السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل لى أن أقدم لكم شاعر العامية بحق
الشيخ أمين الديب
؟؟؟؟؟
لكن قبل أن ابدأ
أطرح بين يديكم مقالة للدكتور جابر قميحة رسالة للشيخ أمين الديب
تحت عنوان
يا أمين الديب.. لماذا أجرمت?!


بقلم: د. جابر قميحة
KOMEHA@MENANET.NET

أيها الشاعر الفلاح الفصيح: لقد كنت أكره شعر العامية, وما حببني فيه إلا أنت, لقد ملأت الوطن, وشغلت الناس أيها الرجل, وأصبحت «أشرطتك المسجلة» تشنف آذان الناس في المؤتمرات, والمحافل والمقاهي, والسيارات.
هل تذكر -أيها الرجل العظيم- أنني كتبت عنك مقالا ذات يوم, في صورة رسالة موجهة إلي «جهاز أمن الفصحي» أقول فيه: إن هذا الرجل في شعره الشعبي خطر.. خطر علي العربية الفصحي, لأنه أقام للعامية «دولة» رفيعة البنيان?
لقد قرأت أعمالك.. بل عشتها:
- فرأيت فيها الطوابع الدرامية الأصيلة التي تعتمد علي طول النفس, والحوار الكاشف, والدفق القصصي, وحيوية الحدث, ودقة التشخيص, أي إبراز ملامح الشخصيات, وتكاملية العناصر الفنية دون تكلف أو تعسف.
- ورأيت فيها عفوية الأداء التعبيري, فلغتها هي «لغة الواقع» معني ومبني, وبذلك تتلاحم فيها الواقعيتان: «الواقعية اللغوية» و«الواقعية الفنية» فاتسع أداؤها: لأريج الزهور, ومرارة الحنظل, واتسع لنعومة الفل, ووخز الشوك, واتسع للمسات الحرير والسهام المسددة, واتسع لخرير الجدول الصافي, وهدير العاصفة الصرصر العاتية.
وهذه «الثنائية القيمية» تجسد كينونة الإنسان الحق أمام البصر والبصيرة.
- وأري أيها الفلاح الشاعر في إلقائك أسرًا وجاذبية, فأنت لا تقرأ كلماتك من «مكتوب» ولكن من حافظة جادة واعية, مواجهًا الجماهير دون أن يكون بينك وبينها ورقات حاجبة.
ولكن يبقي أن نسألك -يا نزيل المعتقل-: «لماذا أجرمت»? فلنا الحق أن نعلن للناس جميعا قائمة الجرائم التي ارتكبتها لعل... وعسي:
- لقد أجرمت -أيها الشيخ الشاعر- لأنك قلت للطوارئ «لا», وأنك قلت وتقول كلمة الحق في مواجهة نظام منخور مدحور, ينتصر للباطل, ويحتضن الرمم والسقوط.
- لقد أجرمت -يا رجل- لأنك احتقرت الحرام, ورفضت أن تساير أبناء «الفهلوة» والياقات الزرقاء, في دولة «بني الهباش», فلم تهبر هبرة, أو هبرتين من بنك, ولم تختلس من مال أمتك المطحونة ولو مليونا من الجنيهات, أو الدولارات, أو اليوروات.
- لقد أجرمت -يا شيخنا- لأنك لم تغرق عبّارة, ولم تحرق مسرحًا ولا قطارًا, ولم تزهق أرواحا, فتريحها من شياطين الحكم, وأحذية الأمن, ومظالم الشواذ الضالين المضللين.
- لقد أجرمت -يا رجل- لأنك لم تستول علي قطعة من أراضي الأوقاف, ولم تحجز لأولادك بتراب الفلوس فيلا في «مارينا» أو شاليهًا في الساحل الشمالي.
- لقد أجرمت -يا شاعرنا- إذ سرقت حب الناس, وكونت لك رصيدًا ضخمًا, من هذا الحب في «بنك القلوب», وتركت للكبار المنكوسين الموكوسين رصيدًا كبيرًا جدًًا من كراهية الشعب, في بنك الرمم والجيف والمستنقعات.
- لقد أجرمت -أيها الشيخ- لأنك أصبحت شمسًا ساطعة, ونورًا صارخًا في وجوه رجال يحبون الضباب, ويعشقون الظلام, ويعانقون الخراب.
ولك الفضل بعد الله -أيها الشيخ الشاعر- إذ ذكّرتني صلابتك وشموخك بواقعة مضي عليها سنوات, كنت أقوم أيامها بالتدريس في إحدي الجامعات العربية, وكانت الجامعة تطلب مني كل عام إلقاء قصيدة الاحتفال بمتخرجي السنة النهائية يحضرها «الأمير» وطلب مني رئيس الجامعة أن أضمن القصيدة عددًا من الأبيات في مدح الأمير, ولكني رفضت بأسلوب مهذب, وقلت: إن الأمير قد يكون جديرًا بالمدح, ولكن شعر المدح -أي مدح- يستعصي عليّ فلا أستطيعه, ومعروف أن الشاعر لا ينظم الشعر, ولكن الشعر هو الذي ينظم الشاعر, وبعدها ألهمني الله قصيدة بعنوان «إن الكلمة عرض الشاعر» وفيها أقول:
- ولقد عشت شريفًا.. ونظيفًا.
- ملكًا يحتقر التاج.
- مملكتي قلب نبوي.
- وسلاحي قلم نووي.
- لم ينبض إلا بالحق.
- ينشق الصخر ولا ينشق.
وأعتقد -يا شيخ أمين- أن هذه الكلمات من أنسب الكلمات لك, فهي حكم تاريخي صادق, فما أراك الآن إلا «ملكا يحتقر التاج», وما أري لك مملكة إلا «قلبك النبوي», وما أري لك سلاحًا إلا «قلمك النووي».
وأخيرًا -أيها الملك- عليك أن توجه لأبطال أمن الدولة, وكبار رجال نظامنا المنخور المدحور رسالة شكر جزيل» لأنهم -إذ وضعوك خلف الأسوار- غرسوك في قلوب الناس, فأصبحت حديثًا عاطرًا علي كل لسان, وأصبح الطلاب والأساتذة والعمال يتهافتون علي دواوينك, وقصائدك وأشرطتك.
كما آمل أن تنظم «يومياتك» في معتقلك, لتكون ضميمة طيبة صادقة لأدب السجون والمعتقلات والمنافي, وأنت علي ذلك قدير.. جد قدير. وفقك الله.