[[ البديهة والإرتجال عند العرب ]]


تفرد العرب بمزايا عديدة ،، وتبوءوا فيها مقام الصدارة ، ومن ذلك البديهة والإرتجال ،
ومع أن هذا العنوان ( البديهة والإرتجال عند العرب ) له شأنه فى دنيا العرب ، إلا أنى ــ على مدى عدة عقود من الزمن ــ لم أقرأ إلا شذرات متناثرة هنا وهناك فى بطون الكتب والتراث تسجل وقائع البديهة والإرتجال عند العرب ،
لذا رأيت أن أقوم فى هذا الصدد بجهد المقل ، فصنفت بتوفيق الله تعالى هذا المصنف الماتع النافع بإذن الله ،
وتفصيل هذا سيكون لاحقا بمشيئة الله تعالى ،
ومن ( البديهة والإرتجال عند العرب ) يطيب لى أن أقتطف ما يأتى :

** قال رجل لمحمد ابن الحنفية رضي الله عنه :
لم عرّبك أبوك في الحروب ، ولم يغرّب الحسن والحسين ؟
فقال علي الفور :
ذلك لأن الحسن والحسين كانا عينيه وأنا يمينه ،
فهو يدفع بيمينه عن عينيه ،


** قال المنصور العباسي للفضل بن الربيع :
يا ربيع ما أطيب الدنيا لولا الموت ،
فقال له الفضل :
والله يا أمير المؤمنين ، ما طابت الدنيا إلا بالموت ،
فقال المنصور :
وكيف ذلك ؟
فقال :
لولا الموت لما وصل الملك إليك يا أمير المؤمنين ،

** روي عن الأصمعي رحمه الله تعالي أنه قال :
دخلت البادية ، ومعي كيس فيه دنانير ، فأودعته عند أعرابية ، فلما طلبته ، أنكرته ، فقدمتها إلي شيخ منهم ،، فأصرت علي إنكارها ،،
فقال الشيخ :
قد علمت أنه ليس عليها إلا اليمين ،
فقلت علي البديهة :
يا أيها الشيخ ، كأنك ما سمعت ،،،،
ولا تقبل لسارقة يمينا *** ولو حلفت برب العالمينا
فقال الشيخ :
صدقت أيها الرجل ، وهددها ،، فأقرت ،، وردت إليّ مالي ،
ثم التفت إليّ الشيخ ، وقال :
في أية سورة هذه الآية ؟
فقلت : في :
ألا هبي بصحنك فاصبحينا *** ولا تبقي خمور الأندرينا
فقال الشيخ :
يا سبحان الله ،، كنت أظن أنها في إنا فتحنا لك فتحا مبينا ،،


** قدم عمرو بن العاص يوما علي معاوية بن أبي سفيان ، فلما رآه معاوية ، فاجأه قائلا :
يموت الصالحون وأنت حي *** تخطاك المنايا لاتموت
فأجابه عمرو علي البديهة قائلا :
فلست بميت ما دمت حيا *** ولست بميت حتي تموت

** كان العتابي رحمه الله تعالي قليل العناية بلباسه ، فقال له يحيي بن خالد :
إن زيك مبتذل ، يلفت النظر ،
فأجابه العتابي علي الفور ببديهته ، قائلا :
يا يحيي ،، ليس جمال الرجل بلباسه وعطره ، فإن ذلك حظ النساء ، وهدف أهل الأهواء ،،
ولكن الرجل بأكبريه همته ولبه ، وبأصغريه لسانه وقلبه ،،
فاختر لنفسك ما تشاء .

** تعلق أعرابي بأستار الكعبة ،، يدعو ويقول :
عبدك ببابك ،، ذهبت أيامه ، وبقيت آثامه ، وانقطعت شهواته ، وبقيت تبعاته ،،، فارض عنه ،، فإن لم ترض عنه ، فاعف عنه ،
فاعترضه رجل ، وقال له :
كيف يعفو الله عن عبد هو غير راض عنه ؟
فأجابه علي الفور والبديهة
ياأخي ،، إن الرضا والعفو لايتعارضان ، فقد يعفو الله عن عبده وهو غير راض عنه ،

فاللهم اغفر لنا وارحمنا والمسلمين أجمعين ،
اللهم آمين ،
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .