آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: فلسطين أسيرة الرواتب

  1. #1
    بروفيسور العلوم السياسية الصورة الرمزية عبد الستار قاسم
    تاريخ التسجيل
    10/02/2007
    المشاركات
    68
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي فلسطين أسيرة الرواتب

    فلسطين أسيرة الرواتب

    عبد الستار قاسم


    لا يستطيع المرء أن يتمرد على الصحن الذي يأكل منه إلا إذا عمل مسبقا على إيجاد صحن بديل، وليس من المتوقع أن يتحدى إرادة صاحب الصحن ما لم يكن قد اطمأن إلى لقمة خبزه وخبز أطفاله. وإذا كان لهذا المرء أن يبقى كسولا باحثا عن تبريرات لكسله فإنه سيبقى متمسكا بصاحب الصحن حتى لو كان عدوه. وهل للعدو أن يّطعم عدوه؟ نعم، إذا كان الخبز سيجعل من العدو أداة طيعة، ويقضي على قيمه الوطنية والدينية ومشاعر العز والكرامة، ويهدم روح التحدي لديه ويكرس الهزيمة ويجمّلها.

    هذا ما تم التحذير منه عند ولادة اتفاق أوسلو. كان الأمر خطيرا جدا لأنه وضع لقمة خبز الشعب الفلسطيني، ولو جزئيا، بيد إسرائيل وأمريكا مما يعني أن منحنى إرادة الشعب الفلسطيني سيبدأ بالنزول. ومع تطبيق الاتفاقيات، وتشكّل مؤسسة الدول المانحة، أخذت المعادلة المالية تتضح، وهي الآن كالتالي:

    المال بيد الدول المانحة رسميا؛

    أمريكا وإسرائيل هما اللتان تقرران بصورة عامة متى يتم صرف هذا المال للسلطة الفلسطينية وكيف؛

    حوالي 54% من هذا المال يأتي من العرب، حوالي 30% من أوروبا؛ حوالي 7% من أمريكا، والباقي من دول أخرى مثل اليابان؛

    حوالي 30% من المال يتم اقتطاعه من قبل الدول المانحة كنفقات إدارية؛

    إذا قررت أمريكا وإسرائيل وقف تدفق الأموال فإن مؤسسات السلطة الفلسطينية تتعطل. تتوقف الرواتب، وتصبح مؤسسات السلطة غير قادرة على تسيير العمل اليومي.

    من أجل تربيط الشعب الفلسطيني تماما، تم اتخاذ خطوتين هامتين وبالتعاون مع السلطة الفلسطينية مباشرة وهما:

    1- زيادة عدد الموظفين الحكوميين بصورة هائلة حتى لو لم يكن للتوظيف ضرورة. وكان النصيب الأكبر من الوظائف للأجهزة الأمنية التي من المطلوب منها وفق الاتفاقيات أن تدافع عن الأمن الإسرائيلي في مواجهة الإرهاب الفلسطيني؛

    2- تدمير مرافق الإنتاج الفلسطيني وذلك بتشجيع الاستيراد الخارجي الذي قضى على جزء كبير من الصناعة المحلية وألقى بآلاف العمال في الشارع؛ وبضرب الفلاح الفلسطيني الذي تزداد أعباؤه المادية سنة بعد سنة والتي تشعره بأن الأرض عبارة عن عبء وليس مصدر رزق؛

    واضح أن الدول المانحة كانت تهدف إلى زيادة اعتماد الفلسطينيين على المعونات، وذلك على حساب الإنتاج؛

    الآن، هناك حوالي 170000 موظف حكومي؛

    حوالي نصف هؤلاء الموظفين أفراد في الأجهزة الأمنية، وهم يتقاضون حوالي 45% من مجمل الرواتب؛

    حوالي 81% من الموظفين هم إما أعضاء في حركة فتح أو مناصرين لها أو منافقين لها. حوالي 97% من أفراد الأجهزة الأمنية من حركة فتح، وأغلب الموظفين الحكوميين أيضا هم من حركة فتح. التنوع الفصائلي، والبعد الجماهيري ظاهران إجمالا في وزارتي التربية والتعليم والصحة.

