التنمية الثقافية.....
ماذا والى أين ؟


أكرم التميمي
تتسارع الخطط الاقتصادية في البلاد على أساس النمو الاقتصادي على مستوى المشاريع والبناء التنموي وكذلك الظهور بواقع أفضل في مجال الاعمار والخدمات وغيرها من الامور .بينما يصحب ذلك عملية بناء القدرات الإنسانية التي من شانها إيجاد السبل الكفيلة بالنهوض بواقع أفضل وأكثر جدية .
مانتطرق إليه في هذا الموضوع هو عملية البناء التي تتطلب مؤسسات كفوءة وقادرة على عملية التغيير للبنى التحتية والفوقية . .
ماحدث في العراق يحتاج إلى تغيير شامل في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والقطاع المختلط باعتبار العراق دولة مؤسسات ..
كما يتطلب ذلك معالجة الأمراض الاجتماعية والإدارية كالفساد الإداري وغير ذلك وهذا يحتاج إلى جهد كبير وشامل لتغيير مؤسساتي .وذلك يقع على عاتق القوى السياسية في برامجها ومنهج عملها الميداني في عملية التغيير وبشكل يتناسب ومساحة الاختصاص .
بنفس الوقت ذلك يتطلب بناء قدرات بشرية جيدة قادرة على التغلب على بعض المصاعب والمتراكمات الإدارية والفنية . هذا من جانب ومن جانب آخر تحتاج كل مؤسسة إلى صيانة فكرية مستمرة بين فترة وأخرى لكي تسهم في عملية التنمية الثقافية .
لعل ذلك يسهم في حماية تلك المؤسسات موقتا لحين إيجاد كادر متخصص قادر على عملية التغيير والتجديد .
تتضمن عملية التجديد نمو ثقافي يصاحب التغيير وبذلك تكون هناك دراسات واسعة لتجارب الشعوب وخصوصا التي خاضت حروبا مشابهة .كما تتضمن عملية التخصص المهني سياقات
تؤمن حماية مستقبلية للمؤسسة .
ولكن يبقى السؤال هو أين النمو الثقافي من هذه التغيرات ؟
وهل هناك مراجعة لمناهج وبرامج القوى السياسية للمساهمة في ديناميكية التجديد ؟
وهذا لايعني فقط من يساهم في العملية السياسية بل وحتى القوى المعارضة تدعم مشروع عملية التحديث لان ذلك يعود إلى إمكانية التحديث والتمكين .
عندما يكون هناك متغيرات شاملة في عملية البناء المؤسساتي يستوجب من هذه المؤسسات صناعة جديدة ونمو جديد للعقل البشري الذي بدوره يكون بمثابة مدخل مرحلة جديدة .حيث تساهم شريحة واسعة من المثقفين في ولادة جديدة لمرحلة جديدة والتي تصاحبها مخاضات عسيرة في ولادة مشروع جيل جديد .
بنفس الوقت يكون هناك تخطيط مضمون وسليم يساهم في النمو الاقتصادي والثقافي والسياسي
والاجتماعي .وهذا الجانب يقع على عاتق المؤسسات المؤثرة بالاتجاه الذي يؤسس لمنظومة ثقافية قادرة أن تؤدي دورها في صياغة الأسس الصحيحة للثقافة العراقية ..
وهذا لايعني أن المثقف يقف مكتوف الأيدي أمام هذه العجلة بل يسهم في مؤسسات رقابية
أو شعبية للتصدي لما هو مرفوض أو لوضع صمامات أمان والوقوف بوجه تشويه الثقافة
العصرية الحديثة و التي تؤكد دور المؤسسات والتخصص المهني ..
وأهمية دراسة المسببات التي تعيق عملية التجديد والتي تجعل من الظلامية هي مستقبل للبلد .
وإيجاد السبل الكفيلة بحماية البيئة الثقافية من الفيروس المدمر للحداثة .
وعندما تساهم المؤسسة في تنمية الموارد البشرية وترفع قدراتها سوف تؤسس لمشروع قادم
يعتمد على أسس جديدة . وبالتالي فان ذلك يتطلب رؤية واضحة للقانون والنظام المؤسساتي
والتعامل الشفاف مع مخلفات المرحلة السابقة لغرض التغيير بطريقة تضمن حقوق الآخرين
.في المشاركة الفعلية لمؤسسات الدولة .
وبمعنى أدق أن هناك أساليب وقائية وأساليب علاجية وبالتالي يتعلق ذلك في الموازنة بين الحالتين وكيفية الحفاظ على هذا التوازن. في نفس الوقت يحتاج الأمر إلى استيعاب واضح للمرحلة ودور السلطات وكيفية فصل السلطات ومهمة كل سلطة دون تدخل الأخرى .
ومن هنا يأتي دور الإعلام باعتباره سلطة رابعة لمراقبة عمل السلطات وكيفية تفعيل عمل المؤسسة الرقابية في سير عملية البناء .
وللمؤسسة التنفيذية دور كبير في دعم المشاريع التي من شأنها تسهم في تطوير المنظومة الثقافية ويبدأ ذلك في تسليف أصحاب المطابع وبناء منتديات ومهرجانات تدعم المسيرة الثقافية وتشكيل فرق لمتابعة التنفيذ..
كل ذلك يحتاج إلى مؤسسات تمهد العقل البشري نحو الأفضل ويترتب على التعليم والأسرة
والمؤسسات غير الحكومية التي من شانها تؤسس وتصنع قدرات لموارد بشرية جديدة .