نثر: شَطحٌ أمْ هذَيانٌ ؟

الكشفُ الأوّلُ :

- لا تَضْرِبنَّ بسيفِ الكَراهيَة أخاكَ فتقتلُ نفسَكَ ، وإنْ ضَربتَ فبسيفِ محبّتيَ اِضربْ ، فـتَـنْجُوانِ معاً .
- ... وماذا يعني إنْ تعرّفتَ نفسَكَ ، ولمْ تتَعرّف عيوبَكَ ؟
- أعِدَّ نفسَكَ في القربِ لتتحمّلَ وَطْـأةَ الفِراقِ .
- ما أقرب البعدَ عندما تكونُ له ، وما أبعدَ القُربَ إنْ لمْ تكنْ فيه .
- المسافةُ بين القربِ والبعدِ ، شعورٌ وهي ليست زمانٌ ومكانٌ تقيسه أو تَتحكّم فيه.
- لا تقفْ عند الظّاهرِ ، فثمَّة أبعادٌ فيه قد لا تراها بالعينِ.
- الحقيقةُ لا توصفُ بالكلامِ ، ولكنَّ الصمتَ يَرضى فيصمُتُ .
- عندما لا ترى نفسَك في المرآةِ ، تكونُ في بَدءِ الطريقِ ، فإن رأيتها مزدَوَجةً فلن تطَأهُ أبداً أيها المغرورُ .
- لا تُهلِكْ نفسَك في الغَوْصِ عميقاً ، فاللؤلؤةُ قد تكونُ على الشاطئ .
- ليس نوراً ما تراهُ ، إنّـه النّورُ يراكَ .
- لا تَخْتمْ بخاتمَكَ الأشياءَ ، فيزولُ الخِتمُ ، واختمْ بالقلبِ فهو أبقى .
- لا تغتسِلْ لصلاتِكَ ، إنْ لم تَتطهّرْ قبلَها في غيرِ الماءِ .
- في الدَّهَشِ لا تنطِقُ ولا تصمِتُ ، تأَمّـلْ فقط ...
- المعرفةُ محطَّةُ تأمُّلٍ ، وراءَها دربٌ طويلٌ .
- لا تَقفْ في بابِ الرُّؤيةِ حائراً ، تقدَّمْ لتَـرَ .
- الكوْنيّةُ عادتْ إلى الأوْلويّةِ ، فهلْ رجعتْ الأوْلويةُ إلى الدَّيمومةِ لتبقى ، أمْ أنها في محيطِ الدائرةِ تَجولُ ؟
- إن كنتَ واقفاً ، ربما كنتَ عارفاً ، فليسَ كلُّ عارفٍ في الوقوفِ ، فالوقفةُ جِوارٌ ينفي ما سِواهُ ، وهي عمودُ المعرفةُ ، والمعرفةُ عمودِ العلْمِ تَرجِعُ ، من دونِ الوَقفةِ ، إلى جهلٍ .
- المَعْنويةُ للتَّصرفِ ، والماهيَّةُ للاختراعِ .
- صمتُ الواقفِ تاجُهُ ، ونُطقُ العارفِ آلتُهُ . أوْقِفْ آلتَكَ وانزِعْ تاجَكَ ولا تَخَفِ الوَحْشَةَ ، فالمُؤانسَةُ قد تطولُ .
- لا تحكُمْ على الواقفِ بالصِّفاتِ ، فقد عَبرَ صفةِ الكونِ ، نارَهُ ونورَه ، فتلكَ وقفةُ الوقفاتِ ، وراءَهُ العلْمُ والمعرفةُ ، في دَهَشٍ ينظرانِ ، فهلْ يرَيانهِ هناكَ ؟.
-لا تَنتقمْ لنفسِكَ بنفسِكَ ، فتكونَ كلباً يَعَضُّ مَن رماهُ بالحجَرِ ، وما أنتَ بكلبٍ أيها الإنسانُ .
- في الأعمالِ تَثبُتُ لصفاتِكَ ، فلمَ لا تَثبُتُ بصفاتِك ؟ ،
هو حرْفٌ سيتغيّرُ فقط وسيُغيّرُكَ أيضاً .
- إنْ وقفتَ في المقامِ ، لا تسألْ عن المَخرَجِ ، ودَعْ عنكَ الخوفَ والانبساطَ .
- دَعْ عملَكَ في الخارِجِ ، وادخلْ وحدَكَ ، فقد سبَقَـكَ .
- ليسَ بالإخلاصِ يُزانُ العِلْمُ ، ولا بالنِّيّةِ يُزانُ العملُ ، اِعكِسْهُما ولنْ تندَمَ.
- لنْ تُدرِكَ المعرفةَ بالأوهامِ ، ولا تَدخُلْ بالأجسامِ والأعمالِ .