    الخلاصة أن العرب يدفعون أموالا للدول المانحة لكي تتحكم إسرائيل في النهاية بلقمة خبز الشعب الفلسطيني من خلال رواتب تذهب أغلبها لأجهزة تقول الاتفاقيات عنها إنها مسؤولة عن مكافحة الإرهاب. أي أن العرب يدفعون أموالا من أجل أن يقف الفلسطينيون ضد أنفسهم. برزت هذه النتيجة الماحقة عندما قال أبو مازن:

    الخبز أهم من الديمقراطية في إشارة له إلى عدم الالتزام بشروط ما يسمى بالرباعية؛

    وعندما قال رئيس الوزراء بأن الشعب لن يحصل على رواتب بدونه، وهو يعني بالضبط أنه يلتزم بما يريد المتحكمون بالأموال، فيستمرون في دفع الرواتب؛

    وعندما قال أحد المناضلين السابقين: "أنا مع من يدفع الراتب"؛ وعندما قال موظف: "الراتب هو ديني ووطني"، وعندما قال آخر: "أنا سأقاتل كل من يعارض السياسات التي تأتي إلينا بالمال"؛ وعندما ذكر ثالث: "أنا أفضل الاحتلال على قطع الراتب"؛ وقال رابع: "إذا كانت الدولة الفلسطينية ستأتي إلينا بالفقر، فأنا لا أريدها"؛ وقال خامس: "الله يديم الاحتلال من أجل أن تدوم ال 6000 شيكل"؛ وقال سادس: "لا ضمير لدي لأن ضميري مرهون بالراتب"؛ وقال سابع: "مقاومة الاحتلال جريمة لأنها تُفقر الناس".

    التنمية الاقتصادية

    نظرا للتعليقات العديدة حول جريمة ربط الشعب الفلسطيني وإرادته السياسية بالراتب، أطلقت السلطة الفلسطينية ممثلة برئيسها محمود عباس ورئيس وزرائها سلام فياض الوعود بإحداث التنمية الاقتصادية اللازمة من أجل الاعتماد على الذات، وإلى درجة عقد مؤتمر في مدينة بيت لحم لرجال الأعمال من أجل إطلاق حملة إقامة المشاريع الاقتصادية وتشغيل الناس. وسبق أن وعدت الدول المانحة بإقامة مصانع من أجل تشغيل الفلسطينيين العاطلين عن العمل، فأقامت مشاريع صناعية إسرائيلية على الجهة الغربية من خط وقف إطلاق النار/49 في منطقة طولكرم على وجه الخصوص، وبقي الفلسطينيون تحت رحمة تصاريح العمل الإسرائيلية.

    كان رأيي منذ اليوم الأول لتوقيع اتفاق أوسلو، ووعد منظمة التحرير الفلسطينية بتحويل الضفة وغزة إلى سنغافورة أو هونغ كونغ بأن الضفة وغزة لن تشهدا تنمية اقتصادية حقيقية لأن التنمية تعني تحرير الإرادة السياسية للشعب الفلسطيني، الأمر الذي يتعارض تماما مع السياسة الصهيو-أمريكية. كان واضحا منذ عام 1967 أن إسرائيل وأمريكا تعملان على وضع لقمة الخبز الفلسطينية تحت سيطرتهما حتى لا يتمكن الفلسطيني من القيام بمقاومة حقيقية فعالة، ولم يكن من الممكن تغيير هذه السياسة بعد أن وضعت القيادة الفلسطينية نفسها والشعب في قفص أوسلو. إنه من السذاجة أن يظن أحد أن إسرائيل وأمريكا ستسمحان بتنمية اقتصادية تمكن الشعب الفلسطيني من الأكل من عرق جبينه.

    التنمية التي ركزت عليها الدول الغربية هي تنمية الخدمات وعلى رأسها الهواتف الأرضية والخلوية، وإقامة جمعيات غير حكومية تعني بقضايا سياسية واجتماعية وثقافية، والأسباب وراء ذلك التالي:

    1- إرضاء بعض رجال الأعمال الفلسطينيين المتحمسين لاتفاق أوسلو وما تبعه، والذين يرون في الغرب المنقذ الأعظم والمثل الأعلى؛

    2- زيادة الضغط المادي على الناس المترتب على استفادتهم من الخدمات الجديدة والتي تعني المزيد من النفقات والفواتير. لقد تمددت الخدمات بصورة أسرع بكثير من الإنتاج، وأهل الاقتصاد يعرفون المخاطر المترتبة على هذا الأمر. بل يبدو أن الإنتاج تقلص في الوقت الذي اتسعت فيه الخدمات مما يعني أن الناس سيلجأون إلى التسول لتغطية العجز؛

    3- التأثير الثقافي والاجتماعي على الناس من خلال برامج سياسية واجتماعية وثقافية متنوعة من أجل تغيير المفاهيم لدى الشعب الفلسطينية وصناعة مناخ تربوي جديد يقبل فيه الناس إسرائيل ويطبعون العلاقات معها، ويتهاونون في حقوقهم الوطنية.

    (لو) كان هناك جدية في إحداث تنمية لأقامت السلطة الفلسطينية برنامجا لإعادة المصانع والمعامل السابقة إلى العمل، ولأنعشت الفلاح وأحيت الأرض. نحن لا نريد مصانع حديد وصلب، وإنما نريد عودة الحياة إلى ورش الأحذية في الخليل، وزراعة البطيخ في مرج ابن عامر، ومصانع النسيج في بيت جالا. والمشكلة أن السلطة لن تجرؤ على ذلك لأنها ستخل باتفاقية باريس الاقتصادية التي وضعت الشعب الفلسطيني تحت احتلال اقتصادي غربي علاوة على الاحتلال الإسرائيلي.

    الأموال العربية

    السؤال هو: هل من الممكن أن تكفينا الأموال العربية التي تُدفع للدول المانحة فيما لو أتتنا مباشرة من العرب؟ نعم ستكفينا بالتأكيد إذا لم يقم بعضنا بسرقتها واختلاسها. لكن هل لدى العرب الجرأة أن يتمردوا على الدول الغربية؟ لا، ليس لديهم الجرأة بتاتا لأن إرادتهم السياسية أيضا ملغية لصالح الدول الغربية.

    الحوار الفلسطيني

    الحوار الفلسطيني محمود وضروري، لكنه لن يؤدي إلى اتفاق يتم تنفيذه. فقط يمكن تطبيق أي اتفاق بين الفصائل الفلسطينية إذا تخلى الشعب الفلسطيني عن الأموال التي تأتي من الدول المانحة. وما دامت الدول المانحة ترفض صرف الراتب إذا تم توافق بين السلطة الفلسطينية ومن يسمون بالإرهابيين، فإن الحوار محكوم عليه سلفا بالجمود أو الفشل. حوار الفلسطينيين يمكن أن يؤدي إلى نتائج عملية ملموسة على الأرض إذا حرر الفلسطينيون أنفسهم من نير الاحتلال المالي.

    اختفاء الراتب

    لن تستمر الدول الغربية بجمع الأموال وتقديمها للفلسطينيين، وفي يوم ما، وهو ليس بالبعيد، ستتوقف حنفية المال، وسيتم تحويلها نحو نشاطات أخرى تخدم مصالح الدول المتحكمة بها. أموال أهل الغرب والتي هي في الغالب أموال عربية ستتوقف عندما يكون الشعب الفلسطيني قد دفع الثمن والمتمثل بنزع الشعب عن قضيته تماما وإحداث جفاء عاطفي حاد بين الإنسان والوطن. سياساتهم منذ مسيرة مدريد حتى الآن منصبة بهذا الاتجاه، وقد نجحوا بشكل كبير لدى قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني، وحولوا القضية الفلسطينية إلى مجرد راتب آخر الشهر، وبتعاون فلسطينيين.

    نجحت إسرائيل وأمريكا بتغيير الكثير من المفاهيم على الساحة الفلسطينية، وحولتا جزءا كبيرا من اهتمامات الناس نحو القضايا المادية وضيق الحال الاقتصادي، وهما تسيران بنوع من النجاح في تدمير الشعب أخلاقيا واجتماعيا بهدف التمزيق وإحلال الصراعات الداخلية محل الصراع ضد الاحتلال.

