ِالأمة مع عكا
عبد الستار قاسم
12/تشرين أول/2008
بالتأكيد تشعر عكا بالحزن وهي وحيدة في مواجهة العدوان الصهيوني الرسمي والشعبي. ربما حسب أبناء عكا أن إخوتهم وأخواتهم من قادة فلسطين والعرب والمسلمين سيقفون معهم في مجابهتهم للغطرسة وسياسات التضييق والتهجير، وربما ظنوا أن نشاطا سياسيا ودبلوماسيا سيتصاعد على مختلف المستويات من أجل فضح إسرائيل وإحراجها، ومن أجل استجلاب ضغط دولي يجعل إسرائيل تفكر مرارا قبل القيام بانتهاكاتها المعتادة.
لم ينبس قائد عربي ببنت شفة حول أحداث عكا، ووفق ما سمعت في الأخبار، فقط هو إسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة الضفة والقطاع المقالة الذي وقف متضامنا مع أهل مكة. ومن بين الجماهير، لم تخرج مسيرات تضامنية إلا في قطاع غزة. السلطة الفلسطينية في رام الله تلتزم الصمت، وأهل الضفة الغربية لم يحركوا ساكنا. أما العواصم العربية فبقي سكانها هادئين صامتين.
لم يكن من المتوقع أن تقف القيادات الرسمية مع عكا لأن القيادات العربية ومعها الفلسطينية تعتبر عكا مدينة إسرائيلية، والأحداث عبارة عن شأن داخلي إسرائيلي. القيادة الفلسطينية تدرس أبناءها في المدارس حول المدن الفلسطينية ولا تذكر حيفا ويافا وعكا وصفد، وحول أعلى الجبال فتقول بأن جبل يونس هو أعلى جبال فلسطين. لقد شطبت هذه القيادة أرض فلسطين المحتلة/48، وحولت فلسطينييها العرب إلى مجرد "عرب إسرائيل" لا علاقة لفلسطين بهم، ذلك في نفس الوقت الذي تتحدث فيه عن وحدة الشعب والوطن. لقد باع قادة العرب فلسطين، وباعوا أوطانهم وشعوبهم وثرواتهم وأعراضهم، فلا تأملوا منهم خيرا.
أما بالنسبة للشعوب، فهي مقهورة ومغلوبة على أمرها، وما زالت حتى الآن لا تملك إرادة التحرر من نير الأنظمة العربية وظلمها وطغيانها. لكن هذا الصمت الشعبي لا يعني أن الناس لا يميزون بين الخبيث والطيب، أو أنهم فقدوا المشاعر الوطنية والدينية والقومية، ولا يعني أنهم لا يتفاعلون مع الحدث وجدانيا وعاطفيا وغضبيا. الأمة بغالبيتها الساحقة مع أهل عكا، وهي متضامنة معها متمنية تغير الظروف العربية والإسلامية لكي تتمكن من التحرك ضد هذا الكيان الصهيوني النذل الذي يتلقى الدعم من أنظمة العرب.
أيا عكا، نحن معك بقلوبنا وجوارحنا وكل قوانا، وسيأتي اليوم الذي تستقيم فيه الأمور وفق نصابها الصحيح. ومن هنا حتى هناك، علينا أن نبقى قابضين على الجمر صامدين مؤمنين بالله العظيم وبقدرتنا على كسر الأطواق والأغلال، والانطلاق نحو الحرية والتقدم والبناء. هذا وطن لا بد أن يتحرر ولن يحرره إلا الأحرار الذين يأبون الظلم والاستعباد.
المفضلات