اخوتي واخواتي..
مارأيكم ان اعفيكم من مقالاتي السياسيه ( لا تتفاءلوا كثيرآ لمره واحده فقط ) لاقص عليكم حكايتي مع الغزل ايام زمان، واترك للقراء الأعزاء الحكم بين غزل ستينات القرن الماضي وغزل شباب اليوم.
أيها الإخوه والأخوات في حياة كل إنسان في فترة شبابه قصص تبقى عالقه في الذاكره يحب أن يبقيها لنفسه ولكن لابأس أن أقص عليكم واحده منها كونها خفيفة الظل وبريئه في نفس الوقت. في فترة اوائل الستينات من القرن الماضي كنت حينها طالبآ في ثانوية المأمون في حلب {إنظر مذكراتي تحت عنوان محطات صغيره في حياة إنسان عادي} حيث كان عددآ من مدارس حلب الثانويه للطلاب والطالبات تتواجد في منطقة الجميليه يقودك إليها شارع رئيسي إسمه شارع إسكندرون ويطلقون عليه شارع المدارس وعليك أن تتخيل هذا الشارع في حوالي الساعه السابعه والنصف صباحآ أو عند الإنصراف، حيث تمتلئ الأرصفه بالطلاب والطالبات من عدة مدارس، وكان بإستطاعتك أن تحدد صف الطلاب او الطالبات بلون الإشاره الموضوع على سترة بدلة الفتوه، وكنت أفتخر بالشريط الأخضر على كتفي دلالة على أني طالب في السنه النهائيه.
كان ذلك في عام 1961 أنطلق من بيتي القريب من شارع إسكندرون لألتقي بصديقي حسام لندخل معآ شارع المدارس حيث ينضم إلينا صديقنا هيثم، كانت الأرصفه كما ذكرت غاصة بالطلاب والطالبات وعندما كان يصادفنا مجموعة منهن أمامنا نبدأ فورآ بمبارزه شعريه كل أبياتها من الغزل على طريقة الكلام إليك ياجاره، فلا أحد يلومنا على ذلك فالغزل في الأدب العربي هو ماده مقرره، وشاعر الغزل عمر بن أبي ربيعه الذي كان يتغزل مرتديآ عباءته الأنيقه وهو على صهوة حصانه بالحاجات الوافدات من بلاد الشام مع قوافل الحجاج لأداء فريضة الحج كان جزءآ من منهاجنا فاستغل مواسم الحج للقيام بمغامراته النسائيه فقال:

ليت ذا الدهر كان حتماً علينا ** كل يومين حجة واعتمارا
ومن شعره الغزلي أيضآ:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى** فصادف قلباً فارغاً فتمكّـنا
أبدأ انا ببيت من الشعر من معلقة إمرء القيس:
أغرك مني أن حبــك قاتلي ** وأنك مهما تأمري القلب يفعـل
ثم نرنوا إليهن بنظراتنا لنجد إبتساماتهن قد علت وجوههن فنسر لذلك ونقول لبعضنا سرآ:باين مشي الحال
ثم يأتي دور حسام ليتحفهن ببيت غزلي يبدأ بحرف اللام فينشد:
لو كان قلبي معي ما اخترت غيركمً ** ولا رضيت سـواكم في الهـوى بدلا
وتشتد المنافسه ليتحفنا هيثم ببيت غزلي ويبدأ باللام أيضآ فينشد:
لأخرجن من الدنيـــا وحبكـم ** بين الـجوانح لم يـشــعر بـه أحـد
وتزيد علامات الإستحسان على وجوههن وصار كل واحد منا يظن نفسه قد فاق شاعرنا عمر بن أبي ربيعه بلاغة وظرفآ وانه حصل على لقب كازانوفا بجداره. ونقترب من مدرستهن ثانوية معاويه للبنات،لأختم هذه المبارزه بإعلان إنتصاري منشدآ:
حواجبنا تقضي الحوائج بيننا ** نحن سكوت والهوى يتكلم
ثم يغبن وراء سور مدرستهن وهن يضحكن، التفت إلى رفاقي قائلآ:أعتقد أنهن يقلن عنا هؤلاء هم مجانين ليلى الثلاثه. ثم نسرع الخطى إلى مدرستنا القريبه وندخل فصل اللغه العربيه، فيسألنا الإستاذ: إنشاء الله ياولاد درستوا كويس، فيجيبه أحدنا مو بس بالبيت وحياتك ياأستاذ حتى بالشارع لانضيع دقيقه واحده، إسأل هشام فأهز رأسي موافقآ، فيقول برافو عليكم هيك بدي ياكون ناجحين بإذن الله! وننظر لبعضنا ونبتسم...
الإخوه والأخوات لاتتوقعوا أن أزيدكم من قصص الشباب البريئه فواحده تكفي مع تحياتي...