أنقذوا الشباب من مرض خطير يكاد يفتك بهم!!

سأبدأ من حيث القضية التي أثارت في خاطري هذا الموضوع ودفعتني للكتابة عنه، وهي قضية خطيرة جداً تفتك بصاحبها قبل أن تضر غيره ممن يحاورهم ويناقشهم، واقصد بذلك الشباب والفتيات الذين يرتادون المنتديات الحوارية السياسية خاصة، فقد بدأ يسري بينهم مرض يمكن أن نسميه مرض "العنف الفكري".

كتب كثير من الناس حول لجوء الأعضاء في حوارهم إلى السب والشتم والهمز واللمز والتجريح والاستهزاء وغير ذلك من الممارسات السيئة... وهذه ليست قضية موضوعنا هذا، وإنما هناك مرض أخطر بكثير له أعراض يمكن ذكر أخطرها فيما يلي.

أعراض المرض:

1- التعصب الأعمى الذي يؤدي إلى رفض اتباع الحق، وعدم العدل، والجور، وعدم تقبل أي نقد للرأي أو الفكرة أو المنهاج، والاعتقاد بالعصمة.
2- الانغلاق الفكري وعدم تقبل آراء الغير وأفكارهم حتى وإن كانت صحيحة وتبين صحتها.
3- إساءة التفسير، واعتماد الظن والهوى أساسا لتفسير مواقف الغير وآرائهم وسلوكهم، رغم ضعف الحجة وعدم وجود الدليل ومخالفة المنطق والعقل، ورغم أن تفسير بعض هذه المواقف والآراء والسلوك يتعلق بالنوايا والضمائر وأشياء أخرى لا يطلع عليها إلا الله سبحانه وتعالى.
4- ادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة وحصرياً، ورفض مبدأ مناقشة الرأي والفكر والمنهج والسلوك، أو حتى رفض مناقشة كيفية الوصول لما يظنه من حقائق، وكأن الأمر سري لا يعرفه إلا من ارتبط بهذا التنظيم أو ذاك.
5- قيام بعض الأعضاء بتقمص بعض الشخصيات المجاهدة، التي تحظى بتاريخ أبيض ناصع وباع طويل في الجهاد والتضحيات، واستغلالها من أجل فرض وجهة نظر المتقمص والاستعلاء على الآخرين والمزاودة عليهم وقمعهم فكريا.
6- تبني مواقف محددة بناء على أوهام وظنون ومغالطات فكرية وفقه مريض وتفسير خطأ للأحاديث الشريفة أو الآيات القرآنية الكريمة، كمن يقول "كل ما هو حسن عند المجاهدين هو حسن عند الله"!!!
7- تبرير الأخطاء ورفض الاعتراف بالخطأ أو التقصير أو الوقوع في الزلات، وكأن من يفعل ذلك حاز عصمة الأنبياء ووصل إلى مرتبة الملائكة.
8- اختزال القضايا وتقزيمها وحشرها في زوايا ضيقة، والتخصيص، والتعميم، والهروب إلى الأمام، وذر الرماد في العيون، والتغني بأمجاد الماضي، والعيش في أوهام المستقبل،...
9- التدليس بمعنى فبركة أدلة للوصول إلى خلاصة ما تناقض الحقيقة.
10- الإرهاب الفكري وحشد المناصرين للعضو لشن هجوم واسع وانتقاد لاذع ضد من يخالفه الرأي والموقف والمنهج والسلوك، واستخدام تعبيرات لاسعة ولاذعة وجارحة لإجبار المحاور على التوقف عن الحوار والنقاش.
11- التقليل من شأن الغير والشعور بالوصول إلى قمة المعرفة والثقافة والتفوق على الغير معرفياً وثقافياً وفكرياً.
12- التلذذ بتخطيء الناس والانتصار عليهم والانتقام منهم حتى لو تم كل ذلك على أساس باطل وبحجج داحضة وذرائع باطلة.

نتائج هذا المرض:

1- هلاك العقل، الذي هو نعمة أنعم الله بها على الإنسان.
2- الكبر، لأن الكبر كما جاء في الحديث الشريف هو بطر الحق وغمط الناس، أي رفض الحق وظلم الناس، ونحن نعلم أنه لن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- انتشار التنازع المنهي عنه والذي ينهك الأمة ويفشل جهود العاملين للإسلام ويشتت مواقفهم، ويمكن الأعداء من رقاب شعوبنا العربية والمسلمة، ويذهب ريح أمتنا، كما جاء في القرآن الكريم: "وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ".
4- ضياع الحقيقة، وشيوع التشكيك، وانتشار الشائعات، وعدم الاستفادة من طاقات الأمة، وعدم القدرة على الاستفادة من الخلافات المعبرة عن اختلاف الطاقات والمعارف والقدرات والخبرات والتجارب.
5- إفساح المجال لممارسي الإشاعة والدعاية الرمادية والدعاية السوداء ومن يقلبون الحقائق ويزيفون الوقائع ويسيئون تفسير الأحداث للعمل في أوساط الشباب من كلا الجنسين وإفساد البيئة الافتراضية التي ينشطون فيها.

نسأل الله العفو العافية، وسلامة الصدر، والإخلاص في القول والعمل، والبصيرة.