اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سالم محمد عيبلو مشاهدة المشاركة
السلام عليكم جميعا , أعجبني العنوان أقفاص وما أكثرها في حياتنا فالفكرة قد تكون قفصا ، على ان أخيبها هي التي لايستطيع الانسان تحقيقها ولا يستطيع أيضا ان يتركها. والسيارة كذلك تعد من الاقفاص ، والمنزل و كذلك سلطته وما اقهرها احيانا ، وسلطتها وما اشدها على النفس حين تجور , والاخر قفص من نار حتى جعله بعضهم الجحيم واقول لو ابتعد القاص عن الذاتية والمباشرة لكان ذلك افضل له وأحسن إذ يعطي اتساعا للفكرة فيقول بدل أمام منزلنا امام منزلهم و لمّا رآه ، اقلته السيارة ذاتها لا ذات السيارة ويقول تبادل معه حتى جر القفص في حديقة القصر وقال له صورتك لم تفارقني طيلة الوقت .والنص نفسه قصير ولا يحتمل تحميل المعاني ولا نعاني صعوبة في فهم المراد فهو جيد للكسالى الذين لايحبون ان يبحثوا عن المعاني ويفضلونها جاهزة كما قدمها النص ويلاحظ أن القصة ما كانت تبدأ حتى انتهت فلا يلاحظ فيها مسافة بين الاستهلال والقفل الذي لا يخلو من عنصر المفا جئة روح الكتابة الادبية مع اجمل تحياتي
وعليكم السلام ورحمة الله،

أهلاً بالأستاذ سالم محمد عيبلو، ومرحباً بك في (واتا) الفكر والأدب والإبداع.
سعيدٌ بك بيننا، وأشكرك لمشاركتنا هذه الورشة التطبيقية.

وقد سرّني ان أعجبك العنوان، واستحثّك لتأمّل مراميه وفضاءاته. وما دام العنوان قد حملك على إنتاج هذه الدلالات التي لم يحددها المتن الحكائي، وجنح بخيالك بعيداً عن تخومه، فهو بذلك قد نجح في أداء دوره الوظيفي. وهذه نقطة تحسب للنص.

وأرجو أن تسمح لي بالوقوف على مجمل النقاط التي وردت في قراءتك للنص، معلقاً عليها حسب ورودها:

أولاً:

لا يخفى عليك أن الذات (الراوي) هنا، إنما هي شخصية مستعارة يتقمصها الكاتب، ليكون أكثر تحرراً في توليد الأحداث. وهي على حد تعبير النقّاد تمثّل (الذات الثانية للكاتب)، وتتخذ أشكالاً متنوعة، وفق ما يراه مناسباً لبناء نصه السردي، ومنسجماً مع نمط السرد الذي يختاره. فضمير المتكلّم هنا ليست نزوعاً إلى الذاتية، بل تقنية يختارها الكاتب في إيصال خطابه السردي للمتلقي. وهناك الكثير من الأدباء ينحو هذا المنحى.

ثانياً:

تقول:"اقلته السيارة ذاتها لا ذات السيارة"، بما يفيد أن هذا الإستخدام -أعني "ذات السيارة"- غير صحيح. لكنّني لا أجده كذلك، بل هو مستساغ لغوياً، ولي أدلّة على صحته، منها:

جاء في لسان العرب، لابن منظور (مادة ن ف س):
نَفْس الشيء: ذاته؛ ومنه ما حكاه سيبويه من قولهم: نزلت بنَفْس الجبل، ونَفْسُ الجبل مُقابِلي، ونَفْس الشيء عَيْنه يؤكد به"

وفي المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، لأحمد الفيومي (مادة ذوي):
"وقد تجعل [الذات] اسماً مستقلا فيعبر بها عن الأجسام فيقال: ذات الشيء بمعنى حقيقته وماهيته"
وفيه: "وحكى ابن فارس في متخير الألفاظ قوله
فنعم ابن عم القوم في ذات ماله.........إذا كان بعض القوم في ماله كلبا
أي فنعم فعله في نفس ماله من الجود والكرم إذا بخل غيره..."
(لطفاً أنظر الرابط).

ولا يخفى أن استعمال "ذات الشيء" بمعنى "نفس الشيء" صار عرفاً مشهوراً، الأمر الذي لا ينكر في تطور الإستعمال اللغوي، وقد أجاز مجمع اللغة المصري هذا الاستعمال مستشهدًا بما حكاه سيبويه عن العرب: "نزلت بنفس الجبل"، وبقول الجاحظ: "لابد للترجمان أن يكون بيانه في نفس الترجمة في وزن علمه في نفس المعرفة".
وللمزيد أنظر: د.أ. أبوأوس إبراهيم الشمسان، مساحة لغوية، مسألة (نفس الشيء والشيء نفسه)، ص: 21-22.

ثالثاً:

تقول:"والنص نفسه قصير، ولا يحتمل تحميل المعاني، ولا نعاني صعوبة في فهم المراد فهو جيد للكسالى الذين لايحبون ان يبحثوا عن المعاني ويفضلونها جاهزة كما قدمها النص"

أما أنه قصير، فتلك ميزة الـ ق.ق.ج، وأما أنه "لا يحتمل تحميل المعاني" فرأي أحترمه، ولكن يناقضه مجموعة المعاني والدلالات التي قمت أنت نفسك بتوليدها من العنوان، العنوان فقط !!. فما بالك بما يحمله النص من ألفاظ ، و"الألفاظ دالة على المعاني" –كما يقال-، ناهيك عن التركيبات اللغوية، وما تولده من دلالات إضافية.
أما أنه جيد للكسالى الذين لا يحبون أن يبحثوا عن المعاني، فرأي أحترمه؛ ولكنني لا أميل إلى لغة الطلاسم، التي تجهد القاريء بما يذهب متعة التلقي. ولكلّ وجهة هو موليها.

وهي رؤية اجتهادية، وكتابة تجريبية، في جنس أدبي مستحدث نحاول معاً الرقي به وبأنفسنا.

أشكرك من أعماق قلبي، وأتمنى دوام التواصل.

ولك أزكى تحياتي.