- إلى الحَدِّ وصلتَ ، فلا تتوقّفْ واجتَهدْ ، فالوصولَ ليسَ بالبعيدِ ، فإلى أين أنتَ ذاهبٌ ، وإلى أيّ شيءٍ ستصلِ ، إنْ وصَلتَ ، فمن دونِ المعاني قدْ تَصلُحَ ربّما لسواهُ .
- ( ... شجرُ الحروفِ الأسماءُ ، فاذهبْ عن الأسماءِ تذهبْ عن المعاني ) – النُّـفَّريّ -(*)
- ( لو نطقَ ناطِقُ العزِّةِ – في موقفِ العزِّ – لصمتتْ نواطِقُ كلّ وصفٍ ، ورجَعتْ إلى العَدمِ مبالغُ كلّ حرفٍ " و " لو أبيدَتْ لخُطِفَتْ الأفهامُ ) – النُّـفَّريّ -(*)
العِبرةُ في الصّمتِ إذن ، وعَدَمُ الحرفِ أرقى أشكالِ المادةِ والتعبيرِ يكونُ !
- الكتابةُ مَـعرفةٌ ، فإنْ كتبتَ فهلْ تدري و تعرِفُ حقاً ما وراءَ الحروفِ مِنْ رمـوزٍ ؟.
- العلْمُ ذو طرقاتٍ ، وعليها وليسَ فيها الاختلافُ .
====================
(*) النص بين قوسين للنُفّريّ ، محمد بن عبد الجبار بن الحسن ، منسوب إلى مدينة نفّر ، من أعمال "البصرة "في العراق ، وهي مدينة " نيبّور " الآشورية ، و " نِفرو " ، مدينة نمرود .
- العَقلُ يوقِفُكَ حتى يدري فيرجِّحَ ، فيميلُ إليهِ ويبقى ، والقلبُ يوقِفُكَ حتى يسْتَـشعِرَ ، فإن شعَرَ مالَ عنكَ ومضي .
- مقامُكَ حدُّكَ ، فإنْ خرَجتَ خُطِفتَ ، وإنْ بقيتَ حُجبْتَ حكماً بالاستكانةِ .
- عندما تكون فارغاً تماماً ، يَمْلؤكَ الامتلاءُ .
- سَدِّدْ بسهمِكَ ، فالسّهمُ المُستَعارُ لا يَصيبُ ، وقدْ يَصيبُكَ أنتَ ،وانطقْ بلسانِ حالِكَ لتَفهَمَ ، فالمُستعارُ ،إنْ نطقَ ، فبالغريبِ عنكَ.
- إنْ لمْ تَقدرْ على الوَقفةِ ، فازحفْ نحو غيرها .
- عندما يُبهِركَ نور الكشفِ لا تُغمِضْ بَصـيرَتكَ ، اُنظُرْ وتأمّلْ .
- إنْ عَمَّ الظُّلمُ وفَـشى الفَسادُ ، لا تَرفعْ صوتَكَ شاكياً ، اِرفعْ سيفَ الحقِّ ثائراً .
- البَديلُ ليس دوماً البَديلَ الأمثَلَ ، فاحذرْ البَديلَ والبدائلَ! .
- لا تَـدَعْ قلبَكَ خارجاً ، قُرْبَ حِذائكَ ، إنْ دخَلتَ إلى الصّلاةِ .
- حتّى ولو كان قلبُكَ مِنْ ذَهَبٍ فلنْ تَصْلُحَ لنا ، فهو مِنْ مَعْدِنٍ – إذن - وسيّظَـلُّ هكذا على أيّ حالٍ .
- إن خرجتْ منكَ ذاتُكَ لعلَّةٍ ، فلا توصدْ وراءَها البابَ ، ولا تطفئْ المِصباحْ .
- يا قاطعَ الطريقِ ، خذْ ما شئتَ مني ودعْ دابَّتي ترحلُ بسلامٍ ، فقد حملَتني إلى دربِ المخاطرِ بإرادةٍ منِّي وليس بإرادتِها .
- في تجواليَ بالصّحراءِ وصلتُ النّبعَ ، ولمْ أشربْ من فَرْطِ ظَمئي ،فشرِبَني النّبعُ من فَرْطِ شوقِه .
- إنْ جلستَ في تَـجوالِكَ لترتاحَ على صخرةٍ ، فلا تتابعْ مسيرَكَ قبل أنْ تُحيّيها وتشكرَ ، فهي لا تستطيعُ ، مثلكَ ، الرَّحيلَ حيثما تشاءُ .
وإنْ رأيتَ الصّخرةَ عينها تتدحرجُ خلْفَكَ ، فهي من شوقٍ إلى الأُنسِ جاءتْ ، ولو عرِفتْ هدفَكَ لظلَّتْ في مكانها .
=====================

الكشفُ الثّاني :

( كتبتُ هذه الأفكار من وحي قراءتي في فكر وشطحات " أبو يزيد البُسطامي " ) (1) .
- ... وهل ترضى بتاجِ كرامتهِ ، إنْ حُجِبَ عنكَ نورُ الذّاتِ ؟ فسقطْتَ ، كتاجِكَ ، في الظلامِ ؟ .
- حتى لو جمعتَ عباداتِ الدنيا في كفِّكَ ، فلن تستطيعَ إغلاقَـها ، فالشَّاهدُ منها لا ينحني .
--------------------------
(*) " أبو يزيد البُسطامي " هو " طيفور بن سرشوان توفى عام261 هـ. ويقال عام 234 هـ. . وقيل 234 هـ . وذلك قبل عام من وفاة الشاعر العباسي خالد الكاتب . له أخوان آدم وعلي وكانا زهاداً أيضاً ، أصله من مدينة ( بسطام ) وهي إحدى مدن إقليم قوس في الجنوب الشرقي لبحر الخزر ( إيران ) . كان جده زرادشتياً من أصل فارسي .

- أنتَ حُجَّةُ نفسِكَ ، فلا تحِطْها بسياجٍ من الأدلةِ والبراهينِ .
- بهاؤكَ صِفتُكَ ، فكنْ سفينةَ نفسِك في بحرِ شكِّكَ ، فإنْ لمْ تصلْ لنْ تغرقَ ، فثمةَ ، دوماً ، مرةً أخرى لإبحارٍ جديدٍ .
- طهِّرْ قلبَكَ وصَلِّ حيثما تَـشاءُ .
- إنْ طافَ البيتُ حولَك لا تَجْزعْ ، فأنتَ لستَ هناكَ .
- عَدَماً مَحْضاً لنْ تكونَ ، ففيكَ من جوهرِ النّورِ ما يكفي لترى طريقَكَ . أوّاهُ لو تَدري .
- إنْ كنتَ حاضراً في الشّهودِ ، فـلا تكُنْ غائباً في الحضورِ.
- ... فإنْ أردتَ منه غيرَهُ ، فأنتَ في نَوْمةِ الغافلينَ .
- إنْ لمْ تستطعْ ، برغمِ عِلمِكَ ، حمْلَ المعرفةِ صِرفاً ، فستظلُّ راكعاً مكانكَ في الظلامِ .
- معرفةُ الذّاتِ العليا وهْمٌ ، والعِلمُ بحقيقتها حَيْرَةٌ ، فلا تكثِرْ من الإشارةِ إليها فتبتعدَ عنها .
- لا تطلبْ منه لذاتِكَ ، اُطلبْهُ لذاتِهِ .
- إنْ تقدَّمتْ أو تأخّرتْ نفسُكَ ، فلا تطلبْ منها تفسيراً ، ولا تلتمسْ لها الأعذارَ .
- حِصنُ البَدنِ شَرفُهُ ، وذلُّهُ خرابُهُ .
- تريدُ أنْ لا تريدَ ، ولكنهُ يريدُ لكَ العَطاءَ .
- إنْ كنتَ حدّادَ نفسِكَ ، فلا تَـدعِ النّيرانَ تَخمُدُ فيكَ.
- لا تُضِعْ حُرمةَ أخيكَ ، فتجدْ فيكَ غريزةَ الحيوانِ فقط.
- النّهرُ يوصِلُ السّيلَ إلى البحرِ ، والعقلُ يوصِلُ الفكرَ إلى الصّحراءِ .
- إنْ عرَفتَ فأنتَ فوقَ ما تقولُ ، وإنْ عَـلِمتَ فقط فأنتَ دونَهُ .
- لا ظاهرَ للصدقِ ولا باطنَ ، قميصُ الصّدقِ الشّفّافُ يكفي.
- همْ حَيارى سُكارى ، غيرُ محجوبينَ إلاَّ بالحبِّ فاعذُرهم.
- حتّى إنْ شئتَ ، في المقامِ ، أنْ تَـبرَحَ ، فأنتَ مَحوطٌ به ، فلا بَراحَ مِنْ هناكَ إلاّ برُخصَةٍ.
-إنْ تكلّمتَ في الشّطحِ فاحذرْ أنْ يُطفِئَ نفسَك سِراجُ الكَشفِ .
- اُشكرْ حتى رغيفَ بلائكَ اليوميَّ ، فهو نعمةٌ أيضاً .
- الكلُّ أكبرُ من مجموعِ الأجزاءِ معاً ، والجمْعُ يخرجُ من الواحدِ أيضاً .
- إنْ أمْطرَ القلبُ حِكمةً ، فاسقِ الآخرَ أولاً ، فقد يكونُ أشدَّ ظمأً منكَ .
- لا تُسرِفْ في المَديحِ واحذرْ ، فأنتَ تَمدَحُ ذاتَكَ أولاً.
