بسم الله الرحمن الرحيم

صدر منذ شهور عن الهيئة المصرية العامة للكتاب كتاب ( العائلة و الثروة .. البيوت التجارية المغربية في مصر العثمانية ) للدكتور حسام محمد عبد المعطي ، و قد تناول الكتاب ـ كما يتبين من عنوانه ، العائلات المغربية المهاجرة إلى مصر و المشتغلة بالتجارة في العصر العثماني .

تناول المؤلف في الفصل الأول أسباب هجرة هذه العائلات إلى مصر ، و كان أولها بحسب ترتيبه طرد المورسكيين من الأندلس ، كما تناول في الفصل الثاني أهم العائلات و مواطنها الأصلية و مناطق استقرارها في مصر مقسماً إياها إلى طرابلسية و تونسية و جزائرية و مغربية (مراكشية) و أندلسية .

كما تناول في الفصول التالية جوانب اجتماعية و اقتصادية متعلقة بالموضوع .

و قد وجدت في الفصلين الأولين نصوصاً تلقي بعض الضوء على الوجود الأندلسي في مصر العثمانية

و رأيت من الجيد أن أنقل بعض هذه النصوص .

من الفصل الأول من صـ 18 إلى صـ 21 :
(( و جدير بالذكر أن المصادر لا تحدد أعداد المورسكيين المهاجرين إلى مصر ، و يوضح المقري و هو نفسه مورسكي هاجر إلى مصر أن عدداً منهم هاجر إلى مصر فيقول : " و وصل جماعة إلى القسطنطينية العظمى و إلى مصر و الشام و غيرها من بلاد الإسلام " .
و على الرغم من قلة المصادر التي تتحدث عن هذا الموضوع ، إلا أن الوثائق تشير إلى أن مصر كانت واحدة من أهم الأقاليم التي استقبلت الهجرة المورسكية ، و لذا يجب محاولة فهم طبيعة حديث الوثائق عن هؤلاء المورسكيين ، و كيف أن لقبين هما الأندلسي و القطوري كانا هما اللقبين اللذين لقب بهما المورسكيون في الوثائق ، و كلمة القطوري من المصدر يقطر [هكذا] أي يتتبع و يلحق ، و توجد أدلة عديدة من خلال الوثائق على ارتباط هذا اللقب بالعائلات المورسكية ،منها أن عائلات عديدة نعرف جيداً أنها مورسكية كانت تلقب بهذا اللقب ، فالشيخ الشهير أحمد بن محمد المقري مؤلف نفح الطيب ، تلقب الوثائق عائلته بالقطوري حيث أقامت عائلة المقري فترة طويلة بالإسكندرية إلى أن انتقل عدد من أفرادها إلى القاهرة ، و من الغريب عند تسجيل تركة الشيخ أحمد أن تلقبه الوثائق بالتلمساني ، و هو ما يعكس المحاولات المستمرة من جانب المورسكيين للتخلص من الماضي الذي كان يعتبره العامة في المجتمع نوعاً من الكفر أو التنصر .

و في طولون أيضاً أنشأ المورسكيون درباً عرف بدرب القطري ، و في بولاق حوش القطورية .

إن المنطقة الشمالية من الدلتا الواقعة في شمال إقليم الغربية (محافظة كفر الشيخ الحالية) كانت أكثر المناطق التي تركز فيها المورسكيون ،حيث كانت منخفضة الكثافة السكانية أو معدومة ،حيث أنشأ المورسكيون عدداً كبيراً من القرى في هذه المنطقة ،و بالتالي أطلقوا عليها أسماء أقرب إلى أسماء مدنهم في الأندلس ، و يمكن ذكر أسماء بعض القرى التي على الأرجح أن مؤسسيها هم المورسكيون :

الحمراء ، الحمراوي ، إسحاقة ، أريمون ، محلة موسى ، سيدي غازي ، كفر الشيخ ، و كلها تتبع مركز كفر الشيخ .
سد خميس ، أبو غنيمة ، الحدادي بمركز سيدي سالم ، الناصرية بمركز بيلا ، قطور بالغربية ، المنيل ، محلة دياي و كفر مجر بمركز دسوق .

و في الإسكندرية استقر المورسكيون شمال المدينة القديمة و عمروا جزءاً رئيسياً من المنطقة التي تطلق عليها الوثائق (الجزيرة الخضراء) و يطلق عليها المؤرخون (المدينة التركية) ......... وكان الوجود القطوري مهماً جداً في رشيد أيضاً ، كما شهدت مدينة طنطا هجرة واسعة من جانب المورسكيين بوصفها معقلاً لأحد أهم المشايخ المغاربة ألا و هو السيد البدوي .
و في القاهرة تركز المورسكيون في منطقة بين القصرين ، و في منطقة باب الشعرية ، و هو ما سوف يعزز هذا الحي سكانياً فتتسع مساحته ، و لا يزال هذا الحي يحتفظ بحارة مهمة تسمى حارة المغاربة ))

انتهى النقل بتصرف يسير .
و أستغرب استغراب المؤلف لنعت المقري بالتلمساني ، رغم أنه ولد و نشأ بتلمسان فعلاً .

يُتبع .