالة من جميع أنحاء أوروبا... والذين سيطرت عليهم رغبة جامحة في رؤية أعاجيب هذه الحضارة الكلاسيكية الشرقية". ويضيف ( ): "فقد لبس المسيحيون على الطريقة العربية، وطعمت كلمات للغة قشتالة المنشقة من اللاتينية بعدد كبير من الكلمات العربية.... وهكذا تمهد الطريق للغزو الأدبي الذي بلغ ذروته في بلاط الملك ألفونسو العاشر الملقب بالحكيم. أصبحت طليطلة خلال القرن الثاني عشر مركزا هاما لنشر العلوم والآداب العربية في أوروبا المسيحية. فقد بدأ رئيس الأساقفة في النصف الأول من هذا القرن، في العمل على ترجمة أشهر المؤلفات في العلوم والمعارف العربية إلى لغة قشتالة الرومنسية بمساعدة المسلمين واليهود، ثم ترجمت منها إلى اللاتينية وانتشرت في جميع أنحاء العالم الغربي".
    هنا وجدنا الدليل المادي التاريخي على انتقال حكاية عنترة للغرب و إن بصورة عامة ذلك أن سيرة عنترة وروايته الشعبية وأشعاره وقصة حبه لعبلة تعد من أشهر وأروع الروائع العربية في الجاهلية. وبدون الشعر وخصوصا المعلقات لا يكاد يوجد تاريخ وإرث أدبي عربي حقيقي ففيها كان نبع الأدب عند العرب الذي يحمل شكلا واحدا حين ذاك. شكل القصيدة العمودية المحكومة بالوزن والقافية ولا تخرج عن نطاق البحور الشعرية وهو ما امتاز به شعر عنترة بن شداد.
    6- من هنا نستطيع القول إن شكسبير قرأ سيرة عنترة أو اطلع على شعره أو استمع لحكايته. وتأكيدنا هذا نابع من أن أدب عنترة وغيره من أعمال أدباء العصر الجاهلي وعصر الرسالة المحمدية كان قد انتقل إلى أوروبا وترجم للاتينية والايطالية وغيرها من اللغات كالفرنسية تحديدا وخصوصا عند ازدهار الترجمة في القرون الوسطى ( )، كما نستطيع التأكيد أيضاً - ومن خلال موقف مشابه تعامل فيه الباحث ميجيل آسين مع أديبٍ آخر هو "دانتي" ليثبت تأثر دانتي بالمصادر الإسلامية في عمله الرائع "الكوميديا الإلهية" – على أن شكسبير تأثر بحكاية عنترة في مسرحيته "Othello" .
    يؤكد "ميجيل آسين" آلية التشابه القوي بين أي عملين وأنه لا يمكن أن يكون وليد صدفة ما ولكن بوجود تأثيرات تطغى على فكر وعقل المؤلف. ويتحدث المؤلف قائلا ( ): "نستطيع أن نقدم الدليل على المحاكاة تحت رؤوس موضوعات ثلاثة. أولا: إثبات أن الشعوب المسيحية الأوروبية في القرون الوسطى حصلت على معلومات تتعلق بعقائدها وتصوراتها للحياة الأخرى عن طريق الاتصال بالمسلمين. وثانيا: أن دانتي قد استقى مباشرة أو غير مباشرة من المصادر الإسلامية أفكارا لقصيدته. وأخيرا: أن هناك دلائل على تأثره بهذه المصادر الإسلامية".. ثم مباشرة يذهب المؤلف لشرح حقيقة ذلك، ويتحدث عن العلاقة الوثيقة بين المسلمين والمسيحيين في ذلك الوقت، ويخلص الكاتب للقول: تحت عنوان: " أرجحية انتقال النماذج الإسلامية إلى أوروبا المسيحية وعلى الأخص إلى دانتي( ): "ينبغي للباحث إذا ما أراد إثبات حالة محاكاة أدبية – في الحدود التي تهيئها المادة التاريخية التي تحت يديه للإثبات – أن يجد بادئ ذي بدء جوابا على ثلاثة أسئلة وثيقة الصلة بهذا الموضوع:
    أولاَ: هل يوجد بين النسخة التي يفترض فيها المحاكاة والنموذج الأصلي ملامح تشابه كثيرة ولافتة للنظر، بدرجة تجعل نسبتها إلى مجرد المصادفة أو الاستمداد من أصل مشترك أمراً مستحيلاً؟
    وثانياً: هل يمكن إثبات أن هذا النموذج الذي يفترض أنه النموذج الأصلي، كان موجوداً فعلاً قبل النسخة المزعومة أو قبل المحاكاة؟ وثالثاً: هل كان مؤلف النسخة المفترض فيها المحاكاة يعلم بالنموذج الأصلي، أو من ناحية أخرى، هل كانت تفصل بين الكاتبين في الحقيقة هوة واسعة تجعل اتصالهما مستحيلا؟
    أما السؤالان الأول والثاني، اللذان يعتبران مفتاح هذه المشكلة في الحقيقة، فقد قررنا فيهما رأيا محددا فيما سبق وأما الثالث فأقل أهمية، ذلك أنه حتى إذا كانت المعلومات التاريخية من حيث العلاقة بين الأصل والتقليد غامضة، فإن هذا أمر على أية حال لا يقلل من قوة البرهان المبني على التشابه بينهما، وعلى الأخص عندما تكون أوجه التشابه واضحة ومحدودة تماما، وكثيرة التكرار، مما يتعذر معه نسبة التشابه إلى مجرد المصادفة".
    وإذا كان "ميجل آسين" قد أثبت تأثر "دانتي" بالتراث والمصادر الإسلامية، ودانتي أحد أدباء القرن الرابع عشر، فمن المرجح استمرار هذا التأثر حتى عصر شكسبير (القرن السادس عشر) وهو الأكثر اتصالا وتواصلا بين العالمين العربي والأوروبي بفعل متغيرات الثقافة ووسائل الاتصال وتطور الملاحة البحرية.
    7- وبتطبيق هذا المنهج الاستدلالي الاستنتاجي لــ"ميجيل آسين", يتضح أنه لا يمكن أن يكون كل هذا التشابه محض صدفة، أو كما يقال وقع الحافر على الحافر. ولكن هل يمكن أن يكون شكسبير قد اطلع على حكاية عنترة بكل هذه التفاصيل الدقيقة التي جاءت متضمنة في مسرحيته، سواء من حيث بناء الشخصيات، أو بناء الحبكة والحدث، أو البناء اللغوي الشعري.
    وقد يتمكن هذا العنصر من التشكيك في منطقية البحث والدراسة، لولا أننا وجدنا تفاصيل حكاية عنترة مسرودة في بحث للدكتور/ أ. ل. رانيلا في كتابه "الماضي المشترك بين العرب والغرب (The Past We Share The Near Eastern Ancestry Of Western Folk Literature)، وقد تضمن تلك العناصر التي اعتمد عليها البحث كمصدر رئيسي لعناصر الحبكة في حكاية عنترة. وهو مصدر أجنبي يشهد بانتقال حكاية عنترة بتفاصيلها الدقيقة كما وردت في السيرة الشعبية إلى أوروبا والغرب( ).
    ويقوي هذا الاستنتاج ما أورده الزركلي في كتابه الأعلام من ترجمة سيرة عنترة للألمانية والفرنسية وموقف الإفرنج من بدائع آداب العرب. وهنا نلاحظ مدى اهتمام الغرب وخصوصا الأوروبيين بالأدب العربي حتى ما بعد القرون الوسطى. حيث يبدو هذا الاهتمام جليا ببدائع آداب العرب وأبطالها الشعبيين ومنهم عنترة,فقد رأينا المستشرق توربكي يؤلف كتاباً عنه عام 1868م ( ). واهتمام المثقفين الغربيين بعنترة دليل على موقعية هذا الفارس الشاعر العاشق في الذاكرة الجمعية لشعوب أوروبا. والتي أكدها رانيلا وأفرد فصلا عن عنترة وأثره في قصص الفروسية والحب العذري في آداب أوروبا قاطبة( ). "كما اهتدى س. م. شتيرن لوجود أثر لصور عنترة عند شعراء التروبادور( )": "وتشير وجوه التشابه بين شعر عنترة كما رأينا وشعر الغرب إلى مدى تأثر الغرب بالعرب في هذا المجال، فعندما استخدم دانتي أغنيات التروبادور نموذجا للأسلوب الجميل كان معناه أن العرب قد تغلغلوا بنجاح إلى قلب الأدب الأوروبي( )"، وبتتبع تطبيقات أ.ل.رانيلا وسَيْره باتجاه تحقيق العلاقة التاريخية بين عنترة والأدب الغربي يمكن حصر الدلائل التالية:
    1. .إن سيرة عنترة كانت متوفرة في الغرب منذ القرن الثامن من خلال سرد حكاية الراهب والرجل المسلم حيث ذكر الراهب أفعال عنترة ــ (ص131).
    2. أكد رانيلا على ورود التشابه بين الأبطال الشعبيين في الثقافة الغربية وعنترة في الشرق كما أكد أن هذا التشابه لم يدرس كثيرا. (ص128).
    3. درس رانيلا التشابه بين عنترة وكوخولاين في الأسطورة الايرلندية، وأكد على تأثر الأدب المبكر لأيرلندا بالآداب العربية (ص236) وما بعدها.
