كلمة الدكتور فواز زعرور
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب
مدرس في جامعة دمشق والمعهد العالي للترجمة
تحت عنوان (المترجم وواقع الترجمة)
السيد رئيس إتحاد الكتاب العرب الموقر الأستاذ الدكتور حسين جمعة
السادة الزملاء الكرام أعضاء اتحاد الكتاب العرب
السادة الزملاء الكرام أعضاء جمعية واتا
السادة الزملاء الكرام من مجلس الشعب الموقر
أيها الضيوف الكرام
تحية عربية و بعد :
يشرفني قبل البدء بكلمتي أن أنقل إليكم تحيات الزميل رئيس جمعية واتا الأستاذ عامر العظم وأبلغكم شديد اعتذاره عن حضور هذه الأمسية نظرا لظروف عمله القاهرة ....
أيها الضيوف الكرام :
الترجمة هي أحد الفنون الراقية التي تتطلبها الصلات الإنسانية منذ قديم الزمان فما من مجتمع مهما نأى إلا كانت له صلات وعلاقات بالمجتمعات الأخرى حتى يومنا هذا وهاهي ألواح تلِّ العمارنة وأفاميا وأوغاريت ورأس شمرا وحجر رشيد وغيرها تقف شاهدة على تلك الصلات والمعرفة التي كانت قائمة بين الشعوب بلغات بعضها بعضا ما يدل بلا شك على وجود حركة ترجمة منذ ذلك التاريخ بلغات عديدة منها الأكادية والبابلية والهيروغيليفية وغيرها.
و يقال أنه كان في بلاط كل ملك من القدماء مجموعة من الأمراء المتخصصين في الترجمة أو أنهم كانوا يتوارثون المهنة أبا عن جد.
وقد عرف العرب الترجمة قبل الإسلام بحكم صلاتهم واحتكاكهم بالفرس والروم والأحباش وغيرهم من شعوب المماليك والإمارات وبعد الإسلام بحكم الفتوحات الإسلامية.
وقد جاء في لسان العرب ما يلي:
يترجم الكلم أي ينقله من لغة إل لغة أخرى وأن الشخص الذي يقوم بنقل هذا الكلام يسمى الترجمان وهو الذي يفسر اللسان.
وكلمة ترجمان أصيلة في اللغة العربية ومنها أخذ الإنكليز كلمة dragoman .
وقد حدد الكتاب العرب منذ القدم الشروط التي يجب أن تتوافر في المترجم فيقول الجاحظ مثلا:
ولابد للترجمان من أن يكون بيانه في نفس الترجمة في نفس المعرفة وينبغي أن يكون أعلم الناس باللغة المنقولة والمنقول إليها حتى يكون فيها سواء وغاية
وقد اهتم العرب بترجمة التراث الإنساني ويذكر التاريخ للخليفة المأمون فضله في إنشاء مركز للترجمة ببغداد باسم (بيت الحكمة) ومكافئة المترجم على عمله بماياوي وزن كتابه ذهبا, ما كان له أكبر الأثر على تعريف العرب على العالم وتفاعل مفكريهم مع النتاج العلمي والفلسفي للأمم الأخرى كالهنود والفرس والإغريق وغيرهم.
وقد أدى قيام الدولة الإسلامية وامتدادها من المحيط الأطلنطي إلى معظم قارة آسيا إلى اختلاطك العرب بعدد كبير من الأمم والشعوب وانتشار اللغة والثقافة العربية, حتى أصبحت اللغة العربية لغة دولة تدرس في أقطار غير الأقطار العربية.
وقد أصبحت حركة الترجمة حركة عامة في جميع الأوساط العلمية والأدبية وكانت تشمل الترجمة إلى العربية (التعريب) والترجمة منها بعد أن امتلك العرب ناصية العلوم وصاروا منبعا للعلم والحضارة في وقت كانت فيه أوربا تعمه في تيه من التخلف والجهل, فتهافت المترجمون في العصور الوسطى على ترجمة كتب العرب إلى اللاتينية لدرجة أن الأصول المعربة لكثير من تلك المؤلفات قد فقدت ولم يتبقى منها سوى ترجمتها اللاتينية كمؤلفات ابن رشد وابن سينا وغيرها المئات.
ويدور الزمن دورته وتتقدم أوربة ويكون لعلوم العرب ومؤلفاتهم فضل كبير في ذلك بينما العالم العربي رازخ تحت وطأة التشرذم والتخلف لأسباب متعددة لن ندخل في تفاصيلها الآن, وتقطعت بنا الأسباب ولم نبدأ في التغيير إلا بعد أن أتيح لبعض أدبائنا و مفكرينا الإطلال على العالم الخارجي وإدراك ما فاتنا في فترة التقوقع الطويلة والمناداة بالعودة إلى فلسفتنا الثقافية الأولى.
يميز المثقفون عادة بين نوعين من الترجمة:
الترجمة الأدبية والترجمة غير الأدبية كالعلمية والإعلامية وغيرها, وهم يرون أن للترجمة الأدبية خصائصها المميزة لأنها تتعامل سواء كانت شعرا أم نثرا مع نصوص تقوم على قيم جمالية إبداعية لابد من مراعاتها والمحافظة على نقلها للقارئ بلغة أخرى غير المترجم منها واحترام النص الأدبي يعني احترام المعنى وكذلك خصائص الأسلوب مما يتطلب أن تتوافر في المترجم موهبة الإبداع والقدرة شأنه شأن المؤلف الأصيل للعمل الأدبي إضافة بالطبع إلى إتقانه للغتين وإلمامه بدقائقهما.
أما بالنسبة للترجمات غير الأدبية فيتطلب من المترجم أن يكون متخصصا أو ملما إلماما كاملا في فرع العلم الذي يترجم فيه.
أما أنواع الترجمة فهي عديدة نذكر منها على سبيل المثال:
الترجمة الإعلامية, الترجمة الأدبية, الترجمة العلمية, والأكاديمية.
أما أنماطها فتشمل فيما تشمل الترجمة الحرفية والمباشرة وترجمة المعاني والترجمة التلخيصية والتفسيرية والحرة وغيرها.
ولا أرى غضاضة في هذا السياق أن أورد بعض النصائح للمترجمين المبتدئين أهمها:
- قراءة العمل قراءة متأنية قبل الشروع في الترجمة .
- استخراج الصعوبات وتدوينها في أوراق خاصة.
- إيلاء عناية خاصة لبعض الألفاظ والتعبيرات والتراكيب لتي تتكرر في العمل كثيرا وتحصيل معانيها وحفظها عن ظهر قلب.
- استخدام القلم في الترجمة (عدم التعامل مع الكومبيوتر أو الطابعة في المرحلة الأولى ) مع ترك فراغات بين السطور لسهولة الشطب والتصحيح
- إعادة قراءة كل فقرة قبل الشروع بترجمتها.
- في كل مرة تفرغ فيها من ترجمة فقرة جديدة, ضع النص الأصيل جانبا واقرأ ما ترجمته وقم بإجراء التعديلات المناسبة مثل تجويد الأسلوب و استخدام أدوات الربط وإعادة توزيع علامات الترقيم إلخ.....
- التدرب على توزيع أساليب التعبير وصقل الاستعداد للترجمة وتطويع القدرة على الصياغة واللعب بالتراكيب ما يكسب الذهن اللياقة اللازمة لترجمة الجمل في أي وضع سياقي أو تركيبي وجدت عليه.
- وتذكر دائما نصيحة الجاحظ بضرورة أن يكون بيان المترجم في نفس الترجمة في وزن علمه في نفس المعرفة وأن يكون أعلم الناس باللغة المنقول إليها حتى يكون فيها سواء وغاية .
وفي الختام لا يسعني إلا أن أكرر شكري للقائمين على جمعية واتا رئيسا وأعضاء لجهودهم المبذولة في هذا المجال وكذلك شكري لاتحاد الكتاب العرب رئيسا و أعضاء على استضافتهم الكريمة لهذا الاجتماع مع شكري وامتناني لضيوفنا الكرام على تشريفهم لنا بحضورهم هذا الاجتماع.
وإلى لقاء قريب في مناسبات قادمة
والسلام عليكم
المفضلات