السينما والحرب
------------------
الفيلم الحربي
تكايف الانتاج الضخمه الحربي العربي
--------------------------------
من اصعب الاعمال السينمائية , واكثرها تكلفة هو الفيلم الحربي ...!! ولا يمكن القول بان أي سينما قادرة على انتاج هذه النوعية من الافلام دون ان تضع في اعتبارها القدرة غير المحدودة للتقنيات السينمائية بشكل كامل .. الصوت , والتصوير , والاضاءة , والديكورات , والحوار , والسيناريو والافراد , والابطال والماكيير , والمونتاج , والاخراج .. الخ
فعند مشاهدة الفيلم الحربي , لا بد من مراعاة الوضع الانساني والميداني لهذا الفيلم , حالة الجندي , وثباته خلف مدفعه , وطريقة مواجهته للعملية القتالية الميدانية , ونفسية قائدة الميداني بجانبه , تفكيره وحسن تصرفه , ومظهره الشخصي , والاسلحة المستخدمة وكميتها ونوعياتها والمكان الملائم , بحرا او برا , او جوا ..
والقدرة الفائقة علي تصوير المعارك الجوية , والمعارك في الصحراء , وفوق الكبارى والجسور وتسلق القلاع والاسوار , وعمليات اقنص المختلفة والمتنوعة ..!! وادوران حول كل هذا وذاك في عم روائي محبوك لا يقل روعة عن العمل الوثائقي او التسجيلي الاخباري , وهو امر بالتاكيد يحتاج الى قدرات غي عادية في الانتاج السينمائي , لم يتمكن منها حتى الان السينمائيون في العالم الثالث عامة والعربي خاصة , ولا يستطيع تنفيذها بحرفية عالية سوى السينمائيين في دول العالم المتقدمة عنا حضاريا , مثل هوليوود بالذات او السينما الايطالية او الفرنسية او الاوربية بشكل عام .
ولقد صورت السينما العالمية في العديد من افلامها الحربية كل ما دار وجرى من مواقع ميدانية وقتالية في الحرب العالمية الثانية بتقنية عالية , ابتداء من معركة ووترلو , وحتى اختراق بون وبرلين والقضاء علي معقل النازية في المانيا , والفاشية في ايطاليا , وكان النجم العالمي ريتشارد بيرتون , اكثر نجوم السينما تخصصا في تمثيل الفيم الحربي , واحيانا كقائد عسكري نظامي واحيانا اخرى كقائد لمجموعة فدائية تتوغل في مواقع العدو واحيانا ثالثة كموجةه ومخطط عسكري يشهد له بالحنكة والذكاء .
"صوفيا لورين " مثلت اكثر م دور ضمن سلسة افلام الحرب العالمية الثانية ابرزت خلالها موقع المراة في تلك الحرب , ضمن اعمال الجاسوسية وضرب المعلومات وضمن الواقع الاجتماعي والانساني الذي عاشه الناس في ظل هذه الحرب المدمرة واشهر ما قدمته فيلم "امراتنان " قصة البرتو مورافيا المعرفة .
لقد عشنا في السينما العالمية اجواء الحرب العالمية الثانية وكانها واقعية وفعلية ونحن نرى المعارك الجوية والبحرية بين القوتين العظمتين في امريكا واليابان بعد ضرب " بيرل هاربر " وعشنا الاجواء النفسية التي وضعتنا الافلام الحربية فيها مع الامريكيين من الاصل الياباني والصيني , اثناء احتدام المواقع والمعارك .. وعشنا كذلك نموذجا لقصص الحب التي تمت وترعرعت بين الجنود والضباط الامريكيين وبين النساء اليابانيات في جو رومانسي خلاب , نقلنا من جو الحروب المدمرة القاتلة , الى جو العواطف والرومانسيات , لتصور فكرى , يرفض الحرب والدمار ويؤمن المعايشة لكل الناس علي اختلاف الجنسيات
واخذتنا السينما العالمية الى الزحف الكبير , والمعارك الشرسة حول بون وبرلين , حيث اقتحام الانهار , وتدمير السدود والجسور , والقتال من شارع الى شارع قبل الوصول الى هتلر في موقعه الحصين الذي دفن نفسه فيه . كما سحبتنا معها الى بدء الخلافات الدولية , واعمال الحرب الباردة بغد انتهاء الحرب العالمية الثانية , ونحن نرى تورط بعض الضباط الامريكان في سرقات كبيرة يكشف عنها حلفائهم , ويطالبون كبار المسؤولين بالتحقيق ومعاقبة اولئك الضباط بشكل مثير في واقعيته ..
