الشهيد يحيى عياش


- تركي عبدالغني -

.

********
.
.


أُكـتُبْ نقـوشاً كالصِّحاحِ مُجَلَّدا
وارسُـمْ على الجُدرانِ إسْماً خُلِّدا
.
وَاقْلِبْ موازينَ الفَوارِقِ وَلْتَسَلْ
هل كانَ إرْهـاباً وكانَ تمرُّدا ؟
.
وَعْدٌ لَـنا وَالـوَعْدُ حَقٌّ عِنْدَنا
فالخيرُ مَنْ أوْفى إذا ما أوْعَدا
.
لو كـانَ مَـوْتُكَ يا شَهـيدُ عُـقوبَـةً
مــا كــان ربّـي قد أماتَ محمّدا
.

******
******

.

آهٍ علـى يـحـيـى وآهٍ صَـاحـها
مـمـزوجَـةً وَقـبـيلَ مـوتٍ بالدّمِ
.
ما صـاحـهـا خوفاً ولا أودَتْ بـه
غـيرُ الخيـانَـةِ منْ بطونٍ أو فَـمِ
.
ويَمـيـنُـهُ طارَتْ لِـتَـقْبِـضَ تُـرْبَهـا
والـوجْــهُ مـغــزول الضياء بـأنجم
.
والأرضُ فاضَتْ فـي الـوداعِ بِدَمعِهـا
وسـماءُ يحيى شُـرِّعــتْ بتبـسُّـمِ
.

******
******

.

ومَـرَرتُ يوماً بـالضريحِ فهِبْـتُـهُ
وسكينـةٌ فـي القلبِ كـانـتْ أكْبَرُ
.
فتُــرابُـهُ غَـضٌّ زَكـيٌّ ناعـمٌ
باكي الـطراوةِ والصفـاوةِ أسمـرُ
.
وحجـارةٌ بـيضٌ تُـكاتِفُ بعـضَهـا
كالطَّـائفيـن بـحجِّ مـكَّـةَ كــبَّروا
.
والـنَّـبْـتُ أغـصانٌ تعانِـقُ زهـرَهـا
والـزَّهرُ مـن كُثـرِ احمرارٍ يُـقطُرُ
.

******
******

.
وجلَسْتُ حتى غِبْتُ فـي نـوْمٍ علـى
صـوْتِ المآذنِ والكنـائـسِ والبَـشَـرْ
.
وَشَرَدْتُ فـي نومـي بصحبَـةِ طَيفِـهِ
ورأيـتُ ألوانَ الـعروشِ بـلا صـورْ
.
فالقـلـبُ مشـتـدُّ الـقـساوةِ أسـودٌ
والجسمُ محمولٌ على نعشِ القـدرْ
.
والـقولُ مسحوقُ العِـبـارةِ مُـنـهَـكٌ
والعـزفُ مقصورٌ علـى نفْـسِ الوَتَـرْ
.

******
******

.
وتـجـاوزتْ عيـني مـشارِفَ حدِّهـا
ونظرتُ في أصلِ الخلائـقِ والوجـودْ
.
فـي العـابداتِ سـتَرْنَ إلا طَرفَهُـنْ
في خالعاتِ الرقـصِ كشّـافِ النهـودْ
.
في السابحـاتِ مكَثْـنَ فـي أبعادِهـا
في فِكرنا المحبوسِ في نَـومٍ رَقـودْ
.
فرأيتُ أن الـكلبَ يـنـبــح ليثَـهُ
ورأيت أن الخيلَ سيسَتْ مـن قـرود
.

******
******

.
مـنْ عـلَّمَ الأمَّ الـصبـورَ نُواحَهـا؟
من علَّمَ الفتياتِ حُزناً فـي الصّبـى؟
.
مـن صادرَ الأصوات مـن أفواهِـهـا
واسـتُـلَّ سـيـفٌ للرِّقـابِ وجـرَّبا؟
.
من جاء بالأخـطارِ لا يـقوى بـهـا
جَلَـدُ الكبيـرِ وجِلْـدُ طـفلٍ مـا حبا ؟
.
منْ حوَّلَ الأزهـارَ في أحواضِهـا
كَـدَمٍ تخثَّـرَ فـي عُـروقٍ مِنْ وبا ؟
.

******
******

.
فسألـته عـن أمَّةٍ كانـت لــهـا
روحٌ بجـسمٍ فــارقـتـه وولَّـتِ
.
فأجابني: لو مسَّ ضـرٌّ أرضهــا
لوَددْتُ لـو كانَ المساسُ بمُهجتـي
.
هـذي بـلادي أمَّـةٌ وعــزائـمٌ
إنْ تُــدْعَ يـومـاً لـلجلائـلِ لبَّتِ
.
واللهِ لـو عـادَ الزَّمانُ أعــيـــدُهُ
حسـبـي بأنـي قــد قُتِلْتُ لأمّـتـي
.

******
******

.
وطني عشَـقتُ كُـرُومَــهُ وبحـارَه
وطنيـنَ نحلٍ حـولَ زهْـرِ النرجِسِ

.
لا أبتغي مــن قـومِ شَـرٍّ عطْفَهُـمْ
أوْ انحـنـي كالمـارقِ المتـلـمِّـسِ
.

لا خيْرَ في مَنْ سُلِّمَتْ آمالُهُ
وَعُرى الحقيقَةِ للرُّضوخِ الأخْرَسِ
.

خيرُ الرجالِ كرامةً وطهارةً
من ماتَ موتي قـرْبَ بيـتِ المقـدِسِ

.
.
***************
***************
***************
***************