- عندما تمتلئُ خزانتُكَ بالخِدمةِ ، فربّما اختَرتُها صغيرةً فقط ، فلا تغترَّ بكَ .
- أنتَ دوماً على سفَرٍ ، ولكنَّ صيامَكَ مقبولٌ .
-لا ترضَ بفرحِ الخوفِ ، وارضَ بالخوفِ من الفرحِ .
- نفْسُ الرجلِ وظنُّهُ متَّصلانِ بقلبهِ ، فلماذا تتصلُ إرادتُهُ بأحدٍ سواهُ ؟.
- بحبلِ القناعةِ اُربطْ أسبابَ نفسِكَ ... وإلاَّ نهَشتكَ وحوشُها ، ك" أبو ترابِ النّخْشيّ ". (2)
- لو كانتْ ، يا " أبو تراب النَّخْشيّ " : ( النّفْسُ ضعيفةٌ بالذاتِ ، قويةٌ بالعَرَضِ ) ، فماذا تفعلُ لو قُلِبتْ المعادلةُ ؟
- الطّاعةُ مقبولةٌ ، أمّا العبوديةُ فلا . لا تُصدِّق أنَّ للعبوديةِ آدابٌ ، وإنّما الآدابُ للحضورِ حرّاً ، وللسُّجودِ طَوْعاً واحتراماً.
- قيلَ : اختلافُ العلماءِ في تجريدِ التّوحيدِ رحمةٌ ، فماذا لو اتفقوا علينا ؟.
- ماذا يفعلُ عبدٌ بالكَنزِ ، حتى لو غارتْ قدماهُ فيهِ ؟ .
-------------------------
(2) هو عسكرُ بن الحصن ابن محمد بن الحسن ، شيخ عصره في الزهد والتصوف ، اشتهر بكنيته حتى لا يكاد يعرف إلا بها ، كتب كثيراً في الحديث ، وأخذ عنه أحمد بن حنبل وآخرين ،مات سنة
245هـ في البادية ، وقيل نهشته السباعُ . انظر المرجع الأول ص 158 .
- حتى لو حضرتَ ، دون مجاهدةٍ ، المكانَ فهل سيحضرُ المكانُ إليكَ أيضاً ؟.
- لا تنظرُ طويلاً في الألواحِ ، فقد لا تجدُ فيها سوى التّرابِ .
- إنْ تركتَ نفسَك وذهَبتَ ، تركتَ الموجودَ وربما وصلتَ المأمولَ ... ربّما .
- بعينِ العلْمِ تمقُـتُهم ، وبعينِ الحقيقةِ تَرحمُهم .
- دَعْ نفسكَ تقودُك ضاحكةً ، فلسوفَ تبكي قريباً .
- حتّى وإنْ شطَحتَ فأنتَ في الفخِّ ولا تدري .
- خُذِ الوَداعَ منكَ ، فإن وصَلتَ ، فلن ترجعَ إلاّ بسلطانٍ.
- إن سَرَيتَ فهو منكَ وإليكَ ، ولا تَبحْ بأسرارِ الطريقِ فهي فيكَ ولكَ .
- وجودُ الضِّدِّ في عينِ ضدِّه ، حالُ مشاهدةٍ ذوقيٍّ ، وليس حالُ عقلٍ معرفيٍّ ، فما حاجتُكَ إليهِ ؟.
- إنْ حضرتَ فبالأسماءِ فقط ، ولكَ منها اللفظُ دونَ المعنى ، فهذا من صفاتِ النِّسبيةِ ، فاعلَمْ واختَرْ.
- تكمُلُ عندما تتقبَّلُ كالماءِ ، كلَّ لونٍ وشكلٍ ومعتَقدٍ فهو منه وإليه يؤولُ .
- زالَ الضَّحِكُ وزالَ البُكاءُ ، فلمَ ضحِكتَ وممَّ بكيتَ ؟!
- حتّى وإنْ اكتمَلَ اليقينُ فيكَ، فالشّكُ يتَخفَّى فيه .
-إنْ تركتَ الإرادةَ ملَكتَها ، وإنْ نسيتَ الطريقَ وجدتَهُ .
-لا تَخَفْ على نفسِكَ ، خَفْ على الآخرينَ منكَ .
- من آدابِ الأذواقِ ، ألاَّ تذوقَ ما لستَ أهلاً لهُ ، بَعْدُ ، ومن علومِ الأذواقِ ألاَّ يذوقُها إلاَّ صاحبُها .
- اِحذرْ ، ولا تُصعقنَّ كـ "موسى " في رؤية ما لا تطيقُ.
- إنْ لمْ تستطعْ أنْ تفرِّقَ بينَ حَضَراتِ الأسماء، سقَطتَّ في مَهْواةٍِ من التَّـلَفِ فاحذَرْ.
- يَتجلَّى الجمالُ في الجلالِ ، غيرِ الصِّرفِ ، عندَ صفاءِ الإلهامِ ، وما تَسمَعُ إلاّ هَذَياناً مِنَ الأوهـامِ صِرْفاً .

