الأخت مها دحام مع التقدير والأعجاب،
التيار الصدري قاتل الأمريكان وجاهد ضد الأحتلال. وعندما حضر مقتدى الصدر الى الفلوجة استقبله اهاليها كبطل. وقاتل التيار الصدري مع أهل الفلوجة الأبطال في معركة الفلوجة الأولى وهناك من سمّى ابنه المولود آنئذ بمقتدى.
واستمر هذا التيار على النهج ذاته. حتى عودة السيد السيستاني الى النجف بعد اجراء عملية له. وسلّم الصدر سلاحه. وانخرط بعد ذلك في العملية السياسية . وانتهى.
وما قام به بعد ذلك هو أنه صار يد بيد الحكم الطائفي العميل. مع الاسف. وشبل الحوزة البطل ترك مواقعه الجهادية وتحول من مقاتل للمحتل وعملائه الى منافس للميليشيات العميلة والزعماء العملاء. وانتهى به الأمر الى التصفية والسفر والفشل.
السؤآل الذي طرحته على نفسي وانا أطّلع على مذكرات بريمر: لو أنّ السيد السيستاني أفتى بالجهاد، هل سيكون مصيره غير مصير مقتدى الصدر.
لرجال الحوزة وقياداتها حكمة بعيدة وهم لا يخرجون عن المسؤولية الملقاة على عاتقهم. وهي قيادة الحوزة في بحر النزاعات والخروج بالسفينة سالمة ما لم يؤدي ذلك الى كارثة تاريخية...
كما أنّ التيار الصدري ليس حزبا واحدا بل تيارا. وانخرط فيه كل من لم يجد من يحميه. بما في ذلك البعثيين مما كانوا على وشك الابادة من فدائيي صدام. ومع انّ التيار الصدري ضمّ اكبر عدد بين صفوف الشعب العراقي، لكنه لم يفلح في الصمود كما رأينا. مع الأسف. لأسباب عدة ..
هذا التيار تمّ اختراقه من قبل طائفيين. هذا ما يبدو. والّا كيف يمكن تفسير الانحراف الكبير من قتال الامريكي لتحرير العراق الى قتل النواصب السنة لتثبيت دعائم الحكم العميل.. ورحم الله ذلك البطل مقتدى الذي كان يوما قائدا فأنتهى الى طالب حوزة في قم، ورحم الله والده البطل فقد كان مقتدى ابن أحد أعظم رجال الوطنية في العراق ... الشهيد محمد الصدر والمعروف بوعيه المتميّز. ففي حياته كان يصرخ بلاءآته (لا لأمريكا .. لا للأستعمار .. لا للأستكبار .. لا لأسرائيل .. لا .. لا .. لا.. ) وفي الليلة الظلماء يفتقد البدرُ.
ولكن أيضا هناك ممارسات للقاعدة وهي بلا شك طائفية ايضا ايها الاخوة... وفي ظروف الفوضى لا تجد هناك من يلتزم بالقيم السامية والأخلاق الكريمة.
الملاحظة التي تدلّ على انّ ما يحدث هو نزاع عراقي – عراقي، ان من يقتل على الهوية هم فقط الرجال. العراقيون لا يقتلون النساء. بأستثناء من عمل جاسوسا منهنّ. النساء هنّ اللاتي يستطعن خرق حدود المناطق الطائفية. الرجال يقتلون على الهوية من الطرفين سنة وشيعة. وكما يوجد لواء بدر لقتل السنة على القوائم، اسس السنة لواء عمر للأنتقام والدفاع. ولولا ضعف حيلة السنة وأن الشيعة العملاء منهم هم الحاكمون لسمعنا عن لواء عمر كما نسمع عن لواء بدر. لكنه تطرف فنبذهُ قادة السنة وحرموه فأنتهى منذ اكثر من عام. وهرب منهم من هرب ودخل شراذمه المنظمات المقاومة للأحتلال.
أما ممارسات القاعدة فكانت ليست أفضل بكثير من ممارسات جيش المهدي الطائفية. قتلوا الناس لانهم يشربون الخمر (عقوبة شارب الخمر هي الجلد والتعزير. لكن القاعديين قتلوهم. تحت حجة الضرورات تبيح المحظورات) كما انهم فرضوا الحجاب على الناس حتى المسيحيين منهم. وصار الناس يتساءلون (هل جاء هؤلاء ليدخلونا الجنة ام ليحررونا من المحتل؟)
وكانت نتيجة العبث وأعلان امارة العراق الأسلامية في الرمادي سببا في جعل العشائر العربية الى الخيار بين شرّين. لم نتهم دعاة اقليم الجنوب بأنهم يريدون تقسيم العراق بينما من أعلن امارة الأنفصال نغضّ عنه الطرف؟
أما العشائر فأخطئوا واختاروا دعم الامريكان لتصفية القاعدة. الخطأ هو غباء قيادات القاعدة وعدم معرفتهم بأوضاع الشعب العراقي. لان الطائفية لا تحرك العراقي الى القتل. ورغم انّ أمريكا صرفت الملايين من أجل أثارة الطائفية كما صرّحوا في الصحافة الغربية لكنهم لم يفلحوا. أن ما يجري في العراق هو طائفية النُخَب وليس طائفية الشعب. فقد جاء المحتل بمجموعات طائفية تريد الانتقام من السنة كالحكيم وصولاغ. وهذا ما جعل ردّ الفعل طائفي، فتبلور رد الفعل بميليشيات سنية... أما الشعب العراقي فلا يفكر بالطائفية كما يفعل هؤلاء. هناك حوارات ونقاش وتعصب متبادل بين السني والشيعي لكنّ ذلك لم يمنع من أن يتزاوجوا ويعيشوا كأخوة. ولم اسمع في حياتي حتى أحتلال بغداد ان شيعي قتل سني فقط لانه سني. أو ان سني قتل شيعي فقط لانه شيعي.
واشكر الاستاذ عامر العظم على تعبيره الواعي (أن الإعلام العربي لم يسلط الضوء على الشيعة الطيبين الذين يشكلون غالبية الشعب العراقي وسلط الضوء، بقصد أو بدون قصد، على الحثالات، الأمر الذي شوه صورة الشيعة في الوطن العربي ...)
نعم. دعونا نبحث عن هؤلاء الأخوة الذين هم شيعة عرب ضد المحتل. ونسلط الضوء عليهم.. ونمد اواصر التعاون والمحبة. ونعترف بحقهم في ممارسه عقائدهم كما يشاؤون. ولا نحاسبهم على اعتقادهم. فالمشكلة الطائفية ظهرت بعد الأحتلال لان المحتل هو الذي اوجدها، فيجب علينا ان لا نقع في الفخ. المشكلة ليست بين السنة والشيعة، بل بين محتل يمارس اجندته بأدوات عراقية عميله وشعب يكافح من اجل الحرية والتحرير. الفروق بين الكاثوليك والبروتستانت أكبر من فروق السنة والشيعة. لقد قتلوا بعضهم من قبل. أما اليوم فلا يتقاتلون. لم؟
ألا يعني ان الفروقات والاختلافات لا تؤدي الى النزاع والتقاتل؟ بل الأنسان هو نفسه المسؤول عن التعبير عن الأختلافات بشكل متحضر او بدائي دموي.
ولو كان العراق كله سنة او كله شيعة، لوجد المحتل أسباب اخرى لشق الصف. فمن البساطة ان أخلق حرب بين مدينتين متجاورتين سنيتين مثل عنه (عانه) وراوة. أو بين مدينتين شيعيتين مثل كربلاء والنجف. فطالما تقاتلت هذه المدن مع بعضها. وثمت اساس لأثارة نعرات النزاع..
والآن فأبطال الصحوة يفعلون بمعارضيهم كما يفعل جيش المهدي بالسنة. فتاريخ العراق مولود من رحم العنف ... وما يجري الآن جرى في تاريخنا مرات عديدة في زمن نزاع الصفويين والعثمانيين على العراق.
الأخ محمد محمد رشيد يلومنى انني نقلت خبر عن الجزر العربية التي تحتلها أيران. وهو يريد منى ان اتحدث فقط عن تدخل ايران في العراق. وجوابي يا أخي لا يمكن عزل الأحداث عن سياقها. نحن هنا نتحدث ونناقش قضية العراق طوال الوقت.. فأن حاولت مدّ أفق النقاش لمعرفة المشروع الصفوي الأيراني فعليك ان تتابع من غير ان تلومني ظالما. أتتصور انني اريد أن أحرف النقاش الى الجزر العربية لاغطي على جرائم ايران في العراق؟
ولكن ايها العزيز قبل ان نلوم ايران على مشروعها التوسعي يجب ان نلوم من يتعاون مع ايران في العراق لتنفيذ مشروعها. وهؤلاء عراقيون. واظنك تتفق معي.
لا يمكن فهم مشروع ايران بالنظر الى احوال العراق فقط. بل بنظرة شمولية لكل نشاطاتها في العالم.. حتى في اوروبا..
المفضلات