السينما والتاريخ
-----------------
الشكل والمضمون : الفيلم التاريخي
لماذا كل هذا الجحود للتاريخ العربي ؟
-----------------------------------------
شهدت السينما العالمية فترة من زمان , انشغلت خلالها بالفيلم التاريخي من خلال الاسطورة , والحدث , والشخصية , الخالدة ..
وكانت بهذا تحيى في زمننا الحاضر قصص التاريخ القديم بكل احداثه ومآسيه , بكل ما فيه من بطولات خارقة , وفروسية نادرة , وبكل ما فيه من مؤامرات وثورات , عشنا فيها اصل المكر والدهاء , وعراقة الداء والدواء في حياتنا السياسية المعاصرة ليوسع من افق المشاهد ومداركه وينطلق به نحو عالم اوسع وارحب , اصابه الخراب والدمار في الحرب العالمية الثانية , ولعل هذا او ذاك يجعل الانسان المعاصر من القمة الي القاعدة , متهيبا النتائج مستعدا لكل المواقع , متمثلا البطولات , وربما لنخفف عنه ما رآه من ويلات القنابل الذرية والهيدروجينية التي جعلت الانسان المعاصر يشمئز من الجناة , القتلة .
فكانت هوليوود السباقة ألي استخدام التاريخ القديم بكل ما يحمله من حروب ومؤامرات الي الانسان المعاصر , كي ينسي حروب الحاضر بمآسية البشعة !
وبرزت الي الوجود الشخصية الاسطورية " هرقل " المصارع الجبار الذي مثل ادواره " ستيف ريفز " وكان منها فيلما عنوانه " لص بغداد " وظهرت الي الحياة مؤامرات الامبراطورية الرومانية , ويوليوس قيصر , وكيلوباترة ملكة مصر آنذاك وانطونيو وحروب الولايات المتحدة والطوائف في ذلك العهد الروماني وكان ابرز ما سجلته السينما العالمية في هذا المجال فيلم " سقوط الامبراطورية الرومانية " من بطولة صوفيا لورين !
وتحدثت السينما العالمية عن المكر والدهاء وحصان طروادة في فيلم " حصار طروادة " الشهير !!
وهكذا كانت الفترة التي انتعش فيها الفيلم التاريخي محصورة ما بعد الحرب العالمية الثانية سنة 1945 وحتى منتصف الستينات !
وقد واكبت السينما العربية هذا الانتعاش بفضل اهتمام مؤسسة السينما المصرية – القطاع العام لاحياء التاريخ العربي المجيد , وبطولات الانسان العربي الاكيدة , وقدراته الخارقة في الشجاعة والفروسية القادرة على مر العصور والازمان منذ عنترة بن شداد , وحتى محمود قطز , والظاهربيبرس , واحمد باشا الجزار , واحمد عرابي الخ .
فاذا كانت السينما العالمية قد قدمت الشخصية الاسطورية الخارقة " هرقل " فالسينما العربية قدمت الشخصية الاسطورية " عنترة بن شداد في اكثر من فيلم , قديم عن عنترة من بطولة " سراج منير " وفيلم عن " بنت عنترة " لسميرة توفيق التي ورثت البطولة النادرة عن ابيها حيث يشاركها التمثيل في الفيلم احمد مظهر وفريد شوقي , الذي مثل اقوي الافلام العربية التي انتجت عن عنترة بن شداد امام كوكا , التي تميزت في تاريخها السينمائي الطويل بتمثيل الادوار البدوية , وكانت اصدق من مثل دور " عبلة " للسينما العربية .
واستخدم عنتر بشكل سئ بعد ذلك في اكثر من فيلم تجاري . فيلم لبناني اسمه " عنترة في بلاد الرومان " شارك في تمثيله سيلفيا بردخان , وسيد المغربي وضع عنترة في قالب مرفوض عن قصة زواجه باحدى الرومانيات , وهي القصة التي عولجت في فيلم لبناني آخر " عنترة بغزو الصحراء " بموضوعية تاريخية مقبولة , وقد مثل في الفيلم الاخير مجموعة كبيرة من الممثلين والممثلات علي راسهم فريد شوقي ومحمود سعيد وناهد شريف وكوكا ومريم فخر الدين التي مثلت دور الرومانية المغرمة بعنترة , بينما كان " كنعان وصفي " يمثل دور الشرير " لكن لا يبقي في الذاكرة سوى فيلمان هما " عنترة بن شداد " و " بنت عنترة " . ولم تكن شخصية " عنترة " الاسطورية في بطولتها الوحيدة التي عالجتها السينما العربية , فقد قدمت السينما العربية القديمة , فيلما عن " خالد بن الوليد " من بطولة حسن صدقي وانتاج اسيا داغر سنة 1949 .
كما قدمت شخصية الفارس العربي وبطولاته في فيلم " فارس بني حمدان " الذي قام ببطولته فريد شوقي وسعاد حسني وليلى فوزي , وتميزت عن البطولات العربية في عهد الدولة الحمدانية التي ظهرت بعد انهيار الخلافة العباسية , والتي انتج التلفزيون عن رجالها مسلسل " الطريق الي القدس " الذي عرض قبل عامين من بطولة محمود ياسين وكرم مطاوع وايمان الطوخي وغيره .
وفي نفس الفترة الزمنية ما بين سنة 1960 وسنة 1965 انتج الفيلم العربي التاريخي الكبير " وا اسلاماه " عن انتصار العرب والمسلمون في معركة عين جالوت , بعد موت شجرة الدر ملكة مصر , وموت اقطاي وعز الدين ايبك اقطاب المماليك , وهجوم التتار على بغداد .. حيث وقف قطز وبيبرس يدا واحده لمواجهة طغيان التتار ودحرهم وهي الاحداث التي اظهرها الفيلم التاريخي العظيم فيلم " وا اسلاماه " من بطولة احمد مظهر ولبنى عبد العزيز ورشدي اباظة وحسين رياض وتحية كاريوكا وعماد حمدي ومحمود المليجي .
وبعد انتصار العرب في عين جالوت سنة 1260 ظهرت دولة المماليك , وتفشى طغيانهم وعميت ابصارهم فكان للسينما العربية , موقفا من الاحداث التاريخية لدولة المماليك في فيلم باسم " المماليك " من بطولة عمر الشريف وحسين رياض ونبيلة عبيد من انتاج المؤسسة العامة للسينما المصرية – القطاع العام ايضا ..
والتي انتجت فيلما تاريخيا عن الفروسية العربية البحتة ضمن , فيلم " اميرة العرب " من بطولة حسين رياض ورشدي اباظة ووردة الجزائرية وقد تحدث الفيلم عن قصة اميرة عربية يخطفها الاعداء ليساوموا والدها على كرامة الوطن والحق , ولكن الفروسية والكرامة العربية تقف في مواجهة الاعداء وتستعيد الاميرة العربية المخطوفة التي مثلت دورها الفنانة المطربة " وردة الجزائرية " والتي قامت ببطولة فيلم آخر عن التاريخ المصري الحديث في فيلم " المظ وعبده الحامولي " امام حسين رياض ايضا , والمطرب عادل المامون ولو ان الفيلم من النوع الثنائي الاستعراضي الذي تميزت به كل افلام المخرج حسن الامام .
وعن تاريخ الحضارات القديمة قدم شادي عبد السلام فيلم " المومياء " عن الحضارة الفرعونية , وكان يعد لفيلم مماثل آخر عن اخناتون والتاريخ الفرعوني في مصر القديمه.
وبخلاف هذه المجموعة من الافلام التاريخية كان الانتاج الضخم لفيلم " الناصر صلاح الدين " وتوقف لفتره طويله انتاج الفيلم التاريخي حتى العام 1977م
ثم انتج المخرج العربي مصطفى العقاد فيلمه " الرساله " عن ظهور الاسلام
ثم اتبعه بفيلمه التاريخي الثاني " عمر المختار " عن الثورة الليبية ضد الاحتلال الايطالي سنة 1983 م
وبعده انتجت المؤسسة العامة للسينما العراقية فيلم " القادسية " بطولة عزت العلايلي وشذى -ةسالم وسعاد حسني واخراج صلاح ابو سيف عام 1984 أي ان السينما العربية صمتت عن معالجة الفيلم التاريخي سبعة عشر عاما , ثم تكلمت بعمر المختار والقادسية والرساله
ثم فيلم " نابليون " ليوسف شاهين عام1985م
ومن بعده فيلم المصير ليوسف شاهين ايضا عام 1989م
اي اننا نحصي الفيلم التاريخي على اصابع اليدين فقط