بسم الله الرحمن الرحيم...
الدكتور الأستاذ عبد الحميد...
حقيقة هي الأسئلة التي تفضلت بطرحها تقتضي العديد من الجهد و من التفكير للإجابة عنها...لذلك أعتقد أن كل جواب عن سؤال يتطلب مرجعية...فالمرجعية هي التي تحدد طبيعة الجواب...و من هنا كلما اختلفت المرجعية كلما اختلف الجواب عن نفس السؤال...و لنأخذ مثلا السؤال عن العقل...ما هو؟ و أين يوجد؟ و هل هو كذا ا و كذا كما تفضلت سيادتكم...
المرجعية الدينية: القرآن الكريم...ثم أحاديث الرسول عليه الصلاة و السلام...
يقول الله عز و جل: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }الأعراف179.
ولقد خلقنا للنار -التي يعذِّب الله فيها مَن يستحق العذاب في الآخرة - كثيرًا من الجن والإنس, لهم قلوب لا يعقلون بها, فلا يرجون ثوابًا ولا يخافون عقابًا, ولهم أعين لا ينظرون بها إلى آيات الله وأدلته, ولهم آذان لا يسمعون بها آيات كتاب الله فيتفكروا فيها, هؤلاء كالبهائم التي لا تَفْقَهُ ما يقال لها, ولا تفهم ما تبصره, ولا تعقل بقلوبها الخير والشر فتميز بينهما, بل هم أضل منها; لأن البهائم تبصر منافعها ومضارها وتتبع راعيها, وهم بخلاف ذلك, أولئك هم الغافلون عن الإيمان بالله وطاعته.
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }الحج46
أفلم يَسِر المكذبون من قريش في الأرض ليشاهدوا آثار المهلكين، فيتفكروا بعقولهم، فيعتبروا، ويسمعوا أخبارهم سماع تدبُّر فيتعظوا؟ فإن العمى ليس عمى البصر، وإنما العمى المُهْلِك هو عمى البصيرة عن إدراك الحق والاعتبار.
ففي الآية الأولى "لهم قلوب لا يفقهون بها" و في الآية الثانية" فتكون لهم قلوب يعقلون بها"...من هنا ألا يمكن القول أن الآيتان معا يتحدثان عن قضية" الوعي"...على أساس أن الوعي هو الحد الفاصل بين الغيبوبة و اليقظة كحالة شعورية...و في كلا الآيتين استعمل الله عز و جل"قلوب" و أضاف "السمع و البصر" حتى يكون معنى القلب أقرب إلى الفهم أي إلى الوعي...كما أنه جل و علا استعمل في الآية الأولى" لا يفقهون" و في الثانية" يعقلون بها"...لتكون النتيجة" المنطقية "لكلا العملتين هي التعقل و التدبر و التفقه و في نهاية المطاف" الوعي السليم و القويم"...
و على هذا الأساس إذا كانت المقدمات سليمة...و هي بالفعل سليمة لأنه كلام الله عز و جل...و كان المنطق المستعمل سليم هو الآخر...و لا أشك في ذلك...فمن المفروض أن تكون النتيجة على الشكل الآتي: القلب هو موطن أو مكان العقل الذي نستعمله كميزان لنزن به الأمور...أو كمعيار لنحدد به الصحيح من الخطأ...أو كنور يستظل به الوعي ليرى الأشياء على حقيقتها...و يستطيع أن يستقرأ أو يستنبط النتيجة أو الحكم بحسب كل حالة على حدة...[و الله أعلم]
أحاديث الرسول عليه الصلاة و السلام...
المرجعية العلمية: و لتكن العلوم الإنسانية و لي عودة إن كان في العمر بقية إن شاء الله...
و دمتم في رعاية الله حل و علا...
المفضلات