فالسينما العالمية بالفعل لم تترك أي شاردة واي واردة دون ان تحللها وتناقشها حول الحرب العالمية الثانية بتقنية عالية , وخارقة , ليس من السهل علينا الوصول الى حرفياتها دون بذل الكثير من الجهد والمال والموهبة .
فالسينما العربية حين عالجت معارك العرب الحديثة , وقفت عند حدود لم تتجاوزها منذ تصويرها لفيلم " عمالقة البحار " حول المعارك البحرية الميدانية التي تمت بين القوات البحرية المصرية , وبين قوات العدوان الثلاثي في سنة 1956 , حيث شارك في التمثيل السوري " عادل جمال " رمزا للوحدة العربية في ذلك الحين .. وبعد " عمالقة البحار" افضل من الوجهة السينمائية في تصويرالمعارك الميدانية , عن فيلم " طريق الابطال " حول معارك الصحراء بين القوات البرية المصرية وبين قوات العدوان الثلاثي في سيناء سنة 1956, وقد شارك في تمثيل الفيلم النجوم /شكري سرحان وصلاح ذو الفقار , حيث ينتهي الفيلم باستشهادالضابط البطل وهو يرفع علم مصر العربي علي ارض سيناء بعد تحررها وفي فترة متقدمة عالجت السينما العربية القضية الجزائرية من خلال قصة جميلة بوحيرد واخراج يوسف شاهين , وبطولة ماجدة ورشدي اباظة , في فيلم باسم " جميلة " تتحدث بكل دقة وواقعية وتفصيل عن ثورة المليون شهيد في الجزائر , التى اعتمدت اسلوب العمل الفدائي او اسوب حرب العصابات ضد الجيوش المستبدة النظامية وكيف واجه المحتلون الفرنسيون الثوار الجزائريين بالارهاب والاعتقال والتعذيب , وكيف ان الجزائريين لم يصمتوا عن المقاومة رغم كل الوان التنكيل والتعذيب , من خلال قصة حياة جميلة مع الثورة الجزائرية , والتي ادت دورها بنجاح مطلق الفنانة " ماجدة " والتي سافرت مع يوسف شاهين الى مهرجان موسكو السينمائي ولتشهد معه سينمائي العالم وهم يصفقون للفيلم بحرارة يستحقها , وباستقبال لهما كاستقبال كبار الشخصيات اوضحه " يوسف شاهين " في احدى اللقطات من فيلم " حدوتة مصرية " الذي يروي شريط حياته الابداعية.. وفي ظل المنافسة الابداعية , قدمت فاتن حمامة فيلما حربيا عن الفدائيين المصريين في بور سعيد وهم يقاومون الاحتلال الانجليزي مع رشدي اباظة , والفيلم هو " لا وقت للحب " حيث يترك الفدائي حبه ليقود حرب العصابات ضد الانجليز في بور سعيد فتلحق به خطيبته وتقف بجانبه فدائية مقاتلة تساند وتساعد العمل الفدائي المصري وتكون قمة المشاهد وهي تمر بالذخيرة الى الحي الذي يحاصر الانجليز فيه خطيبها البطل وتكون الخاتمة في مشهد شعبي حافل , وأهل الحي يتجمعون لابعاد البطل عن كمين نصبته له قوى الاحتلال , حيث ينجح الشعب في حماية ابطاله دائما ..
هذه الاعمال كلها صورت ارادة الانسان العربي في المواجهة بعناد وصلابة وتحد وقوة , تكررت في مشاهد من السينما الفلسطينية كقضية الانسان العربي الاولي ولو ان كل الافلام الحربية كانت تنطق باسم فلسطين وبالذات بعد استقلال الجزائر سنة 1962 .
وصالح سليم الذي يراس مجلس ادارة النادي الاهلي , مثل فيلما عن الموقف الاجتماعي للانسان العربي في مصر وهو يتوجه ألي الحرب بكل العناد والتحدي ..!