أبياتٌ في الحِكَم

نقلها الدكتور عثمان قدري مكانسي من كتابه ( الشعر العربي في الفتوحات العثمانية )


قد يخص الشاعر محمود سامي البارودي الحكمة بقصيدة كاملة :

بادر الفرصة واحـــذر فوتها * فبلوغ العزِّ في نيـــل الفرصْ

واغتنم عمـــرك إبَّان الصبـا * فهو إن زاد مع الشيب نقصْ

إنما الدنيــــا خيـــال عارض * قلمـــا يبقى وأخبـــــار تُقصّْ

تارة تدجـــو وطوراً تنجــلي * عادة الظـــل ســـجا ثمَّ قلـصْ

فابتدر مسعاك واعلم أن من * بادر الصيد مع الفجــر قنصْ

لن ينال المرء بالعجز المنى * إنما الفـــوز لمـــن هـمَّ فنصّْ

يكـــدح العــــاقل في مـــأمنه * فإذا ضـــاق به الأمر شخص

وليكن ســعيك مجــــداً كلـــه * إن مرعى الشر مكروه أحصّْ

واترك الحرص تعش في راحة * قلمــا نال منـــاه من حــرص

قد يضرُّ الشيء ترجــو نفعه * رب ظمآن بصفو الماء غصّْ

ميِّز الأشياء تعرفْ قدرهـــــا * ليست الغرَّة من جنس البرص

واجــتنبْ كل غبــي مـــائقٍ * فهـــو كالعَيــــر إذا جــد قمـَـص

إنما الجاهل في العيـن قذى * حيثما كان وفي الصدر غصص


وفي قصائد الرصافي كثير من الحكم ينثرها كما تنثر الدرر ، منها :

إن لم تموتوا كراماً في مواطنكم * متُّـــم أذلاء فيـــها مـــيتة الجبنا

لاعذر للمسلمين اليوم إن وهنوا * في هوشة ذلٍّ فيها كل من وهنا

ولا حياة لهم من بعدُ إن جبُنــوا * كلا ، وأي حيــــاة للذي جبُنـــــا؟


أما شوقي فهو بحق شاعر الشعراء وأميرهم ، والحكم التي يزجيها أميرة ما يقوله الشعراء من حكم ، فما من قصيدة إلا والحكمة زينها ويتيمة عقدها ، فهو يبدأ قصيدته (صدى الحرب ) بعدة حكم منها :

بسيفك يعلو الحق ، والحق أغلــــب * وينصر ديـن الله أيان تضربُ

وما السيف إلا آية الملك في الورى * ولا الأمـــر إلا للَّـذي يتغـلَّــــب

تنام خطوب المـلك إن بات ســـاهراً * وإن هو نام اســتيقظت تتألَّــب

ولـــم يتكلَّـف قومك الأســـدُ أهبـــة * ولكنَّ خلقاً في الســباع التأهُّـبُ