آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: الأعداد في احاديث خير العباد 1: إعداد : صبري الصبري

  1. #1
    شاعر الصورة الرمزية صبري الصبري
    تاريخ التسجيل
    15/03/2009
    المشاركات
    1,136
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي الأعداد في احاديث خير العباد 1: إعداد : صبري الصبري

    الأعداد
    في أحاديث خير العباد
    صلى الله عليه وسلم
    ---
    إعداد
    العبد الفقير إلى الله
    صبري الصبري
    ****
    (العدد ثلاثة)
    **
    روي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( آية المنافق ثلاث : إذا حدَّث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان) متفق عليه
    **

    بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين ، أما بعد فأستعين بالله تعالى وأقول أن الحديث المتفق عليه هو ما ورد في الصحيحين صحيح الإمام البخاري وصحيح الإمام مسلم وقد جمعت الأحاديث المتفق عليها في كتاب (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان) وقد سبق الإمامُ البخاري الأمامَ مسلم في صحيحه فهو شيخه رحمهما الله وكان الإمام مسلم يجل الإمامَ البخاري وإذا دخل عليه يقول دعني أقدم قدميك يا إمام المحدثين من فرط تقديره له وهكذا أخلاق العلماء الأجلاء وقد جاء صحيح الإمام مسلم أحسن تبويبا وأدق تنسيقا فقد استفاد من شيخه الإمام البخاري وصحيحه فكانا درة العقد في كتب الأحاديث الشريفة رحمهما الله تعالى وجزاهما عن سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم خير الجزاء
    في هذا الحديث نجد العدد (ثلاثة) حيث أوضح الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن علامة المنافق ثلاثة علامات :

    العلامة الأولى : (إذا حدث كذب) : والكذب آفة خطيرة لا ينبغي أن تكون بمسلم صادق الإيمان ، وقد سئل النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم هل يكذب المؤمن ؟! قال : لا ، وقد أوضح صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن في المعاريض مندوحة عن الكذب والمعاريض هى أقوال يتجنب الإنسان بها الكذب دون الإفصاح عما لا يريد الإفصاح به ، نتعلم ذلك منه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حينما خرج هو وأبو بكر الصديق رضى الله عنه يتفقد ساحة غزوة بدر قبل بدئها ولقيا أعرابيا وسأله عما بدا له وسأله الأعرابي ممن أنتما ؟! فقال له : من ماء ! ، فهو صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نظرا لما للغزوة المرتقبة من أسرار وما لها من اعتبارات دقيقة لم يشأ أن يخبر الأعرابي عن شخصيته الشريفة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، وعن شخصية صديقه رضي الله عنه فأجاب إجابة صحيحة أنهما من ماء فالله خلق الإنسان من ماء مهين ، وربما ظن الأعرابي أن ماء هي موضع ما وربما فهم فهما معينا لكنه لم يعرف ما أراد الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إخفاءه عنه .. وهكذا نتعلم من هذا الموقف كيف نتصرف إن واجهنا موقفا مشابها دون أن نتورط في الكذب الذي هو علامة من علامات النفاق وخصلة ذميمة من خصال المنافقين ، ويلقى الكذابون يوم القيامة عذابا شديدا حيث يحشرون ووجوههم سوداء ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوي للمتكبرين) الزمر ، وفي الحديث الصحيح بالبخاري (اضمن لي ما بين لحييك وما بين فخذيك أضمن لك الجنة) وما بين اللحيين اللسان وهو أداة الحديث صدقا أو كذبا فليكن لساننا رطبا من ذكر الله ، لا من الغيبة والنميمة واللغو والمراء والكذب .

    العلامة الثانية : (إذا وعد أخلف) : الوفاء بالوعد من صفات المؤمنين وإخلاف الوعد من صفات المنافقين حيث تقدح هذه الصفة الذميمة في أخلاق المسلم وفي سماته الطيبة وقد حضت آيات عديدة بكتاب الله عز وجل على الوفاء بالوعود التي يعد بها لذا لابد أن يعرف المسلم حدود ما يستطيع الوفاء به حتى لا يعد وعدا فوق طاقته فيخلفه فيهوي في دركات النفاق والعياذ بالهه تعالى .

    العلامة الثالثة : (إذا أؤتمن خان) : لا إيمان لمن لا أمانة له كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، وهو القائل المؤمن من يأتمنه الناس على أموالهم وودائعهم وأعراضهم وأما المنافق فهو خائن للأمانة لا يؤديها ولا يحرص على أدائها لأصحابها ، فهو والعياذ بالله خوان أثيم مضيع للأمانة مفرط في حقوق الناس لا يثق به أحد ولا يتصف بصفة الأمين المؤدي للأمانات فعنده تضيع ولديه تفقد وعنده تسلب وتسرق بوسائل وأساليب شتى مدارها الخيانة والمكر والخبث والسوء والفسق والغي والفساد مما يؤدي لتقطع الأوصال وفرقة الأواصر وتشتت الروابط وقطع الأوصال وتفرق القربى وتشابك الخلان وتقاتل الجيران ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

    وبعد فهذه أعداد ثلاثة تمثل علامات من علامات النفاق والمنافقين بيّنها لنا الحبيب المحبوب صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لكي نتلاشاها ونتجنبها فلا نكذب ولا نخلف الوعد ولا نخون الأمانة . فجزاه عنا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أحسن الجزاء ورزقنا صدق محبته وصدق اتباعه وأنالنا شفاعته العظمى يوم الدين وصحبته في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

    مهندس مدني استشاري صبري أحمد الصبري
    www.sabryalsabry.blogspot.com
    https://twitter.com/SABRYALSABRY

  2. #2
    شاعر الصورة الرمزية صبري الصبري
    تاريخ التسجيل
    15/03/2009
    المشاركات
    1,136
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي الأعداد في أحاديث خير العباد 2: إعداد : صبري الصبري

    الأعداد
    في أحاديث خير العباد

    صلى الله عليه وسلم
    ***
    إعداد
    العبد الفقير إلى الله
    صبري الصبري
    ****
    العدد (أربعة)
    ***

    روي البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها ، إذا أؤتمن خان وإذا حدّث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر ) متفق عليه

    بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين ، أما بعد فأستعين بالله تعالى وأقول أن العدد أربعة قد جاء في هذا الحديث الشريف المتفق عليه ليبين لنا أربعة خصال من خصال المنافقين وأن من كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من خصال النفاق حتى يدعها ويتخلص منها وهو يعلمنا كيف نجاهد أنفسنا ونتعاهد قلوبنا حتى نخلصها من خصال النفاق ولا ندعها فريسة الشيطان الذي ينفث فيها نفثه ويوسوس فيها وسوسته ، وحدد لنا صلى الله عليه وسلم خصالا أربع من كن فيه كان منافقا خالصا حيث تحكم فيه النفاق والعياذ بالله .. فأطاح بأمانته وبصدق حديثه وبوفائه للعهد وجعله مخاصما فاجرا وهي خصال تودي بمروءة المسلم وتقصيه عن ضياء الإيمان ونور الإسلام ووضاءة الإحسان .. خصال تنتهك وتخترق أهليته المعتبرة في التعامل مع الآخرين لأنهم يدركون من خلال سقوطه في براثن تلك الخلال السقيمة أنه إنسان خائن كاذب ناكث للوعد ناقض للعهد فاجر الخصومة ، مما يعني أنه خبيث السريرة ماكر الطوية سيء النية ، والعياذ بالله تعالى من ذلك ، هيا نستعرض سويا باختصار تلك الخصال الأربع من خصال المنافقين حتى نتلاشاها :

    الخصلة الأولى : إذا أؤتمن خان :

    الخيانة خصلة ذميمة توجب غضب الله تعالى فهو جل وعلا لا يحب كل خوان كفور وقد أمر جل وعلا أن تؤدى الأمانات إلى أهلها (إن الله يأمركم أن توأدوا الأمانات إلى أهلها) النساء ، والأمانة حملها الإنسان (وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا) الأحزاب ، والخيانة يمكن أن تكون خيانة الإنسان لله تعالى بألا يؤدي تكاليف ما تكلف ما أمره الهه به وما نهاه الله عنه ( يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون) الأنفال ، كذلك خيانة الناس مسلمين أو غير مسلمين في جحد أماناتهم وسلب حقوقهم وبخس الناس أشيائهم وعدم رد أماناتهم باقتراف تلك الخيانة المقيتة المذمومة ، فالمسلم يؤدي الأمانة إلى من ائتمنه ولا يخن من خانه ، ومن علامات الساعة ضياع الأمانة ( إذا ضُيّعت الأمانة فانتظر الساعة ) ، ولكي ندرك ما في أخلاق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم من مكارم عظيمة نراه صلى الله عليه وسلم والكفار يطاردونه ويخططون لقتله في مكة المكرمة يخلّف صلى الله عليه وسلم عليا بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه لرد الأمانات التي أودعوها عنده صلى الله عليه وسلم ، فياللعجب العجاب يلقبونه بالصادق الأمين ويكذبونه بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم فهو سيد الأمناء وإمام المؤدين للأمانات قدوتنا وأسوتنا الحسنة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .

    الخصلة الثانية : إذا حدث كذب :

    الكذب خصلة شنيعة وآفة فظيعة ومرض خطير من أمراض القلب واللسان يهوي بالكاذب إلى هاوية سحيقة من الخزي والعار والشنار ، اتصف به الكفار والمنافقون وأصبح صفة لصيقة بهم وأصاب بعض المسلمين شرره وأصيبوا بعدواه البغيضة ، وقد يتعلمه الأبناء من الآباء بعمد أو غير عمد جراء تصرفات خاطئة أو سذاجة طارئة فعلينا الإنتباه حتى نربي أبناءنا على الصدق وعدم الكذب فالصدق منجاة والكذب مهلكة أعاذنا الله منها ، وجنبنا ويلاتها ومخاطرها ومصائبها في الدنيا والآخرة .

    الخصلة الثالثة : إذا عاهد غدر :

    الغدر من خصال المنافقين ، ولكل غادر لواء يوم القيامة يقال : هذه غدرة فلان كما جاء حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ، يفضح الله تعالى الغادرين يوم الحشر على رؤوس الأشهاد بأن يجعله يحمل لواء الغدر ويمشي أمام الناس بالمحشر وينادي منادي : هذه غدرة فلان ويذكر موضوع الغدر وكيف غدر يوم كذا فضيحة له وانتصارا لمن غدر به ، ذكر ذلك لنا الحبيب صلى الله عليه وسلم حتى نتلاشى الغدر ويزدجر الغادرون ويرتدعوا عن غدرهم واستهانتهم بالعهود والوعود ونكثهم بالمواثيق ، وقد حفلت الآيات القرآنية بالحض على الوفاء بالعهود والعقود والوعود ، (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) المائدة ، (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا) الإسراء ، فالمسلم لا يغدر بل يوفي العهود ويصدق الوعود ويلتزم بالمواثيق ويحسن الأداء ويتقن الوفاء ، والعهود تنقسم قسمين عهود بين المسلم والخالق جل وعلا وعهود بين المسلم والمخلوقين ، فأما الأولى فهي عهود السمع والطاعة والإلتزام بالتوبة النصوح والإخلاص له جل وعلا والصدق في عبادته والعمل بشرعته سبحانه وتعالى إلى غير ذلك من عهود ، والثاني عهود بين المسلم والمخلوقين وهي كل عهد متفق عليه شفاهة أو مكتوبا تعهده المسلم بإرادته واختياره وقد التزم الحبيب صلى اله عليه وسلم بالمعاهدات التي عقدها مع كفار مكة ووفاها فهو خير من يوفي بالعهود ويصدق في الوعود ويحفظ المواثيق فلنتعلم منه صلى الله عليه وسلم ذلك .

    الخصلة الرابعة : إذا خاصم فجر :

    الفجر في الخصام من خصال المنافقين ، هي خصلة تودي لمهالك جمة لأنها تمزق الروابط الإجتماعية للمجتمع ، فالمسلم هين لين بشوش سلام على المجتمع يسلم المسلمون من لسانه ويده ، يقبل على الناس بسماحة وابتسام في وجوههم ، بطيئ الغضب سريع الفيء أي العودة للصلح والصفاء والإخاء ، أما المنافق والعياذ بالله فهو يصب الزيت على النار يؤججها ويزيد في إشعالها ويحرق المجتمع كله بأراجيف وتدابر وشقاق وفرقة وخصام ، لا يقبل الصلح فهمه خراب البيوت وإفساد المجتمع وهدم أواصره ، والمسلم ربما يغضب ويخاصم بحكم طبيعته البشرية لكنه لا يتمادى في الخصام ويرضى بالصلح ويعفو ويصفح ولا يعطي الشيطان فرصة لتعميق الجراح وشق الصفوف ، وإنما يبادر للم الشمل ورأب الصدع ، وعلى المسلم أن يقبل من أخيه اعتذاره إن أتاه معتذرا مخطأ كان أو مصيبا ، فهذا من علامات الإيمان وصدق اتباع الحبيب صلى الله عليه وسلم الذي أرشدنا إلى كل خير وحذرنا من كل شر فجزاه عنا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أحسن الجزاء ورزقنا صدق محبته وصدق اتباعه وأنالنا شفاعته العظمى يوم الدين وصحبته في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

    مهندس مدني استشاري صبري أحمد الصبري
    www.sabryalsabry.blogspot.com
    https://twitter.com/SABRYALSABRY

  3. #3
    شاعر الصورة الرمزية صبري الصبري
    تاريخ التسجيل
    15/03/2009
    المشاركات
    1,136
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي الأعداد في أحاديث خير العباد 3: إعداد : صبري الصبري

    الأعداد
    في أحاديث خير العباد
    صلى الله عليه وسلم
    ***
    إعداد
    العبد الفقير إلى الله
    صبري الصبري
    ****
    (العدد خمسة)
    ***
    روي البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أُعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي : نصرت بالرُّعبِ مسيرة شهر وجُعلت لي الأرض كلها مسجداً وطهوراً . فأيُّما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ، وأحلت لي الغنائم ، ولم تحل لأحد قبلي ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة " متفق عليه .

    بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين ، أما بعد فأستعين بالله تعالى وأقول أن العدد خمسة قد جاء في هذا الحديث الشريف المتفق عليه ليبين لنا جانبا من خصائص الحبيب المحبوب للأرواح والأنفس والقلوب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو يتحدث بنعمة الله تعالى عليه ويقر بها شكرا لله وحمدا وليعلمنا صلى الله عليه وسلم جانبا من قدره الشريف ومقامه المنيف وليعلمنا أن نتحدث بنعم الله تعالى علينا شكرا لله تعالى وحمدا (وأما بنعمة ربك فحدث) الضحى ، وهذه الخصائص أختص بها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم من دون الأنبياء والمرسلين أعطاه الله تعالى إياها واختصه بها فضلا من الله وبسطا فهو حبيبه صلى الله عليه وسلم ومصطفاه ومجتباه ولا حرج على فضل الله يختص برحمته من يشاء ، ونستعرض تلك العطاءات الخمس :

    الأولى : ( نُصرت بالرعب مسيرة شهر )

    جعل الله تعالى لرسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نصرا بالرعب مسيرة شهر إذ يُلقي الله جل وعلا في قلوب أعدائه الرعب وبينهم وبينه صلى الله عليه وسلم مسيرة شهر ، فينهزمون ويجبنون ويرتدعون ويرتعدون منه صلى الله عليه وسلم ، وبهذه المزية وتلك العطية انتصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتصر الإسلام والمسلمون في عهده صلى الله عليه وسلم ، وحدثت معجزات جمة في غزواته صلى الله عليه وسلم ، وكانت هذه العطية الربانية سببا في حق دماء أعدائه صلى الله عليه وسلم أي كانت رحمة لأعداء الإسلام قبل أن تكون رحمة للمسلمين المجاهدين في سبيل الله في عهده صلى الله عليه وسلم ، إذا أنها حالت بين هؤلاء الذين يبعدون عن الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم مسيرة شهر فما دون ذلك وبين مواجهتهم جيش المسلمين وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من أمَّر عليهم من الأمراء في الغزوات أو السرايا وهكذا نرى أنه صلى الله عليه وسلم رحمة حتى على الكفار وصدق الله تعالى إذ قال في محكم كتابه ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) الأنبياء ، وجدير بالذكر أن المسلم الصدوق له نصيب ولو قليل من تلك الكرامة فمن خاف الله تعالى أخاف الله منه كل شيء ومن عصى الله تعالى أخافه الله تعالى من كل شيء ، أسال الله تعالى أن يلقي في قلوب أعداء المسلمين الرعب وأن يمزقهم شر ممزق وأن يجعلهم غنيمة للمسلمين فقد عم الخطب وزاد الكرب وادلهمت الظلمة وتأخرت خير أمة فكن لنا يا ربنا ولا تكن علينا يا خير الناصرين .

    الثانية : ( جُعلت لي الأرض كلها مسجداً وطهوراً )

    جعل الله تعالى لحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم الأرض مسجدا وترابها طهورا فمتى أدركته الصلاة فليصل صلى الله عليه وسلم ومن فضل الله تعالى على حبيبه وعلى أمته أن أعطى للأمة تلك العطية الربانية فقال صلى الله عليه وسلم ( فأيُّما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ) فالحمد لله الذي حبانا تلك النعمة وأسدانا تلك الهدية التي تيسر لنا الصلاة وتقربنا من الحنان المنان بالتيمم إذا فقدنا الماء بشروط ذلك ومهد لنا افتراشنا الأرض الطهورة مصلين مقبلين على الله رب العالمين ، وهذا من تيسير الله تعالى للأمة أن تتقرب له بالصلاة التي هي معراج المؤمن لربها وبارئها وخالقها جل وعلا ، ويجب أن تتعلم الأجيال تلك النعمة العظيمة وشروط التيمم بالصعيد الطيب وهيئه وكيفية وأن الصلاة لا عذر لنا في تركها وأنها عماد الدين وأنها الفارق بينا وبين الكفار وأنها ركيزة حساب المؤمن يوم القيامة وأنها مضاعفة الأجر وأنها شرعت من فوق سبع سموات في ليلة الإسراء والمعراج ، وما لصلاة الجماعة من زيادة على صلاة الفرد ، وما لخشوعنا فيها من ثواب ، وما لختمها من أجر وما لنوافلها من إكمال لفرائضها ومن للدعاء في دبرها من فوائد حسان فالدعاء مخ العبادة ، وفقنا الهه لحسن إقامتها ورزقنا الخشوع فيها وتقبلها منا بمحض فضله وكرمه .

    الثالثة : ( أحلت لي الغنائم )

    جعل الله تعالى لنبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم الغنائمَ حلالا له ولم تحل الغنائم لأحد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك أحلت الغنائم لأمته تحفيزا للمجاهدين على الجهاد طمعا فيما عند الله تعالى من أجر وثواب في الآخرة وانتفاعا بما يغتنمون من غنائم في الغزوات والسرايا والمعارك والحروب التي يخوضونها لكي تكون كلمة الله تعالى هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى ومن حكمة ذلك تجريد الكفار من أدوات عدتهم وعتادهم ومقوماتهم الاقتصادية التي يحاربون بها المسلمين ويتقوون بها على قتالهم وتعجيزهم حتى يسمعوا الحق ويتدبروه ولا يستعلون بما لديهم عليه بوقوفهم بما لديهم من أدوات ومعطيات في وجه الدعوة الإسلامية والنيل من المسلمين المجاهدين وتهديد الآمنين والإغارة عليهم وسلبهم ونهبهم ولقد حدد الله تعالى كيفية قسمة الغنائم وحذر من الغلول فيها وبين سلوك المؤمنين حيال لك وهو السلوك القويم الذي يناسب الغايات السامية التي من أجلها شرع الجهاد في سبيل الله عز وجل .

    الرابعة : ( أُعطيت الشفاعة )

    أعطى الله تعالى لحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم الشفاعة العظمى يوم الدين حيث يعاني الناس بالمحشر ما يعانون من كرب وآلام ويبحثون عن شفيع لهم عند ربهم للعرض والحساب فيذهبون لآدم وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام فيقول كل واحد منهم لست لها ويزكون الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فيقول أنا لها أنا لها ويسجد لله تعالى ويحمده جل وعلا بمحامد يفتحها عليه صلى الله عليه وسلم فيناديه ربه جل وعلا : ارفع رأسك يا محمد واشفع تُشَفَّع وسل تعط ، ويمن الله تعالى عليه بقبول شفاعته وإجابته سؤله ، فيشفع للعرض ويشفع في الحساب ويكون تارة عند الحوض وتارة عند الميزان وتارة عن الصراط يشفع للأمة لا يهدأ له بال صلى الله عليه وسلم حتى يطمئن على أمته حتى من دخل النار منهم يسأل الله له العفو والمغفرة فيخرجهم الله تعالى من النار بقدرته وعفوه وكرمه جل وعلا حتى لا يبقى في النار موحد شهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويشفع الحبيب صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر من أمته فينالون عفو الله ورحمته ، وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن أولى الناس بشفاعته أكثرهم صلاة عليه صلى الله عليه وسلم ، ومن قال مثل ما قال المؤذن ثم قال اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة وابعثه اللهم المقام المحمود الذي وعدته فتحل له شفاعة الحبيب صلى الله عليه وسلم ، اللهم ارزقنا شفاعته العظمى يوم الدين يا رب العالمين .

    الخامسة : ( كان النبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس عامة )

    نبينا وحبيبنا ورسولنا الأمين محمد صلى الله عليه وسلم نبي عالمي بعثه الله تعالى رحمة للعالمين ولم يبعثه لقومه فقط بل بعثه للإنس والجن وخصه بذلك دون الأنبياء والمرسلين الذين أرسلوا لأقوامهم كل على حدة لكنه صلى الله عليه وسلم بعث للناس كافة لذا جاء الخطاب القرآني للناس أجمعين (يا أيها الناس) ، ولأهل الكتاب (يا أهل الكتاب) وللذين آمنوا ( يا أيها الذين آمنوا) وجاءت دعوته للإنس والجن وجاءت سور القرآن حافلة بقصص الأولين والآخرين وما جرى بين الأنبياء والمرسلين وأقوامهم وحكى لنا أحداثهم وعبرهم وعذابهم إن كفروا ومآلهم إن صدقوا ، كما هيمن القرآن على ما سبقه من كتب وشهد الرسول عليهم وشهدت أمته على ما سبقتها من أمم ، فالإسلام دين عالمي لأن رسوله عالمي وكتابه عالمي ورسالته عالمية لا فضل فيها لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى والعمل الصالح ، ومن حكمة الله تعالى وتقديره أن بالعصر النبوي عاش من كل قارة من قارات الدنيا مندوب لها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن قارة أفريقيا كان بلال بن رباح رضى الله عنه مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم ومن قارة آسيا كان سلمان الفارسي رض الله عنه ومن قارة أوربا والغرب كان صهيب الرومي رضى الله عنه فازوا بصحبة الحبيب صلى الله عليه وسلم وامتزجت ثقافاتهم وانصهرت في بوتقة الإسلام وجاهدوا في الله تعالى حق جهاده فكانوا لبني جلدتهم ولنا منارات إشعاع للخير والإيمان واليقين ، كما جاءت بعض الكلمات المتداولة في اللغة الحبشية واللغة الفارسية في كتاب الله عز وجل مثل كلمة مشكاة وكلمة تنّور فاندمجت مع اللغة العربية لحكمة ربانية جذبا لأهلها ودلالة على عالمية الإسلام وإشارة على تضمين ثقافاتهم ثقافة المسلمين العالمية التي لا تعرف حدود ولا تعترف بعنصرية ولا تمييز على أساس اللون أو العرق فالكل لآدم وآدم من تراب ولا فضل لأحد إلا بالتقوى والعمل الصالح ، (ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ، قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحي ويميت ، فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون ) الأعراف

    مهندس مدني استشاري صبري أحمد الصبري
    www.sabryalsabry.blogspot.com
    https://twitter.com/SABRYALSABRY

  4. #4
    شاعر الصورة الرمزية صبري الصبري
    تاريخ التسجيل
    15/03/2009
    المشاركات
    1,136
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي الأعداد في أحاديث خير العباد 6 : إعداد : صبري الصبري

    الأعداد
    في أحاديث خير العباد
    صلى الله عليه وسلم
    إعداد
    العبد الفقير إلى الله
    صبري الصبري
    ****
    (العدد اثنان)
    ***
    روي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

    (كلمتان خفيفتان على اللسان , ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلي الرحمن , سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم )) متفق عليه .


    بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين ، أما بعد فأستعين بالله تعالى وأقول أن العدد اثنان قد جاء في هذا الحديث الشريف المتفق عليه ليبين لنا كلمتين لهما مواصفات ثلاث يجمع من قالهما وذكر الله تعالى بهما وتعبد لخالقه جل وعلا خاشعا حاضر القلب بهما نال ما عند الله تعالى من الفضل والأجر بكرم الله تعالى ورضوانه .
    ولنستعرض مواصفات الكلمتين :

    أولا : أنهما خفيفتان على اللسان :

    تمتاز الكلمتان أنهما خفيفتان على اللسان إذ أن المشتغل بالذكر بهما يجد بهما خفة على لسانه يجريان عليه بيسر وسهوله فلا يجد ثقلا ولا عسرا لأن حفظهما سهلا يسكنان العقل والقلب وينسابان على اللسان بتلقائية نورانية جليلة . يستطيع أن يذكر الله تعالى بهما ذكرا كثيرا في وقت قصير وبالتالي يحصد الأجر الوفير في زمن قليل .

    ثانيا : أنهما ثقيلتان في الميزان :

    تمتاز الكلمتان أنهما ثقيلتان في الميزان يوم تنصب الموازين القسط يوم القيامة يجد المسلم الذاكر لهما ثقلا له في ميزان حسابه فترجح كفة الحسنات بهما ويكونان سببا في تكثير وتثقيل ما لقي الله تعالى به من خير وتغليب ذلك على ما حصد من شر وإثم .

    ثالثا : أنهما حبيبتان إلى الرحمن :

    تمتاز الكلمتان أنهما حبيبتان إلى الرحمن جل وعلا وهذا شرف عظيم للكلمتين حيث أحبهما الله عز وجل وأحب أن يتقرب إليه المتقربون بهما ويذكره الذاكرون بهما ويطيعه الطائعون بهما ، وشرف عظيم لمن داوم على ترديدهما بقلب حاضر سليم إذ أنه يعرف أنهما محببتان للرحمن جل وعلا فجعلهما سبيلا لمرضاته وطاعته جل وعلا .

    ما هما الكلمتان ؟

    أولا : سبحان الله وبحمده

    سبحان الله أي أنزه الله تعالى تنزيها عن كل ما لا يليق بجلاله وعظمته جل وعلا ، وأحمده حمدا كثيرا على كل ما أنعم به عليّ من نعم وما تفضل به من كرم وأجلها نعمة الإسلام وكفى به نعمة ، فبحمده وبشكره تدوم النعم وتزيد فهو أكرم الأكرمين وأعظم المنعمين وإله العالمين سبحانه وتعالى عما يصفون وتعالى علوا كبيرا .

    وجاء في لسان العرب : وسبحان الله: معناه تنزيهاً لله من الصاحبة والولد، وقيل: تنزيه الله تعالى عن كل ما لا ينبغي له أَن يوصف، قال: ونَصْبُه أَنه في موضع فعل على معنى تسبيحاً له، تقول: سَبَّحْتُ الله تسبيحاً له أَي نزهته تنزيهاً، قال: وكذلك روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم؛ وقال الزجاج في قوله تعالى: سُبْحانَ الذي أَسْرَى بعبده ليلاً؛ قال: منصوب على المصدر؛ المعنى أُسبِّح الله تسبيحاً. قال: وسبحان في اللغة تنزيه الله، عز وجل، عن السوء؛ روى الأَزهري بإِسناده أَن ابن الكَوَّا سأَل عليّاً، رضوان الله تعالى عليه، عن سبحان الله، فقال: كلمة رضيها الله لنفسه فأَوصى بها.

    وجاء في لسان العرب :
    الحمد: نقيض الذم؛ ويقال: حَمدْتُه على فعله، ومنه المَحْمَدة خلاف المذمّة.
    وفي التنزيل العزيز: الحمد لله رب العالمين.
    وأَما قول العرب: بدأْت بالحمدُ لله، فإِنما هو على الحكاية أَي بدأْت بقول: الحمدُ لله رب العالمين؛ وقد قرئ الحمدَ لله على المصدر، والحمدِ لله على الإِتباع، والحمدُ لله على الإِتباع؛ قال الفراء: اجتمع القراء على رفع الحمدُ لله، فأَما أَهل البدو فمنهم من يقول الحمدَ لله، بنصب الدال، ومنهم من يقول الحمدِ لله، بخفض الدال، ومنهم من يقول الحمدُ لُلَّه، فيرفع الدال واللام؛ وروي عن ابن العباس أَنه قال: الرفع هو القراءَة لأَنه المأْثور، وقال اللحياني: الحمد الشكر فلم يفرق بينهما. الأَخفش: الحمد لله الشكر لله، قال: والحمد لله الثناء. قال الأَزهري: الشكر لا يكون إِلا ثناء ليد أَوليتها، والحمد قد يكون شكراً للصنيعة ويكون ابتداء للثناء على الرجل، فحمدُ الله الثناءُ عليه ويكون شكراً لنعمه التي شملت الكل، والحمد أَعم من الشكر.
    وقد حَمِدَه حَمْداً ومَحْمَداً ومَحْمَدة ومَحْمِداً ومَحْمِدَةً، نادرٌ، فهو محمود وحميد والأُنثى حميدة، أَدخلوا فيها الهاء وإِن كان في المعنى مفعولاً تشبيهاً لها برشيدة، شبهوا ما هو في معنى مفعول بما هو بمعنى فاعل لتقارب المعنيين.
    والحميد: من صفات الله تعالى وتقدس بمعنى المحمود على كل حال، وهو من الأَسماء الحسنى .

    ثانيا : سبحان الله العظيم

    سبحان الله العظيم أنزه الله العظيم عن كل ما لا يليق بجلاله وعظمته جل وعلا ، فهو العظيم المستحق للعبادة رب الأكوان خالق الإنس والجان سبحانه له العظمة والعزة والجبروت الغفار القهار له الأسماء الحسنى والصفات العلا .

    جاء في لسان العرب :

    مِنْ صِفاتِ الله عزَّ وجلَّ العلِيُّ العَظِيمُ، ويُسبِّح العبدُ رَبَّه فيقول: سبحان رَبِّي العظيم؛ العَظِيمُ: الذي جاوَزَ قدْرُهُ وجلَّ عن حدودِ العُقول حتى لا تُتَصَوَّر الإحاطةُ بِكُنْهِه وحَقِيقتهِ.

    تأملات في الحديث الشريف :

    هذه نعمة عظمى علمنا إياها سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم كي نحصد الأجر الكبير في زمن قليل فمن اشتغل بذكر الله تعالى بهما نال ما نال من فضل الله ورحمته وكان لسانه رطبا بذكر الله ضمن ما ورد من أذكار أخرى بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجمع بها حسنات كثير تملأ صفحاته وطوبى لمن وجد يوم القيامة في صحائفه حسنات كثيرة ، كما أن تلك النعمة العظمى تحقق إنشراح الصدر ونقاء السريرة وصفاء الروح وهدوء النفس وراحة البال فما أعظم ذكر الله وما أجل شأنه وقد أشاد الله تعالى بالذاكرين والذاكرات ، ضمن إشادته بعباده الصالحين الفالحين في سورة الأحزاب : ( إِنَّ المُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ والمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ وَالقَـانتِينَ وَالقَانتات والصادقين والصَّـاِدقَاتِ والصَّابِرِينَ والصابرات والخاشِعِينَ والخاشعات والمتصَدِّقِينَ والمُتَصَدِّقات والصّائِمِينَ والصائمات والحافظين فُرُوجَهُمْ والحافظات والذَّ‌اكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرًا والذاكرات أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) الأحزاب ﴿٣٥﴾

    كما أمر الله تعالى بذكره تعالى ذكرا كثيرا وتسبيحه بكرة وأصيلا :

    ( يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا ٱذْكُرُوا ٱللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴿٤١﴾ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا ﴿٤٢﴾ هُوَ ٱلَّذِى يُصَلِّى عَلَيْكُمْ وَمَلاكَتُهُۥ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَـات إِلَى ٱلنُّورِ وَكَانَ بالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴿٤٣﴾ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُۥ سَلام وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرا كَرِيما ﴿٤٤) ) الأحزاب

    كما وصف جل شأنه الذين يذكرونه سبحانه وتعالى قياما وقعودا وعلى جنوبهم بأنهم أولو الألباب أصحاب النهى الراجحة والعقول المشتغلة بآيات الله تعالى وما خلق في كونه من آلاء وما يحدث فيه من اختلاف الليل والنهار وتعاقبهما ويمزجون ذلك بالدعاء والتبتل له فيمن الله عليهم باستجابة دعاءهم وهو ما جاء في سورة آل عمران :

    (إنَّ فِى خَلْقِ السموات وَٱلْأَرْضِ واختلاف ٱلَّيْلِ لآيات لِّأُولِى ٱلْأَلْبَـابِ ﴿١٩٠﴾ ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَـامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ السموات وَٱلْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـذَا بَـطِلًا سُبْحَـانَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ﴿١٩١﴾ رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُۥ وَمَا لِلظَّـالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ﴿١٩٢﴾ رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِى لِلْإِيمَـانِ أَنْ ءَامِنُوا بِرَبِّكُمْ فآمنا رَبَّنَا فاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّـئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلْأَبْرَارِ ﴿١٩٣﴾ رَبَّنَا وَءَاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ ٱلْقِيَـامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ ﴿١٩٤﴾ فاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّى لا أُضِيعُ عَمَلَ عَـامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَـارِهِمْ وَأُوذُوا فِى سَبِيلِى وَقَـاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّـئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّـاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَـارُ ثَوَابا مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسْنُ ٱلثَّوَابِ ﴿١٩٥)

    فما أحرانا أن تكون ألسنتنا دائما رطبة بذكر الله عز وجل اقتداء بحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي كان يذكر الله عز وجل في كل أحايينه ، والحمد لله الذي أكرمنا بفضله وأنعم علينا بنعمة ذكره وبعث لنا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ليعلمنا الخير والرشاد فجزى الله تعالى حبيبه المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم خير الجزاء ورزقنا صدق محبته وصدق اتباعه وأنالنا شفاعته العظمى يوم الدين وصحبته في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

    مهندس مدني استشاري صبري أحمد الصبري
    www.sabryalsabry.blogspot.com
    https://twitter.com/SABRYALSABRY

  5. #5
    شاعر الصورة الرمزية صبري الصبري
    تاريخ التسجيل
    15/03/2009
    المشاركات
    1,136
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي الأعداد في أحاديث خير العباد 5 : إعداد : صبري الصبري

    الأعداد
    في أحاديث خير العباد
    صلى الله عليه وسلم
    ***
    إعداد
    العبد الفقير إلى الله
    صبري الصبري
    ****
    (العدد ستة)
    ***

    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( حق المسلم على المسلم ست : إذا لقيته فسلِّم عليه , وإذا دعاك فأجبه , وإذا استنصحك فانصح له , وإذا عطس فحَمِد الله فشمِّته , وإذا مرض فعُدْه , وإذا مات فاتبعه )) رواه مسلم .


    بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين ، أما بعد فأستعين بالله تعالى وأقول أن العدد ستة قد جاء في هذا الحديث الشريف الصحيح ليبين لنا حق المسلم على المسلم فالمسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يسلمه ولا يخونه ولا يكذبه ولا يحقره ولا يظلمه وهو معه كالبنيان والمرصوص يشد بعضه بعضا ، والمسلم هو من شهد ألا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وأقام الصلاة وآت الزكاة وصام رمضان وحج البيت ما استطاع إليه سبيلا ، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمسلم الحق هو من سلم قلبه لله تعالى واستسلم له جل شأنه ، وسلم قلبه من الغش والحسد وعمل بما أنزل الله تعالى ، وهو الذي يفخر ويعتز بإسلامه وبأنه من المسلمين : ( وَمَنْ أَحْسَنُ قولا مِّمَّن دَعَآ إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالحا وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ ) فصلت 33 ، وهو الذي يطبق الإسلام تطبيقا عمليا بسماحة وبشاشة ويسر متأسيا بالرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي بين أن ابتسامك أيها المسلم في وجه أخيك صدقة لك وعرفنا حقوق المسلم على المسلم وهو حقوق يؤديها المسلم لأخيه المسلم حينما يحين حينها ويأتي أوانها وتنعقد أسبابها ، وهي حقوق للمسلم أيضا له سوف تُؤدى له من غيره فهو له ذات الحقوق التي يؤديها فبذا ينتشر الود والحب بين المسلمين وتسود الألفة بينهم وتُحفظ الحقوق وتُصان ، وجدير بالذكر أن أي خلل في العلاقات الحميدة بين المسلم والمسلم قرين ضياع تلك الحقوق وعدم صيانتها والتفريط في أدائها على الوجه المطلوب ، فما أحوجنا إلى التفاني في الإستمساك بكل ما يؤدي إلى علاقات حميدة بين المسلم والمسلم حتى يصلح الفرد المسلم وبالتالي تصلح الجماعات والمجتمعات الإسلامية والبلدان والأقطار والأمة الإسلامية كلها ولنستعرض تلك الحقوق الست :


    الحق الأول : ( إذا لقيته فسلِّم عليه )


    السلام شعار الإسلام والمسلمين وهو تحيتهم في الدنيا والآخرة ، وهو سبب من أسباب التواد والمحبة بين المسلمين وقد أمر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بإفشاء السلام بين المسلمين حيث قال ( لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا ، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم : أفشوا السلام بينكم ) ، فإفشاء السلام وسيلة ورسالة سامية للمسلم يحرص عليها ويؤديها باستمرار ويسلم على من عرف ومن لم يعرف لأن السلام لا يختص به المسلم من عرف من الناس بل يمتد ليشمل من لم يعرف أيضا فيأتي التعارف والإخاء والرحمة والوئام الإجتماعي المطلوب لصلاح الفرد والجماعات وهو إعلام وإعلان للمسلم عليه أنه سالم من الأذى آمن من الخوف مطمئن أنه في رحاب صفو وسكينة فلا يفزع ولا ينزعج ولا يرتاب فيمن قابله فيبدأ اللقاء بهذا المحتوي النوراني الجميل فيحلو ما بعد السلام من كلام ويمتاز بالفضائل والمزايا ، وصيغة السلام التي يأخذ المسلم عليها الدرجة الكاملة والأجر الوافي (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) وكل كلمة لها عشر حسنات والله يضاعف لمن يشاء برحمته ورضوانه ، والبدء بالسلام سنة ورده فرض ، وتجديد السلام إذا حجبك عن أخيك المسلم حاجب أو بنيان أو شجرة هو من دواعي زيادة الأمن والسلام والطمأنينة في النفوس وزيادة في الأجر والمثوبة ، ويشمل السلام سلام الرجل على أهل بيته إذا دخل بيته وحدد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم كيفية إفشاء السلام بين المسلمين بأن يسلم الراكب على الماشي ، والماشي على الواقف ، والصغير على الكبير بالكيفية التطبيقية الصحيحة لذلك ويجب على المسلم تعليم أبناءه ذلك وتعويدهم عليه واستمرار متابعته لهم حتى يمتزج السلام في وجدانهم ويختمر في أنفسهم وأرواحهم ، وأوضح صلى الله عليه وسلم كيفية رد السلام في حالة سلام الفرد على جماعة وإنابة أحدهم أو بعضهم في رد السلام عن بقيتهم ومن فضل الله ورحمته أن جعل السلام تحية أهل الجنة (تحيتهم فيها سلام) اللهم اجعلنا من أهل السلام في الدنيا والآخرة يا رب العالمين .


    الحق الثاني : ( وإذا دعاك فأجبه )


    إذا دعى المسلم المسلم فمن حق الداعي على المدعو أن يجيب الدعوة ويحرص على ذلك ما استطاع إلى ذلك سبيلا خاصة في وليمة النكاح وكل ما يتعلق بالدعوة التي فيها اجتماع خير وفق سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ففي ذلك تطبيق للسنة المحمدية وزيادة لروابط الألفة والمحبة وإدخال السرور والبهجة على نفس الداعي وإشعاره بالتقارب والحسنى خاصة حينما يجد الدعم المعنوي وعرض الدعم المادي عليه من أقربائه وجيرانه وأصدقائه المدعوين ، فالغاية غاية حميدة لأن المسلمين لا يجتمعون إلا على الخير والصلاح لذا لا يجب إجابة دعوة فيها مخالفات شرعية أو لهو أو فجور أو فسوق والعياذ بالله تعالى ، وتجنب ما يشوب الدعوات الصحيحة من مهاترات أو مخالفات أو تجاوزات حتى تكون الدعوة وإجابتها في طاعة الله تعالى وطاعة ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وكما تؤدي حق أخيك المسلم فلك حق تلقي إجابات المسلمين الذين دعوتهم فكما عليك حقوق فلك حقوق مثلها فلنحسن أداء ذلك .


    الحق الثالث : ( وإذا استنصحك فانصح له )


    الدين النصيحة كما أوضح الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم النصيحة لأولياء الأمور ولخاصة المسلمين وعامتهم في صدق وسلامة صدر وحكمة رأي وحسن سريرة ، فإن ذلك من حقوق المسلم على المسلم فالنصح يؤدي إلى نتائج طيبة وما خاب من استشار واستنصح وسأل أخاه المسلم الرأي والمشورة في الأمور التي تختلط عليه واختار الناصح الأمين المشهود له بالنزاهة والصدق ، ونلاحظ قول الحبيب المصطفى صلى الهَ عليه وسلم (استنصحك) أي طلب النصح ، فالنصح يكون حقا واجب الأداء بتجرد ومصداقية أما إذا لم يطلب النصح فلا نصح واجب له ، إلا إذا رأى المسلم أخاه ينزلق من منزلق خطر فيبادر هو بالنصح له ، فلربما كان غافلا عن ذلك فإنقاذه حينئذ والمبادرة بنصحه يكون واجبا حتى تتحقق مصلحته في النجاة ، ويجب أن يكون النصح برفق فالنصيحة على الملأ فضيحة كما يجب أن يكون بأسلوب هين لين محبب للنفوس بعيدا عن الغلظة والشدة والجفاء .. أسلوب يجذب الإنسان المنصوح إلى الناصح فيبتهج قلبه ويسعد وجدانه وتنبسط جوارحه فيتحول النصح لمنهاج عملي يقيل المنصوح من عثرته ويقيمه من حفرته ويسير به على صراط مستقيم ويمهد له طريق الفلاح والنجاح .


    الحق الرابع : ( وإذا عطس فحَمِد الله فشمِّته )


    الحق الرابع للمسلم على أخيه المسلم إنه إذا عطس فحمد الله تعالى فشمته ونلاحظ حرف الفاء الدالة المسارعة في حمد الله تعالى بعد العطاس للعاطس والمسارعة في التشميت للمشمت ، ولكي ندرك معنى العطاس والتشميت ذهبت لقواميس اللغة لمعرفة ذلك :
    ( عَطَسَ الرجل يَعْطِس، بالكسر، ويَعْطُس، بالضم، عَطْساً وعُطاساً وعَطْسة، والاسم العُطاس وفي الحديث: كان يُحِب العُطاس ويكره التَّثاؤب. قال ابن الأَثير: إِنما أَحبَّ العُطاس لأَنه إِنما يكون مع خفة البدن وانفتاح المسامِّ وتيسير الحركات، والتثاؤب بخلافه، وسبب هذه الأَوصاف تخفيفُ الغذاء والإِقلال من الطعام والشراب ، إنَّ اللهَ يُحِبُ العُطاسَ ويكره التَثاؤب , والمَعْطِس والمَعْطس: الأَنف لأَن العُطاس منه يخرج. قال الأَزهري: المَعْطِسُ، بكسر الطاء لا غير، وهذا يدل على أَن اللغة الجيّدة يَعْطِسُ، بالكسر. وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: لا يُرْغِم اللَّهُ إِلا هذه المَعاطس؛ هي الأُنوف. والعاطُوس: ما يُعْطَسُ منه، مثَّل به سيبويه وفسره السيرافي. وعَطَسَ الصُّبح: انفلق . وفي الحديث: أَنه عَطَسَ عنده رجل فشَمَّته رجل ثم عَطَس فشَمَّته رجل ثم عَطَس فأَراد أَن يُشَمِّته، فقال: دَعْه فإنه مَضْنُوك أَي مزْكوم؛ قال ابن الأثير: والقياس أَن يقال فهو مُضْنَك ومُزْكَم، ولكنه جاء على أُضْنِك وأُزْكِم .
    وتَشْمِيتُ العاطسِ: الدُّعاءُ له. ابن سيده: شَمَّتَ العاطِسَ؛ وسَمَّتَ عليه دَعا له أَن لا يكون في حال يُشْمَتُ به فيها؛ والسين لغة ، عن يعقوب . وكل داعٍ لأَحدٍ بخير، فهو مُشَمِّت له، ومُسَمِّتٌ، بالشين والسين، والشينُ أَعلى وأَفْشَى في كلامهم . التهذيب : كلُّ دعاءٍ بخيرٍ ، فهو تَشْمِيتٌ . وفي حديث زواج فاطمة لعليّ، رضي الله عنهما: فأَتاهما ، فدعا لهما ، وشَمَّتَ عليهما ، ثم خَرجَ . وحكي عن ثعلب أَنه قال: الأَصل فيها السين، من السَّمْتِ، وهو القَصْدُ والهَدْيُ . وفي حديث العُطاسِ: فشَمَّتَ أَحدَهما، ولم يُشَمِّت الآخرَ؛ التَّشْمِيتُ والتَّسْميتُ: الدعاءُ بالخير والبركة؛ والمعجمةُ أَعلاها. شَمَّته وشَمَّتَ عليه، وهو من الشَّوامِتِ القوائم، كأَنه دُعاءٌ للعاطس بالثبات على طاعة الله؛ وقيل: معناه أَبْعَدَك الله عن الشَّماتةِ، وجَنَّبك ما يُشْمَتُ به عليك. ) انتهى ما نقلته من الباحث العربي للقواميس .

    وأقول أن العطاس فيه فوائد جمة للجسم ولكنه له آثار كبيرة على الإنسان إذ أن الحجاب الحاجز يرتفع كما جاء في تقرير طبي ذكر أن المرأة الحامل يمكن في ظروف معينة أن تفقد حملها بعطسة واحدة لولا لطف الله عز وجل لذا فقول العاطس الحمد لله هو حمده لله تعالى وشكره أن نجاه من الآثار الجانبية من العطسة ، فيتلقى دعوة المشمت : يرحمك الله برحمته فيرد عليه بدعوة مماثلة يهديكم الله ويصلح بالكم ، يرحمنا ويرحمك الله فتنساب الألفة والمحبة بينهما وتدوم المودة بينهما إذ أن المسلم إما عاطس يحمد الله فيشمته أخوه فيدعو له بالهدى وصلاح البال والرحمة وإما سامع لحمد أخيه المسلم بعد عطاسه فيشمته فينال تلك الدعوات الصالحات ، ويجدر بالعاطس أن يعطس في رداء أو منديل يحجب عطاسه عن الآخرين لكي لا يتناثر رزاز عطاسه على الناس فيعديهم خاصة إذا كان مصابا ببرد أو زكام وأن يخفض صوت عطاسه بقدر ما يستطيع حتى لا يزعج الآخرين بصوته ، وللنظر ونتأمل كيف نظم الإسلام العلاقات بين المسلمين فلم يترك شاردة ولا واردة إلا حدد لها تصرفا وسلوكا يحقق مزيد الود والخير والوئام بينهم فالحمد لله رب العالمين .


    الحق الخامس : (وإذا مرض فعُدْه)


    المرض ابتلاء من الله تعالى يبتلي به العبد المسلم ليختبر صبره ويمتحن رضاه بقضاء الله تعالى وقدره ، وله به الأجر من الله تعالى لأن المسلم ما أصابه من هم أو غم أو نصب أو مرض حتى الشوكة يشاكها إلا كفر بها عن خطاياه ، فهو مأجور إن صبر وهو آثم إن ضجر وتململ وسخط ، وجعل الله تعالى للمسلم حقا عن أخيه المسلم إن مرض أن يعوده ويزوره ويجلس عنده قليلا يؤنسه ويواسيه ويدعو اللهَ له بالشفاء ويصبره ويذكره بالله تعالى وابتلائه ويخفف عنه سقمه ومعاناته وقد جاء بالحديث القدسي عتاب اللهُ عز وجل لعبده الذي لا يزور أخاه المسلم المريض (مرضت فلم تعدني) ، (كيف تمرض وأنت رب العالمين ) ، (مرض عبدي فلان ولم تعده ولو عدته لوجدتني عنده) الحديث ، كما حض الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم على زيارة المريض والدعاء له وعلمنا آداب زيارة المريض وجعلها حقا من حقوق المسلم على المسلم تحقق الألفة بينهما وتؤكد العلاقات الطيبة بينهما في السراء والضراء ، وكما يزور المسلم أخاه المسلم المريض فسوف يُزار من قبل أخيه المسلم إذا مرض وهكذا يكون المرض وسيلة تآخي وتواد وتراحم بين المسلمين ، أسأل الله تعالى أن يعافينا من كل مرض وأن يرزقنا العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة .


    الحق السادس : (وإذا مات فاتبعه)


    لا تتوقف حقوق المسلم لأخيه المسلم على حياته بل تمتد إلى مماته فمن حق المسلم لأخيه المسلم أن يتبع جنازته ويشيعه لمثواه الأخير ويبادر فور سماعه خبر موته إلى ملازمة غسله وتجهيزه إن كان من جيرانه أو أرحامه حتى يصلى عليه ويدخل قبره ويدعو له بالرحمة والمغفرة فمن فعل ذلك فقد أدى حقا من حقوق أخيه المسلم ونال قيراطين من الأجر كل قيراط مثل جبل أحد ذهبا ، وسوف يشيع المسلم يوما ما فسوف يجد من يشيعه كما شيع هو إخوانه المسلمين وسوف ينال دعواتهم بالرحمة والمغفرة كما دعا هو لهم فالحقوق متبادلة الأداء يمتد نورها وبركتها إلى عالم البرزخ بفضل الله تعالى ورحمته .

    ***

    العدد (خمسة)

    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( حق المسلم على المسلم خمس رد السلام و عيادة المريض و اتباع الجنائز و إجابة الدعوة و تشميت العاطس ) متفق عليه .

    وقد ورد العدد خمسة في حقوق المسلم على المسلم في الحديث المتفق عليه الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه وقد سبق استعراضها آنفا والحمد لله رب العالمين

    ***

    فاللهم وفقنا لأن نؤدي حقوق أخواننا المسلمين في صدق وأمانة وإخلاص القلب لك يا رب العالمين اللهم اجز عنا سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أحسن الجزاء وارزقنا صدق محبته وصدق اتباعه وأنالنا شفاعته العظمى يوم الدين وصحبته في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

    مهندس مدني استشاري صبري أحمد الصبري
    www.sabryalsabry.blogspot.com
    https://twitter.com/SABRYALSABRY

  6. #6
    شاعر الصورة الرمزية صبري الصبري
    تاريخ التسجيل
    15/03/2009
    المشاركات
    1,136
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي الأعداد في أحاديث خير العباد 4 : إعداد : صبري الصبري


    الأعداد
    في أحاديث خير العباد
    صلى الله عليه وسلم
    ***
    إعداد
    العبد الفقير إلى الله
    صبري الصبري
    ****
    العدد (سبعة)
    ***
    روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
    " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ : الإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ " متفق عليه

    ***
    بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين ، أما بعد فأستعين بالله تعالى وأقول أن العدد (سبعة) قد جاء في هذا الحديث الشريف المتفق عليه ليبين لنا (سبعة) من العباد الموعودين بالتظلل بظل الله يوم القيامة وهو ظل عرشه .. ظل ملكه .. ظل رحمته .. حيث لا ظل إلا ظله جل وعلا ، في يوم يجعل الولدان شيبا وتذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ، يوم حره شديد تدنو الشمس من الأرض يبلغ العرق فيه مواضع مختلفة من عبد لعبد فمنهم من يبلغ نصف سيقانه ومنهم من يبلغ ركبتيه ومنهم من يبلغ سرته ومنهم من يبلغ خاصرته ومنهم من يلجمه العرق ومنهم من يبلغ العرق آذانه ، ومنهم من يغرق في عرقه ، فاللهم سلم في هذا اليوم يوم التغابن يوم الحساب يوم القارعة يوم الطامة الكبرى يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم شأن يغنيه يوم فزعه رهيب يتخلى فيه القريب عن القريب ويقول نفسي نفسي حيث الحساب والثواب والعقاب حيث الميزان الذي تطير فيه الكتب وتطيش فيه السجلات والصراط الذي هو أدق من الشعرة وأحد من السيف يمر فيه ناس كالبرق وناس كالريح وناس مسرعين ناس ماشين وناس زاحفين وفيه ناس ناجون بسلام وناس ناجون منهوشون وناس هاوون في الجحيم والعياذ بالله تعالى ، في هذا الهول المطبق يجعل الله تعالى لعباده الصالحين مقيلا وارفا يتفيئون فيه نزل الهناء والسلام والطمأنينة حتى يحين وقت حسابهم فهم موعودون بحوض رسول الله صلى الله عليه وسلم يسقيهم الحبيب المصطفى بيده الشريفة شربة هنيئة مريئة لا يظمئون بعدها أبدا ، وحوضه الشريف صلى الله عليه وسلم ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل كيزانه عدد نجوم السماء فمن صدق في محبته واتبع سنته صلى الله عليه وسلم نال هذا الشراب الصافي من حوضه صلى الله عليه وسلم ، هذا لعموم المسلمين الصالحين الصادقين المحسنين .
    وقد حدد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ( سبعة ) يظلهم الله تعالى في ظله جلا وعلا يوم لا ظل إلا ظله ولا فضل إلا فضله ولا بسط إلا بسطه ولا كرم إلا كرمه ولا رحمة إلا رحمته ولا سلطان إلا سلطانه فاللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين واجعلنا ممن يحظون بمواصفات هؤلاء السبعة كلهم حتى ننال خير ما عندك فياربنا لا تحرمنا خير ما عندك بشر ما عندنا وعاملنا بما أنت له أهل ولا تعاملنا بما نحن له أهل إنك أهل التقوى وأهل المغفرة حليم كريم عفو تواب تحب العفو فاعفُ عنا يا كريم ....

    ولنستعرض هؤلاء السبعة :


    الأول : ( الإِمَامُ الْعَادِلُ )


    العدل أساس الملك به يترسخ في الأرض الحق والقسطاس المستقيم ويعيش الناس في أمن وأمان وراحة واطمئنان ، والإمام العادل هو الذي يطبق المساواة والعدالة والحق بين رعيته لا فرق بين كبير وصغير وغني وفقير وقوي وضعيف ومسلم وغير مسلم ، فالكل أمامه سواء ، (إنما أهلك الذين من قبلكم أنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذ اسرق الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها) هكذا قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وحاشاها فاطمة رضى الله عنها أن تفعل ، ( القوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه ، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ الحق له ) هكذا قال الصديق رضى الله عنه في خطبة توليه خلافة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وقل عن الفاروق وحدث ولا حرج في عدله الذي شهدت به الأعداء (حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر) ، وحدث عن عمر بن عبد العزيز الخامس العادل ولا حرج ، وهكذا سار الخلفاء والأمراء في الدولة الإسلامية فبلغت في عدالتها أعلى الذرا وما انتكست إلا حينما أنتكس العدل وعم الجور والضيم والظلم ، ولقد رغَّب الله أئمة المسلمين في العدل فجعلهم الله تعالى أول الموعودين بظل الله جل وعلا يوم لا ظل إلا ظله وينال بفضل الله تعالى ورحمته كل إمام عادل هذا الفضل ومن استرعاه الإمام رعيه أو ولاه إمامة خاصة أو عامة أو استوزره وزارة أو أمره إمارة أو نصبه حاكما إن عدل وحكم بالحق واتبع سبيل الإحسان وقضى قضاء العدل بين عموم الناس وحقق السلام والأمن الإجتماعي في المجتمع فلا يتصور أن يحيا الناس بلا سلطان وبلا إمام حتى أن بعض الأئمة قال أن السلطان الفاسق العادل خير من السلطان الصالح الظالم إذ أن سلوك السلطان أو الإمام الشخصي له وحده أما ظلمه وعدله هو ما يتأثر به المجتمع كله فاللهم ول علينا خيارنا ولا تول علينا شرارنا وارزقنا الإمام العادل الذي يخافك ويتقيك يا رب العالمين .