    عندما ترى الدولتان أن الشعب قد استكان وتحول إلى مجرد أفراد يبحثون عن لقمة الخبز بغض النظر عما يدفعونه من عز وكرامة وحقوق وطنية، سيختفي الراتب. عندها سيجد الشعب نفسه بلا مال وبلا قضية فلسطينية. الدول الغربية لا تقدم المال شفقة أو رحمة، وإنما من أجل الحصول على نتائج تتمثل في غياب الشعب عن المسرح.

    والعاقل من اتقى شر المستقبل حتى لو كان العلاج قاسيا. لقد تم طرح الكثير من المبادرات والأفكار من أجل تجنب اللعنة، لكن الفصائل الفلسطينية لا تستجيب.


  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية شادي علي
    تاريخ التسجيل
    07/09/2008
    العمر
    45
    المشاركات
    25
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الراتب جزء من الرزق ..... و الرزق بيد الرزاق .... و الرزاق هو ( اللـــــــــــــــــــــــــــــــــه )
    اتمنى من كامل الشعب الفلسطيني ان يفهم هذه المعادلة و لا يعولوا لا على ابو مازن و لا على فياض و لا على بشر او فصيل او دولة ...
    انما التوكل على الله سبحانه و تعالى و القاعدة الشرعية تقول ( من اخذ الاجر .. حاسبه الله بالعمل )


  3. #3
    عـضــو الصورة الرمزية د.ماهر الصيفي
    تاريخ التسجيل
    24/06/2007
    العمر
    79
    المشاركات
    64
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الستار قاسم مشاهدة المشاركة
    فلسطين أسيرة الرواتب

    عبد الستار قاسم


    لا يستطيع المرء أن يتمرد على الصحن الذي يأكل منه إلا إذا عمل مسبقا على إيجاد صحن بديل، وليس من المتوقع أن يتحدى إرادة صاحب الصحن ما لم يكن قد اطمأن إلى لقمة خبزه وخبز أطفاله. وإذا كان لهذا المرء أن يبقى كسولا باحثا عن تبريرات لكسله فإنه سيبقى متمسكا بصاحب الصحن حتى لو كان عدوه. وهل للعدو أن يّطعم عدوه؟ نعم، إذا كان الخبز سيجعل من العدو أداة طيعة، ويقضي على قيمه الوطنية والدينية ومشاعر العز والكرامة، ويهدم روح التحدي لديه ويكرس الهزيمة ويجمّلها.


    والعاقل من اتقى شر المستقبل حتى لو كان العلاج قاسيا. لقد تم طرح الكثير من المبادرات والأفكار من أجل تجنب اللعنة، لكن الفصائل الفلسطينية لا تستجيب.
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
    أوافقك الرأي أستاذي الفاضل ( وأنا من المتابعين لمقالاتك وكتاباتك) ....... وأضيف

    مشروع ياوطني ........

    أننا بصدد أطلاق المسابقة الوطنية الفلسطينية لإعداد خطط أعمال المشاريع الصغيرة حيث أنها تخدم 10000 مشروع تقريباً كمرحلة أولى ويعمل فيها 100000 مشارك ومشاركة من جميع محافظات الوطن بدون أستثناء ( العقول الصغيرة تناقش الأشخاص والعقول المتوسطة تناقش الأحداث أما العقول الكبيرة فتناقش الأفكار ) مشروعك حقيقة فرصة لتحول الى الاقتصاد المعرفي الراغبين بالمشاركة معنا هذا العمل الوطني مراجعة اللجنة التحضيرية المركزية ..... نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    http://www.pnc.ps
    ... لكم مني أجمل تحية وحب .

    Thank you very much and have a great day
    Your faithfully
    Dr.Maher El-saife( Ph.D]
    Chairman of the Advisory Board GIMP Co.
    Consulting, training and marketing business management
    Specialized In Human Resource Development
    EFT Master Therapist & Trainer
    NLP Master Therapist & Trainer
    " Art of Self-realization"

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •