بسم الله الرحيم الصلاة والسلام على رسوله الأمين

لوحة (3): أية حديقة

شاهدت أمرأة، شبه خائفة، شبه مشوشة. المرأة لها أربعون عاماً متزوجة (يعني عمرها ليس أقل من خمس وخمسون عاماً)، وتريد الطلاق.

قال لها القاضي: الزوج لا يريد طلاق، لكن تستطيعي طلب الخلع. والخلع يستوجب منها أن ترد له مقدم المهر أن لم يسامح الزوج بمقدم صداقه الذي دفعه قبل أربعين عاماً. هذا ما يفهمه القاضي تحت ردي له حديقته! وعندما سمعت تفاصيل من قصتها انهمرت الدموع من عيني، ولم أملك أيقافها. لم أعرف ما انتهى إليه الأمر بالضبط، لكن القصة مضى عليها أكثر من عشر أعوام، ولم تغب عن بالي، وكلما تتم دعوتي إلى عرس، وأرى العروس سعيدة بزواجها، أتذكر صورة من الصيرورة المحتملة لهذا السعادة الطاغية على المشهد!

إمرأة خلفت ثمانية أطفال، وبلغت من العمر منتصف الخمسينات على الأقل، أهي تريد الطلاق بانتظار حب جديد؟! أما أنها تحملت سوء معاملته طوال هذه السنين إلى أن وصلت إلى درجة لا تستطيع التحمل؟!

قمت بحسبة بسيطة: لو أن هذه الزوجة كانت خادمة (فيليبينية أو سيريلانكية)، بدأت في الخدمة من أربعين سنة، ولم تأخذ رواتبها خلال هذه الفترة كلها، كم من الرواتب سيتراكم لها خلال هذه الفترة؟

لنفترض أن الراتب الشهري 150 دولار، هذا يعني سيكون لها سنوياً 1800 دولار، في 40 سنة لها مستحقات واتب تصل إلى 72,000 دولار. فإذا أضفنا لها التذاكر فالمجموع يصل إلى حدود 90,000 دولار.

لكن كونها زوجة: ليس فقط أن لا متأخر لها، بل عليها أن ترد مقدم المهر؟! هذا تفسير أن "ترد إليه حديقته"! يا إلهي؛ أيعقل أن يضع الشرع الزوجة في مكان أوضع من خادمة؟ أيعقل: في الوقت الذي جُمِّدَ فيه العمل بآية كريمة، يقوموا بالتعميم الزائد لحديث شريف؟ ألا يحتاج الأمر - على الأقل - إعادة دراسة؟ والشريعة إلى تقنين Operationalization؟

وبالله التوفيق،،،