    4. ذكر أن قصائد عنترة تنبئ بالشعر الغنائي بالتروبادور في القرن الثاني عشر ثم الشعر الغربي بعد ذلك (ص245).
    5. قارن رانيلا بين مقطع من أشعار الحب الانجليزية وأظهر تشابهه مع الصور الشعرية في شعر عنترة (ص246).
    6. ذكر تشابهات في الحب العذري عند عنترة مع الأغاني الشعبية الغربية (ص246).
    7. واهتدى بعد كل ذلك إلى نتيجة أن عنترة ممكن أن يكون ممثلا للنموذج القديم للعالم الغربي ليس بوصفه بطلا فحسب؛ بل بوصفه شاعرا كذلك (ص247).
    8. اتكأ على دور بيترس الفونصص (ولد عام1062 م) في نقل التراث العربي للغرب عبر الترجمة، فقد كان رجلا يناغم بين الثقافتين العربية والغربية وعمل في البلاطين الاسباني والإنجليزي ونقل الثقافة العربية إليهما (ص252).
    9. ذكر رانيلا أن الفونصص ألف كتاب"مجالس المتعلمين" وقد احتوى عددا وافرا من الحكايات العربية التي تحولت فيما بعد أدبا انجليزيا في إنجلترا وغيرها من بلدان أوروبا (ص251).
    10. روى رانيلا أن شوفان المستشرق الفرنسي الكبير قد عدد منذ ما يربو على مائة عام ما يقرب من خمسين عملا من الأعمال الرئيسية والكتاب الرئيسيين فحسب الذين استعاروا من بيترس ألفونصص ومن بينهم إنديلوه وبوكاشيو وتشوسر وسيركامبو (ص254).
    11. قال رانيلا بعد ذلك: "ومن الممكن أن نضيف لهؤلاء سيرفانتس وجوبيوس وشكسبير" وفي نصه على شكسبير تأكيد على مذهبنا في استقاء شكسبير من الثقافة العربية في "عطيل" وبشهادة أهله.
    12. نُسجت سيرة عنترة المتأخرة بصيغة مزجت بين الشرق والغرب بين العرب والإفرنج، حيث صار عنترة بطلا شعبيا (عربيا/غربيا).
    13. جعلت الملحمة المتأخرة لعنترة أجدادا ملكيين في السودان وسلالة ملكية في الجزيرة العربية وبيزنطة وروما وبلاد الإفرنج (ص132).
    14. دخل عنترة في الحروب الصليبية مشاركا فحين كان الصليبيون يهاجمون بلاد العرب خرج عنترة من سوريا في اتجاه بيزنطة ومنها إلى بلاد الإفرنج في حملة معاكسة (ص132).
    15. كما نصب عنترة وصيا على الملك السوري الجديد القاصر وهو في حد ذاته يجعله الحاكم الفعلي ومن هنا أصبح على اتصال بالإفرنج.. ولما قمع بوهمند الإفرنجي روما قتله عنترة وحرر روما.
    16. تزوج عنترة من أخت ملك روما وأنجب منها ابنا، ولم يكن هذا الابن سوى قلب الأسد المحارب الصليبي كما تزوج من أميرة إفرنجية وأنجبت له جودفيري بويلون قائد الحملة الصليبية الأولى.
    17. عند موت عنترة على النحو الذي ذكرته الرواية يقوم ابناه الأوروبيان بالانتقام له ثم يعودان إلى أوروبا. و هذا يذكرنا بقول العقاد: أن ليس بين أدباء أوروبا نابغ واحد قد خلى شعره أو نثره من بطل إسلامي وذكر في مقدمتهم ويليام شكسبير( ).
    ومن هنا يتضح أن البطل العربي عنترة قد تحول إلى بطل شعبي أوروبي ومن ثم فليس ببعيد عليه أن يصل إلى قلب العاصمة البريطانية لندن وإلى مسرح شكسبير (الدنيا).
    ومن كل ما سبق ذكره من القرائن أو الدلائل نذهب مطمئنين إلى تحقق فرضيتنا في استقاء شكسبير في مسرحيته عطيل للنموذج العربي المتمثل بشخصية عنترة الشاعر والفارس و العاشق وحكايته كما وردت في الرواية العربية حتى وإن أظهر أنه أخذ بطله من حكاية "قصة دزدمونة من البندقية والقائد المغربي".
    "إن شكسبير هو شكسبير يسرق الموضوعات والقطع والعبارات والأبيات من كل مكان ومع ذلك فهو أعظم الكتاب في كل الأزمان أصالة وامتيازا وخلقا وإبداعا" ( )














    الخــاتــمــــة
    عام كامل بين تشكيل فكرة هذا البحث وتحققه وها هو فريق العمل يقدمه أخيراً للدارسين والباحثين نموذجاً للعمل الجماعي في البحث العلمي ، والمتعة الحقيقية في هذا العمل لا تعود كليةً إلى النتائج التي سنسردها في هذه الخاتمة , بل إلى الجهد التعاوني الذي سرى في وسط نفوس فريق البحث , فأثمر تحقق عدة نتائج منها :-
    1- التقريب بين الثقافات وبيان تكاملها وترابطها وتأثر بعضها ببعض .
    2- تحقيق الأطر التعاونية بين الأقسام المختلفة في مؤسساتنا الجامعية والبحثية .
    3- الإسهام بجهد متواضع في مضمار الدراسات الأدبية المقارنة .
    4- بيان أثر الثقافة العربية على الثقافات العالمية .
    5- إظهار تبادل التأثر والتأثير بين الآداب المختلفة والذي يعد أهم مقومات الأدب المقارن .
    وفيما يتعلق بالنتائج العلمية فنجملها فيما يلي :-
    أولاً : استطاع البحث أن يشكل موضوعاً للدراسة المقارنة من عملين أدبيين عظيمين مشهورين أحدهما عربي وهو سيرة عنترة بن شداد وشعره , والثاني أوروبي غربي هو مسرحية عطيل للشاعر الإنجليزي وليم شكسبير .
    ثانياً : استعرض الباحثون بناء الحبكة في حكاية البطلين عنترة وعطيل وبينوا مدى التطابق في العملين والتماثل في أكثر من سبعين تشابهاً .
    ثالثاً : درس فريق البحث الشخصيات الرئيسية والثانوية , و استبان مدى التطابق في بناء الشخصيات الرئيسية وفي سماتها المظهرية والانفعالية والشخصية فعنترة يقابل عطيل , و دزدمونة هي عبلة وبرا بانسيو الرافض لزواج ابنته من عطيل هو مالك والد عبلة الذي جرع عنترة أعج الغصص حتى لا يتزوج بابنته وهكذا في بقية الشخصيات .
    رابعاً : عرض فريق العمل للتشابه في الحبكتين فاستنتج أنه مهما اختلفتا في بعض التفصيلات والثنايا فإنهما تتفقان في أنهما تسردان قصة عشق وفروسية وشعر , وهي العناصر الرئيسية في الموضوع .
    خامساً : وجد الباحثون فرصةً للتعريج على الجذور العربية في أدب شكسبير بشكل عام , فلم يتوانوا عن استعراض مواطن ظهور أثر الثقافة العربية الإسلامية , والشرق العربي بعامة على أعمال شكسبير وأبانوا بعضاً منها , على أنهم اكتفوا باستثارات فقط تصلح لأن تكون موضوع عمل مستقل بذاته ,كما حدث مع البروفسور الهندي شرما الذي كان بحثه المستند عليه في هذه الدراسة ثمرة من ثمار هذا العمل البحثي ونتاجاً له .

