نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


ام المعارك في ديوان الشعر الجزائري

تاليف الدكتور عبد الكاظم العبودي استاذالفيزياء النووية -جامعة وهران- وبمساعدة الدكتور عادل حمزة
المستشار الثقافي سابقا لجمهورية العراق

عرض وتحليل الاستاذ : الاخضر بن هدوقه

صدر عن دار الهدى ديوان شعري قيم يتربع على 370صفحة تحت عنوان ام المعارك في ديوان الشعر الجزائري .هدا الديوان يضم 115شاعرا جزائريا و هدا العمل الادبي الجبار يعود الفضل في جمع مادته الى الاستاد الدكتورعبد الكاظم العبودي استاذالفيزياء النووية بجامعة وهران بمساعدة الدكتور عادل حمزة عثمان المستشار الثقافي لسفارة العراق سابقاوالجمعيات الثقافية و الشخصيات و الشعراء الذين ساهموا في اخراجه الى دائرة النور كما ذكر المؤلف .

الديوان بصورة عامة يعتبر عصارةالمبدعين الجزائريين سواء منهم الشعراء الكبار الكلاسيكيين الذين يمثلون فرسان الشعر العربي الاصيل او الشعراء الشباب الذين يمثلون مدرسة الحداثة .

و هدا الازدواج اعطى للديوان نكهته الخاصة خاصة و ان المؤلف كان ذكيا في تصنيفه فقد اشار بقوله (ان ترتيب المادة الشعرية و اختيار النصوص لم تخضع لاي اعتبارات خاصة ماتتعلق بالشعراء و مكانتهم الادبية و الفنية في الساحة الجزائرية و انما خضعت اولا و اخيرا لمحتوى النص و علاقته بالحدث و ظروف جمع النصوص و وصولها الى المؤلف )

و في هذه النقطة بالضبط تكمن نزاهة الباحث العلمي الذي يجب ان يتجرد من جميع العواطف الذاتية كما ان مثل هذا السلوك يفسح المجال امام النخبة الشابة و التي لها مقدرة في الولوج الى عالم الابداع الشعري لان الكثير منهم غير معروف على الساحة الادبية و هذا بسبب الازمةالتي يمر بها الادب الجزائري من حيث السلوك البيروقراطي و خير دليل على ذلك سوف نرى و نكتشف معا في هذا العرض ادباء شبابا استطاعوا ب جدارة ان يحتلوامرتبة مشرفة في مجال الابداع الشعري ضمن الديوان و يبقى الديوان الرائع عبرة لرجال الثقافة الجزائريين الذين ما زالوا لم يفصلوا بعد في كتابة التاريخ الجزائري .

و قد استهل المؤلف هذا الديوان بمقدمة تتربع على 13 صفحة يبدا فيها بتساؤلات محيرة (هل يريد الشعر الجزائري و العربي ان يسجل شهادة و يمضي ؟ام انه اصدر حكمه وفق رؤاه محرضا الاخرين على قبول هذا الحكم مقتنعا بعدالته فهو يترك شهادته حيث هي دون تنسيق و يطبعها على لوح الحفريات القادمة التي ستعيد مرة اخرى قراءة و خلق اسطورة الشاعر وجودها لفتحها نيران الحب و طبع عليها الحصار طبعته فهي لا تحتاج لاقنعة يلبسها لها النص او ينظر اليها النقد و ينقب تحتها لاحقا اصحاب التفاسير المهوسون بالبحث عن الغموض و الدلالات

