وزير يعض الأطفال
صالح النعامي
ذهلت السيدة عندما اندفع طفلها مذعوراً باكياً الى داخل المنزل، وجارها ضخم الجثة يطارده. ولما لم تسارع الأم الواقعة تحت هول الصدمة لنجدة الطفل، اندفع نحو الحمام، فما كان من الجار إلا أن اقتحم الحمام في أثره حتى أمسك به، وأخرجه، وأمام ناظري أمه قام بضربه بشكل مبرح وبعد ذلك قام بعضه. وقع هذا الحادث في مستوطنة " نوكديم "، الواقعة في محيط مدينة " بيت لحم "، وذلك قبل عامين. ولم يكن هذا الجار المتوحش سوى افيغدور ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي الحالي، ورئيس حزب " إسرائيل بيتنا "، اليميني المتطرف الذي حقق مفاجأة كبيرة في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية الأخيرة عندما فاز بخمسة عشر مقعداً، ليصبح ثالث أكبر حزب في الكنيست. حتى هنا لا يوجد ثمة أمر مثير، إلا أن المثير حقاً أن ليبرمان يريد من أن يجعل من وجوده في الحكومة مدخلاً لتصفية القضية الفلسطينية، وأول الخطوات التي ينادي بها ليبرمان هو التخلص من فلسطينيي العام 48 وذلك عن طريق طردهم للضفة الغربية، عبر خطتة التي يطلق عليها تبادل الأراضي. لكن طموح ليبرمان لا يقف عند هذا الحد، فهو يرى ايضاً أن الفلسطينيين القاطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة يتوجب طردهم الى سيناء. واستناداً الى نفس منطق الحيوانات المفترسة يرى ليبرمان أن مساحة سيناء تعادل ثلاثة اضعاف مساحة فلسطين، وبالتالي يطرح سؤال ينضح بالتقزز، قائلاً " لماذا لا تتحمل مصر مسؤولية توطين الفلسطينيين ؟؟؟". لا ينتظر ليبرمان أن يرد أحد على تساؤله، ويقرر أن من حق اسرائيل القيام بكل الخطوات الضامنة لبقائها دولة يهودية. ومن المؤسف أنه في الوقت الذي ينقض فيه العالم على الحكومة الفلسطينية التي تنادي بالاقرار بحقوق الشعب الفلسطيني التي لا خلاف على شرعيتها، نجد دواعي النفاق العالمي تجعل دول العالم لا يحرك ساكناً ازاء ما يهذي به هذا الضبع الضاري، الذي يدعو حكومته الى قصف السد العالي في مصر بالطائرات، والى قصف مقر الرئاسة في سوريا، ومنع المسلمين من الصلاة في المسجد الأقصى، وغيرها من المواقف. ووفق المعايير التي يكرسها النفاق العالمي، فمن حق ليبرمان أن يكون وزيراً في الحكومة الإسرائيلية ليواصل نفث سمومه ضد الأمتين العربية والإسلامية، ولا مجال هنا، لذبح وقت القراء في الاشارة الى اقتباسات من مواقف ليبرمان العنصرية من العرب والمسلمين. وللأسف الشديد، فأن النفاق ليس مقصوراً على العالم الخارجي، فأن بعض الدول العربية التي رفضت استقبال وزراء في الحكومة الفلسطينية المنتخبة، وجهت الدعوة تلو الدعوة لليبرمان لزيارتها عندما كان وزيراً للبنى التحتية في حكومة شارون السابقة، والمفارقة أن ليبرمان كان تحديداً هو الذي رفض تلك الدعوات!!!!!!!!!