- المحاسنُ أماناتٌ وهي ليستْ لكَ ، وحتّى لو كسَرتَ الكوزَ المبرَّدَ فالحَوْراءُ ليست لكَ أيضاً يا :
"معروف الكَرْخِيّ "(3) .
- إنْ سمعتَ في دوامِ الذِّكرِ ، نُطْقَ قلبِكَ بل جسدِكَ فدعْهما ، ربما يُسبِّحانِ هما أيضاً أو يحذِّرانِ من البرْزَخِ .
- حتى ولو زُجَّ بكَ في النورِ ، فلنْ يَسكنَ روعُكَ من الوَحشةِ إلاَّ بالأُنسِ ، وهو من الصُّوَرِ ، وليس بالمؤانسةِ فهي من الصفاتِ ، وهي ليست لكَ الآنَ .
- الواسعُ المطلقُ ، لا يَدعُ إذلالَكَ يُنقِصُ من كاملِ مقامكَ أيّها الإنسانُ السَّويُّ .
- ما هو بمعْتوهٍ ولا زِنْديقٍ ، عابِرُ طريقٍ فقط، شاعرٌ يَهْذي.
-------------------------
(3) هو أبو محفوظ بن فيروز الكَرخيّ ، أحد أعلام الزّهاد ، من موالي الإمام علي بن موسى الرضا ، ولد في كرخِ بغداد حوالي عام 200 هـ . انظر المرجع 1 ص 137 / 161 .