ثم يواصل المؤلف قائلا (هذا الديوان يبقى عاجزا ان يجمع كل الكتاب و لكنه يجيب على جزء من السؤال الكبير لماذا كل هذا الحضور الابداعي و كل هذه الاستجابة الموحدة و كل هذا التدفق من جميع الروافد المصرة على ان تصب في الطبعة الاولى و نحن بدورنا و كهواة ادب بصفة عامة فاننا نقول ان الحدث كان اكبر من الكلمات و ان الكلمة مهما كانت دلالتها الفنية الابداعية تبقي عاجزة عن تصوير مثل هذه الماساة التي مر بها الشعب العراقي اضافة الى ذلك فمثل هذا العمل الابداعي التاريخي يتطلب جيوشا من المتطوعين كل واحد حسب اختصاصه و لكن رغم قلة الامكانيات استطاع المؤلف و بخيرة الوطنيين ان يتخطى الحاجز الاول الا و هو الخروج بالطبعة الاولى في وسط ذلك التفاعل بين المجالين السياسي و الثقافي التهب ذلك الازدواج الجزائري ليصنع الحدث دون انتظار و ليضع النار هو الاخر في راهنية السؤال لماذا دفعت الاستشارة العراقية بكل طغيانها ذلك المبدع نحو نصه الشعري و ليس الى نص اخر ؟و هل كان الحضور الابداعي بكل وجدانيته مشروطا و مطلوبا كي يدفع صرخته فوق صراخ الحرب ؟ هل هو حوار ثنائي مسموع ما بين نفس تفكر و اخري تحترق كي توفر باحتراقها سعة و طاقة لتفاعل لم يتوقف ؟ وللاجابة عن مثل هذه التساؤلات فانه من المنتقي الا يكون العمل الادبي عملا ابداعيا الا اذا توفرت فيه جملة من الشروط منها توفر عنصر الحدث و كذا توفر عنصر الصدق و الاثارة بين الاحساس الداخلي للذات التي تحترق و جدلية العقل التي تفرز هذه التوجهات و الاحتراقات في شكل قالب فني يحول الصورة الشاعرية الى انتفاضة انسانية هذه الانتفاضة التي يقودها الشاعر الملتزم و الذي ينتهي الى هذه الازدواجية المشكلة من السياسي و الثقافي و المثقف لا يهمه الافكار المعارضة المستاجرة بقدر ما يهمه الدفاع عن حقوق الاخوة العراقيين و هذا ما اكده المؤلف بان هناك اقلاما لادت بالصمت و هذا صحيح فقد عرفنا من صيرورة التاريخ المعاصر كيف تحولت اقلام بارزة في العالم العربي من القومية الثائرة الى دخول عالم الخيانة ،المغضوب عليهم و الذين وقفوا يساندون اسرائيل في عهد انور السادات و بذلك انهارت نجوميتهم واصبحوا يمثلون عند ذلك وصمة عار في القضية العربية

بعد هذا يسترسل المؤلف قائلا: شعراء عنيدون تلقائيون كانوا يدهبون طواعية في كل بيت او مقطع من قصائدهم الى جبهة للحرب هل هو شعوربرد الدين بتسكين الياء الذي سجله قبل اكثر من ثلاثين سنة ديوان الثورة الجزائرية في الشعر العراقي ذلك الدين الذي سجل هو الاخر لشعراء العراق غنائهم لنصرة شعب الجزائر؟كل هدايؤكد ان هذه المبادرة التي قام بها الدكتور عبد الكاظم العبودي كانت وليدة لتلك الوقفة الخالدة التي وقفها الشعر العراقي بجانب الثورة الجزائرية التي كانت تمثل انتفاضة شعبية عارمة في وجه الاستعمار الفرنسي الغاشم و ان دل هذا على شيء فانما يدل على ذلك الرابط الأخوي الذي يربط بين افراد كافة الشعب العربي الحر ,بعد هذا يمضي المؤلف فيقول ان الشاعر الجزائري يسجل موقفه بكل شجاعة في زمان حسبت المواقف على ضوء المصالح والمنافع ,لم يرض الشعر الجزائري ان يبقى في قائمة الإنتظار ,او يكون اسير دائرة الاحباط والإنكفاء بعيدا عن ملهاة الحرب ولم يتعكزوا على ارتداد الزمن وانكسار زاوية الرؤية وعندما يصر الموت على الحضور حول مشارف بغداد فان القصيدة هنا تصر على رفع رايتها بشموخ في أدائية الحماس والمغني في لحظة تبايع القصيدة بغداد مهرا يسابق كل الجياد *

وهذا التنويه الذي يصدره المؤلف نحو موقف الشاعر الجزائري جاء وليد التحام الكلمة الشاعرية بزفرات الشهداء لتتحول بذلك إلى أسطورة خالدة .أسطورة يعجز النقد الولوج إلى داخلها .

