هذيان لحظة الصمت الذي تعقبه عاصفة شديدة

بغداد تهذي تحت الاحتلال

كلشان البياتي ترصد فجيعة بغداد في مجموعتها القصصية الجديدة التي تنتمي إلى أدب المقاومة العراقية.

ميدل ايست اونلاين
دمشق ـ رصدت القاصة العراقية كلشان البياتي حالة الفجيعة في بغداد واختزلتها في مجموعة قصصية جديدة حملت عنوان "هذيان تحت الاحتلال" عن دار قدمس للنشر والتوزيع بدمشق.

وجاءت المجموعة التي صنَّفها ناشرها على أنها "من أدب المقاومة العراقية" في مائة وأربعة وخمسين صفحة.

تحت الاحتلال، يهذي الناس بشكل غير طبيعي ويثرثرون بشكل غير طبيعي، ويسلكون سلوكاً آخر تعبيراً عن رفض الغزو ونتاجه الغير الإنساني والأخلاقي.

وعندما وقعت بغداد تحت الاحتلال، هذت بغداد ذاتها مثلما هذى "البغاددة" أنفسهم هذياناً لم يُشهد له مثيل في تاريخ الأمراض النفسية التي تصيب النفس البشرية إثر حالة مرفوضة.

"هذيان تحت الاحتلال" عملٌ أدبي تشكله مجموعة من هذيانات لأشخاص واعين وغير واعين، يهذون تحت تأثير الاحتلال: يهذي مقاتل عراقي مقاوم للمحتل حتى النخاع، يهذي العميل المحتقر لنفسه ولذاته، يهذي كل الذين اغتيلوا بطريقة خاطئة، تهذي امرأة مفجوعة بفقدان الأبناء والزوج، يهذي شاعر فقد قصائده، يهذي العشاق الذين سُلبوا حق ممارسة الهوى في أوطانهم، يهذي مدير الطب العدلي في بغداد وهو لا يستطيع أن يكتم عدد القتلى في ثلاجات الموت، يهذي القاتل والمقتول، يهذي الشهداء الأحياء عند ربِّهم، يهذي خلفاء بغداد وأمراؤها واحداً بعد الآخر، يهذي علماؤها ومثقفوها وكفاءاتها العلمية، يهذي الأغبياء والمغفلون.

يهذون أمام المرآة عبر الانترنت، أمام الحواجز والجدران الاسمنتية التي امتلأت بها شوارع بغداد وطرقاتها، يهذون عبر المحمول، يهذون أمام البيوت الكثيرة التي طمَّرها صاروخ أطلقه جندي أميركي سهواً من طائرة أميركية بدافع القضاء على الإرهابيين.

هذيان لحظة الصمت الذي تعقبه عاصفة شديدة، وهذيان لحظة العنف الأمني الذي أحال ليل بغداد ونهارها إلى جحيم لا يطاق.

سيهذي العراقيون إلى أن تتحرر بلادهم وتزال من شوارعها وطرقاتها الجدارن الكونكريتية والحواجز التي تعيق حرية مرورهم إلى حياة آمنة.