فصل الصفات بالواو عند صعوبة أو استحالة اجتماع الصفات
في موصوف واحد في الوقت نفسه في الأحوال العادية
(دراسة حديثة)

تفصل (الصفات المفردة) بالواو إذا كان يصعب أو يستحيل اجتماع هذه الصفات
في الموصوف الواحد (المنفرد) في الوقت نفسه في الأحوال العادية

وتفصل (جموع الصفة) بالواو إذا كان يصعب أو يستحيل اجتماع هذه الصفات
في الموصوف الواحد (ضمن الجماعة) في الوقت نفسه في الأحوال العادية

ولا تفصل (الصفات المفردة) أو (جموع الصفة) بالواو فيما عدا ذلك

علما بأن الواو الفاصلة بين (مجموعتين أو أكثر من الصفات المفردة أو جموع الصفة)
لا تملك الوظيفة نفسها ولا تفيد المعنى نفسه


(هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)

(الأول والآخر) و (الظاهر والباطن): (هو أول وهو آخر) في الوقت نفسه، و (هو ظاهر) و(هو باطن) في الوقت نفسه. هنا فصلت الواو بين بين كل من هاتين الصفتين المفردتين المتباينتين، وذلك لأنه يصعب أو يستحيل اجتماع كل من هاتين الصفتين المفردتين المتباينتين في الموصوف نفسه في الوقت نفسه في الأحوال العادية. وأما الواو الفاصلة بين هاتين (المجموعتين من الصفات المفردة) فلا تملك الوظيفة نفسها ولا تفيد المعنى نفسه، وذلك لأن الواو الفاصلة هنا فصلت بين (مجموعتين من الصفات المفردة).

(الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ)
(هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ* هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)
(وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بنميم)


أهملت واو الفصل بين الصفات المفردة لأن اجتماع مثل هذه الصفات المفردة في موصوف واحد ليس من الأمور الصعبة أو المستحيلة في الوقت نفسه في الأحوال العادية.

(خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ)

هنا لم يفصل بين صفتي (الخفض) و (الرفع) المفردتين بالواو رغم تباينهما، وذلك لأن اجتماع صفتي (الخفض والرفع) في الموصوف نفسه في الوقت نفسه ليس من الأمور الصعبة أو المستحيلة في الأحوال العادية. فالمصعد على سبيل المثال (خافض رافع) أي يخفض ويرفع.

(مكر مفر مقبل مدبر معًا كجلمود صخر حطه السيل من عل)

هنا لم يفصل الشاعر بين صفتي (مقبل) و (مدبر) المفردتين الأخيرتين بالواو رغم تباينهما، وذلك لأن اجتماع صفتي (الإقبال والإدبار) المتباينتين في موصوف واحد في الوقت نفسه ليس من الأمور الصعبة أو المستحيلة في الأحوال العادية.

(أديب وشاعر)

وصف الموصوف الجامع لصفتي (الأدب والشعر) في آن معا بـ (الأديب الشاعر) من دون فصل بالواو هو بلا شك واحد من الأخطاء اللغوية والبلاغية الشائعة التي يصعب ملاحظتها، علما بأن لا أدعو إلى فصل الصفتين بسبب تباينهما، بل لشدة الصعوبة في الجمع بينهما.

إن الجمع بين هاتين الصفتين (الأدب والشعر) في موصوف واحد في الوقت نفسه هو أمر بالغ الصعوبة والندرة، إلا أنه ليس بالأمر المستحيل، وهذه الندرة والصعوبة في الجمع بين هاتين الصفتين في موصوف واحد في الوقت نفسه هي التي تستوجب فصل هاتين الصفتين بالواو، وذلك لأن كل موصوف استطاع أن يجمع بين هاتين الصفتين في وقت واحد رغم صعوبة وندرة اجتماعهما في موصوف واحد يكون موصوفا مبدعا ونادرا وغير عادي وتقتضي البلاغة منا أن نصفه بـصفتي (الأديب والشاعر) فصلا بالواو لهذا السبب كما فعل العرب.

وبعبارة أخرى:

يكون الموصوف المبدع الذي له علاقة بالأدب أو بالشعر عموما وفي أغلب الأحوال إما أديبا و إما شاعرا، لذلك فإننا عندما نريد أن نصف أي من هاذين الموصوفين نكتفي بالقول: فلان أديب أو فلان شاعر، لكن حين يكون بإمكان أي موصوف مبدع أن يجمع بين الصفتين المذكورتين في الوقت نفسه رغم ندرة وصعوبة الجمع بينهما في آن واحد معاً فإن هذه الحالة تستدعي منا أن نصفه بـ (الأديب و الشاعر) فصلا بالواو للضرورة البلاغية إذ إن من شأن وصف هذا الموصوف المبدع بـ (الأديب الشاعر) أن يشكل خطأً لغويا بلاغيا مخالفا للغة العرب وأساليبهم في الكلام كما هو واضح من الأمثلة الكثيرة التي وردت في هذه الدراسة.

لذلك فإننا إذا أردنا السلامة اللغوية والبلاغية عندما نصف طه حسين فإنه يجب علينا أن نقول: (طه حسين أديب وناقد) فصلا بالواو، وعندما نريد أن نصف عباس العقاد يجب علينا أن نقول: (عباس العقاد ناقد وأديب وشاعر) فصلا بالواو أيضا.

(مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ)
(التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ)


أهملت واو الفصل بين (جموع الصفات) هنا لأنه لا يصعب أو يستحيل اجتماع الصفات المفردة من هذه الجموع في الموصوف نفسه (ضمن الجماعة) في الوقت نفسه في الأحوال العادية.


(تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غَافِرِ الذَّنْبِ) وَ (قَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ)

الواو الفاصلة هنا فصلت بين (مجموعتين من الصفات المفردة)، لذلك فهي لا تملك الوظيفة نفسها ولا تفيد المعنى نفسه

(مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات) (ثيبات وابكارا)

الواو الموجودة هنا لم تفصل بين (مجموعتين من الصفات)، وإنما فصلت بين (جمع الصفة) الأخير و (جمع الصفة) الذي سبقه، وقد حصل هذا الفصل بالواو لأنه يصعب أو يستحيل اجتماع الصفتين المفردتين المتباينتين لجمعي الصفة هاذين في الموصوف نفسه (ضمن الجماعة) في الوقت نفسه في الأحوال العادية.

منذر أبو هواش