الحسناء في سوق الرقيق




مسرحية شعرية


في ثلاثة فصول




تأليف:


د. حسين علي محمد































الشخصيات


عبد الله: بدين، يرتدي نظارة سميكة، المخرج، (35) سنة.
أمير: البطل، 55 سنة، طويل، عريض المنكبين.
نوال: شقراء، ذات باروكة صفراء، (30) سنة.
سوزي: ممثلة جديدة، متحجبة، مثقفة، (22) سنة.
ناصر: مؤلف مسرحي، ذو لحية كثة. (60) سنة.
يعقوب: (55) سنة.
مريم: زوجة يعقوب (35) سنة.
حنين: أخو يعقوب (53) سنة.
ماري: أم يعقوب (73) سنة.
إلياس: ابن أخت يعقوب (27) سنة.
الزمان: زمان العرض المسرحي.




























الفصل الأول


«اللوحة الأولى »


(جلسة عمل في بيت عبد الله: حجرة جلوس بها مقاعد جلدية وثيرة، على الحائط رسوم تجريدية متداخلة، يبين من خلالها شكل مقصلة، في الواجهة قفص زجاجي متوسط الحجم، فيه أسماك ملونة مختلفة: أمير، وسوزي، ونوال، وناصر)
ناصر: باقٍ نحو أسابيعَ ثلاثةْ
طلبوا مني أنْ أكتبَ نصا يُعرضُ في الفصْلِ الشتويِّ
لمسرحنا القوميِّ ..
فماذا أكتبُ لهمو؟
عبد الله: (ضاحكاً) وأنا؟
ماذا أخرجُ لهمو؟
(مبتسماًً)
أوْ بالأحرى: كيفَ نُمثِّلْ
في هذا الجوِّ المثقلْ
بالحربِ العبريةِ في غزَّهْ
أمير: عندي نصٌّ رائعْ
منْ تأليفي
عنوانه
«فليسقطْ سيْفُ القوةْ»
عبد الله: (مفكراً) أنت ممثِّل
والعنوانُ جميلْ
بلْ شيءٌ هائلْ
قد تكتبُ نصا مثل شكسبيرْ
فالشاعرُ شكسبيرْ
(في أستاذية) كان يُمثِّلُ مثلك في مسرحْ
(لأمير) هل معك النصّْ؟!
أمير: ليسَ معي ..
يُمكنُ أن نتناقشَ في مغزاهُ الليلةْ
وإذا وافقتمْ، أوْ راقتكمْ فكرتُهُ أُحضرُهُ في الغدْ
ناصر: فلنسمعْ قصتَهُ
أمير: (جزلاً) في الفصلِ الأولْ
يُعلنُ عمدةُ قريتِنا
أن وباءَ الإنفلونزا
(إنفلونزا الطيرْ)
يجتاحُ القريةْ
والفلاحونْ ..
تركوا الأرضَ وفروا نحوَ المدنِ
فمنعتْهم أن يلجوها
طلبتْ منهم أنْ يقضوا فترةَ حجزٍ
تتجاوزُ أياماً عدّةْ
قد يقضي بعضهمو فيها نحبَهْ
في الفصل الثاني يخرجُ أسدُ اللهِ الحمزةْ
من جوْفِ الظلمةْ
يحملُ سيْفاً
ويُقاتلُ أبناءَ القردهْ
تنقشعُ الظُّلمةْ
يخْلو المسرحُ إلا من أفّاكي الأعرابْ
تبصرُ كتابَ المارينز الخونةْْ
منْ يصرخُ .. من يبسمُ .. ويبشرْ
بسماءٍ تُمطرُ خبزاً وحليباً
في واحاتِ الأحبابْ
وأمام البابْ
يقفُ ابنُ العاصِ عليه الرضوانُ من اللهِ ويصرخْ:
قُدَّامَ القبْرِ المرسومِ على ورقةِ كرتونٍ ..
للشهداءْ:
يا ناسْ:
نساؤكمْ تزوّجتْ
بناتكمْ تيتّمتْ
وانتصرَ الظلامْ
فابتعدوا عن صناع الفتنةِ
من كتاب المارينْزِ، وأفاكي الأعرابِ، وبيَّاعي الأحلامْ
في هذي اللحظة أقفُ ـ أنا الشاعرَ ـ أصرخْ:
يا منْ مضيتُمْ قبلَنا
انتظِروا قدومَنا بالغارْ!
ويسقطُ السيفْ
ويُسدلُ الستارْ!
.. ما رأيكمْ؟!
عبد الله: تلك دراما جيدةٌ في مغزاها
لكنْ تنقصُها الحبْكة؟
نوال: نص جيد
أمير: (لناصر) لكني أرجو رأيك يا ناصرْ
أنت مؤلف
ناصر: نصُّ جيِّدْ
لكنْ فيهِ بعضُ القجواتْ!
أمير: (متعجلاً) مثلْ!
قلْ .. لا تخجلْ!
عبد الله: (في بطء، متوجساً) ماذا يربطُ سيدَنا حمزة
بالإنفلونزا المجتاحةِ مصرْ
بجحيمِ الواقعْ؟
عبد الله: (لناصر) لا معنى في الواقعِ يا أستاذْ ..
حتى تبحث عنه في النص
فالواقعُ فوْضى مجنونهْ
لو قيلَ سيُهزمُ جيشُ «الظافرْ»
من عصبةِ تل أبيبْ
في العام السابعِ والستينْ
هل كنتَ تُصدِّقْ
ناصر: إني أختلفُ معكْ!
فلنتأمَّلْ في النصّْ
ولنبحثْ فيه عن الواقعْ
نحْنُ / هنا / الآنْ
سوزي: نوِّرْني ..
ناصر: (لسوزي) ستجدين ثراءً ملحوظاً
باستثناء الملحوظاتْ!
سوزي: (مُداعبة) قيسٌ مع ليلى أفضل
في (ليلى والمجنون)
أما هذا النصُّ ففيه تحريفْ
شيءٌ لنْ ينفعَنا في التمثيلْ
من حيثُ الفكرةُ
أوْ حيثُ التعبيرْ
أوْ من حيثُ الأخطاءُ البينةُ جهارا
فلماذا يجمَع بين ابنِ العاصِ وحمزةْْ
وهما من عصْرِ الصدر الأولِ للإسلامْ
في نص واحد
مع عمدة قريتِهِ الغافيةِ على شطِّ الأحلامْ
ناصر: ذلك كان قديماً
أمير: (يحسم الجدال) هو نص تجريبي
هذا ما يعنينا بالفعل
لكنا نرجو أن نقرأهُ حتى نُصدر حكماً في جدوى تقديمهْ
عبدالله: (فترة صمت)
نحنُ نريدُ دراما عصريَّةْ
تحتضنُ قضايا حريتنا، وقضايا الإنسانْ
وتُشرِّحُ لهزيمتِنا الآنْ..
لا أن تسخَرَ منها
أوْ تشتُمُ في حاكمِنا الجالسِ فوقَ الكرسيّْ
أو تشتمُ مصرْ
سوزي: عندي نصٌّ منْ فصْلٍ واحدْ
فيه ما يرْجو الأستاذْ
ويُناسبُ مسرحَنا القوميّْ
عبدالله: ملهاةٌ أم مأساةْ؟
سوزي: هي مأساةٌ / ملهاةْ
وهْي تدورُ عن السلطةِ والشعبْ
لكني ألغزْتُ بهذا
من بيْنَ ثنايا حدَثٍ تاريخيّْ
وجعلْتُ الحدثَ يدورُ أمامَ الرَّأيِ العامْ