بسم الله الرحمن الرحيم....
الأخ الأستاذ عبد الفتاح الأخ الدكتور الريفي الأخت الأستاذة كاملة رجب...سلام الله عليكم و رحمته و بركاته...
موضوع في غاية الأهمية خاصة في الظرف الراهن لما يعرفه العالم المعاصر من مخططات و تخطيطات من كل حدب و صوب تصب في اتجاه واحد "إضعاف العالم الإسلامي"...و قد يلعب علم الجغرافيا السياسية أو النظريات التي جمعت بين الجغرافيا كمعطى طبيعي و السياسة كإنتاج بشري في تنوير الفكر الإنساني و زيادة في الوعي على المستوى التاريخي و على مستوى الحاضر و بالتالي إدراك إلى حد ما الاتجاه الذي يسير عليه قطار العالم في المستقبل القريب و البعيد على السواء..و إضافة إلى ما قال الإخوة هذه كلمة أتمنى ان تضيف شيئا يزيد من توضيح الصورة ابتغاء مرضاة الله عز و جل...
تتكون نظرية" الجغرافية السياسية" من خلال تسميتها من مجموع العلاقات المتبادلة تأثيرا إيجابا أو سلبا بين العوامل المكانية و النظم السياسية المطبقة في فوق هذا الكوكب...و الواقع أن كل نظرية هي محاولة لفهم ما غمض بين ما هو ظاهر و باطن لمجموع التأثيرات التي تحدث بين تفاعل مكونات معينة مع مكونات أخرى لا ترتبط بها سوى عن طريق أن الفاعل الوسط بينهما هو "الإنسان"...لذلك ورد كتعريف لنظرية" الجغرافية السياسية" في كونها "بحث في العلاقات القائمة بين الحقائق المكانية و العمليات السياسية و بالتالي فهي دراسة الخصائص المكانية للعمليات السياسية"...(الجغرافيا السياسية لعالمنا المعاصر، بيتر تيلور – كولن فلنت)
فالتزاوج بين الجغرافيا كعلم و السياسة كعلم أو "نشاط إنساني" يهتم بتدبير شؤون الأمة و يشتغل على تسيير أسس جملة النشاطات التي يقوم بها مجتمع معين على رقعة جغرافية معينة في مرحلة زمنية معينة...يجعل من تلاحق علمين إن صح التعبير من أجل فهم الحقائق الكامنة وراء التغيرات التي تحدث فوق هذه الأرض...
و الجميل في علم الجغرافيا هو اشتغاله على "خرائط" تعكس الواقع الفعلي على واقع ورقي حتى يتسنى دراسته بشكل أكثر دقة و أكثر منهجية و من ثم يصبح من الأيسر على من يقوم بتخطيط البرامج السياسية التي لا يمكن أن تنفصل عن واقعها الجغرافي و بالتالي عن الإمكانيات التي تزخر بها منطقة معينة من مناطق هذا الكوكب...
و من هنا كان علم السياسة قائم على دراسة دورالدولة بكل مكوناتها باعتبارها المؤسسة التي تقوم بشكل مباشر في تدبير و تسيير شؤون الأمة و القيام على المصالح الكبرى للمجتمع و بشكل غير مباشر في ما يمكن تسميته "بالسير العادي لحركة الحياة داخل مجتمع معين"...و دور الفاعلين من مؤسسات تلعب أدوارا أساسية في العملية السياسية...و من تم تشكل الثروة أهم عامل و محرك للعملية السياسية من حيث إنتاجها و توزيعها...و هنا تكمن الأهمية الخاصة لعلم الجغرافيا بحيث يعتبر الرصيد المعرفي لما تكنزه بقعة جغرافية من أهمية في برامج التخطيط سواء على مستوى الإنتاج أو التوزيع أو من ناحية السيطرة على منابع و أسس العوامل الموضوعية التي تشكل مصدر "القوة" و بالتالي المصدر الأساسي في العملية السياسية هو مصدر"اتخاذ القرار"...
ففي "تقرير التنمية للعام1996" الصادر عن الأمم المتحدة: أن مجموع الأفراد الأكثر ثراء في العالم هو 358 يتساوى مجموع ثرواتهم مع إجمالي ما يملكه البليونان و نصف البليون الأفقر في العالم...حقيقة مذهلة، أليس ذلك؟؟ على حد تعليق "بيتر تيلور" و" كولن فلنت"...و يضيفا أن هذه الحقيقة الواحدة تشخص عالما بكامله بل تؤكد على أن الاستقطاب المتزايد في الثروة – الأغنياء يصبحون أغنى ، و معظم الباقين يصبحون أفقر...و هذه حقيقة داخل المدن و فيما بينها، و داخل و فيما بينها...و هنا يطرحا المفكران السابقين الذكر حقيقة أخرى من جملة الحقائق و هي " حقيقة " العولمة...
فالجغرافيا السياسية جعلت من الدولة موضوع بحثها كما قامت العولمة بدراسة كل ما له علاقة بالإنسان من حيث كونه كائن حامل و منتج للمعلومات كما أنه كائن اقتصادي و ثقافي و سياسي و بيئي و معمر لحيز جغرافي....
ففكرة النظام العالمي الجديد الذي بني على أنقاض نظام عالمي قديم تلعب فيه الجغرافيا السياسية دورا مهما على أساس أن العلماء الذين يشتغلون في هذا الحقل من العلوم يقدمون تصورات عن نظام عالمي جديد قد لا يختلف عن تصورات العولمة إذ يقول أحد هؤلاء العلماء:" من الآن فصاعدا بعد أن ولى عصر كولومبس، بات علينا أن نتعامل مع نظام سياسي محكم، يتسم بنظرة شمولية تغطي الكرة الأرضية كلها،ذلك لأن كل إرهاصة للقوى الاجتماعية في أي ركن من أركان المعمورة لن يقتصر صداها على مدار محيط نقطة انفجارها، و إنما سوف يتجاوزها إلى أقاصي الأرض" (ماكيندر ،1954)...
دمتم في رعاية الله جل و علا...
و للحديث بقية إن كان في العمر بقية...
المفضلات