بدأ الحصار الاقتصادي على العراق عام 1990 بقرار اممي وشمل ذلك كافة عمليات التصدير التي تمول الموازنة وخطط الاستثمار مع الايرادات من العملة الاجنبية للقطاع الخاص كما تم تجميد ارصدة العراق في الخارج ومراقبة أي تحويلات مالية عراقية حتى لو قام بها الافراد ضمن آلية مصرفية دولية, كانت الدولة قد اقرت نظام البطاقة التموينية والتي تحتوي على مفردات المواد الاساسية للعائلة العراقية في ذلك الوقت, واتى العدوان الثلاثيني عام 1991 ليجعل الوضع اكثر مأساوية حيث دمرت معظم البنى التحتية العراقية من محطات طاقة كهربائية ومحطات تصفية مياه ومصانع ومحطات تكرير النفط وجسور وقائمة طويلة من المفردات, ترافق ذلك ارتفاع مبرمج لسعر صرف الدولار مقابل الدينار في السوق الموازي ( الذي يطلق عليه السوق السوداء) حيث كان سعر الدولار مقابل الدينار في البنك المركزي هو 330 فلسا مقابل الدولار ( الدينار يساوي 1000 فلس ) وفي السوق الموازي وعشية الحرب كان الدولار يساوي دينار واحد ثم بعد الحرب بدأ الارتفاع الجنوني لسعر الدولار حيث بدأت وبصورة مبرمجة عمليات تهريب العملة الاجنبية ( وتسمى الصعبة ) من العراق للخارج في عملية لتفريغ البلد من الموجودات من العملة الاجنبية لدى القطاع العائلي اضافة لتمويل استيرادات القطاع الخاص, واخذ سعر صرف الدولار يرتفع بالايام وليس بالفترات مما يؤشر لعملية خارجية منظمة وبدأت مدخرات القطاع العائلي بالدينار العراقي بالتآكل مع ارتفاع مستويات الاسعار كما ان الرواتب والاجور لم تفي بمتطلبات الحياة اليومية للمواطن حيث صار هناك ربط بين اسعار المواد الغذائية حتى المنتجة محليا كالخضروات والفواكه بسعر الدولار وقس على ذلك اسعار الخدمات المقدمة من القطاع الخاص الا ان الدولة رغم ذلك استمرت بتوزيع البطاقة التموينية رغم الحصار مضافا لها تجميد اسعار المحروقات و اسعار خدمات الطاقة الكهربائية والمياه وغيرها لتوفير ما امكن توفيره للمواطن اضافة لتصليح واعمار كل ما دمر نتيجة العدوان حيث اعيدت الطاقة الكهربائية في ظرف اسابيع وغيرها في حملة اعمار واسعة وجبارة يشهد لقيادة العراق ادارتها, وبدأت حرب من نوع اخرى لزعزعة الوضع العراقي من خلال استخدام وسائل جديدة واسهلها واكثرها تأثيرا هو التلاعب بالمواد والسلع من ناحية النوعية والسعر التي يحتاجها المواطن وهي خارج امكانية الدولة والتي لاتستطيع توفيرها نتيجة ظروف الحصار وبسبب عدم وجود التمويل المالي ومنها ايضا السلع والمواد الاولية والمصنعة ونصف المصنعة التي تحتاجها الدولة لتوفير الخدمات وسلع اساسية للمواطن اضافة لاعتماد الدولة على التجار لتوفير بعض مفردات البطاقة التموينية والتي كانت تصل للمواطن باسعار رمزية كما تتحمل الدولة حتى كلف نقلها من المخازن الى منافذ التوزيع وهم الوكلاء من القطاع الخاص في عموم القطر( العراق) .
هذه هي سياسة الحكومة الوطنية لتوفير المواد الرئيسية والخدمات للمواطن العراقي في ذلك الوقت رغم ظروف الحصار الاقتصادي واضيف ملاحظة يعرفها الكثيرون في تلك الظروف فقد كانت الدولة تنتج الادوية في معمل ادوية سامراء وانشأ في ظل ظروف الحصار الاقتصادي معمل آخر في الموصل لمواجهة الحصار الدوائي ومن المعروف ان انتاج هذين المعملين من ارقى انواع الادوية ومطابق للمواصفة الدوائية المعتمدة عالميا وحتى كان هناك تهريب لمنتجاتهما وللادوية الموزعة الاخرى الى خارج العراق وذلك لان اسعار الادوية في العراق بقت محافظة على مستوياتها المنخفضة حتى المستورد منها نتيجة دعم الدولة لاسعارها وكانت ادوية الامراض المزمنة القلب والسرطان وغيرها المستوردة من الخارج ومن اكفأ المناشئ توزع مجانا من خلال البطاقة الدوائية, وعلى الرغم من ان بعضها كان يتم جمعه من السوق وتهريبه للخارج فقد استمرت سياسة الدولة بتوزيعها مجانا ومدعومة الى الصيدليات ولو اردت ان اكتب عن مواضيع اخرى بالتفصيل لاحتاج لي ذلك الكثير الكثير.