    الثاني : ( شَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ )


    مرحلة الشباب هي فورة العمر وقوة الجوارح الحسية وفتوة الجسم وشدته تمتزج عادة بالهوى الذي يلاقي بالجسم والنفس رغبات وشهوات وهمزات ونزغات يؤججها الشيطان الرجيم ، من كبحها فاز ومن أطلق حبلها على غاربه خسر ، لذا حبب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الشباب أن يلتزموا بعبادة الله وطاعة الله عز وجل ففي عبادة الله تعالى وطاعة الرحمن كل خير وأمان وراحة واطمئنان ، وجعل الحبيب المصطفى ثاني الموعودين بظل الله يوم لا ظل إلا ظله : شاب نشأ في عبادة الله ، فهو الشاب الذي قاوم هواه وكابده حتى تغلب عليه وجعل هواه تبعا لما جاء به الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم والتزم كل الأعمال الموجبه لرضا الله عز وجل وسلك صراط الله المستقيم صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور ، ونلاحظ أن الشاب الذي نشأ في عبادة الله تعالى سيكون بفضل الله وتوفيقه في مراحل عمره التالية مستمرا على طاعة الله وسيكون أسرة طيبة فالعبادة مأخوذة في اللغة من الطريق المعبد السهل الذي ليس فيه معوقات ، هكذا النفس في عبادتها لله تعالى تكون معبدة لله تعالى ممهدة لطاعته جل وعلا ليس فيها نصيب لغير الله تعالى إذ أنها أسلمت واستسلمت له جل وعلا فنالت منزلة العبودية له سبحانه فصارت من عباده الصالحين وهكذا هذا الشاب الذي نشأ في عبادة الله سيكون منارة منيرة هو وأسرته التي خرج منها والتي سيكونها بإذن الله تعالى يخرج من صلبه بإذن الله تعالى شبابا وشابات ينشئون في عبادة الله تعالى فتكون سلسلة إيمانية باهرة النور والإحسان في مجتمعات المسلمين فتصلح به الأمة إذ إن صلاح الفرد هو أساس صلاح أهل السنة والجماعة وكذلك تنال ذلك الظل شابة نشأت في عبادة ربها .


    الثالث : ( رَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ )


    التعلق بمساجد الله تعالى لأداء الصلاة ولشهود الجماعات والندوات والدروس الدينية ولكل عمل خير نافع للمسلمين هو دليل إيمان وبرهان إحسان ووسيلة عظمى لرضاء الله عز وجل فالرجل الذي تعلق قلبه بالمساجد ينال ظل ربه يوم لا ظل إلا ظل الله تعالى فهذا القلب قلب سليم خاشع ضارع لله تعالى سلك بصاحبه طريق السعادة وصحبه إلى دروب النجاة وسار به في مسالك الخاشعين المتقين الفالحين فعمر مساجد الله بالحضور والصلاة والذكر والنوافل والمكوث فيها وصاحب ملائكة الرحمن وكان جليس الواحد المنان وملائكته وضيف الله تعالى وزائره فحق على المزور أن يكرم زائره ويكرمه في الدنيا والآخرة ، ولنتأمل هذا التعبير البليغ (قلبه معلق في المساجد) كأن القلب معلق في كل المساجد كآنية مضيئة بنور الإيمان يذهب الجسد ويعود والقلب في المساجد موجود !


    الرابع : ( رَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ )


    ما أجمل الحب في الله تعالى فالمتحابون في الله لهم منابر من نور يوم القيامة يغبطهم عليها الأنبياء والشهداء وأشدهم حبا لصاحبهم يكون أحبهم لله تعالى وهذان الرجلان اللذين تحابا في الله نالا ما نالا من فضل الله وظله ورحمته بفضل الله المحض ثم بما كان لهما من صدق محبة في الله تعالى ومن دوام ذلك في اجتماعهما وافتراقهما يعطيان المحبة في الله حقوق المسلم للمسلم والتي ذكرت بالعدد (خمسة) والعدد (ستة) وأكثر من ذلك ، ولي قصيدة بعنوان (الحب في الله) مطلعها : (الحب في الله أسمى الحب قاطبة .. ما أجمل الحب والأحباب في الله) والحب في الله يتجاوز المصالح النفعية الدنيوية التي ربما يحكمها الهوى ويقودها الحرص والشح والغبن والظلم والحقد والحسد وغير ذلك من ذميم الخصال وقبيح الفعال حيث ينطلق المتحابون في الله تعالى إلى آفاق النور المطلق ودرجات الإرتقاء الأعلى طمعا فيما عند الله تعالى ورغبة في فضله ورحمته إذ انهما يدركان أن ما عند الله خير وأبقى وأنهما إنما يتقربان إلى الله تعالى بحسن اللقاء والفراق وما بين ذلك من مذاكرة للعلم النافع وإدراك مقاصد الشريعة الغراء من صلح بين الناس وصلة بين المؤمنين ورعاية للحقوق وأداء للأمانات وكل ما فيه صلاح المسلمين وقد داوما على ذلك في سلامة قلب ووضاءة روح وسماحة نفس وطيب معشر ولين جانب ومكارم أخلاق .. ولكي ندرك سمو تلك العلاقة فنتخيل العلاقات السيئة التي كون اثنين تحابا في غير الله عز وجل والتقيا على المعاصي واللهو والإدمان والغناء وافترقا على تلك المعاصي والآثام فما أبشع تلك العلاقة وما أفحش تلك المحبة ! ، وما أحرانا أن نكون من المتحابين في الله كي تذهب البغضاء وتولي الشحناء وتحل الألفة والمحبة بين المسلمين ويسود السلام والوئام مجتمعات المسلمين كذلك تنالان ذلك الأجر امرأتان متحابتان في الله تعالى اجتمعتا عليه وتفرقتا عليه .


    الخامس : ( رَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ الله )


    هذا رجل غلب شهوته وقهر شبقه وملك زمام نفسه ورفض الخطيئة حتى وإن جاءته ممهدة سهلة مصحوبة بمنصب امرأة خاطئة تتمتع بجمال ومال ووجاهة فهو يخاف الله رب العالمين ويلتزم صراطه المستقيم وينتهج شرعه القويم ، ولنتأمل قول يوسف عليه السلام لما قالت له امرأة العزيز بعدما غلقت الأبواب : (هيت لك) ... قال يوسف : (معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون) يوسف ، فما بالنا بمن يسعى وراء الخطيئة ويخطط للزنا ويعبث بأعراض الناس ويتتبع عوراتهم وينتهب ببصره أجسادهم ويصر على إيذاء المسلمات ويتحرش بهن في وقاحة منقطعة النظير ؟! ، إن المسلم الذي يضع نصب عينيه الفوز بظل الله يوم لا ظل إلا ظله ينأى بجانبه عن كل رذيلة ويبتعد بنفسه عن كل خطيئة ويعود بصره وقلبه وجوارحه الطهر والعفة ، كما أن على النساء أن يسترن عوراتهم وأجسادهم بالحجاب والنقاب ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ، وأن يلتزمن بالحياء وعدم الخضوع بالقول وعدم التبذل والتهتك ، ويغضضن أصواتهم ، ولنتأمل تلك الجرأة من تلك المرأة التي استغلت منصبها ومالها وجاهها وجمالها في طلب من تريد من الرجال دون خوف من الله تعالى ولا انشغال بحمده جل وعلا أن أعطاها كل تلك النعم فتنصرف لاستغلالها في صيد الرجال والإيقاع بهم ، فقد بلغ بها الإثم كل مبلغ وسلك بها الشيطان خبث مسلك ، فمن تعرض لهذا الموقف من الرجال فليقل : (إني أخاف الله) ولا يضعف ولا يهوي مع تلك الشيطانة لهاوية الجحيم كي ينال ظل الله يوم لا ظل إلا ظله ، وكذلك تناله تلك المرأة التي دعاها رجل ذا منصب ومال وجاه وجمال فقالت : إني أخاف الله ، اللهم احفظ أعراض المسلمين والمسلمات وجنبهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن يا رب العالمين .


    السادس : ( رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ )


    هذا رجل سخي نقي يتاجر مع الله تعالى أحسن تجارة بعيدا عن عيون الناس اتقاء للرياء والسمعة وابتعادا عما يعتري القلب من نفاق أو سقم فهو يتصدق في السر صدقة يتحرى إخفائها حتى أن شماله لا تعرف ما تنفق يمينه وذلك تشبيه بليغ دقيق المحتوى وافر الجمال يحقق المطلوب من إخفاء صدقة السر والمبالغة في ذلك والإسباغ في وفرتها بقدر ما يستطيع وإيصالها لمستحقيها بأطيب وسيلة وأزكي طريقة فالصدقة تطفأ غضب الرب ويغفر الله بها ذنوب الأحياء والأموات ويدفع الله بها الأذى عن المتصدق ويرفع درجته ويقيل عثرته أما هؤلاء الذين يبدون الصدقات (فنعم هي) إذا كانت لوجه الله تعالى غير مختلطة بسمعة أو رياء لأن الله تعالى أغنى الشركاء عن الشرك ، أما إخفاؤها فهو (خير لكم) لما في الخفية من تمام الإخلاص لله رب العالمين وهذا أيضا تشترك فيه المرأة التي تتصدق بصدقة أخفتها حتى لا تعلم شمالها ما أنفقت يمينها .


    السابع : ( رَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ )


    إننا أمام رجل ملأ نور الله قلبه وامتلك جوارحه وفاضت خشيته في روحه وانغمست نفسه في ذل العبودية وعز الربوبية حتى اقشعرت قلوبهم وجلودهم قشعريرة الإيمان وفاضت أعينهم بدموع الخشية من الله تعالى والحب له جل وعلا ، كما قال الحبيب المصطفى (عينان لا تمسهما النار : عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله) فما أحلى التجرد الخالص من كل شيء في الدنيا لأجل أن تمتلئ قلوبنا بنور الله تعالى وحبه جل وعلا وحب نبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم ، ونلاحظ هنا قوله صلى الله عليه وسلم(خاليا) التى تقابل قوله صلى الله عليه وسلم في الرجل السابق (فأخفاها) فهما يشتركان في الإختفاء عن الناس لضمان عدم الرياء والدخول من باب الإخلاص الواسع لرحاب الله عز وجل بتجرد وتعبد خالص له وحده جل وعلا فما أسعد هذا الذي يختلي بربه ويختفي عن المخلوقين في خلوة ربانية خالصة لوجه الله الكريم الذي يكافئ من فعل ذلك بأن يظله في ظله جل وعلا يوم لا ظل إلا ظله ، وتشترك المرأة في ذلك .. المرأة التي تذكر الله تعالى خالية فتفيض عيناها بالدموع .

    ****
    فاللهم وفقنا لأن نكون كل هؤلاء الرجال الذين تظلهم في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك يا كريم اللهم اجز عنا سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أحسن الجزاء وارزقنا صدق محبته وصدق اتباعه وأنالنا شفاعته العظمى يوم الدين وصحبته في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

    مهندس مدني استشاري صبري أحمد الصبري
    www.sabryalsabry.blogspot.com
    https://twitter.com/SABRYALSABRY

  7. #7
    شاعر الصورة الرمزية صبري الصبري
    تاريخ التسجيل
    15/03/2009
    المشاركات
    1,136
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي الأعداد في أحاديث خير العباد 7 : إعداد : صبري الصبري

    الأعداد
    في أحاديث خير العباد
    صلى الله عليه وسلم
    إعداد
    العبد الفقير إلى الله
    صبري الصبري
    ****
    (العدد مائة)
    ***
    عَنْ أَبِـي هُرَيْـرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه و سلم قَالَ : « مَنْ قَالَ : لاَ إِلَـهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَـهُ ، لَـهُ المُلْكُ وَلَـهُ الحَـمْدُ ، وَهُوَ عَلَـى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، فِـي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ ، كَانَتْ لَـهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ ، وَكُتِبَتْ لَـهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ ، وَمُـحِيَتْ عَنْـهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَـهُ حِرْزاً مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّـى يُـمْسِيَ وَلَـمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِـمَّا جَاءَ بِـهِ إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ » . متفق عليه

    بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين ، أما بعد فأستعين بالله تعالى وأقول أن العدد مائة قد جاء في هذا الحديث الشريف المتفق عليه ليبين لنا ما يحظى به الذاكر لله تعالى من أجر وفير وفضل كثير

    ولنستعرض ذلك .

    الموعود بالأجر :

    ( من قال ذلك من المسلمين ) .

    نص القول :

    ( لا إله ألا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير )

    وقت القول :

    اليوم : جاء في لسان العرب : اليَوْمُ: معروفٌ مِقدارُه من طلوع الشمس إِلى غروبها، والجمع أَيّامٌ، لا يكسَّر إِلا على ذلك، وأَصله أَيْوامٌ فأُدْغم ولم يستعملوا فيه جمعَ الكثرة.

    العدد : (مائة مرة)

    الأجر الموعود به :

    1ـ عدل عشر رقاب ( أجر عتق عشر رقاب) .
    2ـ كُتبت له مائة حسنة .
    3ـ محيت عنه مائة سيئة .
    4ـ كانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي .
    5ـ لم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه .

    تأملات في الحديث الشريف :

    الحمد لله رب العالمين الذي أجزل لعباده الذاكرين العطاء وأسبغ عليهم الفضل الكثير الشاسع نظير قول يسير يحركون به ألسنتهم وقلوبهم بذكره جل وعلا فمن شهد لله بالوحدانية ونفى عنه الشريك والند وسَلَّم بأن له الملك وبأن له الحمد وبأنه جل وعلا على كل شيء قدير وقال ذلك بلسانه وأقر بها بقلبه وجوارحه وخضع لله تعالى وخشع فقد نال من فضل الله تعالى وبسطه ما سبق ذكره آنفا : فهو قد نال أجر عتق عشر رقاب من الرقاب المسترقة والتي حض الله تعالى على فكاكها وجعل ذلك ضمن الكفارات التي يفعلها المسلم إن قتل نفسا خطأ أو جامع امرأته في نهار رمضان ... أو يعتق الرقاب تقربا إلى الله تعالى بأن يعتق العبيد والإماء لوجه الله عز وجل ، فهذا الذاكر يأخذ أجر عشر رقاب ربما هو لا يملك المال لعتق ولو رقبة واحدة فما أجله من أجر وما أيسره من ثواب ، كذلك يكتب له في صحائف حسناته مائة حسنة والله يضاعف لمن يشاء ، ويمحى عنه من صحائف سيئاته مائة سيئة والله غفور رحيم ، كذلك يكون ذلك حرزا وحفظا له من الشيطان يومه هذا حتى يمسي فلا يتأذى بهمز الشياطين ولا يتعرض لهمسهم ولا نفثهم ولا نفخهم وإنما يكون في سلام وسكينة وصفاء وطمأنينة مدة يومه حتى يمسي ، كذلك يسبق الذاكرين بقدر إخلاصه لله تعالى ولا يسبقه إلا من جاء بأكثر منه أي من زاد على ذلك وذكر الله كثيرا وزاد على المائة مخلصا لله رب العالمين وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .

    (العدد مائة)

    عن أبي هريرة , رضي الله عنه , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ) : من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر ( متفق عليه .

    الموعود بالأجر :

    ( من قال ذلك من المسلمين ) .

    نص القول :

    (سبحان الله وبحمده )

    العدد :

    (مائة مرة)

    الأجر الموعود به :

    ( حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)

    تأملات في الحديث الشريف :

    من قال سبحان الله وبحمده : (أنظر العدد (اثنان) في الأعداد في أحاديث خير العباد رقم 6 ) في يوم مائة مرة نال الأجر والوفير من بسط الله عز وجل ( حُطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر ) ...

    جاء في لسان العرب :

    الحَطُّ: الوَضْعُ، حطَّه يَحُطُّه حَطّاً فانْحَطَّ. وفي الحديث: من ابتلاه اللّه ببَلاء في جَسَده فهو له حِطَّةٌ أَي تُحَطُّ عنه خطاياه وذنوبُه، وهي فِعْلةٌ من حَطَّ الشيءَ يَحُطُّه إِذا أَنزله وأَلقاه. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: وادْخُلُوا الباب سُجَّداً، قال: رُكَّعاً، وقولوا حطةٌ مغفرة، قالوا: حِنْطةٌ ودخلوا على أَسْتاهِهم، فذلك قوله تعالى: فبدَّل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم؛ وقال الليث: بلغنا أَن بني إِسرائيل حين قيل لهم قولوا حِطَّةٌ إِنما قيل لهم كي يسْتَحِطُّوا بها أَوزارهم فتُحَطّ عنهم .
    وقال ابن الأَعرابي: قيل لهم قولوا حطة فقالوا حنطة شمقايا أَي حنطة جيدة، قال: وقوله عزّ وجلّ حطة أَي كلمة تَحُطُّ عنكم خطاياكم وهي: لا إِله إلا اللّه .

    وجاء في لسان العرب :

    الخَطَأُ والخَطاءُ: ضدُّ الصواب. وخَطِئَ الرجل يَخطَأُ خِطْأً وخِطْأَةً على فِعْلة: أَذنب. وأَخْطَأَ يُخْطِئُ إِذا سَلَكَ سَبيلَ الخَطَإِ عَمْداً وسَهْواً؛ ويقال: خَطِئَ بمعنى أَخْطَأَ، وقيل: خَطِئَ إِذا تَعَمَّدَ، وأَخْطَأَ إِذا لم يتعمد. يقال: رجل خَطَّاءٌ إِذا كان مُلازِماً للخَطايا غيرَ تارك لها، وهو من أَبْنِية الـمُبالغَة .

    وجاء في لسان العرب :

    وزَبَدُ اللبن: رغْوتَه. أَزْبَدَ البحر إِزباداً فهو مُزْبِدٌ وتَزَبَّدَ الإِنسان إِذا غضِب وظهر على صِماغَيْه زَبدَتان. وللبحر زَبَد إِذا هاج موجُه. الجوهري: الزَّبَدُ زَبَد الماءِ والبعير والفضةِ وغيرها، والزّبْدة أَخص منه، تقول: أَزبَد الشرابُ .
    وبَحْرٌ مُزْبِدٌ أَي مائج يقذف بالزَّبَد، وزَبَدُ الماءِ والجِرَّةِ واللُّعاب: طُفاوتُه وقَذاه، والجمع أَزْباد . (انتهى)

    فانظر رحمك الله كيف يمن الله تعالى على من ذكره بهذا الذكر بهذه الكيفية مخلصا له القلب بأن يمحو عنه عنه خطاياه ويحطها عنه ولو كانت كثيرة من زيد البحر ! ، فما أحسن أن نقضي أوقاتنا في ذكر الله عز وجل وأن نشغل أوقاتنا بالفوز بهذا الأجر الوفير بالعمل السهل اليسير فتنير قلوبنا بنور الإسلام والإيمان والإحسان ونكون في معية الله عز وجل وفي أنوار أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي دلنا بها على الخير والصلاح والفلاح فجزى الله تعالى حبيبه المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم خير الجزاء ورزقنا صدق محبته وصدق اتباعه وأنالنا شفاعته العظمى يوم الدين وصحبته في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

    مهندس مدني استشاري صبري أحمد الصبري
    www.sabryalsabry.blogspot.com
    https://twitter.com/SABRYALSABRY

  8. #8
    شاعر الصورة الرمزية صبري الصبري
    تاريخ التسجيل
    15/03/2009
    المشاركات
    1,136
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي الأعداد في أحاديث خير العباد 10 : إعداد : صبري الصبري

    الأعداد
    في أحاديث خير العباد
    صلى الله عليه وسلم
    إعداد
    العبد الفقير إلى الله
    صبري الصبري
    ****
    (العدد عشرة)
    ***

    روى الترمذي عن عبد الرحمن بن حميد عن أبيه أن سعيد بن زيد حدثه في نفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((عشرة في الجنة أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان وعلي والزبير وطلحة وعبد الرحمن وأبو عبيدة وسعد بن أبي وقاص قال فعد هؤلاء التسعة وسكت عن العاشر فقال القوم ننشدك الله يا أبا الأعور من العاشر قال نشدتموني بالله أبو الأعور في الجنة قال أبو عيسى أبو الأعور هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نوفل وسمعت محمدا يقول هو أصح من الحديث الأول)) الترمذي

    بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين ، أما بعد فأستعين بالله تعالى وأقول أن العدد (عشرة) قد جاء في هذا الحديث الشريف ليوضح لنا العشرة الذين بشرهم الحبيبُ المصطفى صلى الله عليه وسلم بالجنة وهم :

    1ـ أبو بكر (الصديق) :
    عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد القرشي التميمي، كنيته أبو بكر، وكنية أبيه أبو قحافة .
    2ـ عمر بن الخطاب (الفاروق) :
    عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط القرشي العدوي، كنيته أبو حفص، ولقبه الفاروق .
    3ـ عثمان بن عفان (ذو النورين) :
    عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي. ثالث الخلفاء الراشدين .
    4ـ علي بن أبي طالب (أبو الحسنين) :
    علي بن أبي طالب، وأبو طالب هو عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي. ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، وأبو السبطين الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة .
    5ـ الزبير بن العوام (حواري رسول الله) :
    الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب، كنيته أبو عبد الله، حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته صفية .
    6ـ سعد بن أبي وقاص (أول من رمى بسهم في سبيل الله) :
    سعد بن مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة القرشي الزهري .
    7ـ أبو عبيدة (عامر بن الجراح)
    عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن ضبة بن الحارث بن فهر، من كنانة وكنيته أبو عبيدة .
    8ـ طلحة بن عبيد الله (طلحة الخير) :
    طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد القرشي التميمي .
    9ـ عبد الرحمن بن عوف :
    عبد الرحمن بن عوف أحد الثمانية السابقين إلى الإسلام .
    10ـ سعيد بن زيد (أبو الأعور) :
    سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيْل العدوي القرشي ، أبو الأعور ، من خيار الصحابة ابن عم عمر بن الخطاب وزوج أخته .
    رضي الله عنهم أجمعين .


    وقد سبق الإشارة إلى اقتصاد الحبيب صلى الله عليه وسلم في الماء في حديثنا عن العدد رقم (تسعة) فيما رواه أحمد عن موسى الجهني قال جاءوا بعس في رمضان فحزرته ثمانية أو تسعة أو عشرة أرطال فقال مجاهد حدثتني عائشة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بمثل هذا) وشمل هذا الحديث أعداد (ثمانية وتسعة وعشرة)


    كما سبق الإشارة إلى مضاعفة الله تعالى الأجور لعباده في حديثنا عن العدد رقم (تسعة) فيما رواه النسائي عن عبد الله بن عمرو قال ((ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم الصوم فقال صم من كل عشرة أيام يوما ولك أجر تلك التسعة فقلت أني أقوى من ذلك قال صم من كل تسعة أيام يوما ولك أجر تلك الثمانية قلت إني أقوى من ذلك قال فصم من كل ثمانية أيام يوما ولك أجر تلك السبعة قلت أني أقوى من ذلك قال فلم يزل حتى قال صم يوما وأفطر يوما)) وشمل هذا الحديث أعداد (ثمانية وتسعة وعشرة)


    وجاء الذم عن التفاخر بالأنساب والغرور بالأحساب وحذر الذين يتفاخرون ويتعالون بأنسابهم وغمط الآخرين من عذاب النار وبشر الذين يفخرون بالانتساب إلى الإسلام بالنعيم في الجنة فقد روى أحمد عن أبي بن كعب قال ((انتسب رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما أنا فلان بن فلان فمن أنت لا أم لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انتسب رجلان على عهد موسى عليه السلام فقال أحدهما أنا فلان بن فلان حتى عد تسعة فمن أنت لا أم لك قال أنا فلان بن فلان بن الإسلام قال فأوحى الله إلى موسى عليه السلام ان هذين المنتسبين أما أنت أيها المنتمي أو المنتسب إلى تسعة في النار فأنت عاشرهم وأما أنت يا هذا المنتسب إلى اثنين في الجنة فأنت ثالثهما في الجنة)) وشمل هذا الحديث أعداد (وتسعة وعشرة)


    ونسمع السيدة عائشة رضي الله عنه وأرضاها تحدثنا عن نور الإسلام وهديه القويم في النكاح وتبين لنا ما كان في الجاهلية من سفاح وظلمة وانتهاك للأعراض فالحمد لله على نعمة الإسلام فقد روى البخاري عن عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته ((أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء فنكاح منها نكاح الناس اليوم يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته فيصدقها ثم ينكحها ونكاح آخر كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبدا حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع ونكاح آخر يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها فإذا حملت ووضعت ومر عليها ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها تقول لهم قد عرفتم الذي كان من أمركم وقد ولدت فهو ابنك يا فلان تسمي من أحبت باسمه فيلحق به ولدها لا يستطيع أن يمتنع منه الرجل ونكاح الرابع يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها وهن البغايا كن ينصبن على أبوابهن رايات تكون علما فمن أرادهن دخل عليهن فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها جمعوا لها ودعوا لهم القافة ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون فالتاط به ودعي ابنه لا يمتنع من ذلك فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم بالحق هدم نكاح الجاهلية كله إلا نكاح الناس اليوم)) وشمل هذا الحديث أعداد (أربعة وعشرة)


    ونرى سعة الله عز وجل ورحمته بالمؤمنين يوم القيامة حيث يعطي هذا العبد المؤمن الذي هو آخر أهل النار دخولا الجنة مثل عشرة أمثال الدنيا فقد روى البخاري عن سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد الليثي أن أبا هريرة أخبرهما أن الناس قالوا ((يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه حجاب قالوا لا يا رسول الله قال فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب قالوا لا قال فإنكم ترونه كذلك يحشر الناس يوم القيامة فيقول من كان يعبد شيئا فليتبع فمنهم من يتبع الشمس ومنهم من يتبع القمر ومنهم من يتبع الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله فيقول أنا ربكم فيقولون هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم الله فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فيدعوهم فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل وكلام الرسل يومئذ اللهم سلم سلم وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان هل رأيتم شوك السعدان قالوا نعم قال فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله تخطف الناس بأعمالهم فمنهم من يوبق بعمله ومنهم من يخردل ثم ينجو حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السجود وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود فيخرجون من النار فكل بن آدم تأكله النار إلا أثر السجود فيخرجون من النار قد امتحشوا فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد ويبقى رجل بين الجنة والنار وهو آخر أهل النار دخولا الجنة مقبل بوجهه قبل النار فيقول يا رب اصرف وجهي عن النار قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها فيقول هل عسيت إن فعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك فيقول لا وعزتك فيعطي الله ما يشاء من عهد وميثاق فيصرف الله وجهه عن النار فإذا أقبل به على الجنة رأى بهجتها سكت ما شاء الله أن يسكت ثم قال يا رب قدمني عند باب الجنة فيقول الله له أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي كنت سألت فيقول يا رب لا أكون أشقى خلقك فيقول فما عسيت إن أعطيت ذلك أن لا تسأل غيره فيقول لا وعزتك لا أسأل غير ذلك فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق فيقدمه إلى باب الجنة فإذا بلغ بابها فرأى زهرتها وما فيها من النضرة والسرور فيسكت ما شاء الله أن يسكت فيقول يا رب أدخلني الجنة فيقول الله ويحك يا بن آدم ما أغدرك أليس قد أعطيت العهد والميثاق أن لا تسأل غير الذي أعطيت فيقول يا رب لا تجعلني أشقى خلقك فيضحك الله عز وجل منه ثم يأذن له في دخول الجنة فيقول تمن فيتمنى حتى إذا انقطعت أمنيته قال الله عز وجل من كذا وكذا أقبل يذكره ربه حتى إذا انتهت به الأماني قال الله تعالى لك ذلك ومثله معه قال أبو سعيد الخدري لأبي هريرة رضى الله تعالى عنهما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله لك ذلك وعشرة أمثاله قال أبو هريرة لم أحفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قوله لك ذلك ومثله معه قال أبو سعيد إني سمعته يقول ذلك لك وعشرة أمثاله))


    كذلك رواه الإمام البخاري في رواية أخرى عن عبد الله رضى الله تعالى عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم ((إني لأعلم آخر أهل النار خروجا منها وآخر أهل الجنة دخولا رجل يخرج من النار حبوا فيقول الله اذهب فادخل الجنة فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى فيرجع فيقول يا رب وجدتها ملأى فيقول اذهب فادخل الجنة فيأتيها فيخيل إليه انها ملأى فيرجع فيقول يا رب وجدتها ملأى فيقول اذهب فادخل الجنة فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها أو إن لك مثل عشرة أمثال الدنيا فيقول أتسخر مني أو تضحك مني وأنت الملك فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه وكان يقال ذلك أدنى أهل الجنة منزلة ))


    ونرى براعة الصحابي الجليل عبد الله بن عمر وأدبه حينما عرف أن الشجرة الطيبة هي النخلة ولكنه سكت احتراما لكبار الصحابة فقد روى البخاري عن عبد الله بن عمر رضى الله تعالى عنهما قال ((بينا نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم جلوس إذ أتي بجمار نخلة فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن من الشجر لما بركته كبركة المسلم فظننت أنه يعني النخلة فأردت أن أقول هي النخلة يا رسول الله ثم التفت فإذا أنا عاشر عشرة أنا أحدثهم فسكت فقال النبي صلى الله عليه وسلم هي النخلة))


