نحو تفسير أسهل

الدكتور عائض القرني

سورة الْبَيِّنَة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ



لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴿1﴾
لَمْ يَكُن أهل الكتاب والمشركون تاركين كفرهم حتى تأتيهم العلامة الموعود بها التي ذكرت في كتبهم.

رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً ﴿2﴾
وهذه الآية والعلامة هي مبعث الرسول الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم الذي يتلو قرآنا في مصحف منزه عن الدنس مطهر من الرجس.

فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ﴿3﴾
في هذه الصحف أخبار صادقة وأحكام عادلة وأوامر نافعة وقصص مفيدة ، ومنهج مجيد ، تهدي إلى الحق ، وتدل على الفضيلة ، وترشد إلى الهدى.

وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴿4﴾
ما اختلف أهل الكتاب في صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم إلا بعد ما بُعث بغياً وحسداً ، وإلا فقد كانوا مجمعين على إنه رسول من عند الله كما جاء في كتبهم ، ثم جحدوا وتفرقوا في شأنه.

وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴿5﴾
وَمَا أُمِرُوا في كتبهم وعلى ألسنة رسلهم ـ وهو دين كل نبي ـ إلا بإخلاص العبادة لله والميل من الشرك به ، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، وهذا هو الدين الصحيح الذي لا يقبل الله غيره.

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَاۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ﴿6﴾
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن اليهود والنصارى والمشركين ، مأواهم نار جهنم خالدين فيها ، فهم أشد الناس شراً وأعظم الخليقة فجوراً ، فقد كذبوا القرآن وجحدوا بالرسول وحاربوا الحق.

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴿7﴾
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بالله وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بإخلاص واتباع ، فهم أفضل الخليقة وصفوة الناس ، لأنهم امتثلوا أمر الله واجتنبوا نهيه واتبعوا رسوله واهتدوا بهداه.

جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًاً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴿8﴾
ثوابهم عند الله يوم القيامة جنات خلد ، في مقعد صدق ، ومقام آمن ، وسلام مع النعيم المقيم والفوز العظيم ، وهي جنات تجري من تحتها الأنهار في غاية الحسن ونهاية الجمال ، ومع هذا النعيم رضوان الملك الكريم ، والرحمن الرحيم بقبول أعمالهم ، ورضوا عنه بما أنعم عليهم ، وأغدق عليهم من الكرامة وهذا جزاء كل من خاف مولاه واتقى الله بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه.