كم كنت مثقفا عظيما يا بختي.
بعد سنوات من الغياب شدني الحنين إلى وهران -التي كتبت بها جزء من رواية اليربوع-، دخلتها يوم السبت، ورحلت عنها يوم الاثنين، وفي نفسي ألم وحسرة، لم تعد وهران كما عهدتها، قبلة كتاب القصة القصيرة والشعراء، تبدو اليوم كئيبة، حزينة، صامتة بالنهار صاخبة بالليل. مررت بقصر الثقافة فتذكرت ملتقى عمار بالحسن للقصة القصيرة ، تذكرت الراحلين يوسف شاوش وبختي بن عودة،كم كان بختي مثقفا عظيما .
حين تنكر الرفاق والأصحاب للراحل عمار بالحسن -لما غير اتجاهه الفكري- وقف بختي وقفة رجل يؤمن بالاختلاف ويمارسه في الواقع.
أصر بختي على إقامة ملتقى عما بالحسن للقصة القصيرة،و استطاع أن يجمع أغلب القصاصين الجزائريين على اختلاف مشاربهم الفنية والأيديولوجي.
أتذكر صوت الراحل بختي بن عودة حين اتصل بي هاتفيا، وبالأديب بن سالم عبد القادر، وأخبرنا بالملتقى، كان حريصا على إعادة الاعتبار لجنس القصة القصيرة، وإلى تكريم أحد رموزها الراحل عمار بالحسن. ورغم شح الموارد والدعم المادي إلا أن بختي ألح على أن نحضر من أقصى الجنوب، ووعدنا بتعويض تذاكر السفر والتكفل بالإيواء والإطعام. وأوفى بوعده.
أتذكر صورة بختي وهو يطير كالفراشة بين المدعون يقسم بينهم مودته وحبه بعدل، يبتسم لهذا ويمازح هذا ، وبعد أن يطمئن على راحة المدعوين بالنزل ، يغادر-في ساعة متاخرة من الليل- راجلا من وسط المدينة إلى عمارة "زلاميت" ليحتضنه بيته المكون من غرفة واحدة.