المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منذر أبو هواش
التلفيق والتوفيق
بالمنظار التاريخي للفقه اللغوي
التلفيق توفيق بين حق وباطل
جاء في اللسان:
لفق: لَفَقْت الثوب أَلْفِقُه لَفْقاً: وهو أَن تضم شقة إلى أُخرى فتخيطهما.
ولَفَق الشقتين يلِفقُهما لُفقاً ولفَّقَهما: ضَمّ إحداهما إلى الأُخرى فخاطهما،
والتَّلْفيقُ أعم، وهما ما دامتا مَلْفُوقتين لِفَاق وتِلْفَاق،
وكلتاهما لِفْقَانِ ما دامتا مضمومتين، فإذا تباينتا بعد التَّلْفِيق قبل الخياطة،
وقيل: اللِّفاقُ جماعة اللِّفق؛
وأَنشد: ويا رُبَّ ناعيةٍ مِنهُمُ --- تشدّ اللِّفَاقَ عليها إزارَا
أَي من عظم عجيزتها تحتاج إلى أن تَلْفِقَ إزاراً إلى إزار،
واللِّفْقُ، بكسر اللام: أحد لِفْقَي المُلاءة.
وتلافَق القوم: تلاءَمت أمورهم.
وأَحاديث مُلَفَّقَة أَي أكاذيب مُزَخْرفة.
المؤَرج: ويقال للرجلين لا يفترقان هما لِفْقان.
وفي نوادر الأعراب: تأَفَّقت بكذا وتَلَفَّقْتُ أَي لحقته.
قال: واللَّفَّاق الذي لا يدرك ما يطلب. تقول:
لَفَقَ فلان ولَفَّقَ أي طلب أمراً فلم يدركه.
ويفعل ذلك الصقر إذا كان على يدي رجل
فاشتهى أن يرسله على الطير ضرب بجناحيه،
فإذا أَرسله فسبقه الطير فلم يدركه فقد لَفَقَ.
المعاني كثيرة كما ترون، لكن أهم ما انتشر وشاع منها بين الناس فهو (
أَحاديث مُلَفَّقَة أَي أكاذيب مُزَخْرفة أي تم توليفها والتوفيق والموافقة بينها وبين الحقائق لكي تبدو موائمة وموافقة لها أو تتشابه معها وتختلط بها).
وفي الأساس كلمة لَفَقَ (بدون تشديد الفاء) تعني ضم ّ شقّي الثوب بعضهما إلى بعض وموائمتهما وموافقتهما والتوليف بينهما وخياطتهما معًا. ويُقال: لفَّقَ القطعتين: واءم ووفّق أو وافق وولّف بينهما، وجمعهما، وبناء على ذلك قالوا أن من معاني التلفيق الملائمة والموافقة والتوليف بين المسائل، والجمع بينها.
ونظرا لأن بعض الأشرار يعمدون إلى موائمة أو توليف أو تزييف أو تزوير أو افتراء أو موافقة أو توفيق أو تلفيق الأكاذيب أو التهم أو القضايا الكيدية، وتغيير مظهرها لكي تبدوا وكأنها موائمة موافقة للحقائق متآلفة ومتوالفة ومتشابهة معها، فقد ارتبط معنى التلفيق ارتباطا وثيقا بمعاني التزييف والتزوير والافتراء حتى أصبح من مرادفاتها.
لذلك كله فإن كلمة التلفيق لم تستخدم أبدا في السياق الخاطئ، لأن من معانيها أيضا (وللسبب المبين بأعلاه) التزوير والتزييف والافتراء وحبك التهم والمكائد أو القضايا الكيدية الملفقة أو الموفقة أو المولفة زورا وبهتانا.
وللبيان حرر
منذر أبو هواش
المفضلات