اليك اختي فتنة المحور الذي اقترحته على الاخوة والأخوات:
ما الموت.. الموت الحقيقي..الموت الرمزي..الموت الفلسفي..الموت السياسي..الموت الديني الخ..أسئلة لا يمكن أن يفك ألغازها إلا المفكر والفيلسوف، ورجل الدين، والمبدع..أسئلة استفزتني باعتباري مبدعا حيث وقفت أمام ذكرى العنعنة، فصدمتني الغرغرة حين رأيت جسد أمي، آه أمي يعانقه نعش أرعبني، تذكرت قول الشاعر:
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته......يوما على آلة حدباء محمول
فقلت:

حلم مهاجر... !

حلم تهاوى خلف ضباب الظهيرة
وانسلت خيوط قوس قزح
تبحث عن عاشق مر من هنا…
لم يكن الغياب يوما فريسة
ولا أكذوبة نيسان…
أبدا لم يكن من سلالة داحس
والغبراء..
كان فارسا أضناه التجوال؛
حلما تناثرت خيوطه الطالعة
من أيقون حياة صغيرة..
من ألق صبية استهواهم
اللعب بفقاقيع عباب البحر..
كان حلما يبحث عن ضفيرة
ضيعها بين المد والجزر..
كان يبحث عن زغرودة طائشة
اخترقت حاسته السادسة
دون استئذان..
كان عبثا يحاول السباحة ضد
التيار..
يبحث عن موجة لفظتها
مواويل عرائس البحر المنتحبة..
كان الحلم في البدء طفلا
يطارد الفراشات..
وكان الطفل حلما يسابق ظله
القديم..
يغازل الطيور ممتطيا
شهوة عشق خارج منطق
المطاردة..
فكان ميلاد الحلم.. وكان
التوحد في لغة الأشياء..
وكان اكتساح ملكوت الله..
***
في لحظة انبهار عابرة يعانق
الحلم يتم الصدى..
فيشيخ الكلام في رحم الآتي،
وتسقط الدمعة الثكلى في
أحداق زرقاء اليمامة..
في لحظة انبهار عابرة تختنق
العبارة حين لا تسعفها
البلاغة..
فيصير العشق وهما،
ويصير الوهم حلما
يبحث عن مجرة ضاعت
في ملكوت الله..
يبحث عمن يستهويه
تقبيل نصف الشفاه..
عن بحر ثار على اليابسة
حين استوى الماء على
الجودي..
عن بلقيس حين كشفت عن
ساقيها، وبدا لها الصرح
لجة..
فانهارت الحقيقة
حين تهاوى الحلم
خلف هيكل سليمان..
***
في غرفة الإنعاش
سكت الكلام..
في غرفة الإنعاش
انطفأت الابتسامة
حين ضاع الملاح والمجداف..
في غرفة الإنعاش
تشابكت خيوط العنكبوت
وتداعت الروح تبحث
عن الخلاص الذي يأتي ولا
يأتي..
جسد تهاوى في خبايا الستين..
يحكي زمنا ظل
يخترق الذاكرة الموشومة..
روح كانت تعانق
أعالي النبوة،
وتسمرت الذاكرة نحو المدى..
لم تعد عائشة
تشاكس رنين الرحيل..
لم تعد عائشة تستعذب
البكاء حين لا تسعفها
الكلمات..
لم تعد عائشة تشكو
أوجاعها، فأغمضت
جفن المتاعب
ونامت، بعد أن
اغتسلت بشعلة
الشهداء..
لا تحزنوا بني أمي،
فلقد آن للروح أن
تغتسل من حطام المراثي..
تركتنا نتسكع في عراء الجنون،
نردد: إنا لله وإنا إليه راجعون..

عبد السلام فزازي
الرباط في بداية اليتم.