يقول الأستاذ الدكتور جودة المهدي، عميد كلية القرآن الكريم بجامعة الأزهر، فرع طنطا، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية:
إن الإيمان بمفهومه الخاص اسم لما بطن من الاعتقاد واستقر في القلب من العقيدة، وقد عرفه النبي صلى الله عليه وسلم باعتبار أفراده فقال صلى الله عليه وسلم: "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره".
أما الإسلام فهو الامتثال الظاهري لأوامر الشرع ونواهيه، وقد عرفه النبي صلى الله عليه وسلم باعتبار "ما صدقاته" فقال صلى الله عليه وسلم: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا".
وعلى هذا فيكون الإيمان بمفهومه الخاص التصديق الباطني الاعتقادي والإسلام بمفهومه الخاص الامتثال الظاهري لما أمر به الشرع ونهى عنه.
أما بالمفهوم الشامل فإن الإيمان إذا أطلق منفردا يعني بدون ذكر الإسلام معه في الكلام فإنه يشمل الإسلام معه وكذلك إذا ذكر الإسلام منفردًا في الكلام فإنه يشمل الإيمان وبذلك فسر قول الله تعالى (وما كان الله ليضيع إيمانكم) بقوله أي المفسر ليضيع صلاتكم إلى بيت المقدس فأطلق الإيمان على أحد أفراد الإسلام، وكذلك يطلق الإسلام مستلزما للإيمان.
وهناك قاعدة في هذا الصدد تقول: إن الإيمان والإسلام إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا بمعنى أنهما إذا اجتمعا في الذكر في الكلام افترقا مدلول كل منهما إلى مفهومه الخاص الذي ذكرناه وإذا افترقا في الكلام بأن ذكر الإيمان منفردا وحده اجتمعا معه في المدلول مفهوم الإسلام وكذلك إذا انفرد الإسلام بالذكر اجتمعا معه في المدلول الإيمان.
فمثلا قوله تعالى: "إن الدين عند الله الإسلام" انفرد فيه الإسلام بالذكر عن الإيمان فكان مدلول الإسلام في هذا النص ما يشمل الإيمان.
فكل من الإيمان والإسلام له مفهومه الخاص ومفهومه العام الشامل الكامل، ويرتقي الإنسان بتعميق مفهوم الإيمان في قلبه وبالإتيان بمفردات شريعة الإسلام أي يرتقي بالطاعات بكثرة الطاعات التي تقرب إلى الله سبحانه وتعالى وبمباشرة العبادة الصحيحة القائمة على العقيدة الصحيحة وهي عقيدة أهل السنة والجماعة.
وكذلك يرتقي الإنسان بتنمية المعرفة أي بكثرة التحصيل للعلوم الصحيحة وللمعارف النافعة في شتى الجوانب النظرية والعملية مع تصحيح النية في مباشرة الأعمال بالإخلاص لله وحده في جميع الاعتقادات والأقوال والأعمال.
فكثرة التفكر في مصنوعات الله عز وجل وكثرة التدبر لمعاني القرآن العظيم والسنة المحمدية الصحيحة ترفع أسهم العبد عند الله عز وجل وكثرة الذكر لله تبارك وتعالى بالأذكار المأثورة ومنها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير.
وكذا إتيان أعمال البر المذكورة في القرآن العظيم والشاملة لجوانب العقيدة والشريعة والأخلاق وصلة الرحم والجهاد في سبيل الله ومشاركة الأمة الإسلامية في قضاياها وبذل الجهود في نفع الأمة تقربا إلى الله عز وجل ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته والأولياء الصالحين على هدي كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كل ذلك يرتفع بقدر العبد عند الله ويقرب العبد من مولاه.
ويضيف الأستاذ همام عبد المعبود، المحرر المسئول عن نطاق الأخلاق والتزكية بشبكة "إسلام أون لاين.نت":
أخي في الله / خالد
السلام عليك ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بك، وشكر الله لك ثقتك بإخوانك في شبكة "إسلام أون لاين.نت"، ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا أهلا لهذه الثقة، وأن يتقبل منا أقوالنا وأعمالنا وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم وألا يجعل فيها لمخلوق حظا، .... كما أسأله سبحانه نسأل الله تعالى أن يجعل لك من اسمك نصيبا.. آمين
ثم أما بعد:
فالإسلام هو استسلام العبد وإذعانه لخالقه سبحانه، فيطيع أوامره ويؤدي فرائضه، ويأتمر بما أمره وينتهي عما نهاه عنه،
قال تعالى: ( قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) .
أما الإيمان فهو التطبيق العملي والتصديق الحقيقي لفرضيات الإسلام، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)، وعندما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك ، فقال لع النبي صلى الله عليه وسلم : قل آمنت بالله ثم استقم .
فالإيمان هو الاختبار الحقيقي لأبجديات الإسلام وقواعده، ولعل في حديث جبريل المشهور التفصيل والإبانة، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: "بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا" قال: صدقت.
قال: فعجبنا له، يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان. قال: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر. وتؤمن بالقدر خيره وشره" قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان. قال: "أن تعبد الله كأنك تراه. فإن لم تكن تراه، فإنه يراك". قال: فأخبرني عن الساعة. قال: "ما المسئول عنها بأعلم من السائل" قال: فأخبرني عن أمارتها. قال: "أن تلد الأمة ربتها. وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء، يتطاولون في البنيان". قال ثم انطلق. فلبثت مليا. ثم قال لي: "يا عمر! أتدري من السائل؟" قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم".
وتماما للفائدة، أنقل لك بعض أقوال أهل العلم في الفرق بين الإسلام والإيمان ومنها:
إن الإيمان قول وعمل، والإسلام فعل ما فرض على الإنسان أن يفعله، إذا ذكر كل اسم مضموماَ إلى الآخر، فقيل : المؤمنون والمسلمون جميعا مفردين أريد بأحدهما معنى لم يرد بالآخر، وإن ذكر أحد الاسمين شمل الكل وعمهم.
وكثير منهم قالوا : الإسلام والإيمان واحد، قال عز وجل: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه} فلو أن الإيمان غيره لم يقبل منه، وقال:(فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين).
ومنهم من ذهب إلى أن الإسلام مختص بالاستسلام لله والخضوع له والانقياد لحكمه فيما هو مؤمن به، كما قال: ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)، وقال أيضا :(يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان)، وهذا أيضاَ دليل لمن قال هما واحد.
ويقول الشيخ الدكتور سفر بن عبد الرحمن الحوالي في محاضرة له بعنوان "المناهج"، ردا على سؤال : هل يمكن أن يكون في شخص إسلام ولا يكون فيه إيمان؟ إذا كان ممكناً فكيف يكون ذلك؟: "هذا ظاهر حديث سعد الذي قال فيه الإمام أحمد : 'حديث سعد أحب إليّ'؛ لأنه أوضح عندما قال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أو مسلماً؟) فهو يقول: {يا رسول الله! إني لأراه مؤمناً, فيقول النبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أو مسلماً؟، فالفرق بينهما واضح, وقد يكون الرجل مسلماً, ولكن لا يكون مؤمناً؛ لأنه لم يأتِ بمرتبة الإيمان ولم يحققها، وهي فعل الواجبات وترك المحرمات.
وختاما؛
أقول لك إن كل مؤمن مسلم ولكن ليس كل مسلم مؤمن، فوصول المؤمن لمرتبة المؤمن أمر متوقف على نجاحه في اختبار الإيمان، فالابتلاءات تكشف معادن الرجال، وقد بين سبحانه أنه حتى المؤمنين على درجات فقال سبحانه: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)، وكما قيل الناس هلكى إلا المسلمين، والمسلمون هلكى إلا المؤمنين ، والمؤمنون هلكى إلا المخلصين، والمخلصون على خطر عظيم!!
نسأل الله تعالى أن يهديك إلى الخير، وأن يصرف عنك شياطين الإنس والجن إنه سبحانه خير مأمول .. وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ... وتابعنا بأخبارك ...
المفضلات