بسم الله الرحمن الرحيم
( و بشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه رجعون )
أخي الحبيب و أستاذي الفاضل الأستاذ عبد الرحمن الخرشي ،
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لقد بلغني مساء هذا اليوم أن والدتكم الفاضلة قد لبت نداء ربها و سارعت إلى
لقائه لتسعد بعفوه و مغفرته و كرمه ، و تنعم - إن شاء الله تعالى - في جنة المأوى
بجواره و جوار الأنبياء و الصديقين و الصالحين؛ بعد أن أدت رسالتها في الحياة
الدنيا على أحسن الوجوه و كان مما يشهد لها بهذا أنها خلفت وراءها من أبنائها
علماء و أدباء أفذاذا لا يكلون أبدا في طلب العلم و تعميم نشره بين الناس.
و لا شك في أن والدة مثل والدتكم - رحمها الله تعالى و أسكنها فسيح جناته - لم تزل
حية خالدة و سوف تبقى كذلك إلى يوم القيامة،
لأن عمل المرء - حياته بمعنى آخر مجازي - ينقطع بعد مماته إلا من ثلاث:
صدقة جارية أو ولد صالح يدعو له أو علم ينتفع به.
و لا شك في أن والدتكم الخالدة في نعيم الجنة قد جمعت الحسنات الثلاث!
رحمها الله رحمة واسعة و أعظم الله أجركم فيها!
***
لذلك لم أجد شيئا من الأدب و العلم أدعم به هذه التعزية خيرا من قصيدة لي هي
عندي أولى ما أعزي به المؤمنين عامة و العلماء و الأدباء خاصة.
فإليك القصيدة :
تعزية المؤمنين
الموتُ وِردٌ واجبُ الوِردِ = فادفع بلاءه عنك بالحمدِ
و اصبر على ما الله قدَّر و اصطبر = فالصبر يطفئ لوعة الوجدِ
كلٌّ إلى حد الفناء مسيَّرٌ = و لوَانَّ سيفَه قاطعُ الحدِّ
و الكل كله رغم أنفه خاضعٌ = لله في حَل و في عقدِ
مهما يطل عمُرُ الزمان فإنه = لا بد منتقل إلى اللحدِ
فالناس في هذي الحياة كأنهم = في البحر بين الجزر و المدِّ
كل على حب الخلود مقيَّدٌ = يسخو عليه بغاية الجهدِ
و الله يمتحن العبادَ قضاؤه = ليفكهم من قبضة القيدِ
كم غافل ضل الطريق لأنه = لم يستعن في السير بالقصدِ
و العاقل الحر اللبيب من اتقى = و أطاع ربه طاعة العبدِ
فتقاهُ عمْرٌ دائمٌ متجددٌ = و حلاوة الإيمان كالشهدِ
تجلو مرارة ما يصيبه من أذىً = و تفيض في الوجدان بالسعدِ
و تذكر العبد التقي بوعده = و بأن ربه صادق الوعدِ
فتذوب نيران الأسى و كأنها = لم تلتهب من شدة البردِ
لا يرهب الموت المقدر مؤمنٌ = لم يخش غير الواحد الفردِ
فعزاؤه في الموت أنه نقلةٌ = تفضي بصاحبها إلى الخلدِ
من يغضب الدنيا يفز برضائها = و تجد عليه بخالص الودِّ
لا تقبل الدنيا على أهل التقى = إلا إذا تعبت من الصّدِّ
هذا عزائي بالمودّة سقته = شعرا إليك منضّد العقدِ
لكن شعري عن علاك مقصِّرٌ = فلقد سبقته أنت بالحمدِ
و لأنت، يا خرشيُّ، عبد صابرٌ = ترقى بصبرك قمة المجدِ!
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخوكم المخلص لكم حبا في الله : جلول دكداك- شاعر السلام الإسلامي
المفضلات