...و تفسير دلالتها الفنية و الإبداعية ,و هدا ما يؤكده المؤلف حيث يرى بان الحرب وضعت المثقفين الجزائريين أمام تحد جديد هو رفض الحرب مهما كانت أسبابها و الدعوة الي الإسلام و الحفاظ على العراق ,و بذلك أصبح الموقف هما سياسيا قوميا شكلت في أحداث العراق مادة مكتوبة واسعة لا يمكن جمعها و رصدها بسهولة و خلال وقت قصير , و قد أعادت هده الكتابات إلى الاذهان موقف العالم العربي ,و الشعب العراقي من نصرة ثورة نوفمبر حتى انتزاعها استقلال الجزائر .

يبقى ان هذا الكم الزاخر من الشعراء يعود في الاصل حسب قول المؤلف الى النداء الذي وجهه الى الصحف الوطنية و وسائل الاعلام بعنوان "نداء لجمع الشعر الجزائري المناصر للعراق "حيث يذكر المؤلف "لم تكن مفاجاة لن ان وصلتنا اعداد كثيرة من النصوص يضمها هدا الديوان ,و اخرى ستاخد طريقها الى الاعداد و النشر لاحقا و يعود الفضل في كل هدا الى مساندة الشعراء انفسهم و الجمعيات الثقافية ,اضافة الى عدد كبير من الاصدقاء و المواطنين المتطوعين ,حيث ان الصوت الشعري النسوي الجزائري يحضر بقوة معبرا عن حجم مشاركة المراة الجزائرية و انشغالها بهموم الحدث القومي بكل تجلياته , و هدا الحضور يسبق كل القيم الاخرى ,لا وجود لوظيفة اخرى في قصائد هدا الديوان اكثر من واجب الحضور القومي ,و قد ركزت موضوعاته على الصلة المباشرة بالحدث العراقي و الموقف العربي و خاصة حول :

- الموقف من العدوان الامريكي , و التحالف الغربي .

- بطولة الشعب العراقي ,و الدعوة الى التضامن معه .

- الافتخار بما توصلت اليه التكنولوجيا العراقية بعد قصف (تل ابيب) بالعباس و الحسين .

- التنديد بملوك العرب و الخونة و المرتزقة الذين سجلوا صفحة سوداء لشعوبهم كل هذه المحاور الواردة في الديوان جاءت بارزة من خلال الرموز التاريخية للعراق مثل :بلد الحضارة , بلد دجلة و الفرات , بلد الرشيد , عراق العز,ة عراق النشامى , مما جعل بغداد العاصمة تحتل مرتبة الاسطورة في جل قصائد الديوان , هذه قراءة موجزة لما جاء في مقدمة الديوان , اما اذا تناولنا النصوص الشعرية الواردة في هذا الديوان فانه يستحيل علينا الاشارة الى كل النصوص و هذا لعدة اعتبارات منها : ان الديوان لم تصنف قصائده الى مجموعات لانها متداخلة فيما بينها و متشابهة و هذا حتى يتسنى للباحث او الناقد الانطلاقة على اسس علمية بالاضافة الى ذلك العدد الهائل من الشعراء و كذا تشابه النصوص الشعرية لهذا فاني استسمح بعض الاخوة الشعراء المساهمين في هذا الديوان الشعري اذا لم اشر الى قصائدهم ,لان هذا العرض ليس هو دراسة نقدية شاملة,و انما هي قراءة تحليلية مختصرة من اجل لفت انظار القراء لاهمية هذا الديوان الذي يعتبر عصارة وخيرة ما ابدعه الشعراء الجزائريون ,جدير بالمطالعة من اجل اضافة لبئة ادبية اخرى في الجزء الثاني الذي سيصدر قريبا حسب قول المؤلف.

و اول قصيدة نفتتح بها هدا العرض الموجز , هي قصيدة تحت عنوان : "قراءة اخرى في سورة الفيل " للشاعر ابراهيم قارة علي اما الشاعر ابن سليمان عيسى في قصيدته :"قم حي شعبا طيب الاعراق " فقد بارك هذا الشعب الثائر ,شعب الحضارة ,شعب استلهم ريادته من رحاب الاسلام , لذلك فالشاعر يذكر هذ ا الشعب بان بلوغ العلا و التقدم لا يكون الا عن طريق الجهاد و العمل سواء في الحرب , او في السلم , و ان بلوغ المجد لا ياتي الا عن طريق الفداء حيث يقول :

بوركت يا شعب الفدى شعب الهدى بوركت من رب السماء الخلاق

بجهادك المصداق تكتسب العلا لا مجد الا بالفدى المصداق

اما الشاعر ابو طلال ص – م في قصيدته "سلوا الصواريخ "ص22 فهو يهتز في غضب و يرسل صيحة مدوية مذكرا بما وصلت اليه التكنولوجية العراقية ,و اثر صواريخ الحسين و العباس و هي تسقط على (تل ابيب) ليلا و مدى الذعر الذي تركه في نفوس الصهاينة , و هي تتسابق لتكميم افواهها بالكمامات , حيث يقول الشاعر :

سلوا الصواريخ عن (صهيون) كيف قضوا ليالي الرعب خوف الموت تحتجب كلاب غدر بافواه مكممة لا نوم خامرهم ,لا صبح مقترب و كلهم في زوايا الرعب جاحظة عيونهم و القلوب سود تضطرب .

و يدهب الشاعر : ( معاش احمد الطيب ) في نفس السياق من خلال قصيدته "بغداد اقسم شيبها و شبابها "

ص : حيث يفتخر بالحسين العراقي الدي استطاع ان يقدم درسا للغرب , الدي اخلط جميع اوراق الامبريالية و بدد حلمها , و بدلك رفع راس جيش الاكرمين , و صان ابن الرافدين , كما زرع الرعب في نفوس اليهود , و هدا من خلال قوله :

و اتى الجواب من العراق مدويا و اتى (الحسين) يبدد الاحلاما

و يعيد جيش الاكرمين كرامة و يصون ابن الرافدين دماما

و تزور حتى (تل ابيب) قذائف عبرت اليها البحر و الاكماما

اما الشاعر "مفتي بشير " في قصيدته و لولا شموخ العراق لكنا عرايا ص: 50 فيقول

ارفض ان اكون الخيانة...

خيانة مصر

خيانة سوريا

خيانة نجد

لاني عربي و في دمي يجري الفرات .

و ذهبت الشاعرة حبيبة بوزالغ) في نفس الاتجاه و هذا من خلال قصيدتها "قانون منحرف "ص 64 ,حيث

تقول :

قطعوا الضفائر

لبيع الضمائر

لتقسيم العشائر

ثم اعصبوا الحصار

لا ... لن اعترف

اما الشاعر "الجيلاني اولاد انهار " فق صب غضبه على الذين شاركوا في العدوان على العراق ,لكن الشاعر "سليمان شريفي " في قصيدته "في بداية شهر الله "ص 122 يقف مندهشا ,و هو يرى "ام المعارك "احدى الاساطير الحربية الحديثة تدك اعداد الله دكا , حيث يصرخ قائلا :

ام المعارك في البيداء قد جعلت ثبات جند الاعادي جند منهار

جيش يسير بعون الله منتصرا على المؤامرة الكبرى بابار

الا ان الشاعر الجزائري الكبير "صالح خباشة "في قصيدته "هيجان اخي في العراق "يدكرنا من جديد بالتاريخ ,كيف ساندت بعض الاطراف الامبريالية الامريكية

تنبيه: اعتذر مسبقا لجميع القراء عن ضياع القصاصة الاخيرة من ارشيف الجريدة التي تحمل تكملة العرض وعند العثور عليها ساضيفها لبقية العرض
بقلم : الاخضر بن هدوقه.....نشر بجريدة الشعب بتاريخ:22-2-1996