أيام جزائرية..

هي ليست قصة ولارواية ولامذكرات ولاخواطر ولاأي لون من ألوان الأدب المتعارف عليه ،بل هي مزيج من كل ذلك..الحقيقة أنني أكره التصنيفات في الكتابة ، ربما لأن الكتابة تكون وليدة الإحساس والشعور ، والكاتب الحقيقى في اعتقادى لايكتب لأن المطابع تلاحقه ، ولا لأن الناشر يستحثه ، إنه يكتب مايحس وقت يحس ، فيخرج العمل كما يحلو له أن يخرج ، شعراً أو نثراً ، وفي أى صورة يمكنها أن تحمل الإحساس إلى القارئ طازجاً ومدهشاً ، فتتحقق للكاتب والقارئ معاً متعة لاتدانيها متعة بين صدق الإحساس وروعة التلقي والدهشة.
بهذا المفهوم ومن هذا المنطلق أقدم أيامي الجزائرية للقارئ لاباعتبارها عملاً روائياً ولاسجلاً منظماً ليومياتي وإنما هي محاولة للإبحار داخل النفس ، والغوص في أعماقها بعد أن اقترب قطار العمر من محطة الوصول النهائية، أقف بعد رحلة العمر الطويلة فوق تل من الذكريات والأحداث وأمد بصري إلى أبعد مايمكن أن تصل إليه القدرة على الرؤية ، لأتساءل ..
لماذا حدث ماحدث ؟ ولماذا لم يحدث مالم يحدث ؟
كيف تشعبت الطرق وتعددت المسالك ، وحين خدعتنا أنفسنا فصورت لنا أننا كنا أصحاب قرار نختار مانشاء ، وندقق فيما نريد فنقربه ، وفيما لانريد فنبعده ، إذا الرحلة قدر مقدور وحتمية لافكاك منها ولامهرب .
من هنا تأتي ضرورة المراجعة ، برغم أن المراجعة لاتفيد ولكنها فرصة للتأمل واستعراض كل شئ ، فرصة لتذكر الضحكات المجلجلة والصرخات المدوية ، بل والأنين المكتوم ، ومن يدري لعلي أقدم دون أن أدري شهادتي على عصر أكل منا البراءة والصدق وقذف بنا إلى التصنع والزلفى..إنها زفرات قلب وومضات تاريخ…

انتظروني…