" 1 "
عفريت الست فتحية

تسمع طرقاً على الباب ، فتنطلق سعياً كي ترى القادم ، أنها تنتظر زوجها الذي خرج مبكراً صباح اليوم وهو يمُنيها بأكلة سمك طازج سوف يأتيها به.
تفتح الباب فتراه أمامها يحمل غمراً ثقيلاً ينوء بحمله تساعده لكي يصلا به إلى باب المطبخ ، فيلقيانه في الحوض الذي امتلأ تماماً بسمك"البياض والبوري والمياس" فتراه يتطاير ويكاد أن يسقط على الأرض من شدة شوقه لماء البحر .

تتراقص الست فتحية طربا وسعادة ، وتعانق زوجها سيد وتشكره ، وتُعدَّ معه مجموعة أصناف سوف تقوم بطهوها من أجلِه وأجل الأولاد ، الذين سيسعدون بهذا الطيب من الطعام.

يتركها قرير العين راضياً لرضاها ، ويمضي إلى حيث فراشه لينام بعد أن يأخذ عليها عهداً بألا توقظه حتى تنتهي من إعداد الطعام ، وأن لا تجعل الأولاد يوقظونه بضجيجهم إذا حضروا بعد الدراسة بالذات .
تُقبل الست فتحية على السمك لتنتقي منه ما يناسب أصناف طعامها. تبدأ بتنظيف ما يستحق القلي ، وفجأة يدمى إصبعها شئ صلب ببطن إحدى السمكات ، تخرجه وتنظر إليه باندهاش :
- ماذا أري؟ قطعة زجاج في بطن السمكة؟! أم تراه ربما فصاً من الماس أو اللؤلؤ؟!!
تضعه من فورها لتغسله تحت صنبور المياه فيزداد بريقاً أمام عينيها فتصيح:
- إنه وربي قطعة زجاج ، فأنا أعرف حظي ، فلست ممن يحظى بالماس! نعم لا بد أنها قطعة زجاج لا غير.
فجأة يهتز المكان من حولها ، وتكاد تسقط بعض الأشياء ، فترتعد:
- ما هذا؟ زلزال؟!
ولم تكد تكمل قولها حتى جاءها صوت جهوري ، لم تدرِ أمن أمامها أم من خلفها ، لكنها سمعته يناديها باسمها:
- يا ست فتحية!
تكرر النداء حتى لبت وهي ترتعد خوفاً ، فخرج صوتها متقطع الأنفاس:
- نعم أنا فتحية ، أتأمرني بشيء ؟
يعود المكان لنفس اهتزازه وهو يحمل صدى الصوت الغامض المرعب:
- أنا خادم فص الخاتم الزجاج ، مريني ألبِ طلبك في الحال. تحتار وتتساءل:
- أي فص وأي خاتم هذا؟!
فيجيبها الصوت في الحال:
- فص الخاتم الزجاجي الذي قمتِ بتنظيفه الآن. يا ست فتحية ، مُريني فلكِ عندي طلبان ، اطلبي ما تشائين وسوف أجيبك في الحال .
تبحث عن من يسعفها بالإجابة ، فتحاول الاستغاثة بزوجها سيد فلا تجد صدى لصوتها ، فتندهش ألهذا الحد غرق زوجها في النوم !! وأمام إلحاح هذا الخادم لفص الخاتم بالإجابة لا تجد إلا أن تقول له بصوت تحاول أن يخرج منها متماسكاً لتنهي هذا الرعب القاتل ، فتسابق ألفاظها حروفها:
- أريد أن أبدو أصغر بعشرين عاماً ، وأريد أن لا يبدو الهرم علي مهما تقدم بي العمر ؛ أتقدر على هذا؟
وكأن الخادم كان هو الآخر على عجل من أمره فأجابها بنفس سرعتها:
- أمرك مطاع يا ست الحُسن والجمال. … ها ها ها يا ست فتحية انظري خلفك في المرآة. وما تكاد تنظر في المرآة حتى كاد أن يغشى عليها.

يتـبع بجزئين

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

والرأي للنقاد والكتاب الأجلاء بصرح واتا العظيم .