المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنده يوسف
السلام عليكم أساتذتى ، وشكرى وتقديرى لكل واعى بكلمة مسئول
شريعتى الذى شوهناه
شخصية على شريعتى ، واحدة من الشخصيات التى يثار حولها الكلام والنقد إما بالهدم أو بالبناء
والواقع أن على شريعتى من شخصيات البناء التى وضعت فى خانة الهدم
والغالب ، أن الكثير ممن يكتبون عنه ، لم يقرأوا شريعتى جيدا
فظلموه ، فظهر لنا شريعتى بين الكفر والإيمان .
.................................................. ........
وقضية تفريغ وهدم النص ، قضية سهلة ، فيمكننا بكل سهولة أن نهدم نص من خلال أدوات بناءه نفسه.
نجد البعض يقول أن شريعتى ماركسي الفكر ، خصوصا لو قرأ شريعتى بالصورة التى تجلى بها فى رواية الفيروز والدم للدسوقى شتا.
وفى الحقيقة أن مجاهدى خلق ( الماركسي الفكر بنزعة اسلامية ) هم إضافة لشريعتى ، وليس شريعتى هو من يضاف إليهم.
والمتأمل جيدا لكلمات وأفكار على شريعتى داخل كتابه العودة إلى الذات ، وكتابه الذى يحمل رسائله الخاصة : سيجد أن شريعتى يفاضل بين الماركسية والإسلام ، وإن إمتدح شريعتى الماركسية فى شئ ، فذلك ليقابله بنقطة فى العالم الرأسمالى . كقضية الإبداع والوقت لدى العامل فى المجتمع الإشتراكى والمجتمع الرأسمالى.
إلا أنه ، عندما تتقدم الكلمات صوب النموذج الإسلامى ، فشريعتى يعلن أن الكلام هنا مغايرا تماما ، لأنه نموذج وضع بيد خبراء فوق كل القدرات ، وكبير هؤلاء الخبراء هو المولى سبحانه وتعالى .
ويستخدم شريعتى ، النماذج الإشتراكية والرأسمالية ، لكونهم الواقع والمثال العملى الذى يستطيع بهم ، أن يقرب الصورة لأذهاننا .
.............................
توجد أيضا كتابات ، على الجانب الآخر ، نجد فيها شريعتى يرسم بقلم أسود ، ويدفع إلى عمق الجحيم ، فيدعى البعض أن شريعتى هداما ، منقلب على الأصول ، أى أنه أجوف منقلب على أصوليته ، وهو بعيد كل البعد عن كونه مفكر يتمتع بأى نوع من الأصولية والهوية الذاتية ، وكأنهم يريدون أن يرسموا شريعتى بصورة الخائن ، أو الآلة التى تتكلم بصوت الغير ..........
وهذه الصورة المغلوطة ، أرتسمت بشكل واضح مع الكلمات الأولى لعلى شريعتى ، عندما هاجمه رجال الدين
ولعلى شريعتى أن يفتخر بذلك ، فكما أهل المذهب يضعون أخوانهم من المذاهب الأخرى أحيانا بين الكفر ، وأحيانا أخرى بين الفسق ........ وكلاهما ذم ورفض.
وعلى شريعتى نال شرف ذلك ، لأن هذا يدل على أنه صاحب مدرسة كبيرة ( مدرسة التصحيح والبناء )
فمن يقول أن على شريعتى بعيد عن الأصول ، وأنه يبنى نظرياته فى إطار مفرغ ، ففى رأيي أنه لم يلتمس الصواب .
وقضية الدين مثالا لذلك : فهناك من يطرح قضية : أن شريعتى منقلب على الدين ، وبالطبع هذا كلام يفتقد للصحة
فشريعتى ، لو قمنا باحصاء استخدامه لآيات القرآن فى كتاباته ، لوجدناه لم يترك سورة واحدة من القرآن الكريم ( 114 سورة ) ، إلا وضعها كحجر فى منظومته الفكرية والبنائية التى عهد على إنشائها .
وهذا ليس إدعاء ،أو مجرد تنميق كلام بل هناك إحصائيات بالفعل أقيمت على ذلك.
فمن أين جاءت التهمة ، بأن شريعتى مفرغ ، وأفكاره منقلبة على الأصول ، وأن الذات التى يبنيها : ذات مفرغة وبعيدة عن الأصالة والأصول .؟
وحتى هذا الإتهام ، لم يفرغ شريعتى نفسه من توضيحها فى العديد من خطبه وكتاباته ، لأن شريعتى لم يكن يعيش منعزلا عن واقعه ، وتراثه وأصالته التى نفاها عنه البعض ، وكلماته فى كتابه التشيع العلوى والتشيع الصفوى خير جواب لذلك.
على شريعتى ظلم وشوهت صورته ، لأنه تمت قراءته ، بشئ من الذاتية ، وبعد عن الموضوعية .
وهذه نقطة نجاح لشريعتى ، فلو كنت ماركسي الفكر سأجد شريعتى يهدمنى ، وقد أظن أنه يريد أن يزيحنى تجاه الرأسمالية والليبرالية .
وكذلك الحال لو كنت شخص من عالم الرأسمالية والتحرر ، فربما أظن أن شريعتى يهدم عالمى ويزيحنى تجاه العالم الإشتراكى .
هذا على مستوى الفكر ، ما بالنا لو الأمر يتعلق بالدين . فقد أعتقد البعض أن شريعتى شخص منقلب على الدين
وأتهم فى دينه ووفاءه تجاه الدين .
لكن الواقع أن على شريعتى كان شديد الوفاء لدينه ولأصالته ، فكل ما أرده هو ، أن يعيد بناء ذات بعيدة عن كل التشوهات والعلائق الشائبة التى تعلقت به على مر العصور .
فتعارضت هذه الأطروحة مع بعض رجال الدين ، ومع بعض الذين يدعون الأصالة المزيفة التى رسموها حولهم حتى تعطيهم هالة من التقديس .
ولو كان شريعتى خائنا لأصالته ، لأستخدم أدوات خارجية ، ليعيد بناء الذات التى دعا لها .
إنما أستخدم أدوات من داخل الأصالة نفسها ، وليس أبلغ من ذلك أنه يستخدم تعبير دين ضد دين ، اى دين محمد ضد دين تلاميذ محمد الذين زوروا كلاماته .
فكما ( لم يكفر سليمان ولكن كفر الجن ) ، كذلك حالنا مع الدين ، الصراع ليس مع الدين بل مع من حملوه وارتسموا به . وأستغلوا الناس باسمه.
.................................................. ............
البعض أيضا ينفى عن شريعتى أنه نجح بأطروحة العودة إلى الذات فى بناء ذات ناجحة ، قادرة على النهوض بمسئوليات الأمة الحضارية . ويشكك البعض فى قدرة الذات على الإنطلاق من الدين كما ينادى شريعتى .
لكن فى الحقيقة ، نجح شريعتى فى إنجاح هذه المعادلة ، ولإدراك كيفية هذا النجاح وبأى ذات تم تنظيره وتخطيطه ، يكفينا قراءة كتاب شريعتى ( الحج الفريضة الخامسة ) وبعد قراءته ، سيرى القارئ أى ذات يملك ذات منكفئة على الدين ، أم طاردة له .
أم ذات تعلم أن الدين من السماء إلى الأرض وليس العكس .
سيسأل نفسه ماذا تعنى كلمة مسئول ؟
وهل ذاته بالفعل تمثل هذه الكلمة ( مسئول ) ؟
وما الدور الذى قدمه فى اطار البناء الحضارى لمجتمعه ؟
................................................
لست هنا أعيش نوع من اليوتوبيا كما سيدعى البعض ، لكن الواقع العملى خير دليل على برهنة نجاح أطروحة على شريعتى .لننظر إلى المقاومة فى لبنان ومن بناها ، وأين تعلم ، وسنجيب على أنفسنا .
لننظر إلى كتابات ( خاتمى ) ، ولنبحث عن من ثور روح الكاتب ؟ لينظر ويكتب ويخطط ، حتى تكون لأمته دور حضارى .
والأمثلة العملية كثيرا ، لكن الحقيقة فى حاجة إلى إدراك ، والإدراك فى حاجة إلى بحث ، والبحث يحتاج إلى نور الارشاد.
.................................................. ...
وشكرى وتقديرى لمن هز أشجار حديقتى الأخ والأستاذ محمد حسين بزى
دامت ( أقلامكم ) فى المقاومة / وتثبتم على الذات
بنده يوسف
المفضلات