    ونرى بسالة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم العشرة حينما واجهوا مائة رجل من الكفار واستشهد منهم من استشهد وأسر منهم من أسر وكان من الشهداء الصحابي عاصم من ثابت الذي حمته أسراب النحل من أن يقطع من أعضائه شيء وكان من الأسرى ثم الشهداء الصحابي خبيب بن عدي (خبيب بن عدي، الأوسي الأنصاري الشهيد، شهد بدرا وأحدا, وكان أول من صلب في ذات الله,وأول من سن الصلاة قبل الموت) فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه قال ((بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة عينا وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري جد عاصم بن عمر بن الخطاب حتى إذا كانوا بالهدأة بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان فنفروا لهم بقريب من مائة رجل رام فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم التمر في منزل نزلوه فقالوا تمر يثرب فاتبعوا آثارهم فلما حس بهم عاصم وأصحابه لجأوا إلى موضع فأحاط بهم القوم فقالوا لهم انزلوا فأعطوا بأيديكم ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدا فقال عاصم بن ثابت أيها القوم أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر ثم قال اللهم أخبر عنا نبيك صلى الله عليه وسلم فرموهم بالنبل فقتلوا عاصما ونزل إليهم ثلاثة نفر على العهد والميثاق منهم خبيب وزيد بن الدثنة ورجل آخر فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها قال الرجل الثالث هذا أول الغدر والله لا أصحبكم إن لي بهؤلاء أسوة يريد القتلى فجرروه وعالجوه فأبى أن يصحبهم فأنطلق بخبيب وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بعد وقعة بدر فابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل خبيبا وكان خبيبا هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر فلبث خبيب عندهم أسيرا حتى أجمعوا قتله فاستعار من بعض بنات الحارث موسى يستحد بها فأعارته فدرج بني لها وهي غافلة حتى أتاه فوجدته مجلسة على فخذه والموسى بيده قالت ففزعت فزعة عرفها خبيب فقال أتخشين أن أقتله ما كنت لأفعل ذلك قالت والله ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب والله لقد وجدته يوما يأكل قطفا من عنب في يده وإنه لموثق بالحديد وما بمكة من ثمرة وكانت تقول إنه لرزق رزقه الله خبيبا فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب دعوني أصلي ركعتين فتركوه فركع ركعتين فقال والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزع لزدت ثم قال اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبق منهم أحدا ثم أنشأ يقول))
    ((فلست أبالي حين أقتل مسلما))
    ((على أي جنب كان لله مصرعي))
    ((وذلك في ذات الإله وإن يشأ))
    ((يبارك على أوصال شلو ممزع ))
    ثم قام إليه أبو سروعة عقبة بن الحارث فقتله وكان خبيب هو سن لكل مسلم قتل صبرا الصلاة وأخبر يعني النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم أصيبوا خبرهم وبعث ناس من قريش إلى عاصم بن ثابت حين حدثوا أنه قتل أن يؤتوا بشيء منه يعرف وكان قتل رجلا عظيما من عظمائهم فبعث الله لعاصم مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم فلم يقدروا أن يقطعوا منا شيئا)) وشمل هذا الحديث أعداد (عشرة ومائة) .


    ونصغي لحديث الصحابي الجليل أنس بن مالك الذي خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين وهو يروي لنا في الحديث الذي رواه البخاري كيف كان الطعام الذي أهدته أم سليم للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في عرسه بزينب وما كان من دعوته لعشرة من الصحابة ثم عشرة بعدما وضع يده الشريفة في برمة الطعام (وتكلم بها ما شاء الله) فكانت البركة التي عمت الطعام فكفى العشرات من الصحابة وقد وصاهم بآداب الطعام (اذكروا اسم الله وليأكل كل رجل مما يليه) ثم ما كان من آداب المكوث في بيوت النبي صلى اله عليه وسلم (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق) . فما أجمل ما في هذا الحديث الشريف من آداب . فقد روى البخاري في باب الهدية للعروس عن أنس بن مالك قال مر بنا في مسجد بني رفاعة فسمعته يقول ((كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مر بجنبات أم سليم دخل عليها فسلم عليها ثم قال كان النبي صلى الله عليه وسلم عروسا بزينب فقالت لي أم سليم لو أهدينا لرسول الله صلى الله عليه وسلم هدية فقلت لها افعلي فعمدت إلى تمر وسمن وأقط فاتخذت حيسة في برمة فأرسلت بها معي إليه فانطلقت بها إليه فقال لي ضعها ثم أمرني فقال ادع لي رجالا سماهم وادع لي من لقيت قال ففعلت الذي أمرني فرجعت فإذا البيت غاص بأهله فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وضع يديه على تلك الحيسة وتكلم بها ما شاء الله ثم جعل يدعو عشرة عشرة يأكلون منه ويقول لهم اذكروا اسم الله وليأكل كل رجل مما يليه قال حتى تصدعوا كلهم عنها فخرج منهم من خرج وبقي نفر يتحدثون قال وجعلت أغتم ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم نحو الحجرات وخرجت في إثره فقلت إنهم قد ذهبوا فرجع فدخل البيت وأرخى الستر وإني لفي الحجرة وهو يقول {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق} قال أبو عثمان قال أنس إنه خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين))

    ونلمس رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام البخاري عن أبي بردة الأنصاري قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ((لا تجلدوا فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله))

    كذلك رحمته صلى الله عليه وسلم وهو يقبل الحسن بن علي رضي الله عنهما وقوله الشريف (من لا يرحم لا يرحم) فقد روى البخاري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضى الله تعالى عنه قال ((قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسا فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال من لا يرحم لا يرحم))

    فما أعظم الهدي النبوي القويم وما أحسنه وأجمله فيه صلاح البشرية وفلاحها في الدنيا والآخرة ، اللهم اجز عنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أحسن الجزاء وارزقنا صدق محبته وصدق اتباعه وأنالنا شفاعته العظمى يوم الدين وصحبته في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

    مهندس مدني استشاري صبري أحمد الصبري
    www.sabryalsabry.blogspot.com
    https://twitter.com/SABRYALSABRY

  9. #9
    شاعر الصورة الرمزية صبري الصبري
    تاريخ التسجيل
    15/03/2009
    المشاركات
    1,136
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي الأعداد في أحاديث خير العباد 9 : إعداد : صبري الصبري

    الأعداد
    في أحاديث خير العباد
    صلى الله عليه وسلم
    إعداد
    العبد الفقير إلى الله
    صبري الصبري
    ****
    (العدد تسعة)
    ***
    روى الإمام البخاري عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك رضى الله تعالى عنه يقول ((اشتكى بن لأبي طلحة قال فمات وأبو طلحة خارج فلما رأت امرأته أنه قد مات هيأت شيئا ونحته في جانب البيت فلما جاء أبو طلحة قال كيف الغلام قالت قد هدأت نفسه وأرجو أن يكون قد استراح وظن أبو طلحة أنها صادقة قال فبات فلما أصبح اغتسل فلما أراد أن يخرج أعلمته أنه قد مات فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما كان منهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله أن يبارك لكما في ليلتكما قال سفيان فقال رجل من الأنصار فرأيت لهما تسعة أولاد كلهم قد قرأ القرآن))

    بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين ، أما بعد فأستعين بالله تعالى وأقول :

    أن العدد (تسعة) قد جاء في هذا الحديث الشريف ليوضح ثمرة الصبر والإحتساب عند وقوع المصيبة وما تحلت بذلك امرأة أبي طلحة رضي الله عنهما من حكمة وصبر قَلَّ إن يوجد في النساء على الوجه الذي قامت به رضي لله عنها حيث هيأت لزوجها ما هيأت وابنها الغلام قد قضى ولم تشعر زوجها بموته وكان بينهما ما يكون بين الرجل وأهله فلما أصبح زوجها اغتسل ولما أراد أن يخرج من داره أخبرته بموت ابنه الغلام فصلى مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وأخبره بما كان منهما فدعا لهما بالبركة من الله عز وجل وتحققت تلك البركة فيما رزقهما الله تعالى من ذرية طيبة (تسعة أولاد كلهم قد قرأ القرآن) فما أجل فضل الله عز وجل وبسطه لعباده .

    وجاء العدد (تسعة) في حديث شريف آخر حيث روى الإمام البخاري عن أنس رضى الله تعالى عنه قال ((ولقد رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعه بشعير ومشيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخبز شعير وإهالة سنخة ولقد سمعته يقول ما أصبح لآل محمد صلى الله عليه وسلم إلا صاع ولا أمسى وإنهم لتسعة أبيات))

    وهذا يدل على زهد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وصبره وآل بيته حيث رهن صلى الله عليه وسلم درعه كي يشتري شعيرا لطعام أهله وكان يأكل خبز الشعير وهو خبز خشن بالقياس لخبز القمح ومشى إليه أنس به وبالإهالة السنخة ، جاء في قاموس لسان العرب (والإِهالَةُ ما أَذَبْتَ من الشحم، وقيل: الإِهَالة الشحم والزيت، وقيل: كل دهن اؤْتُدِم به إِهالةٌ، والإِهالة الوَدَك.
    وفي الحديث: أَنه كان يُدْعى إِلى خُبْز الشعير والإِهالة السَّنِخَة فيُجيب، قال: كل شيء من الأَدهان مما يُؤْتَدَم به إِهالَةٌ ، وقيل: هو ما أُذيب من الأَلْية والشَّحم ) انتهى ، وكان يمر الهلال ثم الهلال ثم الهلال ولا يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار حيث كانوا يعيشون على الأسودين التمر والماء ، وقد سمع أنس رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( ما أصبح لآل محمد صلى الله عليه وسلم إلا صاع ولا أمسى وإنهم لتسعة أبيات) وفيهن زوجاته أمهات المؤمنين رضي الله عنهن الصابرات الراضيات ، فما أحرانا أن نتعلم منه صلى الله عليه وسلم ومنهن رضي الله عنهن الصبر في تلك الحياة والزهد والتأسي به في كل أمور حياتنا .

    وروى الإمام البخاري عن قيس بن أبي حازم قال سمعت خالد بن الوليد يقول ((لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية)) وفي رواية أخرى : ((لقد دق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف وصبرت في يدي صفيحة لي يمانية))

    فما أصدق صبر خالد بن الوليد سيف الله المسلول في جهاده رضي الله عنه حتى قاتل الروم بغزوة مؤتة بتسعة سيوف باترة انقطعت فيهم من فرط شجاعته وقوة بلائه وواصل جهاده بصفيحة يمانية جاء في قاموس لسان العرب : (والصَّفِيحة السيف العريض؛ وقال ابن سيده: الصَّفيحة من السيوف العريضُ ) انتهى ، فجزى الهو تعالى الصحابي الجليل خالد بن الوليد خير الجزاء .

    كما روى الإمام مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي ((قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة أو ثمانية أو سبعة فقال ألا تبايعون رسول الله وكنا حديث عهد ببيعة فقلنا قد بايعناك يا رسول الله ثم قال ألا تبايعون رسول الله فقلنا قد بايعناك يا رسول الله ثم قال ألا تبايعون رسول الله قال فبسطنا أيدينا وقلنا قد بايعناك يا رسول الله فعلام نبايعك قال على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا والصلوات الخمس وتطيعوا وأسر كلمة خفية ولا تسألوا الناس شيئا فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحدا يناوله إياه)) ورواه أبو داود في سننه

    حيث جاء فيه بيعة تسعة أو ثمانية أو سبعة من الصحابة ومنهم الصحابي الجليل عوف بن مالك الأشجعي وبايعهم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم على ما يلي :

    1ـ على أن تعبدوا الله
    2ـ ولا تشركوا به شيئا
    3ـ والصلوات الخمس
    4ـ وتطيعوا
    5ـ ولا تسألوا الناس شيئا

    فالتزموا بذلك حتى أن بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحدا يناوله إياه من فرط تنفيذه لبيعته للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فرضى الله تعالى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمعين . وقد جاء في هذا الحديث الشريف العدد (تسعة) والعدد (ثمانية) والعدد (سبعة) .

    وبشر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه إذا صام يوما من كل عشرة أيام كتب الله له أجر التسعة الباقية من العشرة دون أن يصومهم لأن الحسنة بعشر أمثالها من فضل الله وكرمه فقد روى الإمام مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله تعالى عنهما يقول بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ((أني أصوم أسرد وأصلي الليل فإما أرسل إلي وإما لقيته فقال ألم أخبر أنك تصوم ولا تفطر وتصلي الليل فلا تفعل فإن لعينك حظا ولنفسك حظا ولأهلك حظا فصم وأفطر وصل ونم وصم من كل عشرة أيام يوما ولك أجر تسعة قال إني أجدني أقوى من ذلك يا نبي الله قال فصم صيام داود عليه السلام قال وكيف كان داود يصوم يا نبي الله قال كان يصوم يوما ويفطر يوما ولا يفر إذا لاقى قال من لي بهذه يا نبي الله قال عطاء فلا أدري كيف ذكر صيام الأبد فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا صام من صام الأبد لا صام من صام الأبد لا صام من صام الأبد)) ، فما أجل فضل الله تعالى ورحمته بعباده ، وقد جاء في هذا الحديث الشريف العدد (عشرة) والعدد (تسعة) .

    كما روى الإمام مسلم عن عائشة قالت ((تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لست سنين وبنى بي وأنا بنت تسعة سنين قالت فقدمنا المدينة فوعكت شهرا فوفى شعري حميمة فأتتني أم رومان وأنا على أرجوحة ومعي صواحبي فصرخت بي فأتيتها وما أدري ما تريد بي فأخذت بيدي فأوقفتني على الباب فقلت هه هه حتى ذهب نفسي فأدخلتني بيتا فإذا نسوة من الأنصار فقلن على الخير والبركة وعلى خير طائر فأسلمتني إليهن فغسلن رأسي وأصلحنني فلم يرعني إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى فأسلمنني إليه))

    كما روى الإمام مسلم عن عائشة قالت ((تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين وبنى بي وأنا بنت تسعة سنين))

    كما روى الإمام مسلم عن عائشة ((أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهى بنت سبع سنين وزفت إليه وهى بنت تسع سنين ولعبها معها ومات عنها وهى بنت ثمان عشرة))

    كما روى الإمام مسلم عن عائشة قالت ((تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى بنت ست وبنى بها وهى بنت تسع ومات عنها وهى بنت ثمان عشرة))

    وهي أحاديث تبين زواج الحبيب المصطفى من السيدة عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين الفقيهة الصديقة بنت الصديق رضى الله عنهما وما كان في هذا الزواج الميمون من حكمة بالغة بتقدير الله رب العالمين الذي اختار لنبيه أصحابه وأزواجه رضي الله عنهم أجمعين وفي هذا الحديث نجد العدد (ست) والعدد (تسع) والعدد (ثمان عشر)

    وقد روى أحمد عن جابر قال ((خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة عند غروب الشمس فلم يصل حتى أتى سرف وهي تسعة أميال من مكة))

    وفي هذا الحديث الشريف بيان صلاة الحبيب صلى الله عليه وسلم بسرف وهو مكان على بعد تسعة أميال من مكة باتجاه المدينة طيبة الطيبة وهو المكان الذي تزوج فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين السيدة ميمونة بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها وهو أيضا المكان الذي ماتت فيه رضي الله عنها وفيه قبرها فهو مكان فيه عرسها ورمسها رضى الله عنها وعن كل أمهات المؤمنين أجمعين .

    وقد روى أحمد في مسنده وأبو داود في سننه عن شعيب بن رزيق الطائفي قال ((جلست إلى رجل له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له الحكم بن حزن الكلفي فأنشأ يحدثنا قال وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة أو تاسع تسعة فدخلنا عليه فقلنا يا رسول الله زرناك فادع الله لنا بخير فأمر بنا أو أمر لنا بشيء من التمر والشأن إذ ذاك دون فأقمنا بها أياما شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام متوكئا على عصا أو قوس فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات طيبات مباركات ثم قال أيها الناس إنكم لن تطيقوا أو لن تفعلوا كل ما أمرتم به ولكن سددوا وأبشروا ))

    وفي هذا الحديث شهد هذا الصحابي الجليل وهو سابع سبعة أو تاسع تسعة صلاة الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمر لهم بتمر يأكلونه في زيارتهم له صلى الله عليه وسلم وطلبهم أن يدعو لهم بخير وأقاموا عنده أياما شهدوا فيها الجمعة ووصفوا للأمة كلها هيئته الشريفة في خطبته للجمعة التي قال فيها بعدما حمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات طيبات مباركات وقال صلى الله عليه وسلم ( أيها الناس إنكم لن تطيقوا أو لن تفعلوا كل ما أمرتم به ولكن سددوا وأبشروا) وهذا الحديث يبين كرم الحبيب صلى الله عليه وسلم ورأفته ورحمته بالأمة حيث بشرها بالخير إن أحسنت وسددت واستبشرت برحمة الله عز وجل .

    وقد حذر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم من أمراء السوء فقد روى الترمذي والنسائي وأحمد عن كعب بن عجرة قال ((خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن تسعة خمسة وأربعة أحد العددين من العرب والآخر من العجم فقال اسمعوا هل سمعتم أنه سيكون بعدي أمراء فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه وليس بوارد علي الحوض ومن لم يدخل عليهم ولم يعنهم على ظلمهم ولم يصدقهم بكذبهم فهو مني وأنا منه وهو وارد علي الحوض ))

    فجعل صلى الله عليه وسلم الحرمان من حوضه الشريف يوم القيامة وعدم التشرف بالانتساب إليه عقاب من يناصر أمراء السوء ويعينهم على ظلمهم ويصدقهم في كذبهم وجعل ثواب من لم يدخل عليهم ولم يعنهم على ظلمهم ولم يصدقهم بكذبهم أن يكون في معيته الشريفة وأن يرد عليه الحوض الشريف يوم القيامة وهو حوض ماؤه أحلى من العسل وأشد بياضا من اللبن ، مبرد ، كيزانه عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدا فاللهم ارزقنا الشرب من الحوض يا رب العالمين . وقد ورد في هذا الحديث (العدد تسعة) والعدد (خمسة) والعدد (أربعة) .

    وقد حذر الحبيب المصطفى من التمائم ولم يبايع واحدا في رهط أقبل إليه لأنه كان عليه تميمة فلما قطعها بايعه فقد روى أحمد عن عقبة بن عامر الجهني ((ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل إليه رهط فبايع تسعة وامسك عن واحد فقالوا يا رسول الله بايعت تسعة وتركت هذا قال ان عليه تميمة فادخل يده فقطعها فبايعه وقال من علق تميمة فقد اشرك))

    جاء في لسان العرب (رَهْطُ الرجلِ: قومُه وقبيلته. يقال: هم رَهْطه دِنْية.
    والرَّهْطُ عدد يجمع من ثلاثة إِلى عشرة، وبعض يقول من سبعة إِلى عشرة، وما دون السبعة إِلى الثلاثة نَفَرٌ، وقيل: الرَّهْطُ ما دون العشرة من الرّجال لا يكون فيهم امرأَة) انتهى ، وفي هذا الحديث العدد (تسعة) والعدد (واحد) والعدد (عشرة) ضمنا ، والله أسأل ان يعيذنا من الشرك والفسق والفجور والعصيان اللهم اجز عنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أحسن الجزاء وارزقنا صدق محبته وصدق اتباعه وأنالنا شفاعته العظمى يوم الدين وصحبته في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    مهندس مدني استشاري صبري أحمد الصبري
    www.sabryalsabry.blogspot.com
    https://twitter.com/SABRYALSABRY

  10. #10
    شاعر الصورة الرمزية صبري الصبري
    تاريخ التسجيل
    15/03/2009
    المشاركات
    1,136
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي الأعداد في أحاديث خير العباد 8 : إعداد : صبري الصبري

    الأعداد
    في أحاديث خير العباد
    صلى الله عليه وسلم
    إعداد
    العبد الفقير إلى الله
    صبري الصبري
    ****
    (العدد ثمانية)
    ***
    روي ابن ماجة في سننه عن عمر بن الخطاب قال ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء )

    بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين ، أما بعد فأستعين بالله تعالى وأقول أن العدد (ثمانية) قد جاء في هذا الحديث الشريف ليوضح لنا ما يناله المسلم المتوضئ من فضل الله تعالى ورحمته :

    ولنستعرض ذلك

    الموعود بالفضل :
    المسلم المتوضئ

    شرط الحصول على الفضل :
    1ـ إحسان الوضوء
    2ـ قول : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله

    الفضل :
    فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء


    تأملات في الحديث الشريف

    الإسلام دين الوضاءة والحسن والنظافة والطهارة الحسية والمعنوية ، جعل الله تعالى للمسلم سلامة من كل دنس وعافية من كل رجس وجعل له الوضوء قبل كل صلاة لا يبقي له من درنه شيء , شبهه الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم بالنهر الجاري أمام باب كل مسلم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات فلا يبقى من درنه شيء يكفر الله بالوضوء والصلاة الخطايا ويرفع بها الدرجات وفي هذا الحديث الشريف بيّن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ما يحصل عليه المسلم المتوضئ الذي يحسن الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله حيث يفتح له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء ، وينال المسلم هذا الفضل كلما توضئ وقال ذلك مخلصا من قلبه وقد اكتست جوارحه بالطهر واغتسلت أعضاء وضوئه بالوضاءة والحسن فيستنشق بروحه عبق النعيم وتعلو مهجته في سماء اليقين ويسمو قلبه سمو البصيرة ويرتفع بنفسه ارتفاع الرقي في مراقي النور وقد لامست كلمة التوحيد عنان تصديقه وصدق تسلميه واستسلامه لربه جل وعلا .. فما أحلاه من نعيم .. نعيم النقاء والطهر والتطلع لنعيم الله ورضوانه حتى يتمثل الجنة بأبوابها الثمانية مفتحة مهيأة بكل ما أعد الله فيها لعباده المتقين المصلين العابدين الخاشعين ، ثم إذا لقي الله تعالى يمن الله عليه بأن يدخله الجنة بأبوابها الثمانية يدخل من أيها شاء فيحظى بما عند الله من نعيم مقيم وخلد دائم وقرة عين لا تنقطع , رزقنا الله تعالى ذلك بمحض فضله وكرمه .

    وقد ورد ذلك في الحديث الذي رواه الترمذي رحمه الله تعالى :

    روى الترمذي في سننه ( باب فيما يقال بعد الوضوء) عن عمر بن الخطاب قال ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء )

    الموعود بالفضل :
    المسلم المتوضئ

    شرط الحصول على الفضل :
    1ـ إحسان الوضوء
    2ـ قول : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
    3ـ قول : اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين

    الفضل :
    فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء

    كما ورد ذلك أيضا في الحديث الذي رواه أحمد رحمه الله تعالى :

    وروى أحمد في مسنده عن عقبة بن عامر ( أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يحدث أصحابه فقال من قام إذا استقلت الشمس فتوضأ فأحسن الوضوء ثم قام فصلى ركعتين غفر له خطاياه فكان كما ولدته أمه قال عقبة بن عامر فقلت الحمد لله الذي رزقني أن أسمع هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان تجاهي جالسا أتعجب من هذا فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعجب من هذا قبل أن تأتي فقلت وما ذاك بأبي أنت وأمي فقال عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ فأحسن الوضوء ثم رفع نظره إلى السماء فقال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء)

    ما ورد في رواية عقبة بن عامر رضي الله عنه

    الموعود بالفضل :
    المسلم المتوضئ

    الوقت :
    إذا استقلت الشمس
    استقلت الشمس أي ارتفعت ... جاء في القاموس : اسْتَقَلَّ : اسْتَقَلَّ : ارتفع . يقال : استقَلَّ الطائرُ في طيرانه ، واستقَلَّ النباتُ ، واستقلَّت الشمس .

    شرط الحصول على الفضل :
    1ـ إحسان الوضوء
    2ـ صلى ركعتين

    الفضل :
    غفر له خطاياه فكان كما ولدته أمه


    ما ورد في رواية عمر بن الخطاب رضي الله عنه

    الموعود بالفضل :
    المسلم المتوضئ

    شرط الحصول على الفضل :
    1ـ إحسان الوضوء
    2ـ رفع نظره إلى السماء
    3ـ أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله

    الفضل :
    فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء .

    وقد روى الدارمي في سننه عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله ( عن النبي صلى الله عليه وسلم قال للجنة ثمانية أبواب ) فالله لك الحمد والشكر على هذا الفضل العظيم والكرم الجزيل الذي أعددنه لعبادك المسلمين بمحض منّك وكرمك يا ذا الجلال والإكرام فاجعل لنا اللهم فيه أجزل الحظ والنصيب ولا تحرمنا خير ما عند بشر ما عندنا وعاملنا اللهم بما أنت له أهل ولا تعاملنا بما نحن له أهل إنك أهل التقوى وأهل المغفرة حليم كريم عفو تواب تحب العفو فاعف عنا يا رب العالمين .

    وقد جاء العدد ( ثمانية) أيضا في الحديث الذي رواه النسائي رحمه الله تعالى
    وروى النسائي في سننه ( باب ذكر القدر الذي يكتفي به الرجل من الماء للغسل ) عن موسى الجهني قال ( أتي مجاهد بقدح حزرته ثمانية أرطال فقال حدثتني عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بمثل هذا )

    تأملات بالحديث الشريف :

    نهى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عن الإسراف في الماء سواء كان ذلك في الوضوء أو في الغسل أو في أي استخدام آخر ، وضرب صلى الله عليه وسلم المثل والقدوة والأسوة في ذلك حيث كان غسله صلى الله عليه وسلم بقدر ثمانية أرطال من الماء , جاء في(القاموس المحيط) : الصاعُ الصاعُ والصُّواعُ، بالكسر وبالضم، والصَّوْعُ ، ويضمُّ: الذي يُكالُ به، وتَدُورُ عليه أحكامُ المُسْلمينَ، وقُرِئَ بِهِنَّ، أو الصاعُ غيرُ الصِّواعِ، (ويُؤَنَّثُ، وهو) أربعةُ أمْدادٍ، كلُّ مُدٍّ رِطْلٌ وثُلُثٌ، قال الداوُودِيُّ: مِعْيارُه الذي لا يَخْتَلِفُ: أربعُ حَفَناتٍ بكَفَّيِ الرَّجُلِ الذي ليس بعَظيمِ الكَفَّيْنِ ولا صَغيرِهِما، إذْ ليس كُلُّ مَكانٍ يوجَدُ فيه صاعُ النبي، صلى الله عليه وسلم. وحاء أيضا بالقاموس الح يط : والمُدُّ، بالضم: مِكْيالٌ، وهو رِطْلانِ، أو رِطْلٌ وثُلُثٌ، أو مِلْءُ كَفَّيِ الإِنسانِ المُعْتَدِلِ إذا مَلأَهُما وَمَدَّ يَدَهُ بهما، وبه سُمِّيَ مُدًّا، وقد جَرَّبْتُ ذلك فَوَجَدْتُهُ صحيحاً، وجاء في لسان العرب : وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، كان يغتسل بالصاعِ ويتوضَّأُ بالمُدّ. وجاء أيضا : رطل
    الرَّطْل والرِّطْل: الذي يوزن به ويكال؛ رواه ابن السكيت بكسر الراء؛ قال ابن أَحمر الباهلي: لها رِطْلٌ تَكِيل الزيت فيه، قال ابن الأَعرابي: الرِّطْل ثنتا عشرة أُوقِيَّة بأَواقي العرب . ( انتهى )


    فنتعلم من الحبيب المصطفى الإقتصاد في الماء فإنه أجاب صلى الله عليه وسلم على من سأله : أفي الماء سرف يا رسول الله ؟ قال : بلى ولو كنت على نهر جار ، وتتأكد أهمية الهدي النبوي الآن والبلدان تعاني من الشح والفقر المائي وتكاد الأمم تقتتل بالحروب المائية للسيطرة على منابع الأنهار العذبة ففي الإقتصاد في الماء وعدم الإسراف فيه الحل الأوفى في هذا المضمار ، فاللهم وفقنا للإقتداء به صلى الله عليه وسلم في كل أمر واجزه عنا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أحسن الجزاء وارزقنا صدق محبته وصدق اتباعه وأنالنا شفاعته العظمى يوم الدين وصحبته في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    مهندس مدني استشاري صبري أحمد الصبري
    www.sabryalsabry.blogspot.com
    https://twitter.com/SABRYALSABRY

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •