ونجحت ... بالامتحان الصعب
لم تكن تتوقع في أيام حياتها كلها أن توضع في مثل هذا الموقف، فلطالما سمعت بعض النساء يتناقلن أحاديثهن أمامها وكيف أن " زوج فلانة قد تزوج عليها فتركت له البيت، وفلان تزوج من أخرى وتعيش الزوجتان معا ".
قصص كثيرة قد سمعتها لكنها أبدا ما كانت تصدق أنها ربما قد تكون جزا من تلك الحكايات.
فقد عاد زوجها يوما من سهرته،.. استقبلته كعادتها بابتسامتها الجميله وبكلماتها العذبة ، وهمت لتجلس معه كما كانت تفعل دائما إلى ساعات متاخرة من الليل يتسامران بأحلى الحديث، لكنه هذه المرة كان شخصا أخر، مقطب الجبين وفي عينيه كلام يريد أن يحكيه لها وبدا غير طبيعيا ،مما حدا بها لسؤال إن كان قد حدث ما نغصه
- هل أزعجك احد من أصدقائك ؟
فقال وهو ينفث دخان سيجارته :
- لا ..!
-إذا ...لماذا أنت عصبي المزاج ؟؟
-ماذا لو أردت الزواج من امرأة أخرى ماذا يكون ردك ؟
نظرت إليه غير مصدقة ما يقول فاعتبرتها مزحة يريد أن يسليها بها!
- ماذا ..؟؟
- أما سمعت؟!
- هل أنت جاد ؟
- أريد أن ...... أتزوج!
- وأنا وأولادي ؟!
- لن يحصل لك شيء ستبقين كما أنت ولن ينقصك شيء .
- ماذا تقول ....لن ينقصني شيء ؟
قالتها بتساؤل المستهجن وكانت هذه أخر كلماتها !
وخيم صمت ثقيل جعل ظلام الليل اسودا حالكا،.. حتى ضوء القمر الذي طالما كانت تناجيه وتبتسم في وجهه لم تعد تراه تلك الليلة مع أنه كان بدرا منيرا.
قامت وذهبت إلى فراشها عسى النوم أن يريح جفونها التي تعبت من سكب عبراتها التي سالت على خدها من غير إرادة منها ... إن هول الخبر الذي نقله إليها زوجها قد أجج نارا بداخلها ربما ستأتي على كل المشاعر الجميله داخل قلبها... قلبها الذي أحبه حبا قويا متينا كيف لا وقد عاشت معه عشر سنوات بحلوها ومرها ؟ وما مرت عليها هذه السنوات إلا كلحظات قصيرة حملت معها كل السعادة والطمانينة!!
لم يغمض لها جفن حتى ساعات الليل المتأخرة وأرهقها التفكير والبكاء فقررت أن تأخذ بعض المسكنات عساها ترتاح قليلا وفعلا استطاعت مع المسكن أن تغفو .
أفاقت على صوته يوقظها في الصباح لتحضر له فطوره وقهوته؛ فقامت كعادتها كأن شيئا لم يحدث وحضرت له واجباته دون أن تنبس ببنت شفة، كان ينظر إليها ليعرف ما تأثير الخبر الذي فاجأها به لكنها تصرفت أمامه بشكل اعتيادي وطبيعي وكان شيئا لم يكن ، لم ترد لأحد من أولادها أن يلاحظ شيئا أرادت أن تبعدهم عن ألمشكله علها تستطيع حلها مع اقل ضرر ممكن .
ومر يوم وأسبوع والحال على ما هو عليه صمت ثقيل يخيم على علاقتها معه ولكن هذا لم يؤثر أبدا على تصرفاتها تجاهه، كانت تلبي له كل ما يريد ومن عينيها كانت تسترق بعض نظرات معاتبة .. ماذا حصل ما الذي قصرته تجاهك .. كانت تسترق هذه النظرات خوفا من أن يراها ويعرف ما بداخلها ولكن .....لم تتلاقى نظراتهما أبدا واستمرت العلاقة بهذه الصوره إلى أن أتاها مرة أخرى بنفس الطلب،.. لم تجيبه هذه المرة بل وأشاحت بوجهها عنه ناحية حديقة المنزل تلك الحديقة و التي أسساها معا وتحت كل شجرة فيها كانت لهما أمنية، وكل وردة زرعاها هناك لتملأ حياتهما بعبير ذكي مدى العمر!!
مرت عليها هذه الليله طويلة كأخواتها لكنها جعلتها ليلة لحساب طويل مع النفس لتعرف ما لها وما عليها، لماذا يجرحها بكرامتها ونفسها بهذا الشكل،.. أيعقل أن تكون المشكلة فيها وهي لا تدري؟! ....وأسئلة ألحت عليها... هل أنا لست كباقي النساء؟ ماذا ينقصني ؟ جمال وجميلة .. تعليم ومتعلمة.. أولاد وأكرمني الله،.. بيتي نظيف وأنا طاهية ممتازة، شاركته بكل دقائق حياتنا تعبت معه وقد كنا اسعد زوجين فماذا حصل؟ .. ومن هي تلك التي شغلته عني واستطاعت أن تدخل إلى قلبه والذي كنت اعتقد أنني املكه وحدي حتى وقت قصير .
أسئلة كثيرة سألتها لنفسها فلم تجد تفصيرا واحدا يمكن أن يكون ذريعة يتذرع بها ليتزوج من أخرى.
لكنها قررت في النهاية قرارا جريئا قويا ولم يكن متوقعا أنها لن تتخلى عنه بهذه السهوله حتى لو شاركتها فيه امرأة أخرى؛ فهي تحبه ولن تضحي بحبها وأولادها وحياتها من أجل خدش في كبريائها وبعض كلام للناس سيتناقلونه بينهم لفترة زمنية وتمضي ، ولأنها كانت تعرف بأن شرع الله يجيز له ذلك وكانت تعرف أيضا بأنه يخشى الله ولن يتخلى عنها ويتركها مع أولادها لتجابه الحياة وحدها كما يفعل الكثيرين .
أفاقت باكرا حضرت له قهوته وفطوره وأيقضته من نومه بابتسامتها القديمة والتي أعادتها لوجهها رغما من أن النار لم تخمد بداخلها بعد .. جلسا معا وبادرت بالحديث :
- جميله...؟
- من ؟
- العروس!
- ليست بأجمل منك!
- ألا تريد أن تريها لي، .. أنا موافقة إن كان هذا يسعدك!
فتح عينيه واللتان كانتا ما تزالان تحت تأثير النعاس ونظر إليها غير مصدق !
قال بدهشة :
- حقا أنت موافقة وتريدين رؤيتها؟!
- نعم
- غدا سوف آتي بها لترينها وتعرفينها!
انتظرت الغد ودقات قلبها تتسارع كلما دقت الساعة لتعلن أن ساعة قد انتهت وقربت المسافة الزمنيه لليوم التالي.
وجاءت اللحظه الحاسمة.... استجمعت قواها والتقطت أنفاسها ....وزينت هندامها .....وبدت بأجمل صورة لتبدو وكأنها ليست أقل من تلك القادمة الغريبة التي اقتحمت عليها حياتها ومملكتها والتي ستشاركها زوجها.
رن جرس الباب فقامت بخطى ثابتة وفتحته فدخل زوجها وابتسامة تنير وجهه، نظرت إليه واقتربت من الباب ونظرت للخارج فلم تجد مع زوجها أحدا... نظرت إليه
متسائلة .. فضحك وقال تعالي اجلسي ..جلست تنظر إليه لا تفهم من الأمور شيئا فاخرج من جيب معطفه علبه هدايا جميله مغلفة بإتقان ...
قالت ما هذا قال ..اقتربي وانظري إلي ، اخرج من العلبه عقدا ماسيا جميلا وباهض الثمن، اقترب وألبسها إياه قائلا لقد كان هذا اختبارا فقط أردت أن اعرف مدى حبك لي وها أنا ذا أجدك كما توقعت قوية بإيمانك وقوية بحبك وإخلاصك لي .. لأولادنا ولحياتنا معا وأنا متأسف جدا لما تسببت لك به من عناء .
وأريدك أن تعرفي أنني أحبك وأحترمك ولا أستطيع العيش يدونك ولن تعوضني عنك جميع نساء الأرض .
نظرت إليه وبكل حب أمسكت يده لتقبلها وقد اغرورقت عيناها بالدموع؛ فامسك يدها بيديه وطبع قبلة على جبينها أنستها تعب وسهر وقلق وخوف تلك الليالي التي مضت!!
انتهى
المفضلات