فيزياء الجمناستك : منصة القفز و قوانين نيوتن في الحركة
في الجمناستك ، يتعلم اللاعبين التلاعب بأجسامهم من أجل الاستفادة من قوانين نيوتن للحركة حتى يتمكنوا من النجاح المذهل او المدهش في اداء مهاراتهم . لذلك ، كيف يفعلون ذلك ؟
الفعالية التي سوف نتناولها اليوم هي منصة القفز . ففي القفز ، يحاول المتنافس تنفيذ قلبات متعددة ، اللف والدوران قدر الامكان ، مع الحفاظ على حسن التنفيذ والهبوط المتزن ، بعد القفز من لوحة النهوض " القفاز " وعلى منصة القفز ، كما هو مبين أدناه .
من أجل استكمال قلبات متعددة والدوران في الهواء ، هناك شيئان يعتبران من الامور الهامة : زمن الطيران ، وسرعة الدوران . المزيد من الوقت في الطيران يسمح بمزيد من الوقت للدوران ، ويزيد من سرعة الدوران التي تجعل الوقت اللازم أقصر لإتمام براعة الخطة .
ان القوة الحتمية التي تنهي القفزة هي ، بطبيعة الحال ، الجاذبية . والجاذبية هي القوة إلى أسفل ، ولذلك من أجل تأخير الوصول إلى الأرض وإنهاء القفزة ، يجب على اللاعب أن يمارس القوة لأعلى .
الآن ، دعونا نفكر فقط في ما هي القوة : القوة هي أي تأثير يغير حركة الجسم . لذلك أي قوة التي يتم تطبيقها ، يجب أن تؤثر على سرعة ( إلى حد ما ) الجسم الذي تعمل " تؤثر" عليه . وقد جاء إسحاق نيوتن بالصيغة التي تمثل هذا ، والمعروف باسم قانون نيوتن الثاني .
F = MA
حيث F هي القوة ، m كتلة الجسم التي تعمل عليه و a هي تسارع الجسم الذي تعمل عليه القوة .
وبعبارة أخرى ، فإن القوة تتناسب طرديا مع التعجيل " التسارع " الذي تسببه . ومن المهم أن نلاحظ أن تعريف التسارع من الناحية الفنية هي ليست نفسها كما هو في اللغة الدارجة " العامية ". فمن الناحية الفنية ، التسارع هو التغير في السرعة المتجهة ، وليس السرعة القياسية . ولذلك ، يمكن لأي كائن الحصول على التعجيل " التسريع " دون ان يحصل على شكل أسرع أو أبطأ في حركته ، ويكون ذلك فقط من خلال تغيير الاتجاه ، فمن يركض في شكل دائري فهو في الواقع في حالة تسارع مستمر .
القوة الأولى التي ينتجها اللاعب تكون في ركضته التقربية عندما يحاول الوصول إلى السرعة القصوى قبل الوصول إلى لوحة النهوض " القفاز ". ثم القفز على لوحة النهوض ، والطيران في الهواء . لماذا يحدث هذا ؟
يرجع هذا الى قانون نيوتن الثالث للحركة . والذي ينص على أن جميع الافعال يكون لها رد فعل مساو في المقدار ومعاكس في الاتجاه . ويستخدم الناس هذا القانون في كل وقت ، على سبيل المثال عندما نقفز .
فعندما نقفز ، فإننا نبذل او نسلط قوة على الأرض تحت أقدامنا ، مما يعطينا قوة مساوية تدفعنا في الهواء . ومع ذلك فإنه ليس نحن فقط من يتحرك ، الأرض كذلك تتسارع ! ومع ذلك ، منذ قانون نيوتن الأول والذي يعني أن الكتلة تتناسب عكسيا مع التعجيل " التسارع " والكتلة الضخمة للأرض تعني أننا نتسارع 75 مليار مرة أسرع من الأرض ، مما جعل هذا يكاد لا يذكر في مواقف الحياة اليومية.
عودة إلى الجمناستك : عندما يقفز اللاعب على لوحة النهوض " القفاز" ، فهو يسلط " يبذل " قوة على القفاز باتجاه الاسفل ، تتسبب في ضغط القفاز . ثم يعود القفاز إلى شكله الأصلي ويبذل ، قوة مساوية ومعاكسة " باتجاه الاعلى" على اللاعب . وهذا هو نفس المبدأ على الترامبولين، وجميع المواد المرنة .
ثم يقوم اللاعب بدفع منصة القفز باستخدام يديه ، فيبذل مرة أخرى قوة إلى الاسفل ويحصل على قوة مساوية باتجاه الاعلى المبذولة له من قبل منصة القفز .
لذلك ، كيف يتمكن لاعب الجمناستك من زيادة القوة باتجاه الأسفل فوق كل من القفاز ومنصة القفز ؟
هناك جواب واحد واضح ، هو ان يركض بأقصى سرعة اثناء الركضة التقربية . فالسرعة العالية تعني كمية حركة عالية " زخما كبيرا " ، والتي تسمح للاعب الجمناستك ببذل أكبر قوة باتجاه الاسفل عند الهبوط على القفاز ، مما يتسبب في زيادة اطلاقه " دفعه " في الهواء . وهذا يزيد من كمية الحركة " الزخم" باتجاه الاسفل لدى اللاعب عند هبوطه على منصة القفز ، وهذا يعني أنه ستكون هناك قوة أكبر باتجاه الاعلى .
ولكن هناك طريقة أخرى لزيادة القوة باتجاه الاعلى ، وذلك عن طريق ضبط الزاوية التي يهبط بها اللاعب على القفاز . عند انطلاق اللاعب فانه سيحصل على كمية حركة "زخم" عالية جدا باتجاه الامام ، يتحول بعض منها وبعد الهبوط على القفاز الى كمية حركة باتجاه الاعلى ، وكما في الرسم البياني أدناه .
لا يتم تحويل الكثير من كمية الحركة " الزخم" بانحراف (كما نشاهد على الرسم البياني اعلاه) الى كمية حركة للأعلى . ومع ذلك ، إذا ضرب اللاعب القفاز بزاوية عمودية أكثر ، فإن دفع القوة الناتجة سيكون الى مزيد من الطيران في الهواء .
ولكن كيف سيتمكن لاعب الجمناستك من الاقتراب اكثر من هذه الزاوية العمودية ؟
وجاء اللاعب الروسي نتاليا يورشينكو بالإجابة في عام 1980، التي تعرف الآن باسم " قفزة يورشينكو" . والتي هي عبارة عن القيام بعمل ما يعرف باسم " القفزة العربية " قبل الوصول إلى القفاز ، الاساس في ذلك نصف قلبة مرتين متتاليتين ، والتي ستزيد من كمية الحركة زيادة كبيرة عند الهبوط على القفاز ، وبالتالي فإن كمية الحركة " الزخم" هذه سوف تظهر باتجاه الاعلى عند الارتقاء "ترك القفاز ".
هنا شريط فيديو للاعبة لبيت تويدلي يدل على هذا الأسلوب .
وقفزة اليورشينكو لها ميزة أخرى ، فهي توفر فرصة إضافية للاعب الجمناستك لزيادة كمية الحركة الزاوية " الزخم الزاوي ".
وتعرف كمية الحركة الزاوية بوصفها نتاجا لكتلة الجسم ، والسرعة الخطية ، والبعد عن محور الدوران . والذي يمكن مشاهدته في الصيغة التالية :
L = r × m × v
حيث L هو كمية الحركة الزاوية " الزخم الزاوي" .
r هي مسافة كتلة الجسم من محور الدوران .
m هو كتلة الجسم .
V هو سرعة الجسم .
وبمجرد أن يقوم اللاعب بدفع منصة القفز ، فإنه لا يتمكن من الحصول على أي قدر من كمية الحركة الزاوية " الزخم الزاوي" ، وذلك بسبب قانون حفظ الزخم ( المتأتي من قانون نيوتن الأول : الجسم الساكن يبقى ساكن والجسم المتحرك يبقى متحرك مالم تؤثر عليه قوة خارجية ) . وكلما زاد الزخم الزاوي ، كلما زاد احتمال تمكن اللاعب من القيام بالقلبات ، لذلك تشكل كمية الحركة الزاوية هذه قيمة كبيرة . ويكتسب لاعب الجمناستك كمية الحركة الزاوية " الزخم الزاوي" عن طريق الدفع بزاوية من السطح "سطح منصة القفز " .
في القفزات الاعتيادية توجد لدى اللاعب فرصتان فقط للقيام بذلك ، واحدة على القفاز والثانية على منصة القفز ، ولكن في قفزة اليورشينكو، تكون لدى اللاعب أربع فرص : القفز على قدميه في الركضة التقربية ، والقفز على يديه ايضا في الركضة التقربية ، والقفز بقدميه على القفاز وأخيرا بيديه من منصة القفز .
حتى بعد اكتساب لاعب الجمناستك كل ما لديه من كمية الحركة الزاوية ، فإنه يستطيع العمل على التحكم في سرعة الدوران في قلباته . ويمكنه عمل ذلك عن طريق تغيير قيمة r " " في المعادلة أعلاه . وبما أن أيا من كمية الحركة الزاوية" الزخم الزاوي " و كتلة اللاعب سوف لن تتغير ، فان خفض قيمة r " " سوف يؤدي إلى زيادة سرعة دوران اللاعب . كيف لنا إذن أن تغيير هذه القيمة ؟
عند القيام بقلبة ، فان "محور الدوران" والذي هو خط وهمي يمر من خلال مركز ثقل لاعب الجمناستك ، حول السرة . وقيمة r" " هو متوسط المسافة لأي جزء معين من جسم اللاعب من هذا الخط " محور الدوران " . فعندما يتمدد " يستطيل " الجسم ، فان قيمة r" " ستكون مرتفعة جدا ، أكبر قدر من الجسم ، لا سيما الرأس ، والذي هو بعيدا جدا من وسط الجسم . ومع ذلك ، إذا تم تكوير الجسم ، فإن قيمة r" " ستكون منخفضة جدا ، كما لو ان تقريبا كل اجزاء كتلة الجسم اصبحت قريبة جدا من وسط الجسم . ان انخفاض قيمة r" " سيؤدي الى سرعة دوران اللاعب ، وهو السبب الذي غالبا ما يجعل اللاعب يكور جسمه في شكل الكرة المشددة في منتصف الهواء لتحقيق مزيد من القلبات . ويمكن للاعب من مد جسمه لإبطاء سرعته الدورانية وللتأكد من هبوطه بسلاسة على قدميه .
في الختام ، هناك حاجة لقوانين نيوتن الثلاثة للحركة لوصف القفزة ، و يجب على اللاعب أن يكافح باستمرار لزيادة كلا من الارتفاع لأعلى وكمية الحركة الزاوية "الزخم الزاوي" من أجل الوقوف على فرصة في هذه الرياضة ذات الايقاع الخاطف .
يتدرب اللاعبون لمئات الساعات من اجل اتقان الركض الاكثر سرعة وقوة ، والدفع الاقوى ، والحركات الهوائية الأكثر كفاءة ، وكلها في السعي لتحقيق القفزة الاجمل . و ما هو أكثر من ذلك ، يتعين عليهم جعل الامر يبدو سهلا. |
المفضلات