بابل ..
" مسرحية "


بهجت عبدالغني الرشيد

.................................................. ..


شخصيات المسرحية :
نبوخذ نصر ملك بابل
آشور بانيبال الملك الآشوري صاحب المكتبة
أشخاص آخرون



****************************************




صوت عبر الزمان : هلمّوا إلى بابل العظيمة .. هلمّوا .. فإن خطباً ما قد حلّ فيها ..


حوّلوا أنظاركم إليها ..






المشهد الأول



المكان :
ركن من أركان حدائق بابل .
هذا الركن هو مكان نبوخذ نصر المحبب ، أثناء قيظ النهار .. نبوخذ نصر ملك بابل يجلس وعليه مسحة من قلق .. وتجلس زوجته الملكة أمييهيا إلى جانبه .. لا شيء هنا يقطع الصمت سوى زغردة العصافير ، وخرير الماء الذي لا يبرح يتدفق من النافورات ..
تناول أمييهيا نبوخذ نصر كأساً ..

ـ سوف يصل ..
ـ لقد تأخر ..
ـ قليلاً .. سيأتي ..
ـ قلقي في ازدياد .. إن هذا الأمر يجعلني ...
صوت أحد الحراس : افتحوا الأبواب .. فها هو الملك ( آشور بانيبال ) يقدم في موكب مهيب.
بعد لحظات يدخل آشور بانيبال .
آشور بانيبال : تحية الإله لملك بابل نبوخذ نصر ( يشير بيده محيياً ) .
نبوخذ نصر : أهلاً .. أهلاً ومرحباً بالملك المبجّل ، العالم الأديب ، والقائد البارع ، صاحب المكتبة العظيمة ..
آشور بانبيال : مرحباً .. مرحباً بالذي بنى للعالم أعجوبةً من عجائبها .. حدائق بابل المعلقة .. التي تدخل الفرح والسرور إلى القلب .. إن جمالها وروعتها الخلابة يا سيدي ليحيل كآبة الصحراء إلى حياة متدفقة ، وخضرتها الدائمة تجعل الإنسان يعيش جنة أرضية رائعة ..
نبوخذ نصر : وما هي حدائق بابل أمام ما جادت به عقول مفكريكم ، وما أنتجت يراع أقلامكم .. من علوم ومعارف .. واني لأعجب من صبرك يا سيدي في جمع النصوص من كل أرجاء البلاد .. أوه .. إنها تحتوي على الآلف الألواح التي تحتوي على كل علم وفن .. دين ، نبات ، كيمياء ، رياضيات ..
آشور بنيبال : ( يأخذ نفساً عميقاً ) أنظر ( إلى أحد مرافقيه ) أنظر إلى هذه الخمائل التي تخاطب الفؤاد ، وهذه الجنائن المعلقة التي شهقت لتعانق السماء في سبع طبقات متتالية، والزهور التي لونت أرضها بأفرشة محلاة بألوان الطيف الشمسي ( إلى الملكة ) سيدتي .. مبارك لكِ هذا الدلال الذي حباكِ به زوجك المبجل ..
أمييهيا : مولاي .. شكراً على لطفك .. تعرف إني جئت من بلاد تكثر فيها الجبال والأشجار، وعندما حللت هنا في بابل المحروسة ، ضاقت عليّ سهولها وقفار فيافيها ، فعمد سيدي ومليكي نبوخذ نصر إلى بناء هذه الجنائن المعلقة التي تقترب طبيعتها من طبيعة بلدي .. ميديا .. ليزيل عني وحشة الصحراء ، ويخفف وطأة هذا الحرّ اللافح .
نبوخذ نصر : هذا من دواعي سروري ..
أمييهيا : شكراً يا سيدي ، هلا يسمح لي مولاي بالانصراف ؟ ( بإيماءة لطيفة
من عينيها ) .
نبوخذ نصر : طبعاً .. تفضلي ..
تخرج ..
آشور بانيبال : سيدي نبوخذ نصر، إن تلك الدعوة التي تنبأ بأمر خطير قد
أقضّت مضجعي ..
نبوخذ نصر : كذلك دعوتك لأعرف ..
آشور بانيبال : يشاع بأنهم عادوا ..
نبوخذ نصر : وتساندهم قوة عظمى .. أو هكذا يسمونها .. يا لخجل التاريخ من أولئك القوم الوحوش الذين تكالبوا على الحمل الوديع ..
آشور بانيبال : ألم يتعلموا من دروس التاريخ أبداً !؟
نبوخذ نصر : هذا ما يبدو .. لقد جلبتهم إلى بابل جراء أعمالهم القبيحة ، ومع هذا .. لا .. لم يتعلموا أبداً ..
آشور بانيبال : عادوا لينتقموا .. حاملين ذاكرة آلاف القرون الماضية .. وهم يجترون أحقادهم وعقليتهم السقيمة .. يجترونها لتخريب الأرض ..

صوت : كان ذلك في الماضي .. واليوم عادوا يا صاح .. بثوب جديد .. وكذب جديد .. عادوا في وضح الصباح .. لقد عادوا ونحن ننظر إليهم .. عادوا من جديد .. مدججين بأسلحة من حديد ..




ستار


.................................