بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة الرابعة والثلاثون: وصل مم
وردت "مِمَّ" مرة واحدة في القرآن الكريم؛
في قوله تعالى: (فَلْيَنظُرْ الْإِنسَـاـنُ مِمَّ خُلِقَ(5) الطارق.
تشكلت مم؛ مِنْ حرف الجر: "مِنْ"، ومن اسم الاستفهام: "مَا"؛ فقلبت نون "مِنْ" إلى ميم، وأدغمت في ميم "مَا"، وسقطت النون رسمًا وصوتها، وتم أيضًا حذف ألف "مَا".
من التبعيضية مكونة من حرف الميم، وهو يفيد الإحاطة والغلبة، فهو جامع لكل شيء ومحيط به، وحرف النون الذي يفيد النزع، فدل ذلك على وجود نزع من هذا الجمع، فكان في ذلك إشارة إلى الشيء المنزوع، والمنزوع منه، فكان استعمل هذا الاجتماع لهذين الحرفين للدلالة على معنى التبعيض؛ فهو بعض ذلك الجمع.
وما مكونة من حرف الميم، وهو يفيد الإحاطة والغلبة، فهو جامع لكل شيء ومحيط به،
وحرف الألف الذي يفيد الامتداد المنفصل، فهو للتفصيل؛ أي أن ذلك الجمع مكون من أفراد
قد اختص كل فرد منهم بما يميزه عن الباقين.
وما خلق منه الإنسان أكثر من شيء؛ فجزء نزع من صلب الأب، وجزء نزع من ترائب الأم، فاجتمع هذان المنزوعان ليكونا وحدة كاملة مندمجة، فكان حذف صورة النون علامة لاتحاد هذين الجزأين من الصلب والترائب، وكان في حذف الألف علامة لهذا الاندماج والتداخل بينهما، واختفاء تفاصيل ما تكون منهما، وكان في تولد الميم المشددة علامة لشدة الاتحاد والاندماج من هذين الجزأين.
لقد كان في هذا الحذف والوصل والإدغام؛ صورة في الرسم للواقع الذي جرى الحديث عنه في الآية.
المفضلات