من ذلك ياسادتي يمكن قياس واستنتاج لماذا اعدم التجار العراقيين الذين بدأو يتلاعبون بسعر صرف الدولار وباسعار المواد الغذائية ونوعيتها ومواد اخرى في ظل ظروف الحصار الاقتصادي ولي عودة لاوضح السياسات العراقية لمواجهة فترة الحصار الاقتصادي رغم اننا لانقول انها كانت مثالية ولكنها عملت ما استطاعت ان توفر للمواطنين ظروف حياة معيشية كريمة.
ملاحظة .
وانا اكتب هذا التوضيح, قرأت لكاتب عن ان العراق كان يعيش ظروف الحصار الاقتصادي والحكومة تبني قصورا لها وللرئيس وهذه واحدة من المواضيع التي غلفت باكاذيب كثيرة وقبل توضيحها اود ان اتناول هذه الحادثة التي ذكرها لي احدهم, فبعد الاحتلال مباشرة جاء المستشارون الامريكيون لادارة االعراق وكان من ضمنهم ووفق ما اتذكر مما قيل لي امرأة مسؤولة على ما اعتقد عن القضايا المالية والتمويلية وطلبت ولاغراض التمويل عرض بعض القصور الرئاسية للبيع عن طريق المزايدة من اجل توفير ايرادات للموازنة حيث انها كما ذكرت ملك للرئيس صدام وسيتم مصادرتها وطلبت منهم المباشرة بالاجراءات القانونية ومن ضمنها عمليات الاعلان والمزايدة الا انها فوجئت باعلامها عدم صلاحيتها ذلك والغاء الموضوع وعند الاستفسار عن السبب ابلغت ان هذه القصور مسجلة وتابعة للحكومة العراقية وليست ملكا للرئيس صدام, استغربت ذلك واعلمتهم ان المعلومات التي تحت ايديهم (والظاهر ان مايسمى بالمعارضة العميلة زودتهم بها) تقرأ ان كل هذه القصور هي ملك للرئيس صدام وتلك واحدة صغيرة من المعلومات الكاذبة والمزيفة التي روجت عن فترة الحكم الوطني في العراق. اعود للموضوع عندما بدأت حملة بناية القصور وكان العراق في ظل ظروف الحصار الاقتصادي وكانت هناك بطالة والماهرات المتميزة المتراكمة للايدي العاملة في القطاع الخاص لاتجد عملا لها بحيث بدأت تفقد جزءا من مهارتها وتراكم خبرتها اضافة لعدم امكانية تدريب جيل جديد من هذه المهارات وبعضها بدأ يتسرب لخارج القطر وكذلك فأن معامل القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة المرتبطة بقطاع البناء لاتجد السوق الذي يطلب انتاجها فجاء قرار بناء القصور الرئاسية حيث كانت الايدي العاملة المنفذة لها عراقية من عمال ومهندسين ودور استشارة ومواد بناء ومواد تكميلية وهي مسجلة باسم الدولة العراقية.
للآخ الذي قال ان هؤلاء التجار كان كل واحد منهم يعيل مئة عائلة عراقية حتى لو افترضنا ان جميعهم كانوا محسنين وهذا لا اقطع به فكم كانوا يعيلون من العراقيين 4000- 5000 عائلة والدولة مسؤولة عن اعالة 21- 22 مليون نسمة فهل تستقيم المقارنة, وللآخ من وكالة الانباء الوطنية – ونا ويسمح لي ( جملة عراقية ولا صغرا بيك) لم اسمع بها اهي من منظمات المجتمع المدني الجديدة اذا كنت في العراق وانت اعلامي فأنت اعرف من الغير بهذه التفاصيل اذا كنت تنشد الحقيقة فأنت من يدعم الرواية مع اعتذاري واحترامي, واما من به امراض ويعادي كل شئ عراقي حقيقي وعربي بالانتماء ويروجون للاكاذيب ويختلقونها والتي ساهمت مع اشياء اخرى باحتلال العراق وسموه تحريرا فأن قادم الايام ستعيد كل الى حجمه فليست هناك صداقات دائمة حيث ان منطق المصالح هو الذي يتحكم بآليات سوق عمل القوى الكبرى والتي تهدر دم حتى عملائها واتباعها من اجل تحقيق مصالحها.
سؤال اخير ما علاقة طارق عزيز مسؤول الملف السياسي الخارجي العراقي في قضية اعدام التجار وحيث ان الامية مستشرية في الحكومات التي نصبها الاحتلال فربما يقال ان العلاقة بسيطة وواضحة فهو مسؤول عن الملف السياسي الخارجي للعراق وهؤلاء التجار كانت استيراداتهم من خارج العراق وهنا يكمن الربط القانوني والفني.
تحياتي