أساتذتي الكرام في منتدى القصة
هذه محاولة كتبتها اليوم و قد خيل إليَّ أنها أقصوصة
أرجو نقدكم و توجيهكم


أنا و جارتي


بقلم د. جمال مرسي


حين كانت يد الصباح تمزق آخر أستار الليل الطويل مؤذنةً بإشراقة صبح جديد يضفي على الكون بهجة وضياءً وقفت أستنشق نسيم الصباح من نافذة منزلي المطلة على حديقةٍ فاحت منها رائحة بعض الأزهار المتناثرة هنا و هناك .
كانت جارتي الطيبة تقف على الشباك المقابل ، لم يفزعها أني فتحت شباكي فجأة بل ظلت ثابتةً في مكانهاتحرك رأسها يميناً و يساراً ، تنظر إلي بشوق و كأنها تريد أن تبثني شكواها و أنا أنظر إليها معجباً بجمالها و حركتها الانسيابية و صوتها الساحر الذي تعودت أن أستيقظ عليه كل صباح .
صوتها الذي ما زال يتردد في أذني منذ كنت طفلاً صغيراً و هي تطل طوراً من برجها العالي و طوراً من روضة مطلة على منزل جدتي القديم ذي الأبواب العالية و الشبابيك التي وضعت عليها قضباناً حديدية خشية أن نسقط منها على أرض الشارع الضيق في تلك القرية النيلية الهادئة .
كانت تنظر إليَّ لتذكرني بعشقي لها و لجمالها الأخاذ منذ الصغر ، تهدل نفس الهديل الذي كنت أسمعه من عشرات السنين و الذي سألت عنه جدتي ذات يوم ببراءة الأطفال فأجابتني و كأنها سليمان يفهم لغة الطير : إنها تقول " وحدوا ربكم " .
نعم .. تذكرت ذلك الهديل ، استرجعته في ذاكرتي فأمعنت التدقيق في الصوت فسمعته بقلبي كما فسرته لي جدتي الطيبة .
ابتسمت ابتسامة مشرقة ، فكررت الهديل .
فجأة ، و في غفلة مني سمعت صوت ارتطام شديد نظرت إلى الأسفل فإذا بحبيبتي مضرجة بدمائها و قد أسقطتها رصاصة صياد ماكر .
سقطت من عيني دمعة ، أغلقت نافذتي ، و عدت لأمارس طقوسي اليومية و صوت هديلها لا زال منساباً في أذني :
" وحدوا ربكم"