- الأسماءُ للدّلالةِ وفيها اشتراكٌ ، واسمُ الإنسانِ أعظمُها وإلاَّ فعليكَ أنْ تُري ( ذو النون المصري )(4) الاسمَ الأصغرَ ، إنْ استطعتَ .
- قِـفْ عند الأمرِ ، واقبَلْ بالتَّعيينِ وادَّخرْ على بصيرةٍ ولا تَكُ شَحيحاً في الطّبيعةِ ، فرِحاً بالمَوجودِ ، ولا تدَّخرْ قوتَ الغَدِ ، سيأتيكَ عند الحاجة ، فانتَظِرْ.
- حتّى وإنْ كان قلبُكَ مِنْ ذهَبٍ فلنْ تَصْلُحَ لنا ، فهو مِنْ مَعدِنٍ على كلّ حالٍ . –
سَأَلتُ ألْفَ مُصَلٍّ عن الجامِعِ ، فـدَلّوني دوماً إلى المَسْجدِ .
-----------------------
(4) هو أبو الفيض ثوبان بن إبراهيم الإخميني ، من مشاهير صوفية مصر ، نوبي الأصل من الموالي ، شاعر فصيح وحكيم اتهمه
" المتوكل العباسي " بالزندقة فاستحضره وسمع كلامَه فأطلقه . توفي بالجيزة سنة 245 هـ . وقبل 248 هـ . ، انظر المرجع 1 ص 139 .

- حتى وإنْ بُلْتَ في البحر قاصداً تَنجيسَهُ فلنْ تفلحَ ، فهو ، وإنْ لم يكنْ محمياً بالعِصمةِ فهو مَحميٌّ بالوَلايةِ مثلَ " أبو مِديَن المَغربيّ " (5 )
- بينَ المنازلِ والأحوالِ والمقاماتِ برازِخٌ في " موقفِ السّوي " فتعلّم آدابَ المقامِ وإلاَّ غرِقتَ هناكَ ولنْ تُنقَلَ إلاّ إلى بحرِ الأوهـامِ.

----------------------
(5) هو شعيب بن الحسن الأندلسي التَّلمساني ، صوفي مشهور وإمام بـ " فاس " وسكن بجاية وكثر اتباعه حتى خافه السلطان يعقوب المنصور . توفي سنة 594 هـ . وقبل سنة 589 هـ . وله حوالي ثمانين عاماً .
انظر المرجع 1 - ص 146 / 163 .



د. شاكر مطلق
( مجرّد أفكارٍ ، وربّما أوهـامٌ فحسبُ ) :

- لا أدّعي الحِكمةَ ، لكنّني لا أفـتَـقِدُها .
- عندما يهطل المَطرُ ، تتنفَّسُ بذرةُ الرّوحِ :
فلماذا لا تَنبتُ إذن؟
- عندما تهطلُ الثلوجُ ، تنطفئ أنوارُ مدينتي :
كيفَ سنجِدُ القصيدةَ في كلّ هذا القَتام ؟
وأين نجدُ الدِّفءَ، إلاَّ في المنامِ ؟
- لا تَفتَرشْ الرّصيفَ لتَسجْدي الرّغيفَ ، فتُعرقلَ حرَكةَ سيرِ " رأس المالِ " . اِذهبْ إلى هناكَ ...
ففي رأس الشّارع ثمّة ( حاوية ) للقمامةِ تنتَظر.
- إذا شئتَ أنْ ترسُمَ لوحةً سريّاليةً ، تأمَّلْ رغيفَكَ اليوميَّ جيداً .
- لا تَنـقـُلْ بحذائكَ القَذَرِ الطّينَ إلى زاوية الشَّكاوى في الجريدةِ، فـلَها ما يكفيها منْ الوحولِ والوعود .
- تأمّـل هجرةَ الطيورِ ...
ولا تنسَ _ إنْ قرَّرتَ _ أنْ تحملَ معكَ سِمَةَ الخروجِ ، وإذناً بالعودةِ أيضاً .
- لا تلعَننَّ الظّلامَ وأنتَ في الظّلامِ ، فتـَزدادُ ظُلمتُكَ ظُلمَةً.
ولا تُـشعلنَّ شمعةً ، فلسوفَ تطفؤها رياحُ الظّلامِ كلَّ يومٍ من جديدٍ .
- اتَّصلْ ( بالطَّوارئ ) الكهربائيّةِ ، تحصلْ على ما يكفيكَ من شموعِ الوعودِ ، لتحتَرقَ أعصابُك فـتنامَ على أحلام الظّلامِ .
- دماغُ الرّجلِ يَـزِن تقريباً 1500 غ فقط.
دماغ المرأةِ يَـزن تقريباً 1400 غ فقط .
قلبُ الرّجُل وقلبُ المَرأةِ متساويان في الوزن ( - 400 غ تقريباً _ ) .
فلماذا قلبُ المَرأةِِ ، في الحياةِ والحب والحنان و ... ، يُزِنُ أكثر َ من قلوبِ أبناءِ آدمَ جميعاً ؟!
- لا يكلَّفُنا فَهْمُ ظاهرةِ الحياةِ والموتِ سوى أنْ نتأمَّلَّ شجرةً هَرِمةً : غصُونُها يابسةٌ ولكنْ عند الجَذْع ينمو غصنٌ فتيٌّ جديدٌ .
- إذا شئتَ أنْ تكونَ إنساناً حقاً ، فما عليكَ إلاَّ أنْ تملكَ الإرادةَ بأنْ تكونَه ... وستكونه بالتّأكيدِ.
- أعْطِ الفقيرَ رغيفاً ، وأعْطِ الغنيَّ القويَّ نصيحةً ، أمّا نفسَكَ فأعطِها مرآةً ، فربّما ترى فيها عيوبَـكَ ... فتصْحو .
- على قدْر نفوذِك مُـدَّ لسانَكَ .
- لا تقلْ أبداً : " لم يَعُدْ في العمرِ ... " فهناكَ ، دوماً ، متَّسَعٌ فيها لبَدْءٍِ جديدٍ .
- إذا كانت مَعِدتُكَ بحاجةٍ إلى الطعام ، فإنّ عقلَكَ بحاجةٍ إلى التَّأمّل أيضاً ... وإلى أكثرَ من ثلاثِ وجباتٍ في اليوم .
- إذا شئتَ أنْ تَختَبرَ نكهَةَ الشّايِ الجيّدِ ، فلا تخَدِّرْ مذاقَك بـ " السُّم الأبيضِ " ، فإنْ لم تستطعْ فتعلم أن تشربَ الشايَ من كأسٍ فارغةٍ .
- إذا شئتَ أنْ تميّزَ فضائلَ أنثى ، فلا تخدِّرْ مشاعرَكَ بملْح الشّهَواتِ .
- كُنْ كالبُلبلِ على أغصانِ شجَرةِ الحياةِ :
دَعْ قلبَكَ يَصوغُ لونَ اليَوميِّ الشّاحبِ لتُخرجَه حَنجرتُكَ زاهياً صافياً يُغنّي منْ أجلِ الفرَح ، ومِنْ أجْلِ كلِّ الكائناتِ أيضاً .
- العُـشبةُ الطّيبةُ لا تنمو في تربةٍ ملوَّثة ، فاحرصْ على تربةِ روحِكَ طاهرةً نقيةً .
- لا تحدِّقْ طويلاً بما في يديكَ ، فتندمْ على ما قد تراهُ.

- لا تتأمَّل عملَ النّملِ ، فتصابَ بحُمَّى النَّحلِ ، فتغيبَ عنكَ لذّةُ الخمولِ في السُّلطةِ الفَرديَّـةِ .
- عندما تُمسي عاشقاً ، تَذكَّرْ أنّ الزّمانَ يُشوِّهُ كافةَ المَخلوقاتِ الحيّةِ ، فلا يبقى إلاَّ الجَوهرُ .

بعض المراجع الهامّة :
1 - ( أبو يزيد البُسْطامي ّ ) ، تحقيق وتقديم قاسم محمد عباس ، دار المدى – دمشق – ط. 2 - 2006 .
2 - النُفّريّ ، محمد بن عبد الجبار بن الحسن ، منسوب إلى مدينة نفّر ، من أعمال "البصرة "في العراق ، وهي مدينة " نيبّور " الآشورية ، و " نِفرو " ، مدينة نمرود .
3 – تراث الحَلاّج ( 244 - 309 هـ ، 858 - 922 م ) إعداد وتحقيق د. عبد الإله نبهان- د. عبد اللطيف الراوي ، الإهداء من الناشر د. شاكر مطلق إلى ذكرى الصديق المرحوم د. عبد اللطيف الراوي، دار الذاكرة حمص - سورية ، 1996 .
E.-Malil:mutlak@scs-net.org