الأستاذ العزيز عامر العظم المحترم
بعض الدراسات المعتمدة على الأرقام الحكومية العربية تقول,أن مبيعات البترول العربي تخطت ال 400 مليار دولار في السنة المنصرفة (2007),وهناك من يقول انها أرقام غير دقيقة,لأن الدول العربية لا تصرح بإجمال إنتاجها لأسباب معروفة,متكهنين وفق أرقام العائدات الفوائدية,ان المبلغ يصل الى حدود 800 مليار أو أقل قليلا.لكن,أذا ما أخذنا الرقم الأول,وهو رقم هائل,لا يسعنا الا ان نقف منبهرين ومتسائلين,لماذا يحتل الوطن العربي أعلى قائمة البؤس والتخلف؟.كيف أن البترول العربي إلى حينه بغالبيته غير مؤمم عمليا,لأن الشركات العالمية تتقاضى 50% من الإنتاج مقابل إستخراجه و تكريره,والنصف الباقي يودع في خزائن الدول الغربية,وهذا النصف المزعوم في الحقيقة ليس نصفا كاملا,حيث يجري إقتصاص مبالغ المشتريات والسلع التي تبتاعها تلك الدول,ناهيك عن مشتقات البترول التي تأتينا مصنعة بأسعار وأرباح خيالية.لو أن مشتقات البترول فقط وجدت لها مصانعا لإنتاجها ,لكان العالم العربي يعج بالحياة الإقتصادية النشطة,وما تعكسه من إيجابيات لا تحص إجتماعيا وحيويا,ولا بد لنا أن نسأل...
لماذا الى اليوم لا توجد شركات عربية تقوم بإستخراج البترول وتكريره وتصنيعه وتوزيعه؟ علما أن دولا منتجة من فئة العالم الثالث,إستطاعت عبر هذه السنين,ان تنقب على ثرواتها بخبراتها الوطنية وشركاتها القومية,أو بمساعدة شركات أجنبية بمساهمة بسيطة,لا تشكل عبئا على كاهل المال العام ولا تستنزفه,ولا تستأثر بثروات الأمة,وتخضع الى حد كبير للقوانين السيادية لتلك الدول,ومثل بوليفيا في تأميمها للغاز الطبيعي السنة الماضية خير دليل على ما نقوله.بل إن 90% من بترول البرازيل يستخرج من قبل الشركة الفيدرالية المعروفة ب (بترو براس),وقد حاول الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا خلال جولته العربية سنة 2003,أن يعقد صفقات جديدة مع الدول العربية بأسعار كلفية تقل بحوالي ال 30% مما تفرضه الشركات الغربية الأخرى,ولم يلق الرجل حتى الآن جوابا,كذلك الأمر مع فنزويلا ورئيسها هوغو شافيز,مع العلم أن العروض المقدمة من الدولتين,خصوصا البرازيل,كانت تشير الى الحقول الجديدة لا الى الموجودة حاليا,لأن الحالية مرتبطة بعقود جائرة تصل الى قرن من الزمن أو يزيد,وبعضها الى أن تنضب.
للأسف والمرارة واللوعة والفجيعة,بددت الدول العربية هذه الثروات التي كانت قادرة على تغيير الوضع العربي جذريا,وها هو البترول في طريقه الى النشاف والإنقراض,ولم يستفد المواطن العربي منه بشئ,فما بالك بالمسلم غير العربي,فإذا كان أهل غزة بلا وقود,ومن حولهم الأشقاء يسبحون فوق محيطات من الذهب الأسود,فماذا يقول الباكستاني أو البنغلادشي مثلا لا حصرا.
إن طرح تأميم الثروات العربية (بترول العرب للعرب) لم يكن طرحا شيوعيا كما سوق الغير,ولم يكن إستيلاءا من عبد الناصر على أموال الآخرين,إنما كان دعوة محقة مستعجلة,منطلقة من مبادئ العدل والتكافل والمساواة في الإسلام,والرسول عليه الصلاة والسلام يقول ( الناس شركاء في ثلاث,الماء والهواء والكلأ),إضافة الى ما تفضلت به يا أستاذ عامر عن تجربة المهاجرين والأنصار, والله جل وعلا يحدد (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) ,(الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون),(يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض), صدق الله العظيم,وغيرها من الآيات التي تحث على الإنفاق لما فيه خير الأمة ونصرة الضعيف وسد رمق المحتاج,والسادة أصحاب المعالي والفخامة والسيادة والجلالة يعرفون هذا الأمر كما يعرفون أبناءهم,فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
لكنني أحب قبل أن أترك ساحة الكلمات أن أذكر,بأن شعبنا شريك في هذه المصيبة,لأن ما يستطيعه لا يفعله و لا يتقنه,ضاربا المثل في الماء والأرض,ومعلوم لدى الجميع أن الماء الصالح للشرب والري بطريقه الى الشح,ومع ذلك يبذره أهل المناطق التي أنعم الله عليها بهذه العطايا العظيمة ويلوثه,ويترك الأرض كأنها صعيدا جزرا,بحجة عدم الإستفادة المادية من زرعها وحرثها,فالمواطن العربي ينتقد الحكومات لتبديدها لثروة,وهو يقتدي بها بتبديد أخرى,ينهى عن خلق ويأتي بمثله,يترك العمل والإنتاج والحرص على ما فجره الخالق من ينابيع,ويقعد ملوما محسورا يوزع الشتائم ليلا ونهارا.
طالما أننا لا نملك ثقافة العمل الدؤوب,وشكر النعمة بحسن إستخدامها,ونعلي شأن المصلحة الشخصية الضيقة على المصلحة العامة,فلن يغير الحكام من سلوكهم ونهجهم مع الرعية,فلا حاكم مهما كبر شأنه يستطيع ان يقف بوجه الضغوط الشعبية والمطالب الجماهيرية المحقة والعاقلة,ولا يمكنه ان يمتطي الشعب إذا ما كان كيسا فطنا.
أتمنى أن أرى العربي يوما يحافظ على بيئته وحقله وثماره,ويفقه قول المصطفى عليه السلام (إتقوا الله في أمكم الأرض),ويعمل على رعاية ثروته القومية التي في متناول يديه,وحينها بإعتقادي الشخصي,سيعود البترول وغيره من أموال الأمة الى أصحابها الحقيقيين بإذن الله تعالى.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
** ملاحظة ** ( أستاذ عامر,أرجو منكم بصفتكم رئيسا للجمعية الموقرة حذف صفة مفكر من إسمي والإبقاء على عربي,أو إستبدالها بمواطن عربي,لقد كنت قد طلبت لطفا في تعليقات سابقة ولم أوفق,مكررا ما قلته سابقا, * أتمنى أن أكون شعرة في صدر رجل مفكر * ,بكل ما للكلمة من وقار وصفات ومؤهلات,ولكم جزيل الشكر).
المفضلات