واتا تستنهض الهمم صعوداً نحو القمم


نتابع، بفخر واعتزاز عظيمين، الإنجازات الكبيرة التي تحققها "الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب" (واتا)، في إطار المسؤولية الجسيمة التي حملتها على عاتقها، وانطلاقاً من رفضها للحالة الانهزامية التي تلتف قضبانها الحديدية حول أمتينا العربية والإسلامية، واستشعاراً منها بقدرة ساكنيها من علماء ومفكرين، بعد توفيق الله سبحانه وتعالى، على حمل مشعل التغيير؛ لتحقيق قفزة حقيقية في التحول من الخنوع في حفرة الجبن والهوان والاستسلام والخذلان، إلى الاستنفار في خندق العمل والقتال؛ بسلاح العلم والحكمة والقلم، لاستعادة حقوقنا المسلوبة، والارتقاء بالإنسان العربي المسلم إلى المكانة المرموقة التي استحقها على مر العصور، ومن ثم، ليس فقط نحافظ على أمجاد أسلافنا وعظمائنا، بل أيضاً نبني حضارتنا ومستقبلنا بما يسجل لنا ذكرى مشرفة تحفظ ماء وجوهنا أمام أجيالنا القادمة.

بهذا العنفوان انطلقت (واتا) بعقول رجالاتها ونسائها وجميع أبنائها، وكلهم في صف واحد، هو الصف الأول؛ كما قال مؤسسوها؛ السيد عامر العظم ورفاقه الأوفياء، فحددوا الأهداف، ورسموا الطريق، ووزعوا المهمات، وعلى بركة الله، انطلقوا، مشمرين عن ساعد العمل بجد والعطاء بإخلاص، وما أجمل أن يفعل المرء شيئاً يعمر قلبه الإيمان بأنه حق، فحينئذ تخطفه لهفة الإنجاز، وتأسره خطوة الإعجاز؛ فيمضي الوقت كله استنفار، لا فرق فيه بين ليل أو نهار!

ومن يتأمل موقع (واتا) الإلكتروني www.arabswata.org، يدرك حقيقة هذا الهرم الأشم، ويدرك مكانة العقول العربية التي تواصل عملية البناء بهمة لا يدركها الملل، وعزيمة تهتف ألا تراجع عن تحقيق الأمل.

واللافت في (واتا)، دقتها في تحديد مهماتها، ودقتها أيضاً في تنفيذها، فمن ضمن المهمات الكثيرة التي رسمتها لنفسها، أذكر هنا تلك المهمة التي تستأثر بهذه الهالة الرائعة من العمل الدؤوب، والسهر المتواصل، لتنفيذها في وقتها المحدد؛ مهمة لا يقوى على أدائها إلا مَن يتوفر لديه الصدق والصبر والإصرار؛ وأنعم بقوم (واتا) مثلاً، الذين يقومون بهذه المهمة العظيمة بلا ميزانيات ترصد، ودون إمكانيات تسخر، اللهم إلا إيمانهم بالله وملائكته وكتبه ورسله، ثم بعدالة الرسالة التي يرفعون لواءها، إنها مهمة "التكريم" التي سنّتها (واتا) لنفسها منذ تأسيسها عام 2004م، وحددوا الأول من يناير/كانون الثاني من كل عام موعداً لها! وهو تكريم يختص برعاية العقل العربي، والتعريف به على أوسع نطاق، واستثمار قدراته، وتوظيفها في خدمة الإنسانية كلها.

هكذا رُسم، وهكذا أنجز؛ ففي الأول من يناير/كانون الثاني 2005م دعت (واتا) عيون العالم بأسره، لحضور حفلها التكريمي الأول، وزفت إليهم، في عرس سامق بهيج، كوكبة من الأعلام المبرزين من علماء، ومفكرين، ومترجمين، وأدباء، وكتاب، وإعلاميين، بلغ عددهم أربعة وسبعين مكرمّاً عربياً يشار إليهم بالبنان، أود لو تسمح لي مساحة النشر فأنير مقالتي هذه بأسمائهم، وإنجازاتهم، فالأمر لا يقتصر على عام واحد، بل هي رحلة للتكريم مستمرة؛ تتوالى مسيرتها من عام إلى عام!

ففي الأول من يناير/كانون الثاني من عام 2006م، بلغ عدد المكرمين اثنين وسبعين مكرمّاً، وفي الأول من يناير/كانون الثاني من عام 2007م، بلغ عدد المكرمين مائة وثلاثين مكرماً، وفي هذين العامين اكتملت ملحمة الإنجاز بمنح ثمان شخصيات عربية فاعلة درجة الدكتوراه الفخرية.

وها هم الأفذاذ (سواعد واتا)، الذين زاد عددهم عن الاثني عشر ألف عضو ينتشرون في سائر أرجاء المعمورة، ها هم يستعدون لعرسهم المتجدد، في الموعد نفسه الأول من يناير/ كانون الثاني للعام التكريمي الرابع 2008م، حيث ستمنح (واتا)، كما أبرق إلينا رئيسها، شهادة الدكتوراه الفخرية لإحدى عشرة شخصية، وستقدم للأمة العربية مائتين وستين شخصية من أبنائها، ينتمون إلى مختلف الجنسيات والمشارب، والخلفيات العلمية والثقافية، ومن بينهم مستعرب ماليزي، وهم موزعون على ثلاث فئات هي: "العلماء والأعلام"، و"المترجمون والمبدعون"، و"المتميزون"!

فها هي الدعوات وزعت،
والموائد جهزت،
والزينات علقت،
والمكرمون ارتدوا أزياء العزة والسعد!
فطوبى لمن يصدق العهد ولا يخلف الوعد!
وكل تكريم و"واتا" وأهلها في نماء وتقدم ومجد!