    سادساً : أشار البحث إلى الصلات الأدبية بين الأمتين العربية والأوروبية واستند إلى شهادات باحثين ومستشرقين غربيين أمثال " ميجل آسين " و " أ.ل.رانيلا " في التأكيد على انتقال الأعمال الأدبية العربية إلى أوروبا بالتحديد وخاصة قصص الحب والفروسية وأشعارهما , وتأثيرها على الآداب والفنون على الشعراء والأدباء في أوروبا.
    سابعاً : تتحقق فرضية البحث المتعلقة المحددة باستقاء شكسبير شخصية بطله (عطيل ) من السيرة الشعبية للفارس العربي والعاشق المصدود عنترة بن شداد ,بالدليل المادي التاريخي المعتمد على :
    أ) إثبات عملية الاتصال والتواصل بين الأدبين العربي والغربي وبالتأكيد وصول قصص الحب والفروسية العربية وبالذات قصة عنترة ــ إلى أدباء أوروبا وبالتحديد شكسبير .
    ب) ثبوت تأثر شكسبير بالتراث الشرقي العربي والظاهرة في أعماله .
    ج) التشابه والتماثل الواضح في الحبكة القصصية وسيكولوجية الشخصيات في العملين والذي يصل في الكثير منه حد التطابق الكلي .
    د) المستوى العالي للأداء الشعري في أوثلو وخاصة لدى البطل "عطيل" والذي أظهرت المسرحية مستوى عالياً من البلاغة لديه دون باقي الشخصيات في المسرحية , وهو ما يضارع مستوى عنترة الشاعر الجاهلي المبدع.
    ومهما يكن ، فيكفي هذا البحث أنه قد تمكن من استثارة الدافعية لدى الدارسين والمهتمين لتوجيه جهودهم في البحث عن الجذور العربية في الثقافات الأخرى على طريق الأدب المقارن , وسيراً بالآداب المختلفة نحو العالمية ، وإبراز مكامن التواصل والاتصال , وإظهار مظان التأثر والتأثير ومواطن التلاقي, وكشف الصلات والعلاقات الأدبية .










    أهم المصادر والمراجع :
    • اتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفا ، تقي الدين المقريزي ، تحقيق : محمد حلمي محمد أحمد ، من منشورات وزارة الأوقاف المصرية – القاهرة – د . ط ، 1416 هـ - 1996 م .
    • أثر الإسلام في الكوميدية الإلهية :- ميجيل آسين , ترجمة جلال مظهر , مكتبة الخانجي- القاهرة/ 1980م.
    • أثر العرب في الحضارة الأوروبية ، عباس العقاد ، دار نهضة مصر – القاهرة – ط 2 ، د . ت .
    • الأدب العربي في شبه القارة الهندية حتى أواخر القرن العشرين تأليف: د.أحمد أدريس – ط1 – 1418هـ -1998م – طبع بمطابع الهداية ,البراجيل- الجيزة .
    • الأدب المقارن – د/ احمد قاسم أسحم – مكتبة أبي حامد - تعز - اليمن – ط 2-2008م .
    • الأدب المقارن مذاهب وتطبيق – د.السيد العراقي – دار الفكر العربي -القاهرة – 1985م .
    • الأدب المقارن و متطلبات العصر : د. حيدر محمد غيلان , مركز عبادي للدراسات و النشر, ط/ 2006م.
    • الأدب المقارن والتراث الإسلامي : د.عبدالحكيم حسان ,مكتبة الآداب- القاهرة .
    • الاستشراق الفرنسي والأدب العربي :د.أحمد درويش,الهيئة المصرية العامة للكتاب –القاهرة,ط/1997م
    • الأعمال الكاملة وليم شكسبير, عطيل : ترجمة: إبراهيم جلال – العالمية للكتب والنشر, القاهرة – ط1-2009م.
    • آفاق الأدب المقارن عربيا و عالميا : د. حسام الخطيب , دار الفكر / دمشق,ط/1999م.
    • ألف ليلة وليلة,حسن جوهر وآخرون ,دار المعارف- القاهرة,ط2
    • ألف ليلة وليلة ، تقديم : طه عبد الرؤوف سعد ، مكتبة زهران ـــ القاهرة ــــ ج1 ــــ ط 1999م
    • تاجر البندقية – ترجمة وتقديم د. محمد عناني – الهيئة العامة المصرية للكتاب -2001 م .
    • تأريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام ، شمس الدين الذهبي ، تحقيق : عمر عبد السلام تدمري ، دار الكتاب العربي – بيروت – 1407 هـ .
    • التنوير الآتي من الشرق – تأليف: جي.جي – كلارك، ترجمة: شوقي جلال، العدد 346-2007م سلسلة عالم المعرفة الكويت .
    • جوته والعالم العربي – تأليف: كاتارنيا موخرن – ترجمة: د.عدنان عباس علي سلسلة عالم المعرفة – الكويت – العدد 194-رمضان 1415هـ - فبراير.
    • ديوان عنترة بن شداد العبسي ، مطبعة الآداب – بيروت – د . ط ، 1893 .
    • الرواية الأم ألف ليلة وليلة والآداب العالمية:ماهر البطوطي,مكتبة الآداب- القاهرة,ط1/1426ه/2005م
    • سونيتات وليم شكسبير نقلها للعربية: د.كمال أبو ديب ملحق مجلة دبي الثقافية – (كتاب رقم 32) ، يناير2010م.
    • شكسبير في زمانه وزماننا ، الفريد فرج – الدار المصرية اللبنانية – القاهرة – ط2 – صفر 1425 هـ ابريل 2004م .
    • العقود اللولؤية في تأريخ الدولة الرسولية ، على بن الحسن الخزرجي ، عني بتصحيحه وتنقيحه : محمد بسيوني ، مطبعة الهلال – الفجالة – د .ط ، 1329 هـ - 1911م .
    • عن الأدب المقارن – د. علي عشري زايد – مكتبة الشباب – القاهرة د.ت .
    • فصول من الأدب المقارن:د.شفيع السيد,دار غريب –القاهرة,ط1/2006م
    • فن الترجمة : د. محمد عناني,مكتبة لبنان ناشرون- الشركة المصرية العالمية للنشر, ط/3 -1996م.
    • في تراثنا العربي الإسلامي د.توفيق الطويل – سلسلة عالم المعرفة العدد 87- جماد الأخر 1405 هـ/مارس 1985م.
    • في نظرية الأدب – د. شكري عزيز الماضي – دار الحداثة للطباعة والنشر لبنان /1985م.
    • المآسي الكبرى ، وليم شكسبير ، عرَّبها وقدم لها : جبرا إبراهيم جبرا – مع دراسات نقدية - ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت ، ط2 ، 2000 م .
    • الماضي المشترك بين العرب والغرب – تأليف أ.د رانيلا ترجمة د. نبيلة إبراهيم . سلسلة عالم المعرفة الكويت – ع 241- ط رمضان1419هـ - 1999م.
    • مسرحية مكبث – ويليام شكسبير, ترجمة جبرا إبراهيم جبرا,ط2/1980م - بغداد
    • مسرحية وليم شكسبير – المآسي :- تعريب خليل مطران وآخرون – دار نظير عبود )د.ت( .
    • مؤثرات عربية وإسلامية في الأدب الروسي – تأليف: د.مكارم العمري سلسلة عالم المعرفة – الكويت – العدد 155 ربيع ثان 1412هـ - نوفمبر 1991م .
    • الموسوعة الشاملة – النسخة الالكترونية – الإصدار الثالث.
    • موقع نت منتديات "خير الناس أنفعهم للناس ".
    • النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ، جمال الدين بن تغري بردي ، قدم له وعلق عليه : محمد حسين شمس الدين ، دار الكتب العلمية – بيروت – ط 1 ، 1413 هـ - 1992م .

    1. Http://Taiz.Academia.Edu/Brahmadutta...Of_Shakespeare
    2. Islam And Early Modern English Literature – The Politics Of Romance From Spenser To Milton. Benedict S. Robinson, First Published In 2007 By Palgrave Macmillan™, 175 Fifth Avenue, New York, N.Y. 10010.
    3. William Shakespeare "Othello" – York Classics – General Editor: Professor A.N. Jeffares (University Of Sterling)
    4. Shakespeare: The Merchant Of Venice – Introduction, By W. Turner. 1999. S. Chand & Company Ltd. Ram Nagar, New Delhi-110055 .
    5. http://sunflower.singnet.com


  2. #2
    مشرف المنتدى الفرنسي و الترجمة الأدبية و ترجمة الشعر
    عضو القيادة الجماعية للجمعية
    الصورة الرمزية Edward Francis
    تاريخ التسجيل
    01/05/2007
    المشاركات
    865
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي رد: الجذور العربية للآداب الأروبية ( من صحراء العرب إلى مسرح لندن )




    السيد/ علاء التميمى المعافرى

    تحية

    أولاً، نرحب بك فى الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب.

    ثانياً ، هذا موضوع شيق لإجراء الدرس، للبحث عن جذورنا المبعثرة، فى الآداب العالمية ، و حصرها ، لينظر العالم لها ، و يعرف أبناؤنا الإمتداد الحضارى للآداب العربية.

    ثالثاً ، ندعوكم و زملاؤكم ، الأدباء ، و العلماء من طاقم الجامعة التى تنتمون إليها ، بالمشاركة هنا ، معنا ، لتبادل أنواع المعرفة و العلم.

    رابعا ، عند زيارة الرابط الأول Http://Taiz.Academia.Edu/Brahmadutta...Of_Shakespeare ، وجدت أن د. براهما شارما - رئيس قسم اللغة الانجليزية جامعة تعز فرع التربة – أستاذ الأدب الانجليزي ، قد نشر المقال باللغة الإنجليزية فقط، هل هى قواعد النشر فى http://www.academia.edu/ أم !!!

    دمتم

    Edward Francis

    Montréal, Canada

    